رئيس التحرير
خالد مهران

دار الإفتاء تصدر فتوى مهمة بخصوص الذكر الجماعي

النبأ

قالت دار الإفتاء إن الذِّكْر الجماعي مشروعٌ ولا شُبهة فيه، بل إنَّ غالب الآيات القرآنية التي أمرت بالذكر جاء الأمر الإلهي فيها بصيغة الجمع؛ كقوله تعالى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾ [البقرة: 152]، وكقوله: ﴿فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ﴾ [البقرة: 198]، وكقوله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ﴾ [الكهف: 28]، إلى غير ذلك من الآيات الكريمة.

وأوضحت دار الإفتاء عبر الفيسبوك مشروعية الاجتماع على ذِكر الله تعالى ودعائه، وبذلك تواترت الأحاديث النبوية الشريفة؛ فعن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما أنهما شهدا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «لا يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلا حَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَذَكَرَهُمُ الله فِيمَنْ عِنْدَهُ» رواه مسلم.

حكم الذكر والدعاء بغير المأثور في الصلاة، عن هذا الحكم، استقبلت دار الإفتاء المصرية، سؤال عن حكم الذكر والدعاء داخل الصلاة بألفاظ لم ترد في الكتاب والسنة؟ وهل يُعَدُّ ذلك بدعة؟

 

وأجابت دار الإفتاء، بأن المعتمد عند سائر المذاهب الفقهية المتبوعة أنه لا يشترط التقيد باللفظ المأثور من الدعاء أو الذكر في الصلاة؛ سواء منهم مَن قال بجواز الدعاء بأمور الدنيا ومَن قال بمنعه، وسواء مَن اشترط مناسبة الدعاء للوارد ومَن لم يشترط، وإن كان التقيد بالمأثور أَوْلَى إذا وافق ذكرُ اللسان حضورَ القلب.

 

حكم الذكر والدعاء بغير المأثور في الصلاة

 

وأشارت إلى أن هذا هو الذي عليه عمل الأمة سلفًا وخلفًا؛ حتى جرى مجرى الإجماع، وليس ذلك من البدعة في شيء، بل البدعة هي وصفه بالبدعة؛ لما فيه من تضييق ما وسَّعه الشرع، وظهور الأدلة من الكتاب والسنة وعمل السلف على جوازه.

وتابعت: اتفقت المذاهب الفقهية المتبوعة فيما هو المعتمد عندهم على أنه لا يشترط في الصلاة الالتزامُ بنصوص الدعاء الواردة في الكتاب والسنة، وأن ذلك ليس واجبًا ولا متعيَّنًا، وإن كان هو الأفضل إذا وافق ذكر اللسان حضور القلب، وأنه يجوز للمصلي أن يذكر ويدعو في صلاته بغير الوارد ممَّا يناسب الوارد ولا مخالفة فيه.

 

كما اتفقوا على أنّ كلّ ما لا يجوز الدعاء به خارج الصلاة لا يجوز الدعاء به داخلها، غير أنَّهم اختلفوا في موضوع الدعاء؛ هل يجوز أن يكون بما لا يناسب المأثور؟ وهل يجوز أن يكون بملاذّ الدنيا وشهواتها مما لا يُقصَد به القربة.

 

وذكرت أن الذي عليه جمهور الفقهاء؛ من المالكية والشافعية والحنابلة في قول: أنه يجوز للمسلم أن يدعو في صلاته بما شاء مِن حوائج الدنيا والآخرة، مع اتفاقهم على أفضلية الدعاء المأثور في الصلاة على غيره إذا فهم المصلي معناه، وكان حاضر القلب عند الدعاء به.

 

واستثنى الحنابلة في المعتمد عندهم الدعاءَ بغير القربة ممَّا يُقْصَد به ملاذُّ الدنيا وشهواتها بما يشبه كلام الآدميين وأمانيَّهم، وفي رواية عندهم: أنَّ ذلك يجوز، وأجازوا ما عدا ذلك ولو لم يُشبِه ما ورد.

 

واقتصر الحنفية على جواز الدعاء بما يناسب المأثور، دون ما يشبه كلام الناس؛ فلا يجوز الدعاء به عندهم وتفسد به الصلاة، والمأثور عندهم أعمّ من أن يكون مرفوعًا أو غير مرفوع.

 

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (2/ 321، ط. دار المعرفة) في شرح قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما يدعو به المصلي بعد التشهد «ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنَ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إِلَيْهِ فَيَدْعُو» "صحيح البخاري": [واستُدِلَّ به على جواز الدعاء في الصلاة بما اختار المصلي من أمر الدنيا والآخرة، قال ابن بطّال: خالف في ذلك النخعي، وطاوس، وأبو حنيفة؛ فقالوا: لا يدعو في الصلاة إلا بما يُوجَد في القرآن، كذا أطلق هو ومَن تبعه عن أبي حنيفة، والمعروف في كتب الحنفية: أنه لا يدعو في الصلاة إلا بما جاء في القرآن أو ثبت في الحديث، وعبارة بعضهم: ما كان مأثورًا، قال قائلهم: والمأثور أعمّ من أن يكون مرفوعًا أو غير مرفوع، لكن ظاهر حديث الباب يَرُدُّ عليهم، وكذا يَرُدُّ على قول ابن سيرين: لا يدعو في الصلاة إلا بأمر الآخرة، واستثنى بعض الشافعية ما يقبح من أمر الدنيا؛ فإن أراد الفاحش من اللفظ فمحتمل، وإلا فلا شك أنَّ الدعاء بالأمور المحرمة مطلقًا لا يجوز] اهـ.