على طريقة الشريعة الإسلامية..
خطة حكومة مصطفى مدبولى لسداد ديون مصر الخارجية
شهدت الأيام الماضية جدلا كبيرا داخل الشارع المصري وبين جنبات مجلس النواب اعتراضًا على قرار الحكومة المصرية بطرح صكوك إسلامية سيادية، تضمنها وزارة المالية بقيمة مليار ونصف المليار دولار للمرة الأولى في تاريخ البلاد.
ويكاد عائد تلك الصكوك أن يكون الأعلى عالميًا بنسبة 11%، وجاء الطرح المصري للصكوك لسداد التزامات مالية دولية -ديون مستحقة خلال الأسبوع الأخير من فبراير-.
وبحسب وزارة المالية، بلغت طلبات الاكتتاب نحو 6.1 مليار دولار، بما يعنى تجاوز قيمة الإصدار بأكثر من أربع مرات.
وأوضح محمد معيط وزير المالية، أن هذا الإصدار شهد إقبالًا ملحوظًا، مع تقدم أكثر من 250 مستثمرا بمختلف أسواق المال العالمية، بطلبات شراء.
ووصف «معيط» نتيجة الطرح بـ«الناجحة» في ضوء ظروف اقتصادية وسياسية عالمية مضطربة، فيما أرجع ارتفاع تكلفة التمويل إلى موجة تضخمية حادة.
واعتبر «الوزير» الذي تعدّ وزارته ضامنًا سياديًا لهذه الصكوك، النتيجة رسالة ثقة قوية من أسواق المال العالمية، والمستثمرين في الاقتصاد المصري ومستقبله، وقدرته على التعامل المرن مع التحديات الداخلية والخارجية.
وقال «معيط»، إن وزارته نجحت في إنشاء برنامج دولي لإصدارات الصكوك السيادية لعدة سنوات مقبلة بقيمة 5 مليارات دولار، وقد سجّل في بورصة لندن.
والصكوك الإسلامية السيادية في مصر هي أوراق مالية حكومية، قابلة للتداول، تصدر لمدة محددة، لا تزيد على ثلاثين عامًا، وتمثل حصصًا شائعة في حقوق منفعة الأصول.
وفي 18 أغسطس 2021، أصدرت مصر قانون الصكوك السيادية، الذي يستهدف جذب استثمارات في أدوات الدين المصرية والمشروعات، من المستثمرين والدول والصناديق السيادية التي تفضل المعاملات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية؛ ولا يستثمرون في أدوات الدين التقليدية.
وبموجب قانون الصكوك في مصر، تصدر الصكوك السيادية بصيغها الشرعية من خلال شركة التصكيك السيادي مع مراعاة تحديد الأصول التي ستتخذ أساسًا لإصدار هذه الصكوك السيادية.
من جانبه، أكد الدكتور محمد عبد المحسن الخبير الاقتصادي بجامعة الأزهر، أن الإقبال الكبير من قبل المستثمرين على الاستثمار في الصكوك الإسلامية التي طرحتها وزارة المالية، يرجع بالأساس لسعر الفائدة الكبير جدًا لهذه الصكوك، لا سيما وأن الصكوك الإسلامية دائمًا ما ترتبط بضمانة من المقترض تؤمن للمقرض حصوله على أمواله في كل الأحوال.
ويضيف أن هذا العائد مغر لأي مستثمر لأنه يضمن له الحصول على مستحقاته أو الجزء الأكبر منها في حال أي تعثر محتمل من قبل الحكومة على السداد.
ولفت «عبد المحسن» إلى أن أهمية الصكوك ترجع لكونها بدائل جديدة لتوفير التمويل اللازم للمشروعات الاستثمارية والتنموية المدرجة بالخطة الاقتصادية للموازنة العامة للدولة على نحو يتسق مع جهود الدولة في تعزيز أوجه الإنفاق على تحسين مستوى معيشة المواطنين، كما أنها تساعد فى استقطاب شريحة جديدة من المستثمرين العرب والأجانب خاصة من الدول الخليجية والآسيوية ممن يفضلون المعاملات المالية المتوافقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية، بما يساعد فى زيادة التدفقات النقدية الأجنبية المحلية والدولية.
وأضاف أن مصر استعدت لهذا الطرح بإصدار قانون الصكوك السيادية ولائحته التنفيذية لتوفير المظلة التشريعية اللازمة لاستحداث نوع جديد من الأوراق المالية الحكومية يتوافق مع مبادئ الشريعة الإسلامية، وذلك بالتعاون مع البنوك الرائدة في مجال التمويل الإسلامي وإصدارات الصكوك والاستعانة بمكاتب المحاماة المحلية والدولية، لتغطية كل النواحي الفنية والقانونية والتسويقية طبقًا للممارسات العالمية بما يتفق مع مبادئ الشريعة الإسلامية.
ومن جانبه، يرى الدكتور سعد معوض أستاذ الاقتصاد الإسلامي، أن نجاح وزارة المالية، في طرح أول إصدار من الصكوك الإسلامية السيادية في تاريخ مصر، بقيمة 1.5 مليار دولار يؤكد ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري، وأن هذه الخطوة المهمة تسهم في تعزيز ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري، حيث بلغ حد من قام بالشراء الصكوك الجديدة حوالي 250 مستثمرًا من مختلف أسواق المال العالمية.
وأوضح «معوض» أن طلبات الشراء على تلك الصكوك تجاوزت 4 أضعاف المستهدف، حيث أن الاقتصاد المصري بحاجة لضخ عملة أجنبية سواء عن طريق بيع أصول أو طرح في سوق الأوراق المالية أو بيع لمستثمر استراتيجي أو طرح صكوك وسندات.
ولفت الخبير الاقتصادي، إلى أن سوق الصكوك الإسلامية عالميًا وصل إلى 2 تريليون دولار وسنويًا يجتذب من 80-100 مليار دولار، ومعظم دول العالم تصدر هذه الصكوك وعلى رأسها إنجلترا.
وأشار إلى أن مصر تأخرت في تبني هذا المسار حتى تمكنت من إصدار التشريعات اللازمة له حديثًا، وأنه أحد وسائل الحكومات في تنويع مصادر التمويل.