رئيس التحرير
خالد مهران

التقارب السعودي الإيراني.. معطيات ومتغيرات

الكاتب الصحفي ثائر
الكاتب الصحفي ثائر نوفل أبو عطيوي

بعد سبع سنوات من القطيعة الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وإيران، وضمن وساطة صينية، تم الإعلان الجمعة الماضية إعادة كل من الرياض وطهران فتح السفارات والتمثيل الدبلوماسي في غضون شهرين، والتقدم في تنفيذ الاتفاقيات الأمنية والاقتصادية التي كانت موقعة قبل أكثر من 20 عامًا.

يأتي التوافق السعودي الإيراني برعاية صينية في ظل معطيات عديدة، والتي من الممكن أن تؤدي إلى متغيرات ايجابية ملحوظة قد يشهدها محيط الشرق الأوسط، وهذا كله في ظل معطيات حالية من أهمها أن الاتفاق جاء بمثابة ضربة موجعة لدولة الاحتلال الاسرائيلي، التي كانت تسعى إلى تنفيذ مشروع التطبيع مع العربية السعودية  هذا من جهة، وفي ظل الغياب الملحوظ للإدارة الامريكية على مستوى الدبلوماسية الخارجية وعدم تفاعلها بشكل إيجابي ومستقيم مع القضايا العربية والشرق أوسطية هذا من جهة أخرى.

تراجع مسار التطبيع

وتوحي هذه الخطوة بأن المملكة العربية السعودية أصبحت مقتنعة أن التطبيع مع دولة الاحتلال الاسرائيلي لن يقدم أو يؤخر في وضع أسس البناء للتوصل لحل العديد من القضايا ذات الشأن العربي المشترك مع دولة الاحتلال، والتي على رأسها القضية الفلسطينية.

وفي نظرة متصلة حول التطبيع مع الاحتلال، أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة مساء الأحد عزمها عن وقف شراء أنظمة دفاعية من " إسرائيل" وهذا في أعقاب ما وصلت له الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، بسبب ممارسات الاحتلال، والاستمرار في عمليات القتل والاعتقالات والاستيطان والاجتياحات والمدان لمخيمات ومدن الضفة الغربية، في ظل تصريحات وتصرفات  ساسة وقادة  الحكومة اليمينة الإسرائيلية المتطرفة، التي عنوانها " غفير وسموتريتش".

وهنا يفتح التوافق السعودي الإيراني الكثير من التساؤلات من أجل المزيد من التوصل إلى عمق التفاهمات، عن طريق إحداث نقلة نوعية في العلاقات الثنائية، من الممكن أن تغير واقع الشرق الأوسط، وتجعل دولة الاحتلال الاسرائيلي والادارة الأمريكية الجديدة في حالة انحسار غير قابل لتمدد وتوسع العلاقات والانفراد في القرارات.

توقعات وتساؤلات

وهنا يبقى باب التساؤل مفتوحًا على مصراعيه، هل تراجعت المملكة العربية السعودية عن فكرة التطبيع الذي عن قاب قوسين أو أدنى مع دولة الاحتلال الاسرائيلي؟، في ظل أن الرياض أدركت أن التطبيع لن يجني أي ثمار ايجابية على الواقع العربي، هذا في ظل تعنت حكومة نتنياهو المتطرفة وممارساتها وقراراتها الجائرة ضد شعبنا الفلسطيني، ولن يكون مستقبلًا أي وجه استفادة ايجابية من التطبيع في ظل بقاء العقلية الاستعمارية الاسرائيلية كما هي والدعم المتواصل لها من الإدارات الأمريكية المتعاقبة؟

والتساؤل الآخر حول التحول المفاجئ في العلاقات السعودية الايرانية، هل يأتي ضمن العمل على تهدئة الأوضاع في اليمن ؟ ووقف حالة العداء " الحوثية " لدول الخليج.؟

وهل ستشهد المرحلة المقبلة انفتاحًا على العلاقات مع سوريا، ودخول موسكو على خط الحوارات والتفاهمات، من خلال العلاقة الروسية الصينية المتماسكة؟.


الملف الفلسطيني

وهنا يأتي الاكثر أهمية  من خلال المؤسسة الرسمية الفلسطينية " السلطة الفلسطينية" ومعها كافة الفصائل والأحزاب والفعاليات والشخصيات، من الاستفادة من التقارب السعودي الإيراني، في ظل عجز الحكومة الاسرائيلية المتطرفة التي يقودها "نتنياهو وبن غفير وسموتريتش" وصولًا إلى فشلها الواضح في إدارة وحل أزماتها الداخلية، التي أصبحت تتفاقم وتتصاعد، التي من الممكن أن تصل الأمور إلى سقوطها والذهاب لانتخابات إسرائيلية جديدة.

وجه الاستفادة الفلسطينية من التقارب السعودي الإيراني يتمثل في ضرورة اتخاذ خطوات جريئة ونوعية، والسير بخطوات موازية في نفس الاتجاه والتقارب بين الرياض وطهران، وهذا من خلال تكوين رؤية جدية فلسطينية عربية في استعادة الوحدة الفلسطينية أولًا، ومن ثم الضغط على حكومة الاحتلال عبر تفعيل العلاقات العربية الفلسطينية وفي إطار الدبلوماسية الدولية في محاصرة دولة الاحتلال وإجبارها ضمن رؤية فلسطينية عربية جامعة مشتركة بضرورة التوصل لحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية بشكل حقيقي وفاعل، يكون عنوانه لا بد من إنهاء احتلال هو الأطول في تاريخ الاستعمار العالمي، والقبول بقرارات الشرعية الدولية، التي تعترف بإقامة دولة فلسطينية.

الكاتب: صحفي فلسطيني