أزمة جديدة بسبب محاولات تركيا فرض وصايتها على ليبيا
كشفت مصادر ليبية متطابقة أن تركيا ستستضيف الجولة الثانية من المفاوضات بين رئيس البرلمان عقيلة صالح ومجلس الدولة خالد المشري، في الأيام المقبلة، التي توصف بـ "المفصلية"، لتحريك المسار التفاوضي وتجاوز الانسداد السياسي، الذي لعب دورًا بارزًا في تجدد حال الانقسام التي تشهدها البلاد حاليًا.
واشارت وسائل الاعلام الليبية أن أهمية هذه الجولة أنها تأتي في وقت تجدد الخلافات المعقدة بين الطرفين بشأن القاعدة الدستورية الانتخابية، خصوصًا في شقها المتعلق بالاستحقاق الرئاسي، التي وقفت عائقًا أمام إنجازه منذ عامين، بينما يستعد الطرفان لإغلاق ملف المناصب السيادية التي تسير التفاهمات بشأنها "بشكل سلس".
وتشير كل المعطيات الاخيرة المتعلقة بالملف الليبي، إلى أن تركيا تمهّد الطريق "لنفسها" لتصبح "الراعي الرسمي" للعملية السياسية الليبية والوصي الشرعي على البلاد، حسب مراقبين، وذلك بعد أن فشلت الأمم المتحدة في أكثر من مناسبة من إيجاد حل للأزمة في البلاد، آخرها كان فشل عقد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 21 ديسبمر 2021، كما تمكنت تركيا من إبعاد منافسيها من الدول الغربية عن الثروات الليبية، التي تستخدمها كورقة ضغط وابتزاز لدعم مصالحها في هذا البلد.
والجدير بالذكر أن تركيا تسبّبت بخلافات واسعة بين القوى السياسية في ليبيا، على خلفية الاتفاق الأخير الذي وقعته مع حكومة الوحدة برئاسة عبدالحميد الدبيبة، في مجال التنقيب على النفط والغاز في البحر المتوسط، والذي منح أنقرة امتيازات عديدة في قطاع الطاقة، واعترضت عليه قوى إقليمية ومحلية عدة، من بينها مصر وقيادة الجيش الليبي والبرلمان الليبي والولايات المتحدة الأمريكية.
وتطمع تركيا الآن لجذب الأجسام السياسية القوية في البلاد وضمهم إلى جناحها، من خلال استضافة رئيسي البرلمان ومجلس الدولة الليبيين، حيث يعتبر العديد بأن نتائج اللقاء بينهما سيضع حجر الأساس لبنية متنية تجرى وفقها الإنتخابات، والفضل سيعود لتركيا بذلك.
وتكمن المشكلة في أن المطامع التركية في ليبيا واضحة وضوح الشمس، ولا يمكن تجاهل الخطر المحدق بالبلاد بسببها، فالقواعد العسكرية التي أنشأتها في ليبيا وضخت فيها عشرات الأطنان من السلاح والمعدات، لا تشير إلى قرب موعد رحيلها، كما إنه ا وفي أكثر من مناسبة فرضت هيمنتها على الحكومة الليبية، وعرقلت عددًا من المسارات السياسية في البلاد.
أما بالحديث عن الثروات الليبية، فلا شك بأن الأتراك سيحظون بحصة الأسد منها إذا ما استطاعوا الانفراد بالبلاد وتنصيب سلطة موالية لها في طرابلس.
والجدير بالذكر بأن تركيا دأبت على التدخل في ليبيا بشكل سافر، حيث أرسلت آلاف المرتزقة إلى غرب البلاد لمساعدة ميليشيات حكومة الوفاق المنحلة في طرابلس، كما انتهكت القرارات الدولية بمنع إمداد ليبيا بالسلاح.
ورفضت أنقرة الانصياع إلى المجتمع الدولي الذي طالب ومازال يطالب بخروج المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا، لتسهيل سير العملية السياسية. وأعلنت نفسها مؤخرًا وصية على النفط والغاز الليبي، ودفعت بشركاتها للاستثمار في قطاع الطاقة الليبي، بناء على اتفاقية خالية من الشرعية ومناهضة للقانون الدولي.