مقابل 1000 جنيه لكل سيدة..
تفاصيل الخطة «B» لمواجهة الزيادة السكانية وضبط معدلات الإنجاب
لجأت الحكومة مؤخرًا لاتجاه جديد يتضمن منح حوافز مالية للأسر تشجيعًا لها على اتخاذ قرار عدم الإنجاب لأكثر طفلين، بما يصب في صالح محاولات الحكومة كخطة بديلة «B» لحل أزمة هذا الملف، الذي ظل مقتصرا لمدة طويلة على الحملات التوعوية والمبادرات لفترة طويلة في إطار جهود الدولة المستمرة لمواجهة الزيادة السكانية.
وأثار هذا التوجه الجديد للحكومة بشأن التعامل مع أزمة الزيادة السكانية، حالة من الجدل، خاصة فيما يتعلق بقيمة الحافز المادي المقرر بـ1000 جنيه سنويًا، والتي يعتبرها البعض بأنها قليلة وتحتاج لضرورة إعادة النظر بشأنها.
وأعلنت وزارة المالية، عن حوافز مادية جديدة في إطار التشجيع على تطبيق المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية من أجل ضبط معدلات الإنجاب وتقليل معدلات النمو السكاني في مصر.
ويهدف المشروع القومي لتنمية الأسرة، الذي الذي أطلقه الرئيس عبد الفتاح السيسي، في فبراير 2022، إلى تحسين جودة حياة المواطنين والارتقاء بها، من خلال مواجهة تحدي الزيادة السكانية التي تلتهم كل الإمكانيات المتاحة والخدمات المتوفرة للمواطنين.
ويعتبر برنامج الحوافز المادية بالمشروع، الذي أطلقته الحكومة، خطوة جادة لضبط النمو السكاني، من خلال تقديم دعم ثابت من وزارة المالية من إيرادات الدولة للمشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية.
وتقوم وزارة المالية وفقا للبرنامج بادخار مبلغ بقيمة 1000 جنيه سنويا لكل سيدة متزوجة لديها طفلان بحد أقصى، وتستحق المبلغ المتراكم لها ببلوغها سن 45 عاما، بشرط التزامها بجميع شروط المشروع والمتابعة الدورية.
ويسقط حق السيدات في المطالبة بأية مبالغ مالية في حال إنجابهن الطفل الثالث، حيث سيتم حساب المبلغ المتراكم والمستحق لكل سيدة متزوجة لديها طفلان على أساس سنها وقت الاشتراك في البرنامج، وفقًا لعدة محددات.
وتسمح وزارة التخطيط بالاشتراك بالمشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية للسيدات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 21 و45 عاما كحد أقصى، مع القيام بالمتابعة الدورية لالتزام السيدات بشروط المشروع، واتخاذ جميع الإجراءات اللازمة للتحقق من ذلك.
كما ستقوم وزارة المالية بإنشاء حساب لصالح المشروع القومي، ضمن حساب الخزانة الموحد، ويحمل رقما محددا ويسمى «حساب المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية»، ويصدر على هذا الحساب سندات أو وثائق حكومية بمستحقات السيدات الملتزمات بشروطه.
وفي أول تعليق، للبرلمان، أشادت النائبة مايسة عطوة، عضو مجلس النواب، بقرار وزير المالية بشأن إنشاء حساب لصالح المشروع القومي، ضمن حساب الخزانة الموحد، مؤكدة أن هذا القرار يؤدى إلى التغلب على الزيادة السكانية التي تلتهم الموارد المالية والاقتصادية للبلاد.
وأشارت عضو مجلس النواب، إلى أن هذا القرار يحقق المساواة بين المواطنين والعدالة الاجتماعية كونه جعل حوافز بشأن من يحافظ على الموارد البشرية لمصر ويعمل على تنظيم النسل كحل جاء في توقيت هام لحل الأزمة السكانية.
بدوره قال الدكتور مجدي خالد، المدير السابق لصندوق الأمم المتحدة للسكان، وعضو اللجنة الاستشارية العليا لتنظيم الأسرة والسكان، إن الفكرة الخاصة بإعطاء حوافز إيجابية للأسر باتفاقية معينة في حد ذاتها جيدة، مشيرًا إلى أنها ستحقق مردودها، باعتبارها بديلا جيدا للفئات الأكثر فقرًا والتي ترى في الإنجاب آلية للمساعدة في الإنفاق، وتحسين ظروفهم المعيشية عبر استخدام أطفالهم سواء في تشغيلهم في سن صغيرة، أو تزويجهم مبكرًا.
وانتقد «خالد» في تصريح خاص لـ«النبأ» قيمة المبلغ المحدد والمقرر بـ1000 جنيه سنويًا، لافتًا إلى أنه مبلغ متواضع، ويحتاج إلى إعادة نظر، متابعًا: «قد ترى الأسر أن هذا المبلغ لن يحل أزمتها المعيشية، خاصة أن هذا المبلغ قد تختلف قيمته الشرائية بعد مرور فترة من الوقت ولن يشكل فرقا كبيرا بمرور سنوات عن استرداده».
وتابع: «الفكرة ليست جديدة، فهناك دول وضعت حوافز عينية للأسر مشروطة مقابل خطط تنمية الأسرة بالإضافة إلى تنظيم الأسرة».
وشدد على أن هذا الحافز المادي لن يحل أزمة الزيادة السكانية منفردًا: «محدش يقدر يفكر في الحافز المادي كبديل للبرنامج القومي لتنظيم الأسرة فلا بد أن يسير كما هو بكل قواه بل وزيادته».
بدوره قال الدكتور عبد الرحمن طه، خبير الاقتصاديات الناشئة، إن أي دولة في العالم تقوم بهذه الإجراءات للحد من الزيادة السكانية، على غرار الصين والهند مع اختلاف الأرقام، مشيرًا إلى أن عدد السكان وفقًا لثروات مصر المحدودة يعتبر كبيرا جدًا.
وأضاف في تصريح خاص لـ«النبأ»: «الدولة لا تحارب فكرة الإنجاب لذاتها ولكن الزيادة السكانية ستتسبب في تحميل الدولة عبئًا إضافيًا على الموارد المتاحة».
وانتقد «طه»، ما يتردد حول قيمة الحافز، قائلًا: «الـ1000 جنيه ستتكبدها الدولة تعد كافية وفق إمكانياتها المتاحة»، مشيرًا إلى أن ثقافة المواطن التي تقوم على اعتبار الدولة كأم لم تعد صالحة في الوقت الحالي لأن الشخص لا بد وأن يكون عليه دور تجاه نفسه بدلًا من التعويل على الدولة وفي كل الحالات لن يعجب المواطنين أي رقم.
وتابع: «الأهم في الأمر أن الدولة أنشأت بندا ماليا، وحتما سيزيد مع مرور الوقت، في كل الأحوال فكرة جيدة وخارج الصندوق، وجديدة بعد فترات طويلة من التجريم والتحريم دون جدوى ولكنها تحتاج إلى تكاتف جميع الوزارات المعنية لتحقيق الهدف».