رئيس التحرير
خالد مهران

بالمزادات العلنية والأوامر المباشرة..

نسف 4 مليارات جنيه بسبب قرارات بيع أصول «الحديد والصلب المصرية»

شركة الحديد والصلب
شركة الحديد والصلب

كشف تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات، بشأن فحص القوائم المالية لشركة الحديد والصلب المصرية، عن المخطط الأسود لبيع أصول شركة الحديد والصلب المصرية في أسواق الخردة بعد صدور قرارات بتصفية الشركة وبيع منقولاتها وعقاراتها عبر المزادات العلنية والأوامر المباشرة.

وقال التقرير الرقابي، إن إجمالي الأصول والالتزامات بالشركة بلغت نحو 4 مليارات جنيه، وأن مديونيات الشركة لصالح شركات الكهرباء والغاز وصلت إلى 5.3 مليار جنيه، بخلاف إجمالي الخسائر التي وصلت لنحو 8.2 مليار جنيه.

وقررت الجمعية العمومية العادية وغير العادية للشركة، تصفية نشاطها بعد فصل نشاط المناجم والمحاجر في شركة مستقلة مملوكة لنفس المساهمين بنفس نسب مساهمتهم في الأم، وتم إدراج أسهم شركة الحديد والصلب للمناجم والمحاجر في البورصة المصرية، برأسمال مصدر 195.3 مليون جنيه موزعًا على 976.8 مليون سهم بقيمة اسمية قدرها 0.2 جنيه للسهم.

وقرر مجلس إدارة شركة الحديد والصلب المصرية، إغلاق أبواب الشركة ووقف حضور العمال في نفس اليوم، تمهيدًا لعملية التصفية، وأصدر المهندس محمد السعدواي مصطفى، العضو المنتدب التنفيذي للشركة القابضة للصناعات المعدنية، قرارًا بتكليف اللواء هشام نظمى سليمان فهمي بأعمال تصفية الشركة بدلًا من المحاسب مصطفى حسن محمود عمر.

وبررت الجمعية العمومية لشركة الحديد والصلب المصرية تصفية الشركة بتدنى كافة المؤشرات المالية والإنتاجية والاقتصادية للشركة وعدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها تجاه الغير وأهمها توفير أجور العاملين وتوفير مستلزمات الإنتاج والتشغيل الاقتصادي وتدهور اقتصاديات التشغيل والخلل في هيكلها المالي، مما أدى إلى تزايد خسائرها حتى وصلت لنحو 8.2 مليار جنيه والتي تمثل 547% من حقوق المساهمين مما يؤكد وجود شك جوهري في استمرار الشركة وعدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها سواء الحالية أو المستقبلية.

وأشار قرار الجمعية العمومية غير العادية للشركة إلى أن مهمة المصفي تمكن في تحصيل كافة حقوق الشركة لدى الغير وبيع مال الشركة منقولًا كان أو عقارًا بالمزاد العلني أو بأي طرق أخرى، لوفاء ما على الشركة من ديون، وبناء على هذا القرار فإن السيناريو الذي ينتظر الشركة هو السيناريو الأسوأ على الإطلاق لما ينتظرها من بيع أصولها ومعداتها وخطوط إنتاجها من خلال المزادات العلنية والأوامر المباشرة في أسواق الخردة، الأمر الذي يهدد بإهدار مليارات الجنيهات التي صرفتها الدولة على شراء آلات ومعدات هذا الكيان الاقتصادي العملاق، خاصة وأن تلك الآلات والمعدات سيتم بيعها بثمن بخس عبر المزادات العلنية والطرق الأخرى.

وفي السياق ذاته، أكد تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات، أن الشركة تعاني من عدم القدرة على سداد الالتزامات والمتطلبات المالية، وهو ما يظهر جليًا في تراكم المديونيات للموردين الرئيسيين للشركة والبالغة نحو 6 مليارات جنيه، تتمثل في مديونية لشركة الغاز بنحو 3.9 مليار جنيه، ومديونية لشركة الكهرباء بنحو 1.4 مليار جنيه، ومديونية لشركة الكوك بنحو 327 مليون جنيه، ومديونية لسكك حديد مصر بنحو 138 مليون جنيه، ومديونية لشركة القاهرة 140 مليون جنيه.

وأوضح التقرير، أنه استمرارًا لحالة التعثر المالي قامت الشركة بالحصول علي مبلغ نحو 302 مليون جنيه من الشركة القابضة للصناعات المعدنية، وذلك لتدبير مرتبات شهر نوفمبر وديسمبر ويناير وإبريل ومايو منحة للعاملين؛ نظرًا للعجز الشديد في السيولة النقدية، هذا ولم يتم موافاة الجهاز المركزي للمحاسبات بأية مستندات لما تم الإشارة إليه بخصوص سداد تلك المديونيات عن طريق نقل ملكية أراض مملوكة للشركة للدائنين وهو ما لم يتم حتى تاريخه.

وأضاف التقرير، أن توقف الإنتاج بصورة متكررة نتيجة تقادم الآلات والمعدات وعدم توافر الخامات اللازمة هو ما انعكس في نسبة الأعطال والتوقفات المرتفعة حتى بلغت نحو 94%، مما يعني أن نسبة استغلال الزمن المتاح بلغت 6% فقط، وكذلك عدم مطابقة معظم إنتاج الأفران العالية للمواصفات، حيث بلغت نسبة غير المطابق والمسلم للصلب نحو 81% من إنتاج الأفران هذا بخلاف المخلفات.

وأشار التقرير، إلى أن نتائج الأعمال عن المركز المالي لم تتضمن مبلغ بنحو 424 مليون جنيه، وهو ما يمثل الأثر المالي المترتب على البروتوكول الموقع مع أحد البنوك، والذي بموجبه تلتزم الشركة بدفع مبلغ 750 مليون جنيه تتمثل في جزء من أسهم الشركة المملوكة للشركة القابضة مقابل تنازل الشركة عن قطعتي أرض للشركة القابضة بمبلغ 375 مليون جنيه، والتنازل عن أراض ملك الشركة لصالح البنك بمبلغ 375 مليون جنيه، حيث سبق للشركة تكوين مخصص بنحو 326 مليون جنيه لمواجهة القضايا المرفوعة من البنك.

وذكر التقرير، أن تكلفة الأصول الثابتة بلغت نحو 3.512 مليار جنيه قيمتها الدفترية نحو 780 مليون جنيه بنسبة 22%، وتتضمن نحو 2.064 مليار جنيه أصول مهلكة ومازالت تستخدم في الإنتاج بنسبة 58% من تكلفة الأصول، وقد تبين أن الشركة لم تقم باتخاذ الإجراءات القانونية لتسجيل نحو 790 فدانًا بحوزة الشركة وضع يد بمنطقة التبين، ونحو 654 فدانًا وضع اليد لأرض الشركة بالواحات البحرية، كما لم تقم الشركة باتخاذ الإجراءات القانونية لتسجيل مساحة 45 فدانًا مشتراة من الشركة القومية للأسمنت وهي من ضمن الأراضي المملوكة للشركة ملكية خاصة، وقد أفاد المستشار القانوني للشركة بأنه تم تقديم طلب للحصول علي البيانات المساحية، وتم تحديد موعد للانتقال للرفع المساحي واصطحاب مهندس المساحة، لكن حتى تاريخه لم يتم موافاة الجهاز المركزي للمحاسبات بتقرير الرفع المساحي، مما يهدد بضياع 835 فدانًا من أراضي الشركة، وتجدر الإشارة إلى قيام الشركة بإسناد تسجيل الأرض لمكتب المحامي (علي محمد محمود) وتم سداد دفعة مقدمة له بمبلغ 80 ألف جنيه، ولم يتم موافاة جهاز المحاسبات بما انتهت إليه الإجراءات، الأمر الذي يهدد بضياع أراضي الشركة حال التصفية لعدم وجود مستندات ملكية لتلك الأراضي.

وبحسب التقرير، فإن قيمة ما أمكن حصره من المخزون الراكد من قطع غيار، والذي لم يتم الصرف أو الإضافة عليها لأكثر من 3 سنوات بلغت نحو 386 مليون جنيه، وكان يتعين حصر ودراسة جميع الرواكد بجميع مخازن الشركة، وسرعة التصرف الاقتصادي فيها في ظل عدم استخدامها طوال تلك السنوات بالشركة.

ولفت التقرير، إلى أنه تبين وجود حالة تلاعب وتزوير واختلاس المال العام من قبل رئيس قسم حسابات الاعتمادات المستندية ومنتدب مدير إدارة التمويل، وكاتب ثالث ومنتدب رئيس قسم الحسابات، حيث أصدروا شيكات لأقاربهم وذويهم دون وجه حق، حيث إنهم لا يمثلون موردين لأي ساع أو خدمات للشركة، حيث قاموا بالاستيلاء على مبالغ مالية بلغ ما أمكن حصره منها 3.294 مليون جنيه مقابل إصدار عدد 14 شيكًا، وهو يمثل ما تمكنت الشركة من اكتشافه.

وأوضح التقرير أن الاختلاس كان يتم عن طريق إصدار شيكات والحصول على توقيع المفوضين بالتوقيع عليها، ويقوم المتورط في ذلك بتسليم الشيك لأقاربه أو ذويه، وبعد ذلك يقوم بكتابة أن الشيك ملغي أو تزوير الشيك أو إلغائه وإرفاقه بدفتر الكعوب، ثم يقوم بالتلاعب في حوافظ إشعارات البنك وحوافظ الشيكات، وذلك لإظهار مطابقات البنك مضبوطة، هذا وقد قام (كاتب ثالث ومنتدب رئيس قسم حسابات الشيكات) بتوريد ما تحصل عليه أقاربه بمبلغ 62 ألف جنيه، وهو ما يُعد اعترافا بالتلاعب والتزوير والاختلاس. 

وأكد التقرير أن الشركة لم تقم بموافاة وتبليغ الجهاز المركزي للمحاسبات بتلك المخالفات المالية، واكتفت بالتحقيق الداخلي الذي لم ينتهي حتى تاريخه، وقامت بإبلاغ الرقابة الإدارية دون إبلاغ نيابة الأموال العامة، والغريب أن الموظفين مازالوا على رأس العمل بإدارة الشئون الإدارية بمصانع الشركة بالتبين، وكان يتعين على الشركة موافاة الجهاز بكافة المستندات المؤيدة والقرارات الصادرة إعمالًا في هذا الأمر لنص المادة رقم (15) من القانون رقم (144) لسنة 1988 والمعدل بالقانون رقم (157) لسنة 1998، والتي تقضي بأنه: «على رؤساء الجهات الخاضعة لرقابة الجهاز إبلاغه بوقائع الاختلاس أو السرقة أو التبديد أو الحريق أو الإهمال يوم اكتشافها، وعليهم أيضًا أن يوفوا الجهاز بالقرارات الصادرة  بشأنها فور صدورها».

 

 

مستند شركة الحديد والصلب المصرية 1
مستند شركة الحديد والصلب المصرية 2

 

مستند شركة الحديد والصلب المصرية 3