على الهواري يكتب: فتنة تهنئة المسيحيين وصفعة شيخ الأزهر
مع احتفال الإخوة المسيحيين بأعياد الميلاد هذا العام وجه فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب صفعة قوية للتيار السلفي المتشدد، الذي يحرم تهنئة غير المسلمين، بأعياد الميلاد كل عام، بعد أن قدم التهنئة للمسيحيين في مصر وخارجها بأعياد الميلاد.
هذه التهنئة، التي تعتبر الأولى لشيخ الأزهر عبر التاريخ، أثارت حفيظة التيار السلفي المتشدد، وأدت إلى تعرض شيخ الأزهر لهجوم شديد على مواقع التواصل الاجتماعي.
«الطيب» يهنئ المسيحيين بأعياد الميلاد
هنأ شيخ الأزهر شيخ أحمد الطيب، البابا فرنسيس وقادة الكنائس والمسيحيين في الشرق والغرب بأعياد الميلاد.
وقال شيخ الأزهر "أهنئ إخوتي وأصدقائي الأعزاء البابا فرنسيس، والبابا تواضروس، ورئيس أساقفة كانتربري د. جاستن ويلبي، وبطريرك القسطنطينية برثلماوس الأول، وقادة الكنائس، والإخوة المسيحيين في الشرق والغرب بأعياد الميلاد".
ودعا شيخ الأزهر عبر صفحته الرسمية بفيسبوك "الله أن يعلو صوت الأخوَّة والسلام، ويسود الأمان والاستقرار في كل مكان".
وفي تصريحات سابقة، قال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إن تهنئة المسيحيين بأعيادهم ليست من باب المجاملة أو الشكليات، وإنما تأتي انطلاقا من فهمنا لتعاليم ديننا الحنيف.
وأضاف، بالتزامن مع احتفالات المسيحيين بعيد القيامة، أن رفض تهنئة المسيحيين بأعيادهم فكر متشدد لا يمتُّ للإسلام بصلة.
وأوضح أن الأزهر الشريف يعتز بالعَلاقة التي تربط المصريين؛ مسلمين ومسيحيين، والتي تنبع من الفهم الصحيح للدِّين، مؤكدًا أن علاقة المسلمين والمسيحيين تُعد تجسيدًا حقيقيًا للوحدة والإخاء، وأن هذه الأخوَّة ستظلُّ دائمًا الرباط المتين الذي يَشتدُّ به الوطن في مواجهة الصعاب والتحديات.
وأكد شيخ الأزهر الشريف أنه لا توجد في القرآن أديان مختلفة، لكن توجد رسائل إلهية تعبر عن الدين الإلهي الواحد، لافتًا إلى أن هناك وحدة تربط نبي الإسلام محمد، صلى الله عليه وسلم، بغيره من الأنبياء، وهي الأخوَّة، مستشهدًا بقول النبي، صلى الله عليه وسلم: "أنا أولى الناسِ بِعِيسَى ابنِ مريمَ في الدنيا والآخرةِ، ليس بَيْنِي وبينَهُ نَبِيٌّ، والأنْبياءُ أوْلادُ عَلَّاتٍ؛ أُمَّهاتُهُمْ شَتَّى، ودِينُهُمْ واحِدٌ".
واستشهد الطيب بأن الإسلام الذي نزل على محمد، صلى الله عليه وسلم، يقدم نفسه بحسبانه الحلقة الأخيرة في سلسلة الدين الإلهي، كما يقرر أن أصل الدين واحدٌ في جميع هذه الرسالات، ومن هنا يذكر القرآن التوراة والإنجيل بعبارات غاية في الاحترام ويعترف بأثرهما القوي في هداية البشرية من التيه والضلال، ولذلك يصف الله تعالى -في القرآن الكريم- كلًا من التوراة والإنجيل بأنهما "هدى ونور"، كما يصف القرآن نفسَهُ بأنَّه الكتاب المصدق لما سبقه من الكتابين المقدسين: التوراة والإنجيل.
وأضاف: "نقرأ فى القرآن ما يدل على أن الإنجيل مؤيد للتوراة، والقرآن مؤيد للإنجيل والتوراة"، مشيرًا إلى أن فقهاء المسلمين يرون أنه لا يجوز للمسلمة أو المسلم أن يلمسوا القرآن على غير طهارة، وذلك الأمر ينطبق على لمس الإنجيل والتوراة، فيجب عدم لمسهما إذا كان المسلم على غير طهارة.
وأكد شيخ الأزهر الشريف أن هذا الرأي درسناه في كتب التراث ويدرسه طلاب الفقه بجامعة الأزهر والمرحلة الثانوية.
وشدد الطيب على أن الإسلام مرتبط بالمسيحية منذ قدوم عمرو بن العاص لمصر، حيث كان أول ما فعله هو الإفراج عن البابا بنيامين، الذي كان مختبئًا من بطش الرومان، فأبلغه مأمنه، غير المكانة التي تحظى بها السيدة مريم العذراء في نفوس المسلمين، موضحًا أن المسلمين يقدسون السيدة مريم مثل الأقباط.
وأشار إلى أن الإسلام لا ينظر لغير المسلمين من المسيحيين واليهود إلا من منظور المودة والأخوَّة الإنسانية، وهناك آيات صريحة فى القرآن تنص على أن علاقة المسلمين بغيرهم من المسالمين لهم -أيًا كانت أديانهم أو مذاهبهم- هي علاقة البر والإنصاف.
وفي تصريحات أخر، وصف شيخ الأزهر أحمد الطيب، من يحرم تهنئة المسيحيين بأعيادهم بأنه لا يفقه في الإسلام، مؤكدا أن المعايدات والتهنئة بالأعياد من البر.
وحذر شيخ الأزهر في مجلة "صوت الأزهر" من خطابات تضليل الناس، ومحاولة الإيقاع بين المسلمين وغيرهم، مشيرا إلى أن هذه الخطابات التي لا يعرفها الإسلام تريد أن تختطف عقول الناس، وتضللهم.
وأضاف: "تحريم تهنئة المسيحيين فكر متشدد لا يمت للإسلام بصلة، وهو فكر لم تعرفه مصر قبل سبعينيات القرن الماضي؛ فمنذ السبعينيات حدثت اختراقات للمجتمع المصرى مست المسلمين والمسيحيين، وهيأت الأرض لأن تؤتى مصر من قبل الفتنة الطائفية، وتبع هذا أن التعليم الحقيقى انهار، والخطاب الإسلامى انهار أيضا، وأصبح أسير مظهريات وشكليات وتوجهات، هؤلاء كانوا غير مؤهلين، وفاقدين لثقافة الإسلام فى هذا الجانب، وغير مطلعين على هذه الأمور، وكانوا يسعون إلى نشر مذاهب يريدون من خلالها تحويل المسلمين إلى ما يمكن أن نسميه شكليات فارغة من جوهر الإسلام الحقيقى، وأصبح عندنا ما يمكن أن نطلق عليه "كهنوت إسلامى جديد"، بحيث إن أي مسلم لا يستطيع أن يقدم خطوة إلا إذا بحث عن هل هذه الخطوة حلال أم حرام؟".
وأكد شيخ الأزهر، أن الأديان السماوية رسالة سلام إلى البشر والحيوان والنبات والطبيعة بأسرها، كما أن الإسلام لا ينظر لغير المسلمين من المسيحيين واليهود إلا من منظور المودة والأخوة الإنسانية، وهناك آيات صريحة فى القرآن تنص على أن علاقة المسلمين بغيرهم من المسالمين لهم - أيًا كانت أديانهم أو مذاهبهم - هي علاقة البر والإنصاف.
وشدد الإمام الطيب، على أن المواطنين متساوون فى الحقوق والواجبات، ولا محل ولا مجال أن يطلق على المسيحيين أنهم أهل ذمة، لافتا إلى أن مصطلح الأقليات لا يعبر عن روح الإسلام ولا عن فلسفته، وأن مصطلح المواطنة هو التعبير الأنسب، والعاصم الأكبر والوحيد لاستقرار المجتمعات، وأوضح أن المواطنة معناها المساواة في الحقوق والواجبات بين المواطنين جميعا، بخلاف مصطلح الأقليات الذي يحمل انطباعات سلبية تبعث على الشعور بالإقصاء، وتضع حواجز نفسية تتداعى وتتراكم فى نفس المواطن الذي يطلق عليه أنه مواطن من الأقليات.
وأشار شيخ الأزهر إلى أن تهنئة غير المسلمين في أعيادهم وأفراحهم ومواساتهم وعزاؤهم في مصابهم من أخلاق البر الذي أمرنا الإسلام به تجاه الاخوة من غير المسلمين، لافتًا إلى أن ذهاب المتشددين إلى حرمة تهنئتهم وتعزيتهم جمود وانغلاق وخروج عن مقاصد الشريعة.
وأضاف «الطيب»، أنه ليس في تهنئة أو تعزية المسيحيين أو اليهود من غير الصهاينة أو أي مسالم على وجه الأرض مخالفة لشريعة الإسلام.
وتابع، بأن الحجة في جواز تهنئة غير المسلمين قول الله تعالى «لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم إن تبروهم وتبسطوا إليهم إن الله يحب المبسطين»، مشددًا على أن هذه الآية الكريمة قاطعة في الرد على الذين يحرمون مصافحة المسيحيين، ذلك أن هذه الآية مع ما بعدها تقسمان غير المسلمين إلى من لا يحاربون المسلمين، وهؤلاء لا حرج على المسلمين أن يبرهم ويقسط إليهم، بل مطلوب منهم البر والقسط، والبر المذكور في الآية هو حسن المعاملة والإكرام والاقساط هو العدل بأوسع معانيه وهو ما ينطبق على التوازن في كل مواقف الإنسان مع غيره وتصرفاته إزاءه، أما من يحاربون المسلمين فهؤلاء هم الذين تحرم معاملتهم بالبر والإحسان.
وأشار، إلى أن هناك كثير من وجوه البر والتعاون بين المسلمين وأهل الكتاب وبخاصة المسيحيين منهم، مثل جواز أن يتصدق المسلم على المسيحي الفقير، وجواز إخراج زكاة المسلم إلى مسيحي أو يهودي، وجواز أن يوصي المسلم في ماله بعد وفاته لمسيحي.
الهجوم على شيخ الأزهر
بسبب هذه التهنئة تعرض فضيلة الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب لهجوم شديد على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقد استنكر الإعلامي عمرو أديب، الهجوم الذي تعرض له شيخ الأزهر بسبب معايدته للأقباط، "إيه اللي اتعمل في محمد صلاح وفي شيخ الأزهر هو ده معقول.. الكلمة الطيبة صدقة".
ورد الفنان عمرو يوسف على الانتقادات التي تعرض لها شيخ الأزهر، قائلا: "حتى شيخ الأزهر أحمد الطيب اتهاجم لما نزل بوست بيهني فيه إخواتنا المسيحيين، إحنا وصلنا لأنهي مرحلة، يؤسفني إن لغاية يومنا هذا وفيه حد بيقول لا يجوز إننا نهني المسيحيين، والموضوعين مش مفصلوين عن بعض".
وقال الدكتور عبد المنعم فؤاد، المشرف العام على الأروقة العلمية بالجامع الأزهر، إن الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف أكبر من أي مهاترات أو إساءات، وسيظل أكبر من هجوم المتطرفين عليه بسبب تهنئة المسيحيين بأعيادهم.
وأضاف فؤاد في تصريحات إعلامية، أن الإمام قلبه كبير جدا ويعلم علم اليقين أن هناك أعداء في أي مكان بالعالم للرموز، حتى الأنبياء لهم أعداء، دائما الإمام الأكبر لا يهمه إلا الاستقرار العام، والاستقرار المجتمعي والاستقرار النفسي.
وتابع: الإمام الأكبر يعلم المهمة التي حمَّله إياها رب العالمين والمجتمع، حيث يحدثنا دائما وأبدا ويحذرنا من الظلم والظلمات، ولم يرد على إساءة أبدا، ويذكرنا بأن الله سبحانه وتعالى مطلع علينا، وبالتالي يجب أن نجعل هجرتنا لله ورسوله، وهذه وصايا الإمام لنا.
وأكد الإعلامي إبراهيم عيسى، أن الآلاف انجرفوا لمعاندة الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، بعد تهنئته للإخوة المسيحيين بعيد الميلاد، قائلًا: ما يحدث حاليًا هو حصاد الشوك والتطرف والتسلف والسكوت على المتطرفين والتعامل معهم.
وأوضح الإعلامي إبراهيم عيسى، خلال تعليقه ببرنامج حديث القاهرة، أن ما نراه حاليًا هو حصاد صمت الدولة على كل أبواق السلفية في كل مناسبة والتي لا تزال منافذها الإعلامية الرسمية مفتوحة، مؤكدًا أن هناك اختطافًا لعقل المواطن المصري لصالح المتسلفين.
وتابع عيسى: المواطن المسيحي لا ينتظر التهنئة من أي جهادي أو متطرف، وهناك رغبة من المتطرفين في إذاعة مثل هذه الفتاوى وتأكيدها على الناس والإشارة إلى أنها مؤثرة على الناس لدرجة الفصام في المجتمع والانقسام، وأن معركة شيخ الأزهر تشير أننا في دولة المواطن وأن الدين لله والوطن للجميع، موجهًا رسالته لتيار الإسلام السلفي: جتكم ستين خيبة كنتوا نفعتوا نفسكم وأنتو عمالين تقعوا بقالكم ملايين السنين ومن سواد لسواد.
سلفيون يحرمون تهنئة غير المسلمين
موقف شيخ الأزهر من تهئة المسيحيين كان ضربة قوية لفتاوي التشدد والتطرف التي اطلقها بعض رمز التيار السلفي الفترة الماضية، والتي تحرم بشكل قاطع تهنئة الإخوة المسيحيين في أعياد الميلاد، ومن أبرز تلك الفتاوي:
كل عام يجدد الشيخ ياسر برهامي نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية فتواه بتحريم تهنئة الأقباط بأعياد الميلاد، والتي جاءت تحت عنوان "هل تهنئة النصارى بأعيادهم تدخل في البِرِّ والإقساط إليهم؟ ردا على سؤال نصه: "هل يجوز تهنئة غير المسلمين في أعيادهم؟ وما القول في الذين يدعون أن التهنئة من البر لهم؟
وأجاب "برهامى" على هذا السؤال بفتوى نصها: "فأعياد المشركين تتضمن تعظيمًا لعقائدهم الكفرية: كميلاد الرب وموته وصلبه -والعياذ بالله-، فتهنئتهم بها شر مِن التهنئة على الزنا وشرب الخمر، وأقل أحوالها التشبه بهم، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ) (رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني).
أما البر فهو: كإطعام الجائع، وكسوة العارى، وإعطائه هدية يتألف بها، وليس مِن ذلك إقرارهم على باطلهم، والعيد شريعة يشرعها الله، فمشاركتهم وتهنئتهم إقرارٌ بباطلهِم وتشريعهِم، وهذا مما لم يأذن به الله عز وجل".
ومن بين الفتاوي التي أطلقها التيار السلفي، والتي تحرم تهنئة المسيحيين بأعياد الميلاد، فتوى محمود لطفى عامر، الداعية السلفى، الذي أفتى بحرمانية تهنئة الأقباط فى أعياد الميلاد، معتبرًا من يقول بغير هذا الرأى آثم، مخالفًا بذلك كل فتاوى المؤسسات الدينية الرسمية فى هذا الشأن.
وقال "عامر" فى فتواه: "تهنئة النصارى بأعيادهم حرام حرام حرام، والإفتاء بالجواز أشد حرمة، لأننا فى دولة مسلمة توحد الله وتعبده وحده، وتحترم رسول الله رب العالمين وخاتم النبيين، ومن يفتى بغير ذلك وهو غير مكره فهو خائن لله ولرسوله وللمسلمين، بل خائن للنصارى أنفسهم، لأنه يضللهم ويريد هلاكهم وخلودهم فى النار"، على حد قوله.
وتابع الداعية السلفى، قائلًا: "من أظهر من المسلمين مظهرًا من مظاهر الاحتفال بأعياد النصارى، كشراء ما يسمى بشجرة الكريسماس، أو تبادل التهنئة بهذه المناسبات الشركية، ولو بين المسلمين وبعضهم، فهو آثم، والفتيا بجواز ذلك أشد إثمًا، يا موحدين استحوا واحترموا أنفسكم وعظّموا ربكم وقدّروا رسولكم والتزموا هديه تفلحوا، فتعلموا هديه ولا تأخذوا دينكم ممن باعوه بعرض من أعراض الدنيا"، زاعمًا أن من يفتى بغير ما يقوله يخالف صحيح الدين، ومستطردًا: "احذروا يا مسلمين من مشايخ وكتاب يقدمون لكم دينًا جديدًا، خليطًا ما بين التوحيد والتثليث والشرك والكفر والإيمان، يقدمون لكم إسلامًا بمفاهيم غير المسلمين، ويضللونكم بالربط بين هذا الحق المبين وبين الارهاب، إذ لا علاقة للإرهاب بما أقول".
دار الإفتاء والحكم الشرعي لتهنئة المسيحيين
وكانت دار الإفتاء قد تلقت سؤالا يقول فيه صاحبه: ما الحكم الشرعي في تهنئة المسيحيين بمناسبة أعيادهم، حيث إنهم يهنئوننا في أعيادنا إذا كنا نرغب في المعيشة بينهم في ود وسلام، علمًا بأن طائفة الأحباش ترفض هذا بإباءٍ وشمم، وتعتبر أن في ذلك ارتكابًا لمعصية كبيرة، حيث إن النهي في رأيهم عن ذلك واضح وصريح بالقرآن والسنة والإجماع، وأصدروا فتوى بهذا الشأن؛ ودليلهم على ذلك قوله تعالى: «وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا»؟.
وأجابت الدار بأنه لا مانع شرعًا من تهنئة غير المسلمين في أعيادهم ومناسباتهم، وليس في ذلك خروج عن الدين كما يدَّعي بعض المتشددين غير العارفين بتكامل النصوص الشرعية ومراعاة سياقاتها وأنها كالجملة الواحدة، وقد قَبِلَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم الهدية من غير المسلمين، وزار مرضاهم، وعاملهم، واستعان بهم في سلمه وحربه حيث لم يرَ منهم كيدًا، كل ذلك في ضوء تسامح المسلمين مع مخالفيهم في الاعتقاد، ولم يفرق المولى عز وجل بين من المسلم وغير المسلم في المجاملة وإلقاء التحية وردها؛ قال تعالى: «وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا»، النساء: 86، والتهنئة في الأعياد والمناسبات ما هي إلا نوع من التحية.
وتابعت الدار:أما ما استشهد به هؤلاء من قوله تعالى: «وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا»الفرقان: 72، على عدم تهنئة غير المسلمين بأعيادهم من نصارى ويهود: فإنما هي نظرة قاصرة للنص القرآني؛ حيث لم يرد ذلك صريحًا في الآية، بل هو اجتهاد في تفسيرها، وقد نقل فيه عدة آراء، فما بالهم يأخذون منها ما يوافق أهواءهم ويكفرون بغيرها.
وأوضحت الدار أن دعوى التشبه والموافقة على شعائر غير المسلمين: فالمنهي عنه شرعًا التشبه والموافقة في الأفعال والاعتقادات التي نهى الإسلام عنها أو خالفت شيئًا من ثوابته.