تحليل.. لماذا لم تنجح السعودية في الانتصار بحرب اليمن؟
استؤنفت مؤخرًا المحادثات بين المملكة العربية السعودية والمتمردين الحوثيين بعد الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة، والتي استمرت لمدة ستة أشهر، وانتهت في أوائل أكتوبر 2022، وفي حين يُفترض أن كلا الجانبين عازمان على التوصل إلى تسوية وسط وقف إطلاق نار غير رسمي، إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا فشل التدخل العسكري السعودي المتعمق في اليمن؟
في الواقع، سيطر الحوثيون الشيعة الزيديون على معظم البلاد الغرب المكتظ بالسكان، والشمال باستثناء محافظة مأرب، والعاصمة صنعاء، بغض النظر عن التفوق العسكري الساحق للسعوديين والمعدات الغربية المتقدمة.
الأهداف الاستراتيجية السعودية
منذ عام 2015، تقود المملكة تحالفًا من تسع دول عربية على أمل أنه إذا استمر المشروع العسكري لفترة كافية، يمكن أن يشعر المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران بالتعب والانهيار، ولكن الصراع انتج واحدة من أكثر الأزمات الإنسانية فظاعة في العقد الماضي، مما تسبب في انتشار المجاعة والأوبئة مثل الكوليرا.
وفي حين كان العام الماضي فترة هدوء نسبي وقدمت بعض الراحة لليمنيين، فلا يمكن توقع نفس الشيء لعام 2023 وعدم إحراز تقدم في المحادثات الحيوية قد يؤدي إلى انهيارها إلى أجل غير مسمى.
منذ بدايتها، لم تُظهر الحرب في اليمن أي علامات على التباطؤ، ويبدو أن التدخل العسكري السعودي، المدعوم بشكل واضح من الولايات المتحدة، قد وصل الآن إلى نقطة تحول، مع وجود احتمالات كبيرة ضد الوضع الراهن للرياض في شبه الجزيرة العربية.
وفي هذا السياق تعتبر محافظة المهرة الشرقية ذات قيمة إستراتيجية عالية للمملكة العربية السعودية لأنها توفر وصولًا مباشرًا إلى المحيط الهندي، وفي النهاية يمكنها تمديد خط أنابيب النفط من منطقتها الشرقية إلى بحر العرب.
وبهذه الطريقة يمكن للمملكة أن تتغلب على إيران وتقلل من اعتمادها على مضيق هرمز، الذي لا يزال عرضة للهجمات الإيرانية، في الوقت الذي تواصل فيه إيران، وإن كان بصعوبة، حاملة راية الفصائل الإقليمية والمنافس اللدود للعديد من الدول العربية الأخرى والعامل المحفز في الحرب الأهلية اليمنية.
ومع ذلك، فإن الأمر لا يتعلق بتدخل طهران في شؤون دولة أخرى بقدر ما يتعلق بسعي السعودية لتحقيق هدف بعيد المنال للسيطرة على مضيق باب المندب قبالة الساحل اليمني، وهو ممر مهم لشحن النفط يربط بين البحر الأحمر وخليج عدن.
لماذا فشلت السعودية؟
أدت الخلافات مع الإمارات العربية المتحدة ومصر حول المصالح الاستراتيجية إلى تضاؤل مصداقية الحرب بشكل أكبر، ويبدو أن استراتيجية الخروج للمملكة العربية السعودية، في مثل هذه الحالة، قد تطورت إلى نوع من التكتيكات الفابية، وتجنب المعارك الضارية والهجوم المباشر لصالح خصم من خلال حرب الاستنزاف والمراوغة. وقد استلزم ذلك استخدام الضربات الجوية والمواجهات المتفرقة لاستهداف خطوط إمداد العدو بدلًا من المخاطرة بالنفوذ العسكري بأكمله في هجمات واسعة النطاق لا تحقق الكثير، وتوقعت الرياض استنزاف المتمردين الحوثيين، ربما على أمل إضعاف قوات العدو مع اتباع سياسة الأرض المحروقة على طول الطريق، لكن هذا فشل في هزيمة المتمردين عسكريًا حتى الآن.
ومن الآن فصاعدًا، يمكن للمملكة العربية السعودية الآن أن تنظر في اتجاه عمان باعتبارها الوسيط الوحيد الموثوق به لإيجاد حل دائم للأزمة، وبينما أجرى الطرفان اليمنيان المتحاربان؛ الحوثيون والقوات التابعة للحكومة المعترف بها دوليًا، جولة من المحادثات تحت رعاية الأمم المتحدة لإنجاز وقف إطلاق النار في البلد الذي مزقته الحرب، ولكنها حتى الآن لم تسفر عن نتائج مرغوبة.