علي الهواري يكتب: أردوغان «الانتهازي»
اللقاء الأخير الذي تم بين الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره التركي رجب طيب أردوغان على هامش افتتاح مونديال قطر، بعد سنوات من القطيعة السياسية بين البلدين، وحديث الرئيس التركي عن إمكانية عقد لقاء بينه وبين الرئيس السوري بشار الأسد، طرح الكثير من الأسئلة وعلامات الاستفهام، لا سيما وأن هذه التطورات في الموقف التركي جاءت بعد تأكيد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أكثر من مرة أنه لن يلتقى الرئيس السيسي أو الرئيس بشار الأسد.
أردوغان يتراجع عن وعوده
وكان الرئيس التركي قد هاجم الرئيس السوري أكثر من مرة، واستبعد عقد أي لقاء بينهما، بل أنه في إحدى تصريحاته وصفه بالإرهابي.
ففي عام 2017، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال مؤتمر صحفي مشترك عقده مع نظيره التونسي الباجي قايد السبسي بقصر قرطاج، أن حل الوضع المتأزم في سوريا لا يمكن أن يتحقق في ظل بقاء الرئيس بشار الأسد بالحكم، قائلا "لقد مارس بشار إرهاب الدولة، وقتل قرابة مليون مواطن سوري، وبقاؤه في الحكم ظلم للسوريين ولضحاياهم".
وقال أردوغان في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي "من المستحيل إحراز أي تقدم في سوريا مع وجود الأسد".
وأضاف "بشار الأسد إرهابي، مارس إرهاب الدولة، ولا يمكن أن نجعله جزءا من الحل، لأننا نكون قد ظلمنا القتلى وذويهم إذا اعترفنا به حاكما لسورية".
وقد رد مصدر رسمي في وزارة الخارجية السورية على الرئيس التركي، مؤكدا إن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يستمر بـ "تضليل الرأي العام التركي في فقاعاته المعتادة في محاولة يائسة لتبرئة نفسه من الجرائم التي ارتكبها بحق الشعب السوري عبر تقديمه الدعم اللامحدود بمختلف أشكاله للمجموعات الإرهابية في سوريا".
وفي تصريح لوكالة سانا أشار المصدر إلى أن "إردوغان الذي حوّل تركيا إلى سجن كبير وكمّ أفواه أصحاب الرأي والصحافة وكل من يختلف معه، لا يملك أيّ صدقية لإلقاء العظات التي التي لم تعد تلقى أيّ اهتمام بل تشكل إدانة جديدة له".
وأضاف المصدر أن "جنون العظمة وأوهام الماضي التي تسكن داخل إردوغان جعلته ينسى أن امبراطوريته البالية قد اندثرت إلى غير رجعة".
وأكّد المصدر في الخارجية السورية أن "الشعوب الحرة هي التي تملك خياراتها وقراراتها الوطنية وتدافع عن سيادتها ولن تسمح لإردوغان التدخل بأي شكل في شؤونها".
وأكثر من مرة أكد أردوغان أنه لن يلتقي الرئيس عبد الفتاح السيسي، ففي 2016، أكد أردوغان إنه ما زال على موقفه حول اللقاء مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، موضحا أنه لن يلتقيه، ما دام الرئيس السابق محمد مرسي وزملاؤه في السجون المصرية.
وفي 2018، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن رفض دعوة نظيره الأمريكي دونالد ترمب على الغداء، بسبب جلوس السيسي إلى جواره.
وأضاف في تصريحات صحفية: "ترمب قال نلتقي (لاحقا في مأدبة الغذاء التي دعا إليها). وكنا نجلس في مائدة الغذاء حول طاولات متجاورة، وكان يجلس على مائدته (ترمب) رئيس الدولة المصرية (عبدالفتاح) السيسي، لذا لم يكن من الوارد ذهابي إلى تلك الطاولة، حيث معروف أنه يتم التقاط صور تذكارية لمثل هذه اللقاءات، وقد أوضحنا ذلك" للجانب الأمريكي.
قمة مصرية تركية
كشفت تركيا اليوم عن احتمال عقد قمة مصرية تركية، تجمع الرئيسين السيسي وأردوغان، دون الكشفف عن موعد ومكان عقد هذه القمة، حسبما أكد المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالن.
وقال كالن، من الممكن أن تتجدد اللقاءات التركية المصرية بالفترة المقبلة، وقد يلتقي وزراء الخارجية التركي والمصري، مشيرا إلى أنه من المبكر الحديث عن أي زيارة ستكون أولا، زيارة أردوغان لمصر أو السيسي لتركيا.
وأوضح المتحدث باسم الرئاسة التركية: "قبل هذا الأمر يجب تجهيز الكثير من التحضيرات وتجهيز الأسس، وخلال 3 أو 4 أشهر، من الممكن أن نتخّذ خطوات محدّدة عملية مهمة بالعلاقة مع مصر إن حدث التقارب مع مصر، فهذا لا يعني بأن التقارب مع سورية سيحدث غدا".
وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قد قال، أن الرئيس عبد الفتاح السيسي كان "سعيد للغاية" إثر لقائهما في قطر، مشيرا إلى أن هذا اللقاء جرى بتدخل ومساعي من أمير قطر تميم بن حمد، لافتا إلى أن اللقاء استمر من 30 إلى 45 دقيقة.
ولفت أردوغان، أن هذا اللقاء كان جيدا، مضيفا: "عملية بناء العلاقات مع مصر، ستبدأ باجتماع الوزراء"، مؤكدا على أن العلاقات التاريخية بين الشعبين المصري والتركي هي علاقات مهمة جدا ويحب أن تطور وتتحسن في الفترة القادمة، معتبرا أن دخول أطراف أخرى في المنطقة لن يكون إيجابيا.
ودائما تدعو المعارضة التركية إلى ضرورة تحسين العلاقات مع مصر.
لقاء بشار الأسد وأردوغان
وخلال الفترة الماضية لم يستبعد الرئيس التركي إمكانية لقاء الرئيس الروسي بشار الأسد، كما تحدثت الكثير من التقارير الصحفية عن هذا الموضوع.
قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن عقد لقاء مع نظيره السوري بشار الأسد "أمر ممكن"، بعد انقطاع العلاقات الدبلوماسية مع دمشق منذ 2011.
وردا على سؤال من أحد المراسلين في البرلمان عما إذا كان بإمكانه مقابلة الرئيس السوري، قال أردوغان: "هذا ممكن. لا مجال للنقمة في السياسة".
وأضاف: "في النهاية، يتم اتخاذ الخطوات في ظل أفضل الظروف".
وسبق لأردوغان أن قال في أغسطس الماضي، إنه "لا يمكنه استبعاد الحوار والدبلوماسية مع سوريا في المطلق"، مضيفا أن "الدبلوماسية بين الدول لا يمكن قطعها بالكامل".
قبلها، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن خيار لقاء الرئيس السوري، بشار الأسد، مطروح عندما يحين الوقت المناسب لذلك، مشيرا إلى أن هناك محادثات تجري بين البلدين على مستوى منخفض.
وقال أردوغان في تصريحات نقلتها وكالة الأناضول الرسمية التركية: "عندما يحين الوقت المناسب يمكننا اللجوء إلى خيار اللقاء مع رئيس سوريا"، حسب قوله.
وأردف الرئيس التركي قائلا: "هناك محادثات تجري بالفعل حاليًا على مستوى منخفض"، على حد قوله.
وفي وقت سابق قال أردوغان، إنه لا توجد خصومة دائمة في عالم السياسة، وذلك ردًّا على سؤال صحفية في البرلمان التركي حول إعلان زعيم حزب الحركة القومية دولت بهتشلي، تأييده للقاء أردوغان مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في قطر، واقتراحه إجراء لقاء مع بشار الأسد.
وقال أردوغان: "هذا ممكن، فلا يوجد زعل أو خصومة دائمان في السياسة، يتم اتخاذ الخطوات في هذا الصدد عاجلا أم آجلا في الظرف الأنسب".
وكان رئيس حزب الحركة القومية في تركيا دولت باهتشيلي، قد قال، إن لقاء الرئيس رجب طيب أردوغان مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي "جيد"، لكن يجب أن يتم اللقاء أيضا مع الرئيس السوري بشار الأسد.
وأشار باهتشيلي إلى أن "اللقاء الذي أجراه رئيسنا أردوغان مع السيسي في قطر هو لقاء صحيح وجيد"، معتبرا أنه "مع ذلك، لا ينبغي أن نكتفي بذلك، بل يجب لقاء بشار الأسد، وتشكيل إرادة مشتركة ضد المنظمات الإرهابية".
وكان قد قال وزير الخارجية التركي تشاووش أوغلو، في أغسطس/آب الماضي، إن تركيا ليس لديها شروط مسبقة للحوار مع سوريا، في إشارة إلى تغير موقف أنقرة تجاه حكومة بشار الأسد.
وكانت وكالة "أسوشيتد برس" قد أفادت، نقلا عن سياسي لبناني لم تذكر اسمه، أن الجانب الإيراني نقل مؤخرا إلى الأسد رسالة من أردوغان حول استعداده لإرسال مسؤولين أتراك إلى دمشق. وبحسب الوكالة، رفض الرئيس السوري اقتراح أردوغان بالاجتماع في دمشق، قائلا إنه من الممكن أن يجتمعا في دولة ثالثة. في الوقت نفسه، نفى مسؤول رفيع في الحكومة التركية أي معلومات عن وساطة إيرانية، وقال إن طهران "معادية" لتركيا في سوريا.
وكشف، الصحفي عبد القادر سيلفي في صحيفة "حريت" المقربة من الدوائر الحكومية التركية، أن لقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس السوري بشار الأسد قد يتم في روسيا بوساطة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وقال سيلفي، أن زعيم القوميين الأتراك المتحالفين مع الحزب الحاكم دولت بهجلي دعا الحكومة في وقت سابق إلى "خلق فرصة" للقاء الأسد، وردا على سؤال أردوغان حول لقاء محتمل مع الرئيس السوري بشار الأسد من خلال وساطة روسية، قال إن أنقرة يمكنها تقييم الاقتراح حينما يحين الوقت.
وتابع سيلفي: "بعد لقاء أردوغان بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، حينما صافحه أردوغان في افتتاح مونديال قطر، تحولت الأنظار إلى لقاء أردوغان بالأسد، فهل يتم هذه اللقاء؟.
وأفاد الصحفي التركي، نقلا عن مصادره، أن "موضوع لقاء الأسد يعتبر أيضا قضية مفهوم. وكتب عبد القادر سيلفي: "فذلك المفهوم الذي تم تطبيقه عبر جغرافيا الشرق الأوسط، حيث تندلع الأزمات في كثير من الأحيان، أسفر عن نتائج ناجحة. المفهوم الذي يعرف باسم دبلوماسية الاستخبارات، بينما التقى الرئيس أردوغان مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ثم بولي عهد الإمارات العربية المتحدة الشيخ زايد، الذي توترت العلاقات معه منذ فترة، والآن صافح أردوغان السيسي في اجتماع نظمه أمير قطر الشيخ تميم. لهذا فمن المتوقع أن يستقبل الرئيس بوتين كلا الرئيسين أردوغان والأسد".
وكان سيلفي،، قد ذكر في شهر سبتمبر الماضي أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أعرب عن رغبته في حضور الرئيس السوري بشار الأسد قمة منظمة شنغهاي للتعاون من أجل اللقاء به.
وبحسب المعلومات التي نشرتها صحيفة "حرييت"، قال أردوغان إنه يتمنى أن يأتي بشار الأسد إلى أوزبكستان وأن يعقدا لقاءً معه، "لو كان حاضرًا في قمة منظمة شنغهاي التي عقدت في العاصمة الأوزبكية سمرقند. لكنه أشار إلى أن الأسد لم يكن يحضر القمة".
وأعلن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، أنه لا توجد حاليا أي اتفاقات حول عقد لقاء بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس النظام السوري بشار الأسد في روسيا، لكنه قال "إن ذلك ممكن من الناحية النظرية".
وقال بيسكوف ردا على أسئلة الصحفيين: "من الناحية النظرية يمكن ذلك، لكن لا توجد اتفاقات حول ذلك"، وفق ما نقلت عنه وكالة نوفوستي الروسية.
وكانت وسائل إعلام تركية، قد ألمحت إلى إمكانية عقد لقاء بين أردوغان والأسد في روسيا، لينهي أكثر من 10 سنوات من القطيعة على خلفية اندلاع الثورة السورية مطلع عام 2011.
أردوغان والانتهازية
الرئيس التركي دائما يبرر تراجعه عن وعوده، بأن السياسة فيها كل شئ، وأنه لا يوجد في السياسة عداوة دائمة ولا صداقة دائمة ولكن مصالح دائمة.
لكن كثيرون يتهمون الرئيس التركي بالانتهازية، وأنه يطبق المقولة الميكافيلية «الغاية تبرر الوسيلة».
وحسب علماء النفس والاجتماع، فإن الانتهازيين هم أشخاص يقومون بتحقيق مصالحهم على حساب مصلحة الآخر أو المصلحة العامة دون الأخذ بعين الاعتبار القيم والمبادئ الأخلاقية.
وحسب خبراء علم النفس والاجتماع، الانتهازي في الحقيقة ذكي للغاية، بارع في التلون وتغيير جلدته والتخلي عن- مبادئه- هو شخص متعدد التوجهات والانتماءات والأفكار لا يدافع عن فكرة معينة، مستعد للتنكر لماضيه وعقائده، مستعد للتخلص من ماضيه أيضا وخلق شخصيات من خياله ووضع نفسه في خانة المثيرين للشفقة، هو شخص يقوم بأداء دوره بكل احترافية وبشكل لا يجعله موضع شك أبدا، يلعب دور المظلوم وأن كل العالم ضده وأن الجميع يحيك عنه المؤامرات، فيكسب عطف وود ضحيته وينطلق في مساره نحو التألق عن طريق التملق.