رئيس التحرير
خالد مهران

لبنان واسرائيل يبرمان اتفاق ترسيم الحدود البحرية

النبأ

أبرم لبنان وإسرائيل، اليوم الخميس، رسميًا اتفاق ترسيم الحدود البحرية بينهما بعد أشهر من مفاوضات مضنية بوساطة واشنطن وخشية من توتر أمني، وقد سلما الإحداثيات الجغرافية الجديدة للأمم المتحدة بحضور الوسيط الأمريكي.

وأتاح الاتفاق لإسرائيل البدء بإنتاج الغاز من منطقة كان متنازعًا عليها، فيما يأمل لبنان الغارق في انهيار اقتصادي، ببدء التنقيب قريبًا.

وأعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي توسطت بلاده لاكثر من عامين بين لبنان وإسرائيل، إبرام الاتفاق "رسميًا".

وقال "فخور بأن أنئ إسرائل ولبنان على إبرام اتفاقما رسمًا من أجل حل النزاع الحدودي البحري الذي طال أمده"، مضيفًا "لقد اتخذ الطرفان الوم في الناقورة، لبنان، الخطوات النائة لدخول الاتفاق حز التنفذ، وتم تقدم الأوراق النائة إلى الأمم المتحدة بحضور الولاات المتحدة".

وبعد وقت قصير من إعلان إبرام الاتفاق، أعلن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، الذي هدد مرارًا إسرائيل بتصعيد عسكري خلال المفاوضات، انتهاء "الإجراءات والاستنفارات الاستثنائية" التي قام بها حزبه خلال الأشهر الماضية.

والاتفاق عبارة عن تبادل رسائل الموافقة على نص الاتفاق، بين لبنان والولايات المتحدة من جهة، وإسرائيل والولايات المتحدة من جهة ثانية، فضلًا عن رسائل تتضمن إحداثيات جديدة لخط الحدود تسلم إلى الأمم المتحدة.

ووقع كل من الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الحكومة الإسرائيلي يائير لبيد رسالتين منفصلتين للموافقة على نص الاتفاق. وفي مقر الأمم المتحدة في جنوب لبنان، جرى تسليم الرسائل إلى الوسيط الأميركي أموس هوكستين.

وسلم الطرفان الإحداثيات الجغرافية المتفق عليها إلى المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا، التي ستودعها بدورها لدى الأمم المتحدة في نيويورك، لتحل مكان تلك التي أرسلتها الدولتان إلى الأمم المتحدة في 2011.

وقالت فرونتسكا إثر إعلان الاتفاق "إنه إنجاز تاريخي على مستويات عدة".

وتسارعت منذ أشهر التطوّرات المرتبطة بالملف. وبعد لقاءات واتصالات مكوكية، قدّم هوكستين الذي تقود بلاده وساطة منذ عامين، بداية الشهر الحالي عرضه الأخير، وأعلن الطرفان موافقتهما عليه.

وفي الناقورة، أفاد مراسل فرانس برس عن تعزيزات عسكرية للجيش اللبناني وقوات اليونيفيل، فيما لم يسمح للصحافيين بالاقتراب من مقر توقيع الاتفاق.
وقال بايدن، الذي وصف الاتفاق بـ "التاريخي"، إنه "سؤمن مصالح كل من إسرائل ولبنان، ومد الطرق لمنطقة أكثر استقرارًا وازدهارًا"، مؤكدًا أن الولايات المتحدة ستواصل عملها "كمسهل فما عمل الطرفان على الوفاء بالتزاماتما وتنفذ ذا الاتفاق".

وفي إسرائيل، يأتي توقيع الاتفاق قبل أيام من انتخابات تشريعية هي الخامسة في ثلاث سنوات. وقد انتقد رئيس الحكومة السابق بنيامين نتانياهو الذي يقود المعارضة حاليا، الاتفاق.

واعتبر رئيس الحكومة يائير لبيد، الذي يواجه أزمة سياسية جديدة، الاتفاقية "إنجازا سياسيا، فليس كل يوم تعترف دولة معادية بدولة إسرائيل في اتفاق مكتوب أمام المجتمع الدولي بأسره".

وشدّد عون في المقابل على أن "انجاز ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية عمل تقني ليست له أي أبعاد سياسية أو مفاعيل تتناقض مع السياسة الخارجية للبنان في علاقاته مع الدول".

ويأتي الاتفاق في وقت تبحث الدول الغربية، والأوروبية تحديدًا، عن مصدر جديد للغاز لتقليل اعتمادها على الغاز الروسي إثر الحرب في أوكرانيا.
وعشية التوقيع، أعلنت شركة إنرجيان بدء إنتاج الغاز من حقل كاريش البحري الإسرائيلي. وأشارت إلى أن "تدفق الغاز يتزايد باطراد".

وبموجب الاتفاق، يصبح حقل كاريش بالكامل في الجانب الإسرائيلي، فيما يضمن الاتفاق للبنان حقل قانا الذي يتجاوز خط الترسيم الفاصل بين الطرفين.

واعتبر الوسيط الأمريكي الأسبق فريدريك هوف أن الهدف من الاتفاق "استبعاد احتمال نشوب حرب بحرية" بين الطرفين. وكان لبيد اعتبر سابقًا أن التفاهم يبعد إمكانية اندلاع حرب مع حزب الله، العدو اللدود لإسرائيل الذي كان هدد بتصعيد عسكري في حال أقدمت إسرائيل على أي نشاط في حقل كاريش.

بعد اتفاق ترسيم الحدود.. حزب الله: المهمة أنجزت

وإثر ابرام الاتفاق، قال الأمين العام لحزب الله الخميس، "كل التدابير والاجراءات والاستنفارات الاستثنائية والخاصة التي قامت بها المقاومة منذ عدة اشهر، أعلن الآن أنها انتهت"، مضيفًا "المهمة انجزت".

واعتبر نصرالله الاتفاق "انتصارًا كبيرًا للبنان"، مشددًا على أنه "ليس معاهدة دولية وليس اعترافًا بإسرائيل".

ومن الواضح أن الاتفاق لم يكن ليتم، لولا موافقة حزب الله، القوة السياسية والعسكرية النافذة في لبنان.

وإثر لقائه عون صباحًا، شدّد هوكستين على أن الاتفاق "يصب في مصلحة الطرفين (...) إذا انتهك أي طرف الاتفاق، فإن الطرفين يخسران"، آملًا أن "يكون ذلك بمثابة نقطة تحوّل اقتصادية للبنان، لمرحلة جديدة من الاستثمار والدعم للنهوض بالاقتصاد".

وستشكل الرقعة رقم 9 حيث يقع حقل قانا منطقة رئيسية للتنقيب ستقوم به شركتا توتال الفرنسية وإيني الإيطالية اللتان حصلتا عام 2018 مع شركة روسية على عقود للتنقيب عن النفط والغاز، قبل أن تنسحب الأخيرة خلال العام الحالي.

وأعلنت السلطات في لبنان أنه تم الاتفاق مع شركة توتال على البدء بمراحل التنقيب فور الاتفاق النهائي.

وبما أن جزءًا من حقل قانا يقع خارج المياه اللبنانية، ستحصل إسرائيل على تعويض من مشغلي البلوك 9.

ويرى خبراء أن لبنان لا يزال بعيدًا عن استخراج الموارد، وقد يحتاج الأمر إلى ست سنوات.

وتعوّل السلطات اللبنانية على وجود ثروات طبيعية من شأنها أن تساعد على تخطي التداعيات الكارثية للانهيار الاقتصادي المستمر منذ ثلاث سنوات، وصنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850. وقد بات أكثر من 80 في المئة من اللبنانيين تحت خط الفقر.