بعد وصفها البنك الدولى بـ«المتواضعة».. هل ترتفع رسوم الضرائب الفترة المقبلة؟
أصدر البنك الدولي خلال الأيام القليلة الماضية، تقريرا حديثا حول «مراجعة الإنفاق العام في مصر لقطاعات التنمية البشرية»، والذي تطرق فيه للإيرادات الضريبية ووصفها بـ«متواضعة».
وفجر التقرير، حالة من العلامات الاستفهام والتعجب، حول ماذا يقصد بـ«متواضعة»؟، وهل هناك ارتفاع في الرسوم الضريبية خلال الفترة المقبلة، وما سبب انخفاض الإيرادات الضريبية في مصر؟.
وكان البنك الدولي قال في تقريره الذي يتحدث حول الحماية الاجتماعية والتعليم والصحة، إن الإصلاحات الرامية إلى ضبط الأوضاع المالية العامة تصدرت الجهود التي بذلتها مصر لتحقيق استقرار بيئة الاقتصاد الكلي في السنوات الأخيرة، لافتًا إلى أن الإيرادات الضريبية لا تزال متواضعة رغم تطبيق إصلاحات مهمة.
وأشار في التقرير، إلى أن الضرائب أقل من الحد اللازم لتمويل متطلبات الإنفاق على التنمية، فضلًا عن هيمنة الضرائب غير المباشرة على هيكل الإيرادات الضريبية، فيما لا تزال مستويات تحصيل ضرائب الدخل ضعيفة.
وأوضح التقرير، أن تعدد الضرائب والازدواج الضريبي على بعض الأنشطة الملموسة من ناحية، مع وجود إعفاءات وحوافز ضريبية متعددة من ناحية أخرى، يتطلب مراجعة لمسار توجيه النظام الضريبي وفلسفته.
وجاء ذلك في الوقت نفسه الذي تستهدف فيه وزارة المالية، تحقيق إيرادات ضريبية بقيمة 1.2 تريليون جنيه بموازنة العام المالى الجاري 2022/2023، موزعة بين 1.067 تريليون جنيه إيرادات من الضرائب المصرية، و133 مليار جنيه من مصلحتى الجمارك والضرائب العقارية، لتصبح أعلى إيرادات ضريبية فى التاريخ وبفارق 85 مليار جنيه عن موازنة العام المالى الماضي.
وفي أغسطس الماضي أعلنت وزارة المالية، عن ارتفاع الإيرادات الضريبية بقيمة 11.2%، مقارنة بتقديرات موازنة العام المالی السابق لتصل إلى نحو 1.518 مليار جنيه (16.7% من الناتج المحلى).
أنشطة تعمل في الخفاء
وفي هذا السياق، قال الدكتور عرفان فوزي، الأمين العام للجمعية العلمية للتشريع الضريبي، إنه يتم قياس حجم الإيرادات الضريبية بقيمة الناتج المحلي الإجمالي، لافتًا إلى أن الإيرادات الضريبية للناتج المحلي الإجمالي في مصر تتراوح بين 13% إلى 14%، بينما في الدول المتقدمة تصل إلى 20% و25%.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن مصر تعاني من وجود الاقتصاد غير الرسمي والتهرب الضريبي لذلك لا يتم مقارنة الضرائب فيها بالدول المتقدمة، متابعًا أنه مع تطبيق المنظومة الإلكترونية الجديدة في الفواتير نأمل وصول الإيرادات الضريبية للناتج المحلي إلى أعلى من 14%.
وأشار «فوزي»، إلى أن نسبة الرسوم والضرائب المقررة في مصر لدى معدلات طبيعية، وتتناسب مع الضرائب عالميًا، موضحًا أن ما يقصده البنك الدولي هو توسيع القاعدة الضريبية، لتصبح أفقي بدلًا من رأسي، وحصر الأنشطة التى ليس لها سجل ضريبي وتعمل في الخفاء، وضمها إلى المنظومة.
وأكد الأمين العام للجمعية العلمية للتشريع الضريبي، أنه لن يكون هناك زيادة جديدة في الضرائب أو فرض ضرائب جديدة على المواطنين والشركات، مشيرًا إلى أنه سيتم زيادة حصيلة الدولة الضريبية من المنظومة الإلكترونية الجديدة.
التهرب الضريبي
ومن ناحيته، قال علي الإدريسي، أستاذ الاقتصاد بمدينة الثقافة والعلوم، إن البنك الدولي يطالب بزيادة حصيلة مصر الضريبية، لكن ذلك لا يعني رفع المعدلات الضريبية أو رسومها.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن البنك الدولى يقصد بـ«متواضعة»، هو التغلب على ما يعرف بالتهرب الضريبي، والذي يتجاوز حجمه الـ500 مليار جنيه، لافتًا إلى أن التغلب على الأزمة سيعالج الكسور في عجز الموازنة، والدين الداخلي.
وأشار «الإدريسي»، إلى أن الضرائب في مصر تواجه مشاكل عديدة جزء منها مرتبط بالاقتصاد غير الرسمي وآخر بالأعمال الحرة، هو ما يؤثر بشكل مباشر على حصيلة مصر الضريبية.
وأوضح أن بالطبع الإيرادات الضريبية في مصر متواضعة إذا تم مقارنتها بالحجم الأنشطة التجارية، والتعداد السكاني، والمنشآت، متابعًا: «ولكن لن يكون هناك زيادة في الرسوم الضريبية، ولا سيما أن الضرائب في مصر من أعلى المعدلات على مستوى العالم، بالإضافة إلى أنه لدينا عدد من الضرائب هو الأكبر على مستوى العالم أيضًا».
وأكد أستاذ الاقتصاد، أن ملف الضرائب في مصر يحظي باهتمام كبير، حيث تم إصدار منظومة الفاتورة الإلكترونية، وتقديم مبادرات لحل المنازعات الضريبية، ولكن لا نستطيع أن نقول هذه الجهود أتت بجدواها المتوقعة؛ لأن لا يزال هناك جزء ضخم من التهرب الضريبي، التي يزداد مع ارتفاع معدل التضخم ومستلزمات الإنتاج.
وتابع: «جاء تعليق البنك الدولي على الضرائب في مصر؛ لأنها أحد أهم مصادر الإيرادات للدولة فهي تمثل 75% من الإيرادات العامة، ومع انخفاضها يزداد حجم الدين وعجز الموازنة العامة، هذه مؤشرات سلبية تنتج عنه».
وحذر «الإدريسي»، الحكومة من الاتجاه لزيادة الرسوم والمعدلات الضريبية نتيجة التقرير الصادر عن البنك الدولى، قائلًا: «ليس المقصود زيادة الرسوم ولكن التغلب على التهرب الضريبي وضم الاقتصاد غير رسمي للمنظومة».