رئيس التحرير
خالد مهران

بعد تعميم لغة الإشارة بالمدارس.. مبادرات تطوير التعليم إلى أين؟

بعد تعميم لغة الإشارة
بعد تعميم لغة الإشارة بالمدارس.. تفاصيل مبادرات تطوير التعلي

«إعداد لوحات استرشادية لرموز لغة الإشارة الأكثر استخدامًا يصاحبها كود QR يظهر حركة الإشارة وسيتم تعميمها على جميع مدارس الجمهورية»، كان ذلك أحد تصريحات وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، الدكتور رضا حجازي، قبل أكثر من بضعة أيام، معلنًا البدء في مبادرة لرفع الوعي المجتمعي ونشر ثقافة لغة الإشارة، وترسيخ وسيلة التواصل مع الطلاب من ذوي الهمم من ذوي الإعاقة السمعية.

قرار «حجازي»، أعاد إلى الأذهان المبادرات التي تطلقها الوزارة بين الحين والآخر، في إطار تطوير المنظومة التعليمية -وفقًا لما تعلنه الوزارة- الأمر الذي أثار عدة تساؤلات بشأن أهم المبادرات التي أطلقتها الوزارة في الفترة الأخيرة، وما توصلت إليه تلك المبادرات..

 

قصة إطلاق 5 مبادرات من لجذب الطلاب إلى المدارس 

 

وزير التعليم: نعمل على بناء قدرات المعلمين المتخصصين فى لغة الإشارة بالاتفاق مع مبادرة «قادرون باختلاف»

تطبيق اليوم الرياضى بنسبة 25%؜ بالمدارس بالترم الأول لتصل إلى 75%؜ مع بداية الترم الثانى

 

إحصائية

5

قنوات فضائية خصصتها وزارة التربية والتعليم بالإضافة إلى 7 منصات مجانية لعرض المناهج الدراسية على الطلاب بالمجان.

 

 

لطالما دشَّنت وزارة التعليم، الكثير من المبادرات، على مدار السنوات الماضية، في سبيل تطوير المنظومة التعليمية، إلا أن معظمها لم يحالفها الحظ في استكمال مسيرة التطوير التي بدأتها رغم أهميتها؛ لعدم دراسة الإمكانيات المتاحة لتنفيذها حسب خبراء التربية وأولياء الأمور، فماذا عن أهم تلك المبادرات؟ وإلى أين وصلت؟

تعميم لغة الإشارة بالمدارس

23 فبراير الماضي، أعلن وزير التعليم، عن مبادرة لتعميم رموز الإشارة الأكثر استخدامًا في جميع المدارس على مستوى الجمهورية؛ مُضيفًا أن الوزارة تعمل على بناء قدرات المعلمين المتخصصين في لغة الإشارة، بالاتفاق مع مبادرة رفقاء «قادرون باختلاف» التي أطلقها رئيس الجمهورية، عبد الفتاح السيسي.

قبل يوم واحد من إعلان الوزير، عن تلك المبادرة، صرَّح بأن الوزارة تعمل على تطوير المناهج الرقمية للطلاب الصم والبكم؛ لمساعدتهم على التحصيل الدراسي، خلال لقائه، بمساعد رئيس مجلس إدارة شركة «ابدأ» لتنمية مشروعات الدولة المصرية، المهندس عبد الرحمن عمر، ومؤسس منصة وشركة «كلمني إشارة»، المهندس أحمد فتحي سليمان، لبحث سبل التعاون في هذا الشأن.

وأكد الدكتور رضا حجازي، أن الوزارة تضع الصم والبكم على رأس أولوياتها، وتتخذ كل الإجراءات اللازمة لتعليمهم وتهيئتهم؛ لتسهيل تعاملاتهم، مُشيرًا إلى أن المجتمع بات في حاجة مُلِّحة لتعلم لغة الإشارة كلغة نستطيع من خلالها سماع وفهم أبناء الوطن من الصم والبكم؛ وعليه تم إعداد نشرة بالإشارات الأكثر استخدامًا وتعميمها على جميع مدارس الجمهورية؛ لرفع الوعي المجتمعي ونشر ثقافة لغة الإشارة، وليترسخ في وجدان طلابنا أننا نسمعهم ونفهمهم، كما تعمل الوزارة على بناء قدرات المعلمين المتخصصين في لغة الإشارة.

إحياء المسرح المدرسي

27 ديسمبر الماضي، أعلنت الوزارة من خلال صفحة على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، تحمل اسم «مبادرة إحياء المسرح المدرسي والفنون بالمدارس المصرية»، عن انطلاق مبادرة لكشف مواهب الطلاب داخل المدارس تحمل ذلك الاسم.

وفي 8 يناير الماضي، دشَّن وزير التعليم، مبادرة «إحياء المسرح المدرسي والفنون بالمدارس المصرية»، بالتعاون مع وزارة الثقافة ومجموعة قنوات مدرستنا وشركة «المتحدة للخدمات الإعلامية»، كشريك إعلامي، في حضور وزيرة الثقافة نيفين الكيلاني، ووزير الشباب والرياضة، أشرف صبحي، ومحافظي القاهرة والجيزة.

وقبل إطلاق تلك المبادرة، خصصت وزارة التعليم، يومًا أسبوعيًا لممارسة الأنشطة الرياضية والفنية والثقافية؛ لمنح الفرصة لاكتشاف الموهوبين ورعايتهم بالتعاون مع الوزارات ذات الصلة وخاصة وزارة الثقافة ووزارة الشباب والرياضة، وعليه أطلقت الوزارة مبادرة «إحياء المسرح المدرسي»؛ لاكتشاف المواهب المختلفة بين طلاب المدارس في مجال الفنون والمسرح في مختلف أنحاء الجمهورية وذلك على مستوى كل مدرسة وكل إدارة وكل مديرية تعليمية.

وزير التربية والتعليم

مسرحية تقدر

وقبل إعلان الوزير تدشين المبادرة بيوم واحد، انطلق العرض المسرحي «تقدر» 7 يناير الماضي، واستمر على مدار يومين، في دار الأوبرا المصرية، ضمن فعاليات المبادرة، وشارك فيه 7 طلاب موهوبين من المدارس المصرية، بمشاركة عدد من الفنانين على رأسهم يسرا وحنان مطاوع ومحمد فراج وأسماء أبواليزيد ومحمد الشرنوبي وكارول سماحة، وأحمد الرفاعي وفريق بلاك تيما وكورال الشرق، والعرض من تأليف الدكتور مدحت العدل وإخراج بتول عرفة.

عدة قضايا ناقشها العرض المسرحي، من خلال الاستعراضات المسرحية التي جاءت فيه، على رأسها رفض التنمر ونبذ العنف والتعصب وزرع الثقة في نفوس الطلاب، كما تناول رحلة إلهام الطفل المصري من خلال ماضيه العريق وحاضره المتطور، لحثه على السعي لتحقيق حلمه، وذلك في حضور وزيرة الثقافة، نيفين الكيلاني ووزير التعليم، الدكتور رضا حجازي، وعدد من كبار المسؤولين والفنانين.

لم يكن العرض الغنائي المسرحي «تقدر»، الذي جاء ضمن مبادرة «إحياء المسرح المدرسي»، الهدف الوحيد الذي تسعى إليه وزارة التربية والتعليم من تعاونها مع وزارة الثقافة، لاسيَّما وأن الوزيرين اتفقا على تشكيل لجنة لدعم الموهوبين واكتشافهم ورعايتهم وإثراء الطلاب خلال العام الدراسي والعطلة الصيفية ودعم المسرح، باعتباره إحدى الدعائم الأساسية للنشاط المدرسي، وذلك في 6 يناير الماضي.

مسرحة المناهج الدراسية

نشر كتب الأطفال على منصات وزارة الثقافة وتحويلها إلى رسوم متحركة، وإذاعتها في قنوات مدرستنا، فضلًا عن إذاعة المواد الفيلمية والمصورة الخاصة بالأطفال والتي تنتجها وزارة الثقافة، وإطلاق مشروع مسرحة المناهج، جميعها موضوعات كان من المقرر أن تنفذ وفقًا للتعاون بين الوزارتين، من خلال لجنة تنسيقية من الجانبين، تم الاتفاق على تشكيلها.

ولما كان الكشف المواهب يتطلب معلمي أنشطة مؤهلين لإنجاز تلك المهمة، اتفقتا الوزارتان على إعداد حقيبة تدريبية مشتركة لتدريب فئة معلمي الأنشطة على اكتشاف المواهب، وإتاحتها لكافة الطلاب، بالإضافة إلى التعاون بين الوزارتين في تعزيز عدد مدرسي الأنشطة بالمدارس.

كما اتفقتا الوزارتان على تعزيز التعاون لافتتاح مدارس تكنولوجيا تطبيقية في مجال الفنون بمختلف المحافظات للموسيقى والسينما، بحث الوزيران تخصيص حافز فني على غرار الحافز الرياضي للطلبة الموهوبين الحاصلين على جوائز بمسابقات فنية عالمية ومحلية.

ممارسة المسرح تتم من خلال مسرحيات أو مسرحة المناهج، على مستوى جميع الصفوف لأنها تتم على مستوى المدرسة، على أن يمارس الطلاب نشاط المسرح ويتم اختيار فرق على مستوى المدرسة ويتم تأهيلهم ليكونوا فريقا على مستوى الإدارة ثم المديرية وتعرض هذه الأعمال فى القنوات ووسائل الإعلام المختلفة، حسب تصريحات وزير التربية والتعليم، في 18 يناير الماضي.

رغم الاتفاق على تلك الموضوعات، إلا أن التعاون لم يُثمر إلى الآن إلا عن مبادرة إحياء المسرح المدرسي، والتي لم تُثمر هي الأخرى سوى عن العرض الغنائي «تقدر»، ولكن الصفحة الرسمية الخاصة بالمبادرة على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، تنشر بين الحين والآخر بعضا من الأغاني التي جاءت بالعرض، ومنشورات تفاعلية تسأل فيها المتابعين عن رموز المسرح في مجالات التأليف والإخراج وغير ذلك.

تطبيق يوم الأنشطة

سبتمبر 2022، أعلن وزير التعليم عن تطبيق اليوم الرياضي والترفيهي، من خلال تخصيص يوم أسبوعيًا في المدارس للنشاط الرياضي والفني، بدءًا من العام الدراسي 2022-2023، على أن يتم تطبيقها في 25% من المدارس خلال الفصل الدراسي، وتزيد تدريجيًا.

هجوم كبير واجهته مبادرة تطبيق اليوم الرياضي والفني في المدارس، من المختصين وأولياء الأمور، فور الإعلان عنها، والذين أجمعوا على أن المدارس ليس لديها إمكانيات لتطبيق تلك المبادرة.

وفي 6 مارس الجاري، قال الوزير، إنه تم تطبيق اليوم الرياضي بنسبة 25%؜ بالمدارس بالفصل الدراسي الأول ثم وصل إلى 75%؜ مع بداية الفصل الدراسي الثاني، قائلا: «اليوم الرياضي مطلوب من كل طالب يمارس الرياضة لجذب الطلاب إلى المدارس مرة أخرى».

رقمنة التعليم

وقبل سنوات، بدأت وزارة التعليم في مبادرة التحول الرقمي في التعليم، وذلك انطلاقًا مبادرة «مصر الرقمية»، التي أطلقها رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي.

مبادرة وزارة التعليم؛ لرقمنة التعليم، تهدف إلى إقبال الطالب على التعلم والابتكار، وعليه استحدثت وظيفة نائب للوزير للتطوير التكنولوجى، فضلًا عن تدشين محتوى رقمي لجميع المناهج من الصف الرابع الابتدائي إلى الثانوية العامة بشراكة مع شركات أجنبية ومحلية، وفقًا لتصريحات وزير التعليم، الدكتور رضا حجازي، أثناء مشاركته في القمة العالمية للحكومات 2023، 14 فبراير الماضي، في دبي.

وشرعت الوزارة منذ انطلاق تجربتها التحول إلى التعلم الرقمي، في دمج التعليم الرقمي في البرنامج التعليمي، ومواكبة من خلال تدشين القنوات التعليمية والمنصات، وإجراء امتحانات إلكترونية لطلاب الثانوية العامة، من خلال التابلت الذي تم تسليمه للطلاب، فضلًا عن تخصيص حصص لمشاهدة القنوات التعليمية داخل المدارس، فضلًا عن تدريب المعلمين على برامج تأهيل وتنمية مهنية مستمرة من أجل الوصول إلى أهدافها في التحول الرقمي، حسبما أكد الوزير.

تلك الخطوات التي تحدث عنها الوزير، في سبيل، التحول الرقمي في التعليم، عانت من قصور شديد في التطبيق، لاسيَّما تجربة الامتحانات الإلكترونية من خلال منظومة التابلت، مما اضطر الوزارة إلى العودة إلى الامتحانات الورقية، ورغم التدريبات التي تعقدها الوزارة للمعلمين، إلا أن السواد الأعظم منهم، مازال يواجه مشكلات في العملية التعليمية الرقمية، بسبب سقوط السيستم الذي يتلقى من خلاله التدريبات.

منصات المناهج

أما عن المناهج الرقمية، فخصصت الوزارة أكثر منصة إلكترونية تبث من خلاها المناهج لجميع المراحل التعليمية، بعضها مجاني والآخر باشتراك رمزي، وتشمل المجانية منها، منصات «البث المباشر» و«ذاكر» و«إدمودو» و«بنك المعرفة المصري- منصة إدارة التعلم» ومكتبة E-books library«- كتب PDF»، تطبيق «اسأل معلم» مخصص للطلاب من الصف الثالث الإعدادي وحتى الثالث الثانوي العام، فضلًا عن قناة وزارة التربية والتعليم على موقع «يوتيوب»، والقنوات التعليمية الفضائية على التلفزيون والتي يبلغ عددها 5 فضائيات، بينما تشمل المنصات التي تحتاج إلى اشتراك، مكتبة «الدروس الإلكترونية» ومكتبة «E-books library Plus» كتبا تفاعلية بالصوت والحركة.

 

سر الاستعانة بتجربة الفنان محمد صبحي لتطوير المناهج 

 

أستاذ جامعى: الشطارة ليست فى إصدار القرار وإنما فى اتخاذه بناءً على قاعدة بيانات حقيقية

أستاذ تربية: الوزارة فشلت فى تطبيق يوم الأنشطة لاعتمادها على قاعدة بيانات غير حقيقية

تربوى: يجب تقييم المنصات التعليمية لبيان تحقيق هدفها أم أنها تحولت لـ«بيزنس»

«عبدالعزيز»: «لما تاخدوا قرار تعليمي للتطوير» لا بد أن يكون مبنيا على قاعدة بيانات

تربوى: مبادرة تعميم لغة الإشارة داخل المدارس ستؤدى إلى تشتيت تركيز الطالب

خبير تربوى: إدارة اكتشاف المواهب بوزارة التعليم حبر على ورق

«حمزة»: إحياء المسرح المدرسى فكرة قديمة جديدة.. وتطبيقها يعيدنا إلى دور المعلم فى اكتشاف المواهب

خبير تربوى: ليس كل مبادرة يعلن عنها الوزير منطقية.. وهناك قرارات لم يتم دراستها جيدًا

 

سيل المبادرات التعليمية، التي تطلقها وزارة التعليم، أثار حفيظة المختصين والتربويين، ومن قبلهم أولياء الأمور، ورأى كلاهما أن إطلاق المبادرات يحتاج إلى المزيد من الدراسة، للإمكانيات المتاحة لدى الوزارة، وفقًا لقاعدة بيانات حقيقية، من أجل إنجاحها، وعدم تحويلها إلى عبء على أولياء الأمور والطلاب، ولتجنب تشتيت الهدف الرئيسي من العملية التعليمية، وتشتيت تركيز الطلاب.

إعادة صياغة

«الشطارة مش في إصدار القرار، وإنما الشطارة أن يتم إصدار القرار بناءً على قاعدة بيانات حقيقية وواقعية، حتى يكون هناك مؤشر لنجاح القرار، ولتقييم المبادرات لا بد من تقييم كل مبادرة على حدةٍ»، بهذه الكلمات بدأ، أستاذ العلوم والتربية، بكلية التربية جامعة عين شمس، محمد عبد العزيز، حديثه مع «النبأ الوطني».

تقييم تلك المبادرات، لن يكون صحيحًا إلا في حالة تقييم كل مبادرة على حدةٍ، وعليه فإن مبادرة تعميم لغة الإشارة داخل المدارس، ستعمل على تشتيت الأصل من العملية التعليمية؛ لأنها ستؤدي إلى تشتيت تركيز الطالب عن الهدف الرئيسي في التعليم، لاسيَّما وأن التلاميذ مُثقلون بكم من المناهج غير طبيعي؛ لدرجة أن الحقيبة التي يحملونها تكون أثقل وزنًا منهم، حسبما يرى «عبد العزيز».

ويتساءل أستاذ العلوم والتربية، مستنكرًا، ما وجه الاستفادة من تعميم لغة الإشارة لطلاب المدارس، بحجة معرفة التعامل مع الأطفال الصم والبكم! ويرى أنه من المفترض أن تترك تلك الأمور للاختيار فيما بعد.

القرار يحتاج إعادة صياغة وإعادة دراسة، وأن توضح الوزارة المرحلة التعليمية التي تهدف إلى تطبيق تلك المبادرة عليها، مثلما قلنا في أول العام الدراسي سيتم تدعيم الأنشطة وسيكون هذا العام عام الأنشطة من خلال تطبيق يوم رياضي داخل المدارس، ثم تفاجأت في النهاية أن قاعدة البيانات التي تم الاعتماد عليها لتطبيق تلك المبادرة غير سليمة أو لم يكن من الأساس قاعدة بيانات وكانت النتيجة أن القرار لم يتم تنفيذه؛ لعدم امتلاكها أفنية مدرسية لتطبيق تلك المبادرة، كما لم تمتلك الوزارة أخصائيين أنشطة لتغطية أعداد الطلاب، كما لم تمتلك المدارس أدوات رياضية لاستخدامها، وفقًا للدكتور محمد عبد العزيز.

الدكتور محمد عبدالعزيز

إعادة نظر

ويعتقد أستاذ العلوم والتربية، محمد عبد العزيز، أن مسرحة المناهج التعليمية الذي تحدثت عنه وزارة التعليم، يحتاج إلى إعادة نظر، والإجابة عن عدة تساؤلات مهمة، على رأسها ما إذا كانت المناهج المتاحة صالحة ليتم مسرحتها، وهذا التساؤل يجب توجيهه للمختصين وخبراء المواد التعليمية داخل الوزارة أو مؤلفي المناهج، خصوصًا وأنه عند تأليف المناهج يتم تحديد استراتيجيات التدريس الخاصة به بناءً على الأهداف والصياغة العلمية للمنهج، والوقوف على ما إذا كان لدينا مؤلفون قادرون على تحويل تلك المناهج إلى مسرحيات من خلال كتاب سيناريو وحوار، وهل جميع المقررات تصلح لهذه المسألة أم تلك الأمور تقتصر على مواد اللغة العربية والتاريخ وحسب.

مسألة مسرحة المناهج، لا تكمن في أن نقول للطلاب عرف الذرة فيقوم بتعريفها مثلًا، ولكنها تحتاج أيضًا إلى أن يكون هناك مؤلفون لديهم قدرة على تحويل المناهج، وتطويع المادة التعليمية وتحويلها إلى شكل مسرحي، وكان لا بد أن يأخذ الوزير في اعتباره كل تلك الأمور، بالإضافة إلى وجود المناخ المسرحي من عدمه لتطبيق المبادرة، ومدى تعاون وزارة الثقافة مع الوزارة وهل تحتاج العملية إلى تمويل، وعليه فإن الموضوع أكبر من أن يكون قرارا دون إجراءات على أرض الواقع، فعندما يتم اتخاذ القرار يتم اتخاذه في شكل مشروع بمعنى تحديد الأهداف والآليات التي يتم تنفيذه من خلالها والوقوف على مدى نجاحه وعوامل فشله والتمويل، من وجهة نظر الدكتور محمد عبد العزيز.

عملية استثمارية

وبشأن مسألة رقمنة التعليم، تساءل «عبد العزيز»، كم منصة تابعة للوزارة موجود الآن، وهل تلك المنصات تم تقييمها بالفعل، لاسيَّما وأننا أطلقنا منصات تعليمية رقمية وأفلام وفيديوهات ودروس، فهل خرج بحث من خلال الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء والجهات المعنية عن تأثير تلك المنصات والمخرجات الخاصة بها، حققت هدفها من عدمه، أم أنها مجرد وسيلة أو أدوات للبيزنس، وهذه نقطة مهمة لا بد من التطرق إليها!

ويوضح أن العملية التعليمية، عملية استثمارية، يتم من خلالها استثمار الطلاب وأعمارهم؛ لتحقيق أهداف بعينها، والتي مازالت بها مشكلة، خصوصًا بعد فشل الوزارة في عمل امتحانات عن طريق التابلت، بدليل أن امتحانات الصفين الأول والثاني الثانويين يتم إجراؤها على مستوى المدارس وتعاني من مشكلات عدة، لم تعلن الوزارة عنها، وإلا لو نجحت في تجربة امتحانات الإلكترونية للصفين الأولين الثانويين كان يتم تطبيقها في الصف الثالث الثانوي، ولكنها لا يُمكنها المجازفة مع طلاب الشهادة الثانوية، وذلك لأنه في حال وقوع مشكلات سقوط السيستم خلال امتحان طلاب الصفين الأولين الثانويين، يمكن حلها من إنجاح الطلاب، أو إعادة الامتحان بطريقة أخرى، وهذا لا يصلح مع طلاب شهادة الثانوية العامة.

ويختتم «عبد العزيز» حديثه مع «النبأ الوطني»، بالتأكيد على أنه لا يهاجم قرارات الوزارة، في حال كانت في صالح العملية التعليمية، لاسيَّما وأن المناهج مازالت تعاني من عدة مشكلات والأزمات التعليمية تتفاقم، مُضيفًا أنه يجب البعد عن الشعارات الرنانة، خصوصًا وأننا عانينا لفترة أثناء تولي الدكتور طارق شوقي، من قرارات خاطئة كانت نتيجتها أننا لم نصل إلى شيء حتى الآن، قائلًا: «ما عندناش أي مشكلة إننا يكون عندنا أمل للتطوير، ولكن لما تاخدوا أي قرار تعليمي، في سبيل التطوير لا بد أن يكون مبنيا على قاعدة بيانات وفكر ورؤى يتم تطبيقها على الواقع وتنجح».

الدكتور مجدي حمزة

ميزانية ضخمة

«تنفيذ تلك المبادرات يحتاج إلى إعادة الطلاب إلى المدارس مرة أخرى، بعدما أصبحت شبه خاوية على مستوى كافة المراحل التعليمية»، بهذه الكلمات بدأ، الخبير التربوي، الدكتور مجدي حمزة حديثه مع «النبأ الوطني».

تعميم لغة الإشارة في جميع مدارس الجمهورية، يحتاج إلى ميزانية ضخمة، وهذا ما يجعل تعميمها داخل المدارس كافة، صعب للغاية، ولذلك من الممكن أن يتم اختيار عدد معين من المدارس وتطبيق المبادرة بها، وفي حال نجاحها يمكن تطبيقها بداخل المدارس كافة، حسبما يرى مجدي حمزة.

ويوضح الخبير التربوي، مجدي حمزة، أن تعيين مختصين لتعميم لغة الإشارة داخل المدارس، أحد البنود التي تتطلب ميزانية كبيرة، والتي لا تمتلكها الوزارة، وعليه لا بد أن يكون الكلام والقرارات منطقيا، وليس كل مبادرة أو قرار يعلن عنه الوزير نعتقد منطقيته، فهناك قرارات لم يتم دراستها بشكل كافٍ، وآليات تنفيذها على أرض الواقع ستكون صعبة لعدم وجود إمكانيات لها، وذلك برغم أن الفكرة جيدة.

فكرة قديمة جديدة

ويضيف أن فكرة إحياء المسرح المدرسي، قديمة جديدة، ومنذ قديم الأزل يتم الدعوة إليها مسرحة المناهج الدراسية، وتلك التجربة بدأها الفنان محمد صبحي، والتي يتم من خلالها تقديم المناهج في صورة تمثيلية وغنائية لتقريبها وتسهيلها للطلاب، وذلك يحتاج إلى البحث عن المناهج داخل مختلف المدارس المصرية، وهذا يُعيدنا إلى دور المدرسين القادرين على اكتشاف المواهب.

ويختتم «حمزة»، حديثه مع «النبأ الوطني»، أتمنى أن تُلاقي الفكرة قبولا كبيرا جدًا وأن يكون معلمو الأنشطة قادرين على اكتشاف مواهب الطلاب، وألا يتحولوا إلى أداة لطمسها وأن يتم اختيار المواهب في مختلف المجالات الموسيقية والفنية والرياضية وإلقاء الشعر والقصة والرواية والتأليف، قائلًا: "أتمنى أن تكون التجربة حقيقية وألا يكون تدريب المعلمين من أجل تلك المهمة، مجرد حبر على ورق، وألا يكون مجرد تدريب صوري وأن يكون تدريبا عمليا حقيقيا؛ لأن معظم التدريبات التي يحصل عليها المعلمون، لا تتعدى كونها تدريبات شكلية، لا تنتج عن الهدف المرجو منها، لاسيَّما وأن هناك إدارة تعليمية تسمى إدارة اكتشاف المواهب؛ ولكنها إدارة صورية وحبر على ورق أيضًا ولم تقم بتفعيل الأنشطة المدرسية".