بعد تأجيلها..
سر اشتعال غضب 5 ملايين ممول ضد منظومة الفاتورة الإلكترونية
أثار تطبيق منظومة الفاتورة الإلكترونية على 5 ملايين ممول، حالة من الجدل في الشارع المصري، ولا سيما مع اعتراض أصحاب المهن الحرة مثل المحامين والأطباء والمهندسين، والمحاسبين على المنظومة لاعتبارهم مقدمين خدمات وليس سلع -على حد قولهم-.
وأكدت مصلحة الضرائب، أن جميع الممولين ومنهم أصحاب المهن الحرة الذين كل تعاملاتهم مع مستهلك نهائى ملزمون بالتسجيل بمنظومة الفاتورة الإلكترونية في موعد أقصاه 30 إبريل المقبل كمهلة أخيرة.
وأوضحت أنه على الممولين ومنهم أصحاب المهن الحرة الذين كل تعاملاتهم مع مستهلك نهائى فقط التسجيل بمنظومة الفاتورة الإلكترونية وتقديم طلب إرجاء إصدار فواتير على المنظومة إلى المأموريات التابعين لها لحين صدور قرارات إلزام لهم بمنظومة الإيصال الإلكتروني.
ويستهدف تطبيق منظومة الفاتورة الإلكترونية، المساعدة في التحول الرقمي للتعاملات التجارية والتعامل بأحدث الأساليب التقنية، والتحقق من صحة بيانات مصدر الفاتورة ومتلقيها ومحتوياتها شكلا وموضوعا، والقضاء على السوق الموازي والاقتصاد غير الرسمي وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص والعدالة بين الشركات العاملة في السوق، وتسهيل وتسريع الإجراءات الضريبية.
اعتراض النقابات المهنية
وأعلن عدد من النقابات المهنية، اعتراضهم على التسجيل بمنظومة الفاتورة الإليكترونية، ومنها نقابة الأطباء، والمحامين.
وفي البداية، رفضت نقابة المحامين التسجيل في منظومة الفاتورة الإلكتروني، حيث تم تنظيم وقفات احتجاجية خلال الأيام القليلة الماضية أمام مقر النقابة، معتبرين أنه قرار مخالف للدستور.
وعقب ذلك، اجتمع أعضاء مجلس النقابة، ووزير المالية الدكتور محمد معيط، والذي أسفر عن تشكيل لجنة مشتركة بين وزارة المالية، ممثلة في مصلحة الضرائب ونقابة المحامين؛ لدراسة المشكلة والوصول إلى حلول تأخذ في الاعتبار ما عرضته نقابة المحامين من رؤية ووجهات نظر.
فيما قرر مجلس نقابة الأطباء، تكليف المستشار القانوني للنقابة بدراسة اتخاذ الإجراءات القانونية للطعن على قرار مصلحة الضرائب المصرية، ومخاطبة رئيس الوزراء ووزير المالية باستثناء الأطباء من دفع رسوم التسجيل للفاتورة.
وقال المجلس نقابة الأطباء، إنه ليس من المنطق فرض الفاتورة الإلكترونية على مهنة الطب التي تعتبر خدمة ويتم مساواتها بالتجارة، مؤكدا دعمه لوجود آلية لمحاسبة ضريبية عادلة، حيث إن الإجراءات المعقدة في استخدام آلية الفاتورة الالكترونية في مهنة حيوية مثل الطب قد تعيق تقديم الخدمات الطبية.
البرلمان يتدخل
وطالب النائب محمود قاسم عضو مجلس النواب، الحكومة التراجع عن تطبيق نظام الفاتورة الإلكترونية على مهن المحاماة والأطباء والمهندسين وغيرهم من أصحاب المهن الحرة، لأنه من المعروف وطبقًا لنصوص الدستور، أن من يعملون بهذه المهن هم أصحاب رسالة وليسوا تجارًا.
كما طالب «قاسم» في طلب إحاطة قدمه للمستشار الدكتور حنفى جبالي رئيس مجلس النواب لتوجيهه إلى الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، والدكتور محمد معيط وزير المالية، الإسراع في إجراء حوار مع نقابات المحامين والأطباء والمهندسين وغيرها من النقابات الأخرى، لإيجاد آلية مناسبة لتحصيل حق الدولة من الضرائب يكون بديلًا عن تطبيق نظام الفاتورة الالكترونية، مشيرًا إلى أن الجميع مع تحصيل الدولة لحقوقها ولكن بطرق دستورية وقانونية، لأن تطبيق نظام الفاتورة الإلكترونية على هذه المهن الحرة فيه مخالفة صريحة لنصوص الدستور.
وأكد النائب محمود قاسم، أن جميع أصحاب هذه المهن ليسوا ضد توريد ما عليهم من ضرائب كحقوق عليهم للدولة، ولكن المشكلة الحقيقية تكمن في أن الوزارة اختارت طريقًا غير دستوري، مطالبًا بإحاطة الطلب إلى لجنة مشتركة من لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية ومكاتب لجان الخطة والموازنة والصحة والاسكان والمرافق لمعرفة أولًا، للوقوف على مدى دستورية تطبيق هذا النظام على هذه المهن الحرة، ومعرفة أفضل الطرق لتحصيل الضرائب من أصحاب هذه المهن مع استدعاء الدكتور محمد معيط وزير المالية لحضور هذا الاجتماع والرد على تساؤلاته.
100 ألف جنيه عقوبة
وقال الدكتور عبد الرسول عبد الهادي، خبير الضرائب، وعضو مجلس إدارة شعبة مزاولي المهنة الحرة للمحاسبة والمراجعة التابعة للنقابة العامة للتجارين، إنه في البداية طالبت مصلحة الضرائب ووزارة المالية، بانضمام الشركات للفاتورة الإلكترونية، حيث سجل 135 ألف شركة على مدار سنة ونص، متابعًا: «ولكن الآن وخلال شهر ونصف ترغب مصلحة الضرائب في ضم الممولين الأفراد بالتسجيل والذي عددهم 5 ملايين ممول، وذلك خلال الشهر ونصف، وهو أمر صعب حدوثه».
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن 135 ألف شركة الذين سجلوا في منظومة الفاتورة الإلكترونية خلال العام ونصفهم شركات كبرى لها نظام محاسبي وضريبي قوي ومنظم، أما الـ5 ملايين ممول لهم طبيعة أخرى مثل المحاسبين أو المهندسين أو محامين أو الأطباء أو الفنانين مهنتهم خدمية، لا يحتاجون إلى نظام الفاتورة الإلكترونية مثل التجار.
وأشار «عبد الهادي»، إلى أن معظم المخاطبين لا يجيدون القراءة والكتابة مثل ماسح الأحذية وبائع العصير والسمكري، والميكانيكي وسواق التاكسي والتوك توك، والكهربائي وبائع الخضار والفاكهة، موضحًا أن هذه الأنشطة بسيطة لا تستدعي تطبيق الفاتورة الإلكترونية.
وأكد أن اللجنة التى تم تشكيلها لبحث مشاكل الفاتورة الإلكترونية، من المتوقع أن تنتهي بتأجيل التطبيق إلى ما بعد 15 ديسمبر، بالإضافة إلى أنه سيتم وضع آلية مبسطة لمراعاة أصحاب المهن الصغيرة التي لا يجدون القراءة أو الكتابة.
وأوضح خبير الضرائب، أنه تم وضع عقوبات لعدم التسجيل في الفاتورة الإلكترونية تبدأ من 20 ألف جنيه تصل إلى 100 ألف جنيه، متوقعًا عدم القدرة على تطبيق هذه العقوبة على 5 ملايين ممول.
المجتمع يقاوم كل جديد
ومن ناحيته، قال الدكتور عرفان فوزي، الأمين العام للجمعية العلمية للتشريع الضريبي، إن الفاتورة الإلكترونية هي إحدى أدوات التحول الرقمي، ومن خلالها تستطيع مصلحة الضرائب إحكام المجتمع والتهرب الضريبي ومكافحة الاقتصاد غير الرسمي، بالإضافة إلى القضاء على الفواتير الوهمية، متابعًا: «لا يوجد بها مزايدة على مصلحة الضرائب ولا إخفاء من الممول».
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أنه في حالة تطبيق الفاتورة الإلكترونية على جميع أفراد المجتمع، لن يكون الممول في حاجة إلى تقديم إقرار ضريبي؛ لأن التعاملات الخاصة بالبيع والشراء ستكون مسجلة على المنظومة.
وأشار «فوزي»، إلى أن الفاتورة الإلكترونية، تحقق مكاسب للاقتصاد القومي، حيث إنها تنشئ قاعدة بيانات حول استهلاك المواطن والسلع المفضلة والعجز الموجود في السلع، قائلًا: «ليست رفاهية من الدولة.. ولكن هي ضرورة من ضروريات التحول الرقمي».
وأوضح أن الفاتورة الإلكترونية تم تطبيقها على أكثر من مرحلة، ففي البداية خاطبت بعض الشركات الخاصة بكبار الممولين، ثم بعض الشركات المساهمة، ثم كافة الشركات وتأتي المرحلة الأخيرة بإخضاع المجتمع كله للفاتورة الإلكترونية حيث سيتم تطبيقها على الممول والمهن التي تتعامل مع مستهلك نهائي.
وتابع: «الدولة أصدرت قرارات بوقف التعامل مع الشركات التى لم تسجل في الفاتورة الإلكترونية، كما أكدت الحكومة عدم رد الضريبة إلا للممول الذي يمتلك فاتورة إلكترونية، بالإضافة إلى أن الممول الذي لا ينطبق عليه الفاتورة الإلكترونية وينطبق عليه الإيصال الإلكتروني عليه مخاطبة مصلحة الضرائب لإرجاء الفاتورة الإلكترونية».
وأكد الأمين العام للجمعية العلمية للتشريع الضريبي، أن الانتقادات التي توجه إلى الفاتورة الإلكترونية؛ نتيجة اعتقاد البعض أنها تزيد أعباء ورسوم إضافية، لافتًا إلى أن المجتمع يقاوم كل ما هو جديد ولكن مع التعود سيصبح الأمر بسيطا.