بالمستندات.. إمبراطورية الفساد تحكم «صناعة السكر»
شهدت أسعار السكر في مصر خلال الأيام الأخيرة اضطرابات كبيرة خاصة بعد وصول سعر الكيلو لنحو 17 جنيهًا، وبالرغم من وجود كيانات صناعية حكومية كبيرة لهذا القطاع تعمل تحت مظلة الشركة القابضة للصناعات الغذائية تتمثل في «شركة الدلتا للسكر، وشركة السكر والصناعات التكاملية المصرية، وشركة الدقهلية للسكر، وشركة الفيوم للسكر».
الاضطرابات التي تشهدها أسعار السكر في مصر ليس سببها الوحيد عدم الرقابة الفعالة من الأجهزة المعنية على الأسواق لضبط حركة الأسعار ومواجهة مافيا الاحتكار، لكن هناك أسبابا أخرى تساهم بشكل مباشر في تلك الاضطرابات على رأس هذه الأسباب إمبراطورية الفساد التي تحكم تلك الصناعة الهامة في مصر.
وبحسب تقارير رقابية -حصلت «النبأ» على نسخة منها- فإن إمبراطورية صناعة السكر في مصر تتحكمها أوجه عديدة من أوجه الفساد، في مقدمتها الارتفاع الرهيب في المبالغ المالية التي يحصل عليها أعضاء مجالس إدارة الشركات في صورة مرتبات تارة وفي صورة مكافآت تارة أخرى، تلك المبالغ التي وصلت إلى ملايين الجنيهات وتسبب في إثارة حالة من الغضب بين صغار العاملين والأيادي الكادحة داخل الشركات.
ومن أوجه الفساد الذي يحكم صناعة السكر ما تتعرض له آلات وماكينات التصنيع من عمليات تعطيل بعد شرائها بملايين الجنيهات ثم تحميلها على بند المصروفات الصناعية وليس الإدارية مما يتسبب بشكل أساسي رفع سعر المنتج النهائي، هذا بخلاف إخفاء استثمارات بملايين الجنيهات لشركات السكر وعدم إظهار تلك الاستثمارات وعوائدها بالقوائم المالية للشركات.
وبحسب تقرير رقابي -حصلت «النبأ» على نسخة منه- تأتي شركة الدلتا للسكر في مقدمة شركات القطاع التي تشهد مخالفات مالية كبيرة تعكس حجم الفساد بصورة مخيفة داخل إمبراطورية صناعة السكر، تلك الإمبراطورية التي تسعى لإحداث اضطراب في الأسعار بالسوق المحلي، وذلك بالرغم من سيطرة كبار المساهمين على تلك الشركة الهامة، حيث تساهم فيها شركة السكر والصناعات التكاملية بنسبة 55.73% وتقدم الخدمة العلاجية للشركة من خلال المركز الطبي بالحوامدية، كما تساهم فيها شركة مصر للتأمين بنسبة 8.3% وتقوم بالتغطية التأمينية على جميع أصول الشركة، وتساهم فيها شركة مصر لتأمينات الحياة بنسبة 9.072%، كما تساهم فيها الشركة المتحدة لإنتاج العبوات بنسبة 41% وتقوم بتوريد الأجولة لتعبئة السكر، ويساهم فيها بنك الاستثمار القومي بنسبة 6.275%، بالإضافة إلى مساهمين آخرين بنسبة 14.077%.
التقرير الرقابي كشف المبالغ المالية التي يحصل على أعضاء مجلس إدارة شركة الدلتا للسكر، حيث بلغت مرتبات مجلس الإدارة 5 ملايين و69 ألفا و39 جنيها خلال العام المالي 2022، مقابل 7 ملايين و705 آلاف و700 جنيه خلال نفس الفترة من العام الماضي 2021.
بينما بلغت مكافآت أعضاء مجلس الإدارية بنفس الشركة 21 مليون و478 ألفًا و931 جنيها خلال العام الحالي 2022، مقابل 12 مليونا و923 ألفا و907 جنيهات خلال عام الماضي 2021، بزيادة 8 ملايين و555 ألفًا و24 جنيهًا عن العام الماضي.
ولفت التقرير إلى وجود أصول غير مستغلة ومتوقفة منذ سنوات بشركة الدلتا للسكر، عبارة عن آلات ومعدات تكرير وماكينات تعبئة سكر قيمتها 6 ملايين جنيه، تحملت عنها الشركة أقساط إهلاك تم تحميلها على المصروفات الصناعية وليس الإدارية والتمويلية مما يسبب رفع سعر المنتج النهائي، وطالبت جهات رقابية إدارة الشركة بضرورة الاستغلال الأمثل لتك الأصول بما يعود بالنفع على الشركة، وإجراء التسويات اللازمة بشأن إعداد تكلفة المنتج بشكل صحيح.
وبحسب التقرير، فلم تتأثر القوائم المالية لشركة دلتا للسكر بقيمة العائد على الاستثمارات في شركتي الفيوم والنوبارية والتي تساهم الشركة فيهما بنسبة 26.83% و30% على الترتيب، حيث بلغت قيمة العائد المستحق للشركة من هذين الشركتين نحو 71.8 مليون جنيه، منها 47.8 مليون جنيه عائد من شركة الفيوم، و24 مليون جنيه عائد من شركة النوبارية.
ووفقًا للتقرير، فقد تبيّن وجود مبالغ مالية «مركونة» غير مستخدمة للأغراض المكونة من أجلها، حيث بلغ رصيد الاحتياطات في 30/6/2022 نحو 346 مليون جنيه، متضمنًا نحو 80 مليون جنيه تمثل احتياطي تجديدات مكونا منذ أعوام لم يتم استخدامه، الأمر الذي يستوجب دارسة استخدام هذا الاحتياطي في الغرض المكون من أجله.
ولفت التقرير الرقابي إلى أنه لم يتم تسوية الإيرادات بنحو مليون و108 آلاف جنيه تمثل قيمة ما حصلت عليه شركة دلتا للسكر من عمولة من شركات الأسمدة والمبيدات التي تتعامل معها الشركة، وبالرغم من صدر قرار مجلس الإدارة في 15 /3 /2021 بتحويل هذه المبالغ لحساب إيرادات الشركة إلا أن ذلك لم يتم.
وبحسب التقرير الرقابي، لم ترد شهادة من بعض البنوك للتأكد من صحة الأرصدة الدفترية الظاهرة بالقوائم المالية المعروضة بالقوائم المالية لشركة دلتا للسكر، وذلك لبنكي مصر وكريدي أجريكول والبالغ رصيدهما المدين نحو 89 مليون جنيه، وكذا الرصيد الدائن لبنك قناة السويس البالغ رصيده 13 مليون جنيه، حيث يتعين الحصول على الشهادات اللازمة للتأكد من صحة الأرصدة بالدفاتر.
من جانبها، تؤكد «النبأ» أنها لا تسئ لأحد، ولا تسعى لصنع عداوات مع الشركات المذكورة، ولكن الجريدة في الوقت نفسه تمارس دورها المهم في تغطية الأحداث في كل القطاعات على مستوى الجمهورية، وذلك تطبيقا لدور الجريدة وصحفييها في كشف الحقائق، وتنتظر الجريدة أي رد من الشركات المذكورة، إعمالًا بأن حق الرد مكفولا بالقانون.