انبعاثات صناعية خطيرة تهدد سكان القاهرة
لعدة أشهر متتالية، يستمر أهالي وسكان عدد من المناطق في شرق محافظة القاهرة من الشكوى والاستغاثة بالحكومة ووزارة البيئة من أجل إنقاذهم من الاختناق نتيجة انبعاث روائح بترولية كريهة من إحدى الشركات العاملة في المنطقة ولكن دون نتيجة حتى الآن.
وكان سكان مناطق شرق القاهرة اشتكوا أكثر من مرة بشكل رسمي من انتشار روائح ضارة في الهواء وخاصة خلال فترة الليل ما أثر على عدد منهم صحيا وخاصة المرضى وكبار السن نتيجة استنشاق هذا الهواء الملوث، وأعلنت وزارة البيئة في وقت سابق تشكيل لجنة فنية للتفتيش على هذه المجمعات الصناعية لتكرير البترول، وبعد بحث مطول توصلت إلى أن إحدى هذه الشركات هي السبب، مؤكدة أنه تم اتخاذ إجراءات لتصحيح الأوضاع وحل المشكلة وأنها قاربت على الانتهاء ولكن لا يزال يؤكد الأهالي استمرار الروائح والانبعاثات حتى الآن.
وعود لم تتحقق
فقبل حوالي، 3 أشهر من الآن كانت هناك وعود من وزارة البيئة، بحل الأزمة خلال أسبوعين ولكن لم يحدث.
وقال الدكتور على أبو سنة، الرئيس التنفيذي لجهاز شئون البيئة، في شهر يوليو الماضي، تعليقا على أزمة الانبعاثات البترولية بشرق القاهرة، إن حجم تانكات التخزين فى شركات تكرير البترول كبير جدا وتم إجراء التفتيش عليها جميعا، متابعا: «رصدنا أماكن فيها نسبة عالية من البنزين ووجهنا بمعالجة الأمر وسنتواجد في الغد للمتابعة».
وأضاف الدكتور على أبو سنة، في تصريحات له: «مع أول بداية شكاوي المواطنين توجهنا بزيارة تفتيشية ومستمرة على 8 شركات تعمل في تكرير البترول بالمنطقة شرق القاهرة».
وأكد «أبو سنة»، توجيههم بغلق الفتحات على سطح تانكات البنزين وسيتأكدون عبر جولات تفتيش مستمرة، لافتا إلى أن حجم الإنتاج الكبير في المجمع سبب في انتشار الرائحة وبعض الشركات لم تغلق أسطح التانكات، مفيدًا بأنهم يتوقعون الانتهاء من أزمة رائحة الانبعاثات البترولية خلال أسبوعين.
أضرار صحية
وكشف الأهالي عن حجم الأضرار الصحية الناجمة عن تلك الانبعاثات، مناشدين الحكومة بالتدخل السريع لوقفها.
بدوره، قال نمير نشأت، أحد المتضررين بمدينة نصر، وأدمن جروب «كفاية ريحة انبعاثات بترولية»: «إحنا مش بنعرف ناخد نفسنا، ولا عارفين نعيش»، متابعًا: «أنا أعاني من التهاب رئوي، وزوجتي وابني الذي يبلغ من العمر عام ونصف، رغم أننى أبعد عن مصدر الرائحة بحوالي 10 كيلو».
وأضاف في تصريح لـ«النبأ»: «هناك الكثير من الأهالي، يواجهون كوارث بسبب تلك الانبعاثات، وكثيرون منهم يلجأون لشراء جهاز لتنقية الهواء حتى يستطيعوا التنفس، وعندما تواصلنا مع مسؤولى وزارة البيئة، تلقينا ردودا ليست مبشرة، بدأت بعدم اعترافهم بوجود أزمة كانوا يقولون لنا «أنتوا بيتهيألكوا»، أو أنها ناتجة عن عوادم السيارات، أو بسبب رطوبة الجو، وذلك خلال السنة الماضية، وجميعها ردود مخزية، وعندما تحركت كنا نلاحظ فقط التغير في رائحة الغاز، فقد كانت في الأول حارقة».
وتابع أحد المتضررين: «حتى الآن لم نلاحظ أي تحرك من قبل الحكومة لحل الأزمة بشكل جذري، رغم أننا مقبلون على مؤتمر المناخ»، متسائلًا: «ولما لا تأخذ الدول بالحلول ونقل المصانع خارج العاصمة، خاصة أننا نتقاضى تمويلا خارجيا من أجل خفض الانبعاثات وهناك حلول».
وناشد «نمير» الدولة، بضرورة وضع حلول سريعة لحل هذه الإشكالية، مضيفًا: «أغلب المصابين من مصر الجديدة ومدينة نصر والخصوص، والنعام، والزيتون، والمطرية، وعددهم يصل لـ5 ملاييز مواطن».
من جانبها، كشفت ماريا عادل، إحدى المتضررين، عن حجم الضرر الواقع عليها بسبب تلك الانبعاثات، مشيرة إلى أنها كلفتها حياة جنينها.
وأوضحت «ماريا» في تصريح خاص لـ«النبأ»: «نحن من المتضررين بمنطقة مصر الجديدة من رائحة الانبعاثات منذ عام، وأنا مريضة حساسية في الصدر، ومع زيادة الرائحة أصبحت بخاخات الكورتيزون والأدوية بلا أي فاعلية».
وأضافت: «منذ ٥ أشهر كنت حاملا، وحدث إجهاض مفاجئ، وكل الدكاترة اجمعوا أنه يسبب حدوث مشكلة في الكروموسومات وأنه يعود بشكل كبير للتلوث»، متابعة: «عايزين حل سريع فعلا احنا بنموت.. أنا فكرت أعمل لجوء في أي دولة بسبب تلك الأزمة».
من جانبه، دخل البرلمان على خط الأزمة، وذلك بعد استغاثات ومناشدات تلقاها على مدار الفترة الماضية.
وتقدمت النائبة سميرة الجزار، عضو الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي بطلب إحاطة موجه لكل من رئيس مجلس الوزراء وعدد من الوزراء المعنيين بالأمر بشأن تضرر السكان بمنطقة شرق وشمال القاهرة من رائحة مزعجة وإنبعاثات بترولية غازية خانقة ناتجة من أحد المصانع؛ مما يسبب أزمات تنفسية وصدرية ويتسبب في بعض الأعراض منها حالات إغماء وغثيان وارتخاء في الأعصاب.
وقالت النائبة في طلبها، إنه بالرغم من أهمية المشروع إلا أن موقع تلك المصانع غير مناسب نظرًا لوقوعه في منطقة محاطة بالأحياء السكنية الحيوية بشرق وشمال القاهرة والتي يسكنها ما لا يقل عن خمسة ملايين مواطن يتضررون من الانبعاثات البترولية ويطالبون بحقهم في تنفس هواء نقى.
وأرفقت النائبة في طلبها صورة من الاستغاثة المجمعة الموقعة من 673 مواطنا وطالبت بإطلاع المجلس على الدراسة الخاصة بمجمع البتروكيماويات الجديد بمسطرد وتساءلت: كيف وافقت الوزارة على المشروع الذى اتضح فعليا وعمليا أنه يضر الملايين طبقا لتصريحات السكان؟
كما طالبت بالتدخل الفوري لوقف تشغيل المصانع التى تضر صحة المواطنين مهما كانت الخسائر المالية مع وضع حلول جذرية مستدامة للحفاظ على صحة المواطنين.
وطالبت النائبة كذلك بتحديد وتشييد منطقة صناعية جديدة للبتروكيماويات خارج الحيز السكانى للقاهرة وأى مدينة سكنية أخرى بمسافة لا تقل عن (من 30 كم إلى 40 كم) تمهيدًا لنقل كل المصانع بمسطرد لها ووضع المشروع المقترح فى خطة الدولة 23/24، مع قيام وزارة البيئة باتخاذ جميع الإجراءات المحددة بالتوقيت الزمنى لوقف هذه الانبعاثات الغازية، وكذلك بالرقابة الصارمة على المياه الملوثة التى يتم صرفها من المصانع لعدم تلوث النيل والحفاظ على سلامة مخزون مصر من المياه الجوفية.