اللواء رأفت الشرقاوي يكتب: هوج بول ومخاطر توظيف الأموال على الاقتصاد
واقعة هوج بول باتت الحديث السائد على السوشيال ميديا خلال الفترة الماضية، خاصة بعدما بعدما وجهت أجهزة وزارة الداخلية ضربة عاصفة وتمكنت من ضبط أفراد العصابة المكونة من 29 شخصًا منبيهم أجانب، لقيامهم بأعمال النصب والاحتيال على المواطنيين، والاستيلاء منهم على أموالهم بزعم تداولها فى نشاط العملات الرقمية غير المعترف بها من البنك المركزى المصرى.
تضرر المصريين من شركة هوج بول
جاء ذلك بناء على عدة بلاغات من المواطنيين لقطاع الجريمة المنظمة والأموال العامة - والإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات التابعين إلى وزارة الداخلية لتضررهم من قيام شركة هوج بول لتوظيف الأموال، وقيامهم بالنصب والاحتيال والاستيلاء على أموالهم بدعوى تشغيلها فى نشاط العملات الرقمية بمبالغ، وصلت إلى حوالى ١٩ مليون جنيه بخلاف العديد من المبالغ الأخرى التي استولوا عليها ولم يتقدم اصحابها ببلاغات حتى الآن.
ووفقا لقانون البنك المركزى المصرى رقم ١٩٤ لسنة ٢٠٢٠ فى مادته رقم ٢٠٦ - والذى ينص على عقوبة الحبس أو الغرامة التى قد تصل إلى عشر ملايين جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين لكل من خالف نص المادة المشار إليها، وتكون العقوبة الحبس والغرامة فى حالة العودة، حيث لا يجوز مباشرة هذا النشاط إلا بموافقة البنك المركزى المصرى، كما جرمت معظم البنوك المركزية لكافة دول العالم هذا نشاط التعامل بالعملات الرقمية.
وتبين أن عدد المتهمين فى قضية هوج بول وصل إلى (٢٩) شخصًا منهم (١٣) شخصًا يحملون جنسية دولة أجنبية، حيث اتخذوا عدد 2 فيلا بالقاهرة مقرًا لممارسة نشاطهم غير المشروع، كما أن المضبوطات التي ضبطتها أجهزة وزارة الداخلية تمثلت فى (٩٥ هاتف محمول - ٣٣٦٧ خط هاتف محمول - ٩ أجهزة مودم رسائل جماعية - ٧ اجهزة حاسب آلى - ٣٩ شاشة حاسب آلى ومشتملاتها - ٣ سيارات - ٤١ كارت ائتمانى لبنوك بالخارج - مبالغ مالية عملات محلية وأجنبية بلغت ٦٠٠ الف جنيه)، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، وتم العرض على النيابة العامة التى تولت مباشرة التحقيقات وأمرت بضبط باقى المتهمين.
وهنا تختلف جريمة شركات توظيف الأموال عن جريمة النصب، فإن الجريمة الأولى تقع وفقا للقانون رقم ١٤٦ لسنة ١٩٨٨، وتصل العقوبة فيها إلى السجن المشدد وغرامة ضعفى المبالغ المستولى عليها مع رد الأموال لأصحابها، فى حين أن الجريمة الثانية تخضع لقانون العقوبات المصرى رقم ٥٨ لسنة ١٩٣٧ فى مادته رقم (٣٢٦)، وتكون العقوبة فيها الحبس الذى قد يصل إلى ثلاث سنوات.
وهناك دلالات للعمل غير المشروع فى العملات الرقمية، تتمثل فى ارتفاع قيمة الفائدة التى يمنحها للعملاء ومضاعفة المبلغ فى حالة قيام العميل فى ترغيب أشخاص آخرين للمشاركة فى هذا النشاط وأن مباشرة النشاط فى هذة الشركات يكون من فترة وجيزة لكونها ترغب فى الاستيلاء على مبالغ المواطنيين والهرب بها.
كما أن هناك عدة وسائل لتلافى الوقوع فى براثن هذة الشركات؛ وهو الاستعلام من الجهات الآتية للتأكد من صحة الترخيص الصادر لها (البنك المركزى المصرى - مباحث الأموال العامة - سوق المال - الغرفة التجارية - هيئة الاستثمار).
ووضع البنك المركزى المصرى لكافة البنوك سياسة مالية لخدمة المواطنيين وخدمة الدولة بحيث يحقق الضمانات الكافية للحفاظ على أموال المودعيين وعدم الإخلال بالاقتصاد القومى للبلاد وقام برفع سعر الفائدة لتشجيع المواطنيين على عدم الاتجاه لهذة الشركات المشبوهة.
من أخطر الأمور التى تقع فيها الدول بسبب شركات توظيف الأموال غير المصرح بها هى اتصاف الاقتصاد القومى للدولة بغسل الأموال نتيجة عدم الحد من هذة الانشطة، إضافة إلى أحجام معظم دول العالم عن الاستثمار فى الدولة التى تدير هذه الأنشطة التى تسمى متحصلاتها بالأموال القذرة.
لكن الدولة المصرية لم تتوانى لحظة واحدة فى الحفاظ على الاقتصاد القومى أو على مصلحة المواطنيين، فالمحصلة فى النهاية تكمن في أن هولاء الأفراد ما هم إلا شعب هذة الدولة وتدور هى فى فلك الحفاظ على المواطنيين والاقتصاد القومى للبلاد، وهذا ما يمثل نجاح الدولة فى الحفاظ على طرفى المعادلة.
ندائي لكافة المواطنيين؛ لا تلقوا بأنفسكم إلى التهلكة، كفوا عن إيذاء أنفسكم وايذاء الدولة بعدم الانسياق وراء وهم الثراء السريع لانكم ستفقدون كل ما لديك فى هذة الأعمال غير المشروعة، حيث أن شركات توظيف الأموال هي أعمال مجرمة بالقانون، حيث تقع في الفخ، فلن يجدى الندم بعد فقد كل ما ادخرتة طوال عمرك ولن تجد سوى الألم والحسرة.
ختامًا، أود أن اتوجه بالتحية الواجبة إلى اللواء محمود توفيق وزير الداخلية ورجال وزارة الداخلية، الذين يقدمون أنفسهم فداء لهذا الوطن وحماية المواطنين، والحفاظ على الاقتصاد القومى للبلاد من خلال مواجهة هذة الأنشطة غير المشروعة.. حفظ الله مصر وشعبها وقائدها وجيشها ورجال أمنها وكافة المخلصين من أبناء هذا الوطن.