اعرف ما يجوز وما لا يجوز بين الزوجين في نهار رمضان
قالت دار الإفتاء، إن تقبيل الزوجة بقصد اللذة مكروهٌ للصائم عند جمهور الفقهاء؛ لِمَا قد يجر إليه من فساد الصوم، وتكون القبلة حرامًا إن غلب على ظنه أنه يُنْزِل بها، ولا يُكرَه التقبيل إن كان بغير قصد اللذة؛ كقصد الرحمة أو الوداع إلا إن كان الصائم لا يملك نفسه، فإن ملك نفسه فلا حرج عليه.
واستشهدت الإفتاء، في إجابتها عن سؤال: «حكم تقبيل الزوجة في نهار رمضان؟»، بما روي عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَلَكِنَّهُ أَمْلَكُكُمْ لِإِرْبِهِ" أخرجه مسلم في "صحيحه".
واستدلت أيضًا بما روي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: "أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ عَنْ الْمُبَاشَرَةِ لِلصَّائِمِ، فَرَخَّصَ لَهُ، وَأَتَاهُ آخَرُ فَسَأَلَهُ فَنَهَاهُ، فَإِذَا الَّذِي رَخَّصَ لَهُ شَيْخٌ، وَالَّذِي نَهَاهُ شَابٌّ" أخرجه أبو داود في "سننه".
ونقلت قول الإمام النووي في "المجموع شرح المهذب" (6/ 355): [قال المصنف: تُكْرَهُ الْقُبْلَةُ عَلَى مَنْ حَرَّكَتْ شَهْوَتَهُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَلَا تُكْرَهُ لِغَيْرِهِ، لَكِنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهَا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الشَّيْخِ وَالشَّابِّ فِي ذَلِكَ؛ فَالِاعْتِبَارُ بِتَحْرِيكِ الشَّهْوَةِ وَخَوْفِ الْإِنْزَالِ، فَإِنْ حَرَّكَتْ شَهْوَةَ شَابٍّ أَوْ شَيْخٍ قَوِيٍّ كُرِهَتْ، وَإِنْ لَمْ تُحَرِّكْهَا لِشَيْخٍ أَوْ شَابٍّ ضَعِيفٍ لَمْ تُكْرَهْ، وَالْأَوْلَى تَرْكُهَا، وَسَوَاءٌ قَبَّلَ الْخَدَّ أَوْ الْفَمَ أَوْ غَيْرَهُمَا، وَهَكَذَا الْمُبَاشَرَةُ بِالْيَدِ وَالْمُعَانَقَةُ لَهُمَا حُكْمُ الْقُبْلَةِ، ثُمَّ الْكَرَاهَةُ فِي حَقِّ مَنْ حَرَّكَتْ شهوته كراهة تحريم عند المنصف وشيخه القاضي أبى الطيب والعبدري وَغَيْرِهِمْ، وَقَالَ آخَرُونَ: كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ مَا لَمْ يُنْزِلْ، وَصَحَّحَهُ الْمُتَوَلِّي. قَالَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ: الْأَصَحُّ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ، وَإِذَا قَبَّلَ وَلَمْ يُنْزِلْ لَمْ يَبْطُلْ صَوْمُهُ بِلَا خِلَافٍ عِنْدَنَا، سَوَاءٌ قُلْنَا كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ أَوْ تَنْزِيهٍ.
حكم تقبيل الرجل لزوجته في نهار رمضان قد يكون حرامًا في حالة أنه غلب على الصائم أن ينزل بسبب القبلة، ولكن مع العلم أن حكم تقبيل الرجل لزوجته في نهار رمضان لا يكون مكروها إذا كان خاليًا من اللذة، مثل أن يقصد به الرجل الرحمة أو الوداع، مع شرط أن يستطيع الصائم أن يملك نفسه فهذا لا حرج منه، أما إن كان الراجل لا يستطيع أن يملك نفسه فعليه إلا يفعل.
حكم التقبيل في الفم للمتزوجين في نهار رمضان
حكم التقبيل في الفم للمتزوجين في نهار رمضان، في الإطار الخاص بتوضيح الحكم الشرعي في هذه المسألة، فقد جاء في السنة النبوية عن أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهما أنها قالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم، ويباشر وهو صائم، ولكنه أملككم لإربه) أخرجه الأمام مسلم في صحيحه، وكذلك ما ورد عن الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه: (أن رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن المباشرة للصائم، فرخص له، وأتاه آخر فسأله فنهاه، فإذا الذي رخص له شيخ، وإذا الذي نهاه شاب) أخرجه أبو داوود في سننه.
أيضا من الأدلة الواردة عن حكم التقبيل في الفم للمتزوجين في نهار رمضان، يقول الإمام النووي في كتاب "المجموع في شرح المهذب": (قال المصنف: تكره القبلة على من حركت شهوته وهو صائم، ولا تكره لغيره، لكن الأولى تركها، ولا فرق بين الشيخ والشاب في ذلك، فالاعتبار بتحريك الشهوة وخوف الإنزال، فإن حركت شهوة شاب أو شيخ قوي كرهت، وإن لم تحركها لشيخ أو شاب ضعيف لم تكره، والأولى تركها، وسواء قبل الخد أو الفم أو غيرهما، وهكذا المباشرة باليد والمعانقة لهما حكم القبلة، ثم الكراهة في حق من حركت شهوته كراهة التحريم عن المصنف وشيخه القاضي أبي الطيب والعبدري وغيرهم، وقال آخرون: كراهة تنزيه ما لم ينزل وصححه المتولي).
وفي حكم التقبيل في الفم للمتزوجين في نهار رمضان، قال الرافعي وغيره: الأصح كراهة تحريم، وإذا قبل ولم ينزل لم يبطل صومه بلا خلاف عندنا، سواء قلنا كراهة تحريم أو تنزيه، فرع في مذاهب العلماء في القبلة للصائم، ذكرنا أن مذهبنا كراهتها لمن حركت شهوته، ولا تكره لغيره، والأولى تركها، فإن قبل من تحرك شهوته ولم ينزل لم يبطل صيامه، قال ابن المنذر: رخص الله في القبلة عمر بن الخطاب، وابن عباس، وأبو هريرة، وعائشة، وعطاء، والشعبي، والحسن، وأحمد، وإسحق، قال: وكان سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه لا يرى المباشرة للصائم بأسًا).
حكم التقبيل في الفم للمتزوجين في نهار رمضان مع قصد اللذة يعد مكروهًا بإجماع جمهور الفقهاء، لما قد يتسبب فيه التقبيل من أن يسوق الرجل أن يفسد صيامه بسبب أنه قد يترتب عليه أن ينزل الرجل، فمن الأفضل أن يتجنبه ويبتعد عنه في نهار رمضان، ولكن يبقي الصيام صحيحًا إذا لم ينزل.
حكم التقبيل في الفم للمتزوجين في نهار رمضان صيامه صحيح، وكذلك لو لمسها أو نام معها نومًا عاديًا فكل هذه الأمور لا تضر ولا تفسد الصوم، استنادًا لحديث السيدة عائشة رضي الله عنها إنه ا قالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم ويباشر وهو صائم)، وسأله عمر عن ذلك إنه قبل امرأته فقال: هششت يومًا فقبلت امرأتي، قال: أرأيت لو تمضمضت؟ قال:...... قال: هكذا، فكما أن المضمضة لا تضر الصوم فهكذا القبلة إذا كان ما خرج منه شيء)، وفي حالة أن الرجل قبل زوجته وأنزل فقد فسد صيامه، أما إذا قبلها أو لمسها ولم ينزل منه شيء فهنا صيامه صحيح، أما إذا أنزل الرجل مذي فهذا لا حرج عليه فيه أيضا ولا يضره في شيء، لأن المذي لا يبطل الصيام، والمذي هو الماء اللزج الذي يخرج في حالة إثار الرجل شيء ويكون على طرف العضو الذكري وهذا لا يفسد الصيام، ولكن يبطل الصيام بالمني والذي هو الماء الغليظ الذي يتدفق بلذة بسبب الشهوة، فإذا كان الرجل يخاف سرعة خروج شهوته وإنزال المني فعليه أن يترك التقبيل.
والحاصل في حكم التقبيل في الفم للمتزوجين في نهار رمضان أنه إذا كان يخاف الإنزال عليه أن يترك التقبيل، أما إذا كان لا يخاف الإنزال لا خطر في التقبيل فلا حرج في ذلك والأولى في الحالتين ترك التقبيل، كما أنه لا حرج أن يقبل الرجل زوجته في نهار رمضان أو أن ينام إلى جانبها في الفراش أو أن يضمها إليه ولكن يجب أن يحذر وطأها، لأن الجماع محرم في نهار رمضان، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل زوجاته وهو صائم، وهو أكمل الناس إيمانًا صلى الله عليه وسلم وأفضلهم، كما استأذنه عمر رضي الله عنه فأذن له النبي صلى الله عليه وسلم.
حكم التقبيل في الفم للمتزوجين في نهار رمضان
حكم التقبيل في الفم للمتزوجين في نهار رمضان بالنسبة للرجل الشايب حينما استأذن النبي صلى الله عليه وسلم فأذن النبي له، ولم يأذن للشاب، والعلة في هذا أن يعض أهل العلم ذهبوا إلى أن الشاب شهوته أقوى، مع الأخذ في الاعتبار أن هذا الحديث ضعيف، ومع ذلك فالأحاديث الصحيحة في حكم التقبيل في الفم للمتزوجين في نهار رمضان تشير إلى أنه لا بأس من التقبيل مطلقًا، سواء كان الزوج رجل كبير أم شاب صغير، لكن ينبغي لهم أن يحذر كل منهم الجماع، ففي حالة كانت شهوته شديدة ويخاف أن يقبلها فيقع في الجماع بل يقبل لأنه في هذه الحالة يعد مكروهًا والأولى أن يحفظ نفسه من أن يرتكب أحد المحرمات والتي هي الجماع في نهار رمضان.
يجوز للزوج في حكم التقبيل في الفم للمتزوجين في نهار رمضان أن يقبل زوجته وهو صائم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل، لكن من كان سريع الشهوة ويخشى الإنزال كره له التقبيل، ففي حالة أن الرجل قبل زوجته وهو صائم وأنزل فإنه هنا يلزمه الإمساك وأن يقضي يوم بدلا عن هذا ولكن لا كفارة عليه وهذا متفق عليه أن جمهور الفقهاء، ويرى أهل العلم أيضا أن المذي لا يفسد الصوم، والأفضل على المسلم أن يحفظ بصره وجميع جوارحه عن الأشياء التي تفسد الصيام، فمن يتعمد رؤية زوجته في الحالات السابقة والتي تكون سببًا في تحريك شهوته، وإذا حصل منه إنزال بسبب ذلك لزمه القضاء والإمساك وفسد صومه.