الصين تخفف قيود كوفيد 19.. وقريبًا 10 إجراءات تخفيفية جديدة
بدأت العديد من المدن الصينية الكبرى تخفيف بعض قيود كوفيد-19. وسمحت بكين بدءا من اليوم الثلاثاء باستقلال وسائل النقل والمواصلات دون متطلب الاختبار السلبي، فضلا عن عدة إجراءات مخففة أخرى من بينها الوصول إلى المولات وبعض الأماكن العامة باستخدام الرمز الصحي الأخضر فقط، فيما أبقت على شرط اجراء اخبتار كل 48 ساعة للوصول إلى بعض الأماكن الحساسة مثل المدارس ودور الأطفال وكبار السن.
وجاء هذا التحول في الوقت الذي خفف فيه كبار المسؤولين من لهجتهم بشأن حدة الفيروس بعد احتجاجات واسعة ضربت عدة مدن ضد سياسة "صفر كوفيد".
وأفادت تسريبات إعلامية بأن الصين قد تعلن عن 10 إجراءات تخفيفية جديدة على مستوى البلاد يوم الأربعاء، فيما رفعت مدن عمليات الإغلاق المحلية، مما اثار حالة من التفاؤل بشأن إعادة فتح ثاني أكبر اقتصاد في العالم على نطاق أوسع مما قد يعزز النمو العالمي.
وعلى الرغم من ذلك لا تزال حركة المرور في شوارع بكين أقل بكير من المستويات السابقة. ولا يزال بعض الناس حذرين من الإصابة بالفيروس وخاصة كبار السن في وقت لا يزال فيه تناول الطعام ممنوعا في المطاعم. وهناك أيضا مخاوف بشأن الضغط الذي يمكن أن يفرضه التخفيف على النظام الصحي في الصين.
وأبلغت الصين عن 5235 حالة وفاة مرتبطة بكوفيد حتى يوم الاثنين وهو رقم قليل جدا مقارنة بدول العالم الأخرى الرئيسية، لكن بعض الخبراء حذروا من أن العدد قد يرتفع إلى أكثر من مليون في حالة الخروج المتسرع من سياسة "صفر كوفيد".
وأثرت سياسة "صفر كوفيد" على حياة الملايين من الأشخاص في الصين لما يقرب من ثلاث سنوات في ضوء ما تفرضه من اختبارات جماعية وحجر صحي وإغلاقات مفاجئة. وبعد مؤتمر الحزب الشيوعي الحاكم الشهر الماضي، توسم الكثيرون أن تخفف بكين سياستها أو تنهي اجراءاتها الأصرم في العالم ضد الفيروس أسوة بما فعلته الدول الأخرى التي أدركت أن المرض الآن أصبح متوطنا ويمكن السيطرة عليه، لكن على النقيض ارتفع عدد الإصابات بالمرض وشددت بكين القيود، مما أدى إلى تأجيج الغضب العام الذي ظهر بشوارع بعض أكبر المدن.
وفي الوقت الحالي، يبدو من غير المرجح-- حسب المراقبين-- أن تغير الصين استراتيجيتها على المدى القريب، إذ تملك الحكومة الصينية من الدوافع المهمة للتشبث بها من بينها الأزمة الصحية المحتملة التي قد تترتب على التخلي عن هذا النهج. فبعد عامين ونصف من سياسات عدم التسامح المطلق، خلقت الصين وضعا لم تتعرض فيه نسبة عالية جدا من سكانها للفيروس. ووفقا للأرقام الرسمية، تراكمت في الصين حتى الآن حوالي مليون إصابة. وهذا الرقم يوضح أن جزءا صغيرا جدا من عدد سكانها البالغ 1.4 مليار أصيبوا بالعدوى، وبالتالي يحملون بعض المناعة الطبيعية. ومن حيث التطعيم حتى مارس 2022، تلقى ما يقرب من 90 في المائة من السكان الصينيين جرعتين من اللقاحات الصينية غير الرنا المرسال.
وهناك سبب للقلق من أن يتبع تخفيف السياسة زيادة في حالات كوفيد يمكن أن تطغى على نظام الرعاية الصحية في البلاد. وهناك نسبة كبيرة نسبيا من كبار السن الذين لم يتم تطعيمهم بشكل كامل. كما أن التكيف الاجتماعي مع السياسة نفسها يلعب أيضا دورا. فقد أصبح الكثير من الناس وخاصة كبار السن يعتمدون على صفر كوفيد لحمايتهم من الأضرار التي قيل لهم إنها حدثت في أماكن أخرى من العالم. وقد تخاطر الحكومة بشعبيتها وسط هؤلاء في حال الرفع الفوري للسياسة.
ويرى المحللون إن الحكومة تواجه معضلة. فمن ناحية، لا تحظى استراتيجيتها صفر كوفيد بشعبية كافية ويستشهدون بزيادة الحالات مؤخرا والغضب الذي ظهر في الاحتجاجات، كما يتزايد الضغط الدولي عليها للتخلي عن هذه السياسة. ومن ناحية أخرى، فإن الاعتبارات السياسية وعدم وجود بديل واضح يمنعها من التخلي عنها.
وسعى الرئيس شي حين بينغ في المؤتمر الأخير للحزب إلى إرسال رسالة واضحة ومتسقة مفادها أن أولويته المحلية القصوى الحالية مكافحة كوفيد-19 قد سارت وفقا للخطة وحققت نجاحا باهرا. وقد تؤدي أي تحول عن تلك السياسة إلى إرباك الوضع.
في الواقع، لا يزال الاقتصاد الصيني قائما على قدميه إلى حد كبير بسبب النمو القوي في الصادرات وحقيقة أن بعض أجزاء البلاد كانت أقل تأثرا بانعدام كوفيد. لكن الآفاق الاقتصادية المتراجعة قد تترك أمام بكين القليل من الخيارات. فبنك الصين المملوك للدولة توقع مؤخرا نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.5 في المائة فقط، وهو أقل بكثير من هدف 5.5 في المائة الذي حددته الحكومة في وقت سابق من العام. كما أدى التباطؤ الاقتصادي إلى تقليص الموارد المالية للحكومات المحلية. ويتوقع المراقبون أنه إذا استمرت الحكومة في إغلاق مناطق حضرية بأكملها كلما ظهرت حالات قليلة، فقد يتحول التباطؤ الاقتصادي في الصين إلى أزمة اقتصادية.