خطة البنك المركزى لفك الارتباط بين الجنيه الدولار
أثارت تصريحات محافظ البنك المركزي حسن عبدالله، حول التحوط من العملة ووضع مؤشر لسعر الجنيه، واستمرار الأزمات العالمية لفترة طويلة، حالة من الجدل بين في الأوساط الاقتصادية، ولا سيما بعد فقدان الجنيه المصري 25% من قيمته أمام الدولار.
وخلال فعاليات المؤتمر الاقتصادي، قال حسن عبد الله محافظ البنك المركزي المصري، إنه تم الانتهاء من العقود المستقبلية ونعمل على عقود التحوط من العملة، والأهم إعطاء مصداقية للبنك المركزي فالأسواق لا تعتمد على الماضي ولكنها تنظر إلى المستقبل.
وأضاف، أن السياسة النقدية تعتز بالاستقلالية لكن يجب التنسيق مع الحكومة ومع القطاع الخاص، لافتًا إلى أنه يتم العمل على أكثر محور، وفي الظروف الحالية والتي من المتوقع أن تستمر لذلك مهمتنا الأساسية هي السيطرة على التضخم.
عمل مؤشر للجنيه
وأشار إلى أن جزءا من نجاح السياسة النقدية، هو تغيير الثقافة والفكر، حيث إن عملة الجنيه المصري زادت على الليرة التركى 100%، وزادت على الإسترلينى واليورو، قائلًا: «ولكن الناس لا ترى كل هذا».
وتساءل: «عبدالله»: لماذا نربط عملتنا بالدولار؟، قائلًا: «فبغض النظر عن مستوى الدولار ما هو، سنبدأ في عمل مؤشر الجنيه المصرى، وسنأخذ بعض العملات والذهب وغيره».
وتابع محافظ البنك المركزى: «نريد أن يفهم الناس إننا لسنا دولة مصدرة للبترول كى يكون لدينا السعر المرتبط بالدولار».
ويعتبر مؤشر الجنيه المصري، الذي تسعى الدولة لا ستحداثه، يستهدف قياس قيمة الجنيه مقابل سلة من العملات وعناصر أخرى كالذهب وغيره.
ولكن في حالة حدث وصدر قرار استحداث مؤشر للجنيه المصري في الفترة القادمة، فستكون المرة الأولى التي يفك فيها الجنيه المصري ارتباطه التاريخي بالدولار الأمريكي.
وكان البنك المركزي وقع اتفاقية خلال الأيام الماضية مع البنوك لتفعيل العمل بالمشتقات المالية الجديدة للتحوط من مخاطر تذبذب سعر العملة أمام الجنيه مع قرب دخول قرض الصندوق.
وحدد البنك المركزي، مشتقات مالية للتحوط ضد مخاطر تذبذب العملة وسعر الفائدة وهي: (IRS) و(SWAPS) و(Options) و(FWD) و(NDF)، حيث سيتم تطبيق الأدوات المالية الجديدة فور وفرة الدولار والمرور من الأزمة الراهنة بما يساهم في تحقيق المستهدفات الإيجابية لتأمين العملاء ضد مخاطر تذبذب سعر العملة التي يتطلع لها البنك المركزي.
ويرى خبراء الاقتصاد، أن تصريحات محافظ البنك المركزي حول وضع مؤشر لسعر الجنيه أمام العملات الأخرى، أمر ضروري للتحرر من قيود الدولار، وتغيير لفكر وثقافة الشعب المصري، وإحداث نوع من الاستقرار في سعر الصرف.
تغيير ثقافة الشعب المصري
وفي هذا السياق، قال الدكتور علي الإدريسي، أستاذ الاقتصاد بمدينة الثقافة والعلوم، إنه سيتم وضع مؤشر للجنيه المصري، بعد ربطه بسلة من العملات بجانب الذهب، وهذا الأمر ليس بجديد على السياسات النقدية على مستوى العالم، حيث تم تطبيق مؤشر العملات عام 1973.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن وضع مؤشر للجنيه أمر جيد جدًا وستستفيد منه السياسة النقدية في معاملات التحوط، لافتًا إلى أنه سيغير ثقافة المواطنين الخاصة بارتباط الجنيه بالدولار؛ لأن ذلك غير موجود على أرض الواقع وارتباط الدولار بالعملات الأخرى مرهون بالدول النفطية.
وأشار «الإدريسي»، إلى أن دول الخليج مرتبطة بسعر الدولار، بدليل عندما يرفع أو يخفض الفيدرالي الأمريكي الفائدة تتأثر دول الخليج، موضحًا أن مصر كانت تحتاج إلى وضع مؤشر للجنيه لاستقرار الأسعار.
وأوضح أن تفكر المواطن المصري بارتباط الجنيه بالدولار، يؤثر سلبًا على سعر العملة المحلية، ولكن مع ربط الجنيه بعملات أخرى يحدث نوعا من أنواع الاستقرار في سعر الصرف.
وتابع: «بجانب أنه يعطي آليات جديدة للمشتقات المستقبلية تسمى NDF، والتي تساعد البنك المركزي في التحوط ضد مخاطر تذبذب العملة، وبالفعل هي تحتوي على نوع من المخاطرة ولكن في نفس الوقت تساهم في استقرار العملات الأجنبية مقابل الجنيه».
وأكد أن الوقت الحالي يعاني الجهاز المصرفي من نقص الدولار، وهو الأمر الذي جعل المواطن يحتفظ بالدولار مما نشط السوق السوداء الفترة الماضية، مشيرًا إلى أن وضع مؤشر سيؤثر إيجابيًا على الاقتصاد وسعر صرف الجنيه.
وحول تصريحات استمرار الأزمة العالمية لفترة طويلة، لفت أستاذ الاقتصاد، إلى أنه أمر متوقع، ولا سيما مع التقارير الدولة التى تتحدث عن أن الأسوأ لم يأت بعد، متابعًا: «الدولة تسير في أكثر من اتجاه لمواجهة الأزمات الاقتصادية العالمية، بالإضافة إلى تمكين القطاع الخاص، والسيطرة على معدلات التضخم، حيث إن الاقتصاد المصري واجه الصدمات بقوة».
التصدي للأزمات العالمية
من ناحيته قال الدكتور خالد الشافعي، رئيس مركز العاصمة للدراسات والأبحاث الاقتصادية، إن وضع مؤشر للجنيه يغير فكر وثقافة المواطن حول ارتباط سعر الجنيه بالدولار وليس بعملات الأخرى.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن ذلك يخفف من حدة وجود تعويم ثالث للجنيه المصري، وفقدانه كثيرا من قيمته، لافتًا إلى أن التحوط من العملة يهدف إلى التنبؤ والتصدي لما قد يحدث السنوات المقبلة من آثار سلبية نتيجة الموجات التضخمية والركود العالمي وأزمات طاقة التى تضرب الاتحاد الأوروبي.
وأشار «الشافعي»، إلى أن مصر تتجه إلى مزيد من الصناعة والزراعة والإنتاج، للوصول بالصادرات المصرية إلى 100 مليار دولار، مؤكدًا أن الدولة تحافظ على مواردها من العملات الأجنبية تجنبًا لآثار الأزمات العالمية واضطرابات سعر الصرف.
وتابع الخبير الاقتصادي: «ومع استمرار الأزمات الاقتصادية العالمية بدأت مصر في تنفيذ إصلاحات ساهمت في إعطاء مرونة كاملة لتصدى للأزمات الخارجية، سواء في بطء سلاسل الإمداد أو ارتفاع أسعار المواد الخام والسلع الأساسية وزيادة تكاليف الشحن، مع ذلك عقدت الحكومة المؤتمر الاقتصادي للوقوف على الأزمات المستقبلية والحالية، والاندماج مع القطاع الخاص للوصول إلى الأفضل».