ذكرى وفاة شيخ الأزهر السابق.. محطات في حياة العالم المفسر محمد سيد طنطاوي
في مثل هذا اليوم العاشر من شهر مارس عام 2010، تعرض الدكتور محمد سيد طنطاوي، شيخ الأزهر، لازمة قلبية أثناء تواجده في مطار الملك خالد الدولي بالمملكة العربية السعودية.
وأسفرت الأزمة القلبية التي تعرض لها شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي، إلى وفاته في الأراضي المقدسة، وتم نقل جثمانه إلى المدينة المنورة، لأداء صلاة الجنازة عليه بالمسجد النبوي، ودفن جثمان الراحل في البقيع.
عاش الشيخ سيد طنطاوي، قرابة الـ 80 عاما، انشغل فيها بالقرآن الكريم وعمل على تفسيره، وترك للأجيال كتابه الماتع "الوسيط" الذي يفسر القرآن ويدرسه طلاب الأزهر الشريف، وعلقت أذان المصريين على سماع صوته في برنامجه الشهير "حديث الروح".
نشأة الشيخ طنطاوي
ولد الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور محمد سيد عطية طنطاوي، فيذكر أنه ولد بقرية سُلَيم الشرقية مركز طما بمحافظة سوهاج في 14 من جمادى الأولى لعام 1347هـ الموافق 28 من أكتوبر سنة 1928م، وقد كان الشيخ أكبر أخوته وشاءت الأقدار أن تموت أمه بعد ولادته بعدة أشهر؛ لتعتني به زوجة أبيه فأثرت في نفسه تأثيرًا عميقًا من حسن معاملتها له.
ومنذ مولد الشيخ.. وهبه أبوه لـ طلب العلم؛ فعمل على تحفيظه القرآن الكريم وتعليمه العلوم الأساسية بقريته، ليلتحق بعدها بمعهد الإسكندرية الأزهري فاجتاز منه الثانوية الأزهرية بتفوق، وقد كانت درجاته تسمح له الالتحاق بكلية اللغة العربية التي كانت لا تقبل في ذلك الوقت إلا أعلى الدرجات باعتبارها من كليات القمة، إلا أنه فضل الالتحاق بكلية أصول الدين، فتخرج فيها عام 1958م، ثم حصل على تخصص التدريس سنة 1959م، ثم حصل على الدكتوراه في التفسير والحديث بتقدير ممتاز سنة 1966م، وكان موضوعها: «بنو إسرائيل في القرآن والسنة».
بدأ حياته الوظيفية إمامًا وخطيبًا ومدرسًا بوزارة الأوقاف في عام 1960م، وفي سنة 1968م عُيِّن مدرسًا للتفسير والحديث بكلية أصول الدين ثم أصبح أستاذًا مساعدًا بكلية أصول الدين بأسيوط عام 1972م. ثم أعير إلى الجامعة الإسلامية بليبيا من سنة 1972م لمدة 4 أعوام؛ ليرجع منها عميدًا لكلية أصول الدين بأسيوط سنة 1976م، ثم اختير رئيسًا لقسم التفسير بالدراسات العليا بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة من سنة 1980م لمدة 5 أعوام. ثم رجع منها فصار عميدا لكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين سنة 1985م.
وبعدها بعام تم تعيين فضيلته مفتيًا للديار المصرية في 28 أكتوبر سنة 1986م، وظل في منصب الإفتاء قرابة عشر سنوات، أصدر خلالها ما يقرب من 7557 فتوى مسجلة بدار الإفتاء المصرية.
توليه مشيخة الأزهر
وفي 27 من مارس عام 1996 صدر القرار الجمهوري، بتولي فضيلته مشيخـة الأزهـر، خلفًا للإمام الأكبر الشيخ جاد الحق علي جاد الحق، فعمل بجد واجتهاد على تحديث الأزهر والنهوض به إداريًا وعلميًا وقاد جهودًا كبيرة في الحوار بين الشرق والغرب وترسيخ اللحمة الوطنية، واهتم اهتمامًا بالغًا بإنشاء المعاهد الأزهرية؛ لتزيد في عهده إلى أضعاف ما كانت عليه قبلها؛ فقد كان صاحب مقولة: «كلما ازداد بناء المعاهد الأزهرية، قل الشر والتطرف في المجتمع».
وعن الإنتاج العلمي للإمام الأكبر محمد سيد طنطاوي، يسرد الفيلم الوثائقي أن الشيخ أنتج إنتاجًا علميًا هائلًا أثرى به المكتبة العربية والإسلامية والأزهرية، يأتي على رأسها تفسيره الوسيط الذي كتبه الشيخ في أكثر من عشرة أعوام وجاء في خمسة عشر مجلدًا؛ فكان بحق من الروائع في التفسير؛ الذي امتاز بـ سهولة العرض وسلاسة الأسلوب، فانكب عليه طلاب العلم وعامة الناس ينهلون منه، وإلى جانب تفسيره الوسيط وكتابه «بنو إسرائيل في القرآن والسنة» اللذين ذاع صيتهما؛ ترك الشيخ إنتاجًا علميًا هائلًا امتاز بالعمق العلمي ومواكبة العصر، أبرزها:
القصة في القرآن الكريم
آداب الحوار في الإسلام
الاجتهاد في الأحكام الشرعية
مباحث في علوم القرآن الكريم
حديث القرآن عن الرجل والمرأة
العقيدة والأخلاق
الإشاعات الكاذبة وكيف حاربها الإسلام
المنهج القرآني في بناء المجتمع
وفاة الشيخ محمد سيد طنطاوي
وقد دفن الشيخ طنطاوي رحمه الله بالبقيع، يحكي الفيديو جانبًا من وفاة الشيخ بالقول: "بعد حياة حافلة بالعلم والعطاء أستاذًا ومفتيًا وشيخًا للأزهر، انتقل الشيخ إلى رحمة ربه صباح يوم الأربعاء العاشر من مارس عام 2010م؛ وذلك إثر إصابته بأزمة قلبية في مطار الملك خالد بالعاصمة السعودية الرياض؛ بينما كان يستعد للعودة إلى القاهرة بعد مشاركته حفل توزيع جوائز الملك فيصل العالمية، وتم نقل جثمان الشيخ إلى المدينة المنورة حيث صلي عليه صلاة الجنازة بالمسجد النبوي الشريف ثم دفن –رحمه الله- بالبقيع بالمدينة المنورة بجانب صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان لوفاته صدى عالميًا ونعاه العالم الإسلامي".