رئيس التحرير
خالد مهران

الدكتور محمد حمزة يكتب: الرد العلمي على زاهي حواس بخصوص تسمية لوحة مرنبتاح بالمتحف المصري

الدكتور محمد حمزة
الدكتور محمد حمزة

سبق أن قمنا بتصحيح اسم هذه اللوحة في محاضراتنا بكلية الآثار وفي برامجنا التليفزيونية منذ اوائل عقد التسعينات من القرن  20م المنصرم؛   ومع ذلك هناك إصرار عجيب من قبل البعض على السير عكس الاتجاه  ولا ندري العوامل الكامنة وراء ذلك؛؛؛ ام  ان الامر لا يعدو  سوي ركوب التريند أو تطبيق قاعدة  الخوالف أي خالف تعرف؛؛؛ ام خفايا واغراض أخرى غير معلنة أو معروفة  حتى الآن؛؛؛ وصاحبنا اليوم زاهي حواس ليس بحاجة إلى  التريند فهو  وقبعته أشهر من نار على علم؛ ولذلك لاندري لماذا يصر في كل مناسبة على القول بإنه لا يجب ربط الآثار

بالدين؛ وأنه لا يوجد دليل واحد على وجود بني إسرائيل في مصر إلا في لوحة مرنبتاح فقط ( ١٢٣٥_١٢٢٤ ق م 

تقريبا والنص  يرجع  إلى العام   الخامس  من حكمه) التي ورد فيها اسم إسرائيل، لكن هذا يندرج تحت

مصطلح (علم الآثار التوراتي) الذى فسرناه فى كتابنا وبرنامجنا المؤرخ؛ لأن أول من قرأ تلك الكلمة في السطر

27 من اللوحة هو (العالم فلندرزبتري المتوفى عام ١٩٤٢م) سنة 1895م وهو الذى أقحم بها كلمه (إسرائيل)

ومن وقتها أصبحت تعرف تلك اللوحة باسم لوحة الخروج أو لوحة إسرائيل، ولكن هذه اللوحة لا علاقة لها ببني إسرائيل ولم يرد فيها مطلقًا إسم (إسرائيل) طبقًا لأحدث الدراسات إنما هي كلمة (يسيرويارو) (يزريار) وهو سهل جزرائيل؛ والبعض من العلماء يربطها بشعوب البحر وهجراتهم سنة 1200ق.م. أما هذه اللوحة في الحقيقة فهى عبارة عن حملة تأديبية لحماية الأمن القومى المصرى فى الحدود الشرقية وفى الحدود الغربية، لذلك فلا بد أن يستبدل إسمها وتعرف بـ (اللوحة ذات النصين لأن على وجهها الأمامي منظر ونص من عهد آمنحتب الثالث وعلى ظهرها نص مرنبتاح وهو النص الاشهر) أو (لوحة مرنبتاح) بدلا من لوحة بنى إسرائيل آو لوحة الخروج خاصةً أنه سوف يتم عرضها فى المتحف المصرى الكبير، وهى من ضمن موضوعات  علم الآثار التوراتى ودوره فى تزييف التاريخ

المصرى القديم ناهيك عن حروب الجيل الرابع والدعاية اليهودية والصهيونية الضخمة له. ومن العجيب أن د/حواس رغم نفيه لوجود أي دليل يربط بين الدين والتاريخ المصري القديم؛ إلا أننا نجده يقدم للعديد من الكتب التي تتناول فكرة الديانات السماوية والموحدين في مصر القديمة وحول ذرية إبراهيم وغيرها من الكتب المتعلقة بالأنبياء الذين ورد ذكرهم في الكتاب المقدس والقرآن، مع أنه لا توجد أدلة عن التاريخ الحقيقي لهؤلاء الأنبياء فكلها محض

تخمينات وترجيحات (راجع الحلقة فى هذا الجزء تحديدًا عرضت صور للكثير من الكتب التى قدم لطبعتها

د/زاهى حواس حول هذه الموضوعات).  فمثلًا نرى أن الدراسات اليهودية تذكر أن بنى إسرائيل مكثوا في مصر نحو 430 عامًا مع أننا نجد أن الدراسات والكشوفات الأثرية الحديثة تثبت إستحالة مكوثهم في مصر ما يزيد عن الـ200 عام، وأحدث دراسة فى هذا الموضوع "مصر وكنعان وإسرائيل فى العصور القديمة" لـ دونالد ريدفورد وهو مترجم للعربية وبه تصحيح للكثير من الأخطاء الورادة فى العهد القديم، وهناك دراسات كثيرة عن التناقضات فى التوراة والمحذوف منها كما ذكرنا فى  كتابنا المؤرخ. 

الخلاصة في هذا الموضوع أنه لا بد من إعادة كتابة تاريخ مصر على نحو صحيح وتشكيل مجلس أعلى من العلماء والمتخصصين من المصريين والأجانب لإعادة صياغة تاريخ مصر؛ للقضاء على الخرافات المنتشرة التي أدلى بها علماء الآثار التوراتيون وحروب الجيل الرابع، والحمد لله تزخر جامعاتنا المصرية بالكثير من علماء الآثار والتاريخ

الثقات، فضلًا عن أن علم الآثار حاليًا يستخدم التقنيات الحديثة ويجمع بين القديم والجديد. أما عن القصص القرآني فخير كتاب عن هذا القصص كتاب الإمام د/محمد سيد طنطاوي "القصة في القرآن الكريم" فقد إلتزم في قصص الأنبياء وسردها على ما ورد في القرآن الكريم فقط وجنب هذا الكتاب الإسرائيليات، وكما قال إسرائيل فنكلشتاين "يجب تحرير علم الآثار من سطوة النص التوراتى" فأنا أقول أنه "يجب تحرير التراث الإسلامي بصفة عامة والتراث المصري بصفة خاصة من سطوة الإسرائيليات" ومن  اتباع علم الآثار التوراتي والدراسات الكتابية ومنظمة الافرو سنترك ومن أدعياء   العلم وركوب التريند والوجوه المكررة في الإعلام  وعلى زأسهم د وسيم  السيسي استاذ جراحة المسالك البولية وغيره ومن يروج لهم من الاعلاميين.

بقلم:

الدكتور محمد حمزة أستاذ الحضارة الإسلامية وعميد آثار القاهرة سابقا