روشتة نبوية لمواجهة أزمة ارتفاع الدولار وأسعار السلع الغذائية
يعيش المصريون أزمة اقتصادية حادة نتيجة ارتفاع الأسعار بشكل كبير، خاصة مع حلول شهر رمضان المعظم.
وتناقل نشطاء بعض الأحاديث التي نسبت للنبي -صلى الله عليه وسلم- لمواجهة غلاء الأسعار، فعن سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قَالَ النَّاسُ: «يَا رَسُولَ اللهِ غَلا السِّعْرُ؛ فَسَعِّرْ لَنَا»، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إنَّ اللهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ، الْقَابِضُ، الْبَاسِطُ، الرَّازِقُ؛ وَإِنِّي لأَرْجُو أَنْ أَلْقَى اللهَ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يُطَالِبُنِي بِمَظْلِمَةٍ مِنْ دَمٍ وَلا مَالٍ».
ومعنى هذا الحديث لفت نظر الصحابة إلى نسبة الأفعال حقيقةً إلى الله تعالى، كما في قوله -عز وجل-: «فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى» سورة الأنفال، فإنهم لَمّا اشتكَوْا للنبي صلى الله عليه وسلم غلاءَ السعر نبّههم على أن غلاء الأسعار ورخصها إنما هو بيد الله تعالى، وأرشدهم بذلك إلى التعلق بالله تعالى ودعائه.
كما دل الإمام الراحل الشيخ محمد متولي الشعراوي، على وسائل مواجهة غلاء المعيشة، فقد انتشر فيديو مسجل قديم له يتحدث فيه عن سبل مواجهة الغلاء من خلال تجارب الخلفاء الراشدين وعلماء المسلمين.
وأضاف «الشعراوي»، أن الرزق ينبغي أن يُلازمه عمل، مستشهدًا بقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لَوْ أَنَّكُمْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ، تَغْدُو خِمَاصًا، وَتَرُوحُ بِطَانًا»، حيث إن الظروف الاقتصادية لا تهم، وإنما الفيصل هو الخروج والسعي للرزق بالعمل، ومن ثم يحصل عليه الشخص، بغض النظر عن الظروف والأحوال التي تمر بها البلاد، فهذه ثوابت لا ينبغي إغفالها.
وأضاف أن السماء لا تنزل لمستوى الأرض ولكن الأرض هي ما ينبغي أن ترقى لمستوى السماء، مستدلًا بقوله تعالى: «قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ» الآية 151 من سورة الأنعام، فالله تعالى لا ينزل إلينا، حيث إن المُشرع لا ينزل بمنهج السماء إلى الأرض.
ونهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن التسعير حتى لا تباع السلع بأقل من ثمنها فينتشر الفقر، كما نهى عن احتكار السلع وتخزينها لبيعها بأكثر من ثمنها، وذلك لأن النبي إن أرخص السلع عن ثمنها الحقيقي يكون بذلك قد ظلم التجار، ولكن في المقابل أمر التجار أن يتقوا الله ويبروا ويصدقوا الناس بالبيع بألا يغلو عليهم السلع عن ثمنها أو يحتكرونها أو يمسكونها ليرتفع سعرها.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم للتجار: "يا معشر التجار، فرفعوا أعناقهم وأبصارهم إليه. فقال: "إن التجار يبعثون يوم القيامة فجارًا، إلا من اتقى الله وبر وصدق".
كما نبه النبي -صلى الله عليه وسلم- على خطر الاحتكار كسبب من أسباب الغلاء فقال: «من احتكر طعامًا أربعين ليلة فقد بري من اللَّه تعالى وبرئ اللَّه تعالى منه وأَيُّمَا أهل عَرْصَةٍ أصبح فيهم امرؤ جائع فقد برئت منهم ذمة اللَّه تعالى».
ويرى الشيخ سليم عبد العزيز الداعية بوزارة الأوقاف، أنه من أسباب رفع بلاء ارتفاع الأسعار، في وقت الأزمات والغلاء، العمل على التكافل بين الناس، وأن يقدم الأغنياء يد العون للفقراء، ولا يبخلوا عليهم، وأن يؤدي الأغنياء حقهم من الزكاة والصدقات التي تعين الفقراء والمحتاجين على أعباء الحياة والغلاء، فتحمي المجتمع والناس من الفقر والحاجة، كما أن إخراج الزكاة والصدقات سببًا للبركة ونشر الحب والترابط بين أفراد المجتمع.
وفي ذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له».
وأخبرنا النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: «ما نقص مال من صدقة»، فالإنسان مستخلف في الأرض في كل ما يملك يقول تعالى: ﴿وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ﴾، وقد أمرنا سبحانه وتعالى أن يؤدي حق الفقراء في أموالنا يقول تعالى: ﴿وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾.
كما يجب الرقابة على الأسواق، فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يراقب الأسواق بنفسه، وينهى عن الغش، واستمر على ذلك الخلفاء الراشدون، فقد مر عمر بن الخطاب رضي الله عنه بحاطب بن أبي بلتعة، وهو يبيع زبيبًا له بالسوق، فقال له عمر بن الخطاب: «إما أن تزيد في السعر، وإما أن ترفع من سوقنا».
وكان الصحابة إذا زادت الأسعار يرخصوا السلع باستبدالها بغيرها أو الامتناع عن شراءها.