عمران خان يشعل باكستان.. والقضاء يتدخل
تعيش باكستان منذ يومين ظروف سياسية مشتعلة، بعد محاولة قوات الأمن اعتقال رئيس الوزراء السابق عمران خان، لعدم مثوله أمام المحكمة بتهم فساد، منها عدم الكشف جميع الهدايا الدبلوماسية التي تلقاها خلال فترة حكمه، وكسب المال من خلال إعادة بيع بعضها.
وقد وقعت اشتباكات أمس الثلاثاء بين أنصار خان والشرطة في مدن رئيسية، بينها كراتشي وإسلام أباد وروالبندي وبيشاور وكويتا وأماكن أخرى في باكستان.
وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع على منزل خان حيث رد أنصار زعيم المعارضة البالغ من العمر 70 عامًا برشق قوات الأمن بالحجارة.
وغادر خان منزله في وقت مبكر من صباح أمس للقاء أنصاره، الذين واجهوا الغاز المسيل للدموع وهراوات الشرطة طوال الليل لإنقاذه من الاعتقال.،وقال إنه مستعد للتوجه إلى إسلام آباد يوم 18 مارس بموجب مذكرة توقيفه، لكن الشرطة لم تقبل العرض.
واستمرت المواجهة خارج المنزل، ثم ظهر خان أمام الكاميرات جالسًا أمام طاولة كبيرة، وعرض أكوامًا من قنابل الغاز المسيل للدموع المستخدمة الفارغة التي قال إنها جمعت من حول منزله.
من جانيه، قال محامي خان، حسن نيازي، إنه يخشى من محاولة اغتيال جديدة لموكله، بعد أشهر من إصابته بطلقات نارية خلال مشاركته في تظاهرات.
واليوم، أصدر قاض في محكمة لاهور العليا قرارًا يأمر فيه قوات الأمن بتعليق إجراءاتها لاعتقال رئيس الوزراء السابق عمران خان حتى الساعة العاشرة بالتوقيت المحلي من صباح يوم غد الخميس الموافق 16 مارس. وطلب قاضي المحكمة انتظار ما ستعلنه محكمة إسلام آباد العليا بشأن الالتماس الذي قدمه الفريق القانوني لعمران خان لإلغاء مذكرة الاعتقال ضده في ما يعرف بقضية الهدايا.
وكان خواجة حارس، محامي خان، وفريقه القانوني قد قدموا التماسًا للمحكمة العليا بإسلام أباد، لتعليق مذكرة التوقيف الخاصة برئيس الوزراء السابق.
يذكر أن عمران خان، أطيح في أبريل 2022 من خلال سحب الثقة لا يزال يحظى بشعبية كبيرة وله أنصار بالملايين.
رحلة عمران خان مع السياسة
- ولد عمران إكرام الله خان في نوفمبر/تشرين الثاني 1952 لأسرة متوسطة الحال في مدينة لاهور عاصمة محافظة البنجاب، ثاني أكبر ولاية باكستانية.
- وينحدر أصله من جهة والده المهندس المدني لقبيلة "نيازي شيرمان خان" البشتونية في مدينة ميانوالي. كما يضم نسبه من أمه نماذج ناجحة للاعبي الكريكيت، منهم جاويد بوركي، وماجد خان.
- نشأ خان مع 4 شقيقات، ووصف بأنه كان هادئا خجولا في شبابه.
- وعرف بكونه لاعبا وقائدا لفريق الكريكيت الباكستاني، إذ مارس هذه الرياضة منذ شبابه، وقاد فريقه للفوز في عدة مباريات محلية ودولية، قبل أن يعتزل عام 1992.
- تزوج من الناشطة الصحفية البريطانية جاميما غولدسميث، وهي يهودية الأصل لكنها أسلمت قبل زواجهما عام 1995، وأنجب منها ابنين قبل أن ينفصلا عام 2004 بسبب صعوبة تأقلمها مع الحياة السياسية لعمران، والاتهامات التي تعرض لها بسبب خلفيتها اليهودية.
- ثم تزوج عام 2005 من مذيعة "بي بي سي" (BBC) البريطانية باكستانية الأصل ريهام خان لعدة أشهر قبل أن يطلقها.
- ثم تزوج من بشرى بيبي عام 2018 وسط اتهامات بممارسة ضغوط على زوجها السابق، وإجباره على تطليقها، واتهامات لعمران خان بارتباطه بها قبل انتهاء العدة الشرعية.
- درس في كلية أيتشسون بلاهور، وانتقل إلى ورسيستر في بريطانيا والتحق بمدرسة القواعد الملكية لمتابعة دراسته العليا.
- ظهر تفوقه في لعبة الكريكيت وهو طالب بالمدرسة البريطانية، فانضم إلى فريق الكريكيت الباكستاني عام 1971، وقاد فريقه للفوز بأول كأس عالمية للكريكيت عام 1992.
- وعام 1972 التحق بكلية "كيبل" في أكسفورد لدراسة الفلسفة والسياسة والاقتصاد، وأنهى دراساته بالحصول على مرتبة الشرف الثانية في السياسة، والمرتبة الثالثة بالاقتصاد.
- ظهر تفوقه في لعبة الكريكيت وهو شاب، فانضم إلى فريق الكريكيت الباكستاني عام 1971، وشارك عام 1974 لأول مرة في المنافسات المعروفة ببطولة "اليوم الواحد العالمية" (ODI)، واختير على إثرها لاعبا في المنتخب الوطني الباكستاني.
- وفي عام 1982 عين قائدا لفريقه، وحقق في مباريات الاختبار (التيست) 14 فوزا من أصل 48، وحقق 77 فوزا من أصل 139 مباراة في بطولات "اليوم الواحد العالمية".
- ثم تعرض لكسر في الساق أبقاه بعيدا عن اللعب لعامين، وعاد عام 1987 وفاز بسلسلة مباريات الاختبار في الهند، وسلسلة مباريات الاختبار ببريطانيا.
- وقاد فريق بلاده إلى الفوز بكأس العالم عام 1992، واحتفل الباكستانيون به داخل البلاد وخارجها؛ وقد حاز جوائز محلية وآسيوية ودولية في اللعبة حتى بات رمز باكستان الأول في هذه الرياضة. واعتزل بعد ذلك في العام ذاته.
- وانتقل عمران خان إلى العمل السياسي بشكل فعلي عام 1996 عندما أسس حزب "حركة إنصاف" رافعا شعار "إنصاف، إنسانية، احترام الذات"، ولم ينجح في تجربته الانتخابية الأولى عام 1997 في حصوله على أي مقعد بالبرلمان.
- وشارك الحزب في الحراك السياسي الباكستاني الذي أنهى حكم الرئيس -قائد الجيش الباكستاني الأسبق- الجنرال برويز مشرف عام 2008، وارتفعت شعبية عمران خان وسط الشباب مع انطلاق موجات الربيع العربي وثوراته.
- عام 2000 أيّد مشرف ودعمه في استفتاء شعبي لتقلده منصب رئاسة الجمهورية، لكنه انتقده بقوة بعد ذلك بسبب ما سماه "التبعية" للإدارة الأميركية ورئيسها جورج بوش الابن.
- وفي انتخابات 2002 فاز عمران بمقعد واحد عن مدينة ميانوالي، ثم غاب عن البرلمان في الدورة التالية لمقاطعته الانتخابات.
- في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني 2007 وُضع خان قيد الإقامة الجبرية في منزل والده، إثر إعلان الرئيس مشرف حالة الطوارئ في باكستان وانخراط حزب "إنصاف" في عدد من المبادرات التي أطلقتها أحزاب المعارضة.
- هرب خان وانضم إلى حركة الطلاب المعارضة في جامعة البنجاب، حيث اعتقل بمقتضى قانون مكافحة الإرهاب وما لبث أن أفرج عنه، لكنه وضع من جديد قيد الإقامة الجبرية في حملة للرئيس السابق آصف علي زرداري على المعارضة عام 2009.
- إلا أن الانتخابات المحلية في إقليم خيبر عام 2013 شهدت قفزة كبيرة لحزب عمران خان بحصوله على 35 مقعدا بنسبة 16.9% من الأصوات، وبات الحزب الثالث في البلاد.
- أعلن خان اعتزامه التفاوض مع مسلحي حركة طالبان باكستان التي استثنت حزبه من الهجمات التي استهدفت تجمعات انتخابية خلال الحملة التي سبقت انتخابات 11 مايو/أيار 2013.
- وفي أغسطس/آب 2014 انسحب عمران من المفاوضات مع الحكومة الباكستانية التي جرت لإنهاء الأزمة السياسية في البلاد، وطالب أنصاره بالاعتصام في العاصمة إسلام آباد والخروج بمظاهرات احتجاجية في المدن ضد حكومة نواز شريف رئيس الوزراء الباكستاني وقتها.
- وخاض الحزب احتجاجات واعتصامات قوية في أغسطس/آب 2014 للمطالبة باستقالة حكومة نواز شريف احتجاجا على ما اعتبره المتظاهرون تزويرا لانتخابات 11 مايو/أيار 2013، وأوقف التفاوض مع الحكومة بعدما رفض البرلمان الباكستاني مطلبه.
- فاز عام 2018 "حزب إنصاف" بزعامة عمران خان في الانتخابات العامة، وتمكن بالتحالف مع 6 أحزاب ومستقلين من تشكيل الحكومة، وبذلك أصبح رئيس الوزراء الـ22 في تاريخ باكستان.
- في عام 2020 واجه عمران خان احتجاجات بعد وصفه لزعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن بالشهيد، وتعرض لانتقادات لتعاطفه مع طالبان، مما جعل معارضيه يصفونه بـ "طالبان خان".
- في التاسع من أبريل/نيسان 2022 صوت 174 نائبا في البرلمان الباكستاني من أصل 342 نائبا لصالح حجب الثقة عن حكومة عمران خان، في جلسة استمرت حوالي 14 ساعة، واستقال خلالها رئيس البرلمان ونائبه.
- قام عمران خان بعدها بحل البرلمان ودعا إلى انتخابات مبكرة، في محاولة للحفاظ على منصبه، لكن المحكمة العليا أصدرت قرارا باعتبار التدابير التي اتخذها باطلة وتخالف الدستور، وأمرت الجمعية الوطنية بالانعقاد والتصويت على حجب الثقة.