الدكتور محمد حمزة يكتب: المؤرخ وأسطورة القرن 21.. البتراء مهد الإسلام
لسنا هنا بصدد كتابة مقال عن المجددين بكل قرن من القرون الفائتة مصداقا لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم؛ ولا عن نادي القرن تلك المشكلة التي آثارها ويثيرها رئيس نادي الزمالك؛ ولكنا هنا بصدد الحديث عن أسطورة جديدة بدأت تطفو على السطح ومسرح الأحداث منذ مطلع القرن الحالي وورائها جيش جرار من المستشرقين الجدد والعلماء والباحثين والاتباع والأنصار والمريدين والإعلاميين غربا وشرقا؛ فضلا عن الجهات الداعمة علميا وماليا واعلاميا؛ ولذلك اطلقتارعليها مصطلح اسطورة القرن 21م؛ وهذه الأسطورة تتعلق بصناعة تاريخ بديل للاسلام المبكرقبل عام132هجرية/750م من قبل المستشرقين الجدد في أوروبا وامريكا وأتباعهم وانصارهم وتلامذتهم من العرب الشرقيين ومن يروج لهم من الاعلاميين وهم المنشور صور عدد كبير منهم في هذا المقال؛؛ وفحوي هذه الأسطورة إن البتراء المسجلة على قائمة التراث العالمي بالأردن الشقيق هي مهد الإسلام وليست مكة المكرمة وبالتالي هي موطن الرسول صلى الله عليه وسلم وبها نزل القرآن الكريم ومن ثم يمكن استبدال القرآن المكي بالقرأن البتراوي؛ وفيها قبلة المسلمين فقد اثبت عبقري القرن؛ دان جبسون؛ في كتابه القبلات الأولى في الإسلام إن 11مسجدا من المساجد المبكرة في القرن1هجري/7م ومنها جامع عمرو بن العاص بمصر القديمة ( وهو اول مسجد في مصر وإفريقيا) كانت ناحية الشمال في البتراء وهذا خطأ علمي وجهل ووهم كبير ؛ فإذا كان هذا القول صحيحا فاين الكعبة والمسجد الحرام إذن؛؛؛ وإذا كانت الكعبة والمسجد في البتراء فمارهي حقيقة المسجد الأقصى ورحلة الإسراء والمعراج وتحويل القبلة في منتصف شعبان سنة2هجرية؛؛؛ فهل في هذه الحالة يصبح المسجد الأقصى أقصى زذا كانت الكعبة والمسجد الحرام في البتراء والمسافة بينهما قريبة ومعروفة للجميع؛؛؛ ولا في هذه الحالة علشان نحبك الموضوع نأخذ برأي يوسف زيدان القاذل بأن المسجد الأقصى هو مسجد الجعرانة بالطائف
بالسعودية؛ وفيرهذه الحالة يصبح مسجد الجعرانة أقصى بالنسبة لأي من المدينتين فلو بالنسبة للبتراء يبقي اوكيه أو أكو زي مابيقول حبايبنا في الخليج؛ اما بالنسبة لمكة يبقى مش اوكيه أو ماكو زي ما بيقول حبايبنا في الخليج برضه؛؛؛ وإذا كانت نظريات المستشرقون الجدد وانصارهم والمروجين لهم تعتمد على مقولة لا تاريخ دون أثار فأين هي تلك المصادر الدالة على صدق اسطورتهم ومايدعون إفكا وكذبا وتلفيقا؛؛؛ ومن الغريب المدهش والعجيب في ذات الوقت انهم يعتمدون على ايتين قرانيتين في إثبات ان البتراء هي مهد الإسلام وهي تلك الآية الكريمة الخاصة بقوم لوط (قري سدوم وعمورة بالأردن الشقيق) وهما رقم137 و138 من سورة الصافات وهي السورة
رقم37من سور القرأن الكريم ( وإنكم لتمرون عليهم مصبحين / وبالليل أفلا تعقلون) فبعد إن نجا الله لوطا عليه السلام وأهله أجمعين إلا عجوزا في الغابرين ثم دمر الله الآخرين وبقيت الأدلة المادية على ذلك والتي يمرون عليها صباحا مساءا؛؛ هؤلاء العباقرة اللي ماجبتهمش ولادة أو عقمت النساء عن ان يلدن أمثالهم يقولون ان هذه الآيات دليل على أن الإسلام نشأ في الشمال لإنه في هذه الحالة البتراء هي الأقرب لمحمد رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم وقومه إذ يستطيعون بكل يسر وسهولة ان يمروا على أثار قوم لوط في سدوم وعمورة صباحا ومساءا اما مكة فبعيدة اكثر من 1000كلم؛ وزذا كان الله سبحانه وتعالى قد ختم الآية الثانية رقم 138 بقوله (أفلا تعقلون) فنقول لهؤلاء واولئك أفلا تعقلون انتم ومن يتبعكم من اباليس الأنس؛؛؛ فإذا كان القرآن الكريم يفسر بعضه بعضا بحق فإن نظرياتكم ارائكم يهدم بعضها بعضا لأنها لم تقم على اي اساس علمي ولم تتبع المنهج العلمي السليم وإنما
إتبعت منهج التشكيك وإثارة الشبهات وزلزلة الثوابت ونشر الأكاذيب و إذاعة وبث الفتاوى غير المسبوقة وهذه كلها مناهج قصيرة العمر لاتستطيع إن تصمد طويلا أمام الأدلة والفحص والتحليل المقارن الدقيق وفق المنهج العلمي السليم والواقع التاريخي الثابت والمستقر منذ خمسة عشر قرنا من الزمان؛ والحق أحق ان يتبع والبينة على من ادعي؛؛؛ وامثال هؤلاء واولئك ينطبق عليهم قول القائل قبل العلم رأس الجهل وإنصرف والقائل تملأ الكوز غرفة من محيط فيرى الكوز أنه هو المحيط لأنهم ببساطة ليت لديهم النظرة الكلية الشاملة ولا الإلمام بكافة المصادر ومظانها المختلفة ولا الإلمام بالمنهج العلمي السليم وهو المنهج الذي إصطلحنا على تسميته بالمنهج النقدي التحليلي المقارن للمصادر المباشرة وغير المباشرة (الآثار والوثأئق والمصادر التاريخية) على السوأء؛ اما العشوائية والانتقائية لبعض الروايات والسر يأت والأخبار المبثوثة في المصادر فهذا ليس من العلم ومناهجه في شئ كماهو معروف وثابت
ومستقر عليه شرقا وغربا؛؛؛؛؛
بقلم:
الدكتور محمد حمزة أستاذ الحضارة الإسلامية وعميد آثار القاهرة سابقا