المرأة أكثر تأثرًا.. التغيرات المناخية تزيد من حالات الهوس واضطرابات النوم
- هاشم بحرى: متوقع زيادة أعداد مرضى الهوس أو النشاط الزائد بارتفاع درجات الحرارة التى يشهدها العالم
- نفسانى: ترتفع نسبة القلق والاكتئاب بعد الكوارث الطبيعية الناجمة عن التغيرات المناخية ما يزيد حالات الانتحار
- استشارى نفسى: المرأة والأشخاص ذوو الدخل المنخفض أكثر تأثرًا بالتغيرات المناخية العنيفة
- طبيب نفسى: الإصابة بالاكتئاب والفصام وفقدان الشغف واضطرابات النوم تزيد درجات الحرارة المنخفضة
- جمال فرويز: ارتفاع درجات الحرارة تزيد الإصابة بالهوس ومن هنا جاءت مقولة «الصعايدة دمهم حامي»
- طبيب نفسى: تقرير الصحة العالمية يكشف كارثة ارتفاع نسبة الاضطرابات النفسية إلى 25%
يتفق أطباء علم النفس والمختصون على أن التغيرات المناخية أحدثت تغيرات جذرية في الصحة العقلية للإنسان، وغيرت خريطة الأمراض النفسية وحدتها، ومازال هناك تغيير مرتقب في حال الاستمرار على الوضع ذاته، فكيف يحدث ذلك؟
الهروب من العلاج
ويقول استشاري الطب النفسي، الدكتور جمال فرويز، إن كل الأمراض النفسية متعلقة بالتغيرات المناخية التي يشهدها العالم، لا سيما وأن هناك غدة في مخ الإنسان تُسمى «تحت المهاد»، تجتمع بها كل النواقل العصبية (مجموعة مواد كيميائية تنظم الإشارات العصبية للدماغ)، وهي المسؤولة عن الحالة المزاجية للإنسان، سواء الفرح أو الحزن أو التركيز أو الضيق، وأبرز النواقل العصبية الدوبامين السيروتونين والأدرينالين والأكسوتسين والأندروفين، فعلى سبيل المثال يتأثر السيروتنين بارتفاع درجات الحرارة، لا سيما وأن نسبة 70% منه تخرج إلى الجهاز الهضمي و30% للجلد، ويزيد إفرازه مع ارتفاع درجة الحرارة مع الدوبامين، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة في النشاط الحركي والجنسي والفكري، وربما يحدث العكس ولكن في حالات نادرة.
وتابع: «عدم سعي المرضى النفسيون بسبب التغيرات المناخية، إلى الحصول على العلاج، يرجع إلى جهلهم بأن الخلل الذي طرأ عليهم يكون سببه تلك التغيرات المناخية، الأمر الذي يجعله يعتقد أنها مجرد حالة ضيق ستختفي مع الوقت».
المشاكل التي يواجهها المواطنون القاطنون في المناطق الحارة تنتهي دائمًا بنهايات كارثية
ويضيف «فرويز»، أن كل الأمراض النفسية سواء الاكتئاب أو الفصام أو الهوس، أو الاضطرابات الوجدانية والاضطرابات السلوكية والمخاوف والوساوس، تزيد مع تغير درجات الحرارة، وينشط الاكتئاب والفصام والوسواس وفقدان الشغف واضطرابات النوم وعدم الرغبة في الأكل، في ظل انخفاض درجات الحرارة، وبالنسبة للاضطرابات الوجدانية الناتجة عن التغيرات المناخية، يختلف علاجها عن علاجات المرضى النفسيين المزمنين، بخلاف الأخيرة فإن الأدوية المُجدية في حالة المرض النفسي الناتج عن تغير المناخ، هي مثبتات المزاج وليست مضادات الاكتئاب.
وتابع: «تختلف حدة الأمراض العقلية مثل الذُهان واضطراب ثنائي القطب وغيرها، بالتغير في درجات الحرارة، ولوحظ أن بعض المشاكل مع بعض الناس في المناطق الحارة، تنتهي دائمًا نهايات كارثية، ويكون هناك ضرب وعنف وشدة في التعامل أكثر من المناطق الباردة، التي تكون فيها الخلافات أقل حدة، ومن هنا جاءت مقولة "الصعايدة دمهم حامي" وذلك بسبب ارتفاع درجات الحرارة لديهم».
ولفت «فرويز» إلى أن آخر تقرير لمنظمة الصحة العالمية يشير إلى بلوغ نسبة الاضطرابات النفسية على مستوى العالم 25%، والأمر متعلق بالتغيرات المناخية التي يشهدها العالم على مدار الأعوام الماضية.
تفشي أمراض الهوس
ويرجح الدكتور هاشم بحري رئيس قسم الطب النفسي لجامعة الأزهر، أنه من المتوقع زيادة أعداد مرضى الهوس أو النشاط الزائد، بزيادة درجات الحرارة التي يشهدها العالم، إلا أنه حتى الآن لم تخرج أي إحصائيات.
المرأة أكثر تأثرًا بالتغيرات المناخية العنيفة فضلًا عن ذوي الدخل الاقتصادي المنخفض والمسنين وذوي الهمم والمشردين والمهاجرين
وأضاف «بحري» في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن نسب الانتحار المرتفعة في الدول الاسكندنافية مثل السويد والنرويج وهولندا، تعود إلى درجات الحرارة المنخفصة، وعدم وجود الشمس إلا في أيام قليلة قد تصل إلى شهر ونصف الشهر على مدار العام، وبقية العام يكسوها الظلام والأمطار، وانتبهت السويد إلى أن المناخ السبب الرئيسي في تفشي الاكتئاب والانتحار لديها، ما دفعها إلى تدشين شوارع داخل أحيائها بإضاءة قوية شبيهةً بإضاءة الشمس، ما أخفض من نسب الانتحار لديها.
ويشير رئيس قسم الطب النفسي بجامعة الأزهر، إلى أنه تحيط بجسم كل شخص هالة حرارية، وتتصل تلك الهالة بالهالات المُحيطة بها، وبالتالي، نقول إن هناك بعض البشر عندما يلتقون الكيميا بينهم جيدة أو التواصل بينهم جيد، الأمر ذاته بين الهالة التي تحيط بالإنسان والهالة الشمسية وقت الصيف تكون الشمس أقرب إلى الأرض ويتم شحن البطاريات البشرية لآخرها، فتزيد الأمراض التي بها نشاط زائد وهي أمراض الهوس، بعكس الشتاء الشمس تكون بعيدة والشحن يكون منخفضا؛ فتزداد أمراض الاكتئاب.
المرأة في خطر
ويرى وليد هندي، استشاري الصحة النفسية، أنه منذ بدايات إرهاصات علم النفس الحديث ودراسة الشخصية، تم تقسيم الشخصية تقسيمًا رُباعيًا، باعتبار أن هناك 4 تقسيمات متعلقة بالمناخ، الماء والهواء والتراب والنار، وصنف كل نمط شخصية من الشخصيات الإنسانية تنتمي إلى تصنيف، وهذا مؤشر كبير على ارتباط الإنسان ارتباطا وثيقا بالبيئة والمناخ، منذ بداية دراسته والعلوم النفسية، ولذلك فإن هناك أمراضا نفسية تنتاب الإنسان في الصيف وأخرى تنتابه في الشتاء.
ويضيف، المرأة أكثر تأثرًا بالتغيرات المناخية العنيفة، فضلًا عن ذوي الدخل الاقتصادي المنخفض، والمسنين، وذوي الهمم، والمشردين والمهاجرين وغريبي الأطوار، والأشخاص سريعي الغصب، فالتغير المفاجئ في المناخ يؤثر على الحالة المزاجية لكل سكان العالم، الأمر الذي نتج عنه إيجاد مصطلحات جديدة لتوصيف تلك التأثيرات، أبرزها الغضب البيئي أو الكآبة البيئية، ورغم أن تلك المشاعر التي تنتاب الإنسان بسبب التغيرات المناخية جعلته يتكيف مع التغيرات المناخية، إلا أن التكيف فشل أنه يحد من التأثيرات النفسية الشديدة.
الكوارث الطبيعية تزيد الانتحار
ويختتم «هندي» حديثه مع «النبأ الوطني»، بالإشارة إلى أن الأشخاص الذين لديهم إدراك لخطر التغيرات المناخية، شديدو التأثر نفسيًا بتلك التغيرات، وهناك علاقة بين السلوكيات العدوانية والتغيير المناخي، ففي أمريكا وجد أن 618 حالة وفاة سنويًا من الأعوام 1999 وحتى 2010، وترتفع نسبة القلق والاكتئاب بعد الكوارث الطبيعية الناجمة عن التغيرات المناخية، ما يؤدي إلى زيادة حالات الانتحار، مثلما حدث بعد إعصار كاترينا بأمريكا عام 2005.