كبُرتْ كلمة تَخرجُ من أفواههم!
اعتبر بعضُ التنويريين، ومن دارَ في فلكهم من العامة، وكذلك أشباه المثقفين، الذين تلقفوا أقوال هؤلاء التنويريين بالقبول غير القابلِ للنقاش كما لو كانت قرآنا يُتلي -أن محاربةَ نصوص السنة المقطوعِ بصحتها نوعٌ من التحرر المحمود، الذي يُطلق العنان للعقل، ويخلصه من إسار النص؛ بحجة أن العقل حجة، وما أقره فهو صحيح وما خالفه فإنه مشكوكٌ في صحته، غيرُ مُسلَم به!
ولهؤلاء وأولئك أقول: خَبلتْ عقولكم؛ إذ إنه لا تعارض أبدا بين العقل والنقل، فالعقلُ الصريح لا يُخالف النقل الصحيح، كما أكد شيخُ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
أن يطلَ علينا مؤخرًا من يُخالف نصًا ثابتًا مقطوعًا بصحته، أو يُخالف معلومًا من الدين بالضرورة، كإنكار شعيرة الحج، ورفض الطواف حول الكعبة، وتقبيل الحجر الأسود، والوقوف بعرفة، ورجم إبليس بزعم أنها أفعالٌ وثنية، وغير ذلك الكثير فهذا هو الجهل بعينه، والظلامية في أحلك صورها؛ لأنَّ شعيرة الحج سندها أمرٌ قرآني يقول: ( وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلي كل ضامر...)، واحترامُ الأمر واجبٌ سواء عُلمتْ العلةُ والحكمة من ورائه أو لم تُعلم، لأنه أحيانًا يكون غيابُ الحكمة حكمة، وبعيدًا عن معرفة الحكمة يكفي أن يعرفَ هؤلاء (المتفلسفون) أن الغرض من وراء شعيرة الحج هو الخضوعُ والإذعان والتذلل لله رب العالمين.
بكل أسف أن بعضًا ممن سبقت أسماءهم أوصافٌ فخمة ضخمة مثل المُفكر، أو الفيلسوف، أوالتنويري، أو... وقعوا في شَرك محاربة النص، فامتطوا صهوة جواد عقلهم الفاسد، وانطلقوا عبر القنوات الفضائية يُجرحون الأئمة الأعلام كالبخاري ومسلم، وابن تيمية وغيرهم الكثير، بل ويطعنون في أصح الكتب بعد القرآن كصحيح البخاري، ذلك الكتاب المبارك، الذي تلقفته الأمةُ بالقبول كابرًا عن كابر، اعترافًا وإيمانًا بما بُذل فيه من جهد مُضن في دراسة الأحاديث سندًا ومتنًا.
التطاول يا سادة ليس تنويرًا بل هو (بجاحة) صرف، هو منهج الشريك المخالف، الذي حمل شعار (خالف تُعرف)!.
الدين يا سادة لا يؤخذ بالرأي.. ألم تسمعوا قول عليِّ رضي الله عنه: ( لو كان الدينُ بالرأي لكان أسفلُ الخُف أولي بالمسح من أعلاه، وقد رأيتُ رسول الله يمسح على ظاهر خفيه ).
فوفروا أيها المُطبلون للمعتوهين جهودكم، ولا تكونوا شركاء في الجرم، فنشر آراء الفاسدين فسادٌ مساو وربما أشد.
وكفاكم يامن تُحاربون النصوص الثابتة نهيقا؛ فإنَّ أنكرَ الأصوات لصوتُ الحمير، فالعبادةُ توقيفية، وحرية المرء وتنويره في احترام الشرع، وليس في الخروج عليه، والحج ليس وثنية، وقطع يد السارق، ورجم الزاني المُحصَن ليس همجية، وذبح الأضاحي ليس قسوة، وعُري المرأة ليس مدنية، وغمسُ الذبابة ليس تخلفًا، بل التخلفُ فيما تُروجون من فكر منحرف، واعتراض فج، وأنتم غافلون أن الله عليكم قادر، لكنه يُملي للظالم، حتى إذا أخذه لم يُفلته.