«حرب ودائع الصيانة»..
تفاصيل «معارك الحيتان» على شاليهات «بيلاجيو» بالعين السخنة
شهدت قرية بيلاجيو بالعين السخنة، كارثة كبيرة تهدد نحو 909 شاليهات بالدمار وتكبد الملاك خسائر مالية ضخمة، في ظل الخلافات القائمة الشركة السعودية العالمية للاستثمار السياحي المسئولة عن إدارة القرية وأعمال الصيانة وبين الجمعية التعاونية للبناء والإسكان للعاملين بالهيئة المصرية العامة للبترول والتي يمتلك أعضاؤها أكثر من 80% من شاليهات القرية.
ويرجع مصدر التهديد إلى قيام الشركة السعودية العالمية للاستثمار السياحي بأعمال صيانة غير مطابقة للمواصفات الفنية، فضلا عن اكتشاف هبوط أرضي حاد بعدد من الشاليهات بالرغم من تحصيلها مبالغ الصيانة وفروقها من الملاك عبر الجمعية التعاونية، الأمر الذي دفع الجمعية إلى رفع دعوى فرض الحراسة القضائية على القرية وتعيينها كحارس قضائي لها على أساس أنها تمتلك أكثر من 80% من الوحدات بالمشروع.
لكن هذا الاتجاه من مجلس إدارة الجمعية التعاونية لفرض الحراسة على القرية لم يكن أمرًا مريحًا لمعظم الملاك، خاصة هؤلاء الذين يرون أن الجمعية تريد بقاء الأزمات قائمة من أجل الاحتفاظ بوديعة الصيانة تحت يديها وتحصيل فروق الصيانة التي تزيد كل عام، ودفعها لشركة الإدارة، ثم الخروج بمكاسب وعمولات بشكل مستمر، دون أن تكون هناك حلول جذرية ترحم الملاك من فروق الصيانة وتحصيل الأموال المرتفعة كل عام، فكما يقول المثل الشهير «كلّ يغني على ليلاه»، فالشركة السعودية تريد بسط سيطرتها على إدارة القرية مدى الحياة، والجمعية التعاونية تريد البقاء في «نغنغة وديعة الصيانة»، أما الملاك فينتظرون الإفراج الإلهي لهذه الأزمة.
وبحسب المستندات التي حصلت «النبأ» على نسخة منها، فإن إرهاصات هذه الأزمة ظهرت عند قيام الجمعية التعاونية للبناء والإسكان للعاملين بالهيئة المصرية العامة للبترول، بشراء 909 شاليهات بقرية بيلاجيو بالعين السخنة المملوكة للشركة السعودية العالمية للاستثمار السياحي، وذلك لتخصيصها للعاملين لديها وأعضائها، لتستحوذ الجمعية بهذه الصفقة على نحو 80% من القرية الكائنة بمحافظة السويس قطاع العين السخنة السياحي بمركز شمال الزعفران، وقد تضمنت صفة الشراء ملكية الجمعية للأراضي المقام عليها تلك الشاليهات والمنافع المزود بها المنتجع شاملة الخدمات الأساسية من حدائق وحمامات سباحة وكاميرات وخلافة، بينما تركت الجمعية للشركة السعودية حق إدارتها للقرية، نظير أن تسدد الجمعية للشركة ربع وديعة الصيانة المدفوعة من الملاك بالإضافة إلى فروق الصيانة التي تطلبها الشركة.
المفاجأة أن الجمعية التعاونية للبناء والإسكان للعاملين بالهيئة المصرية العامة للبترول اتهمت الشركة السعودية العالمية للاستثمار السياحي بالفشل الذريع في إدارية قرية بيلاجيو، وارتكابها الكثير من التجاوزات والأخطاء في إدارة القرية لدرجة تجعل وجود خطر محدق على استثمارات أعضاء الجمعية الذين يمثلون الأغلبية المطلقة في ملكية الشاليهات المكونة لهذه القرية، بخلاف وجود نزاع مالي ناتج عن إدارة القرية بالأهواء الشخصية والإسراف غير المقبول من قبل الشركة السعودية على نحو يهدد مدخرات الأعضاء بالضياع، حسبما جاء بدعوى الحراسة المرفوعة من الجمعية ضد الشركة السعودية.
وقالت الجمعية التعاونية للبناء والإسكان للعاملين بالهيئة المصرية العامة للبترول في دعوى فرص الحراسة على قرية بيلاجيو: «إن أعضاء الجمعية العمومية كملاك لتلك الشاليهات اتخذوا قرارًا بتفويض الجمعية في اتخاذ ما تراه في إدارة القرية لصالح الأعضاء وبالوسائل التي تمكن الأعضاء من الانتفاع بتلك الشاليهات، حيث إن الجمعية تمتلك من 80% من وحدات القرية على المشاع بموجب الشراء من الشركة السعودية، وأن الشركة السعودية بالغت في التجاوزات التي تهدد خدمات القرية وأصولها بالضياع من جراء عدم إدارتها لتلك الأموال الثابتة والمنقولة بطريقة رشيدة تحقق صالح الأعضاء».
وأضافت الجمعية، أنها «أرسلت خطابًا للشركة السعودية تنذرها فيه بخطورة إدارتها لقرية بيلاجيو، لكن الشركة لم تحرك ساكنا لهذا الإنذار، بل تمادت في الإضرار بمصالح الأعضاء بما يمثل خطرًا عاجلًا يبرر لهم طلب وضع الوحدات المملوكة للجمعية بهذه القرية تحت الحراسة بالنسبة للوحدات المخصصة لهم بموجب عقود البيع المحررة».
وأشارت الجمعية إلى أنها استندت في رفع دعوى الحراسة على قرية بيلاجيو إلى المادتين (729) و(730) من القانون المدني، حيث إنه «يجوز للقضاء أن يأمر بالحراسة إذا كان صاحب المصلحة في منقول أو عقار قد تجمع لديه من الأسباب المعقولة ما يخشى معه خطرًا عاجلًا من بقاء المال تحت حائزه».
وأوضحت الجمعية في الدعوى «أنها تمتلك أغلب شاليهات القرية وما يخصها من أرض ومنافع مشتركة، وقد أساءت الشركة إدارة المال الشائع وإجحافها بحقوق الأعضاء فأصبح هناك خطر عاجل من ترك المال الشائع بيد الشركة، رغم سداد مبالغ مالية للشركة تتمثل في ربع وديعة الصيانة وفروق الصيانة من أموال الأعضاء ملاك الشاليهات».
وبحسب المستندات، فإن «الشركة السعودية ورطت نفسها في تفريغ حمامات السباحة داخل قرية بيلاجيو من المياه لمنع الملاك من الانتفاع بها، كما أنها امتنعت عن شحن كروت الكهرباء والمياه لهم، بالإضافة إلى قيامها بتهديد الملاك وإرهابهم بالبلطجية لإجبارهم على التنازل عن حقوقهم، الأمر الذي دفع الجمعية - باعتبارها مالكة لأكثر من 80% من وحدات المشروع وأن وديعة الصيانة تحت يدها- بالمطالبة بتعينها كحارس قضائي على القرية لمدة سنة تجدد، وذلك لتفادي الأضرار الناتجة عن إدارة الشركة للقرية وتعريض أصولها للخطر المحدق الذي سيؤدي إلى ضياع أموال الملاك الأعضاء في الجمعية».
وكشف خطب رسمي مرسل من الجمعية التعاونية للبناء والإسكان للعاملين بالهيئة المصرية العامة للبترول، إلى الشركة السعودية العالمية للاستثمار السياحي، يشير إلى أن تقرير اللجنة العشرية المكونة من مالكي الوحدات أثبت بالفعل سواء أعمال الصيانة التي تقوم بها الشركة وأعمال التشطيبات وعدم مطابقة تلك الأعمال للمواصفات الفنية والهندسية المقبولة.
وقال الخطاب: «إن تقرير اللجنة العشرية أكد أن الشركة تقوم بدهان وجهات بعض الشاليهات دون تنظيف للدهان القديم وتكحيت الأماكن المصابة، ودون معالجة الرطوبة التي أصابت الحوائط عن طريق معالجة أعمال الصرف المتهالكة التي يجب أن تتم قبل الشروع في أعمال الدهانات، الأمر الذي يمثل إهدارًا للمال العام؛ نظرًا لأن الدهانات المشار إليها لا ترعي درجات اللون ولا تستخدم معجون على الأماكن المتضررة بفعل العوامل الجوية والتي تستلزم معالجتها بالمعجون قبل الشروع في أعمال الدهانات، مما أظهر الوحدات بشكل أسوء مما كانت عليه طبقًا للصور المرفقة بتقرير اللجنة».
وأضاف الخطاب: «أن الشركة السعودية أسندت معالجة التشققات التي ظهرت بأرضيات حمامات السباحة لبعض العمال الذين قاموا بمعالجتها بأسمنت عادي لا يصلح لصيانة حمامات السباحة، مما قد يعرض حياة الملاك مستخدمي تلك الحمامات للخطر»، مؤكدًا على أن الجمعية تخلي مسئوليتها وتحمل الشركة المسئولية المدنية والجنائية في حالة إصابة أي مالك من المستخدمين لهذه الحمامات.
وأشار الخطاب إلى وجود شكوى مريرة من ملاك القرية بعدم اتخاذ ما يلزم لمكافحة الحشرات والقوارض التي أتلفت ممتلكاتهم الموجودة داخل الشاليهات؛ لعدم تنظيف البالوعات ورشها بالمواد الخاصة بالمكافحة، هذا بخلاف إخطار عدد من الملاك بوجود هبوط حاد في أرضيات شاليهات الدور الأرضي، وفقًا لتقارير صادرة من مهندسين استشاريين أجزمت بضرورة وسرعة معالجة أرضيات تلك الشاليهات بصبات خراسانية حتى لا يؤثر الأمر على كامل المبنى ويجعله مهددًا بالانهيار.
وأوضح الخطاب، أن «الشركة السعودية تتعنت في احترام قرارات الجمعية التي تمتلك أكثر من 80% من شاليهات القرية، كما تتعنت في احترام رغبة الملاك في تغيير شركة الإدارة التي تدير القرية وإصرارها على عدم الموافقة على تعيين شركة إدارة متخصصة، رغم قيام الجمعية والملاك بسداد فروق الصيانة التي طلبتها الشركة».
وطالب الخطاب الشركة السعودية بعدم استكمال أعمال الدهانات بالقرية لكونها غير مطابقة للمواصفات الهندسية المعمول بها، مؤكدًا أن الملاك لن يعترفوا بمصروفات هذه الأعمال غير المطابقة، كما طالب بحصر جميع الشاليهات المهددة بالانهيار والعمل على علاجها على عاتق الشركة لكونها لم تتم بالطريقة والمواصفات الهندسية المطلوبة، مع العمل فورًا على تكثيف أعمال مكافحة الحشرات والقوارض بمواد فعالة، وكذلك ضرورة تفعيل وحدة الإيجارات بالقرية، وإسناد صيانة حمامات السباحة إلى شركة متخصصة حتى يتم معالجة التشققات الواردة بتقرير اللجنة العشرية.
واختتم الخطاب، بأن ملاك القرية طالبوا الجمعية الممثلة بفسخ التعاقد مع الشركة السعودية بسبب سوء الإدارة، والعمل على إسناد الإدارة إلى شركة أخرى متخصصة يمكن مساءلتها، مع اتخاذ الإجراءات اللازمة لحفظ حقوق الملاك في الرجوع على الشركة بالتعويضات اللازمة، وعدم اعتماد مصروفات الصيانة غير المطابقة للمواصفات، وإخطار الجهات الرقابية في هذا الشأن.
وبالرغم من الإجراءات التي اتخذتها الجمعية التعاونية للبناء والإسكان للعاملين بالهيئة المصرية العامة للبترول اتجاه الشركة السعودية المسئولة عن إدارة قرية بيلاجيو، إلا أن عددا كبيرا من الملاك اعتبروا أن تحركات الجمعية مخيبة للآمال لعدم تغيير شيء مما يحدث على أرض الواقع، معتبرين أن مجلس إدارة الجمعية شريك أساسي فيما يحدث من تجاوزات داخل القرية ومستفيد مما يدور أيضًا، متهمين المجلس بالإهمال والتقصير، وعدم رغبته في تسليم وديعة الصيانة لاتحاد الشاغلين على مدار السنوات الماضية.
واتهم الملاك أيضًا الجمعية التعاونية بعدم اتخاذه أي إجراء فعال حيال الشركة السعودية والضغط عليها لمعالجة السلبيات التي تواجههم طوال الفترة الماضية، مشيرين إلى تقاضي رسوم إدارية بالرغم من أنها جمعية لا تهدف للربح، بخلاف أن جميع الشاليهات والفيلات المرتجعة تم إعادة بيعها بمعرفة مسئولي الجمعية بسعر جديد دون إثبات فروق الأسعار لصالح الجمعية.