بالمخالفة للدستور..
تأخير صرف تعويضات نزع الملكية يشعل الأزمة بين الحكومة والبرلمان
أثار ملف تعويضات نزع الملكية خلال الفترة الأخيرة، جدلًا واسعًا بين نواب البرلمان والحكومة، وذلك بعد ورود شكاوى من المواطنين بشأن تأخير صرفها، وقيمتها المتردية خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المواطنون.
وتقدم عدد من النواب بطلبات إحاطة، بشأن مخالفة هذه الإجراءات للقانون، وعلى الرغم من قرار لجنة الإدارة المحلية من إصدار قرار بتشكيل لجنة الإدارة المحلية، إلا أنه حتى الآن لم يتم تفعيله رغم مرور أكثر من شهر على صدوره.
ويتضمن قانون نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة، ضوابط وآليات نزع العقارات، للمنفعة العامة، نظير منح ذوي الشأن تعويضا مقابل عدم الانتفاع بالعقار من تاريخ الاستيلاء الفعلي عليه.
ونص القانون على أنه يكون للجهة طالبة نزع الملكية، الاستيلاء بطريق التنفيذ المباشر على العقارات التي تقرر لزومها للمنفعة العامة، وذلك بقرار من رئيس الجمهورية أو من يفوضه، ينشر فى الجريدة الرسمية ويشمل بيانا إجماليا بالعقار واسم المالك الظاهر مع الإشارة إلى القرار الصادر بتقرير المنفعة العامة.
ويتم تقدير التعويض عن عدم الانتفاع بمعرفة اللجنة المنصوص عليها فى المادة (٦) من هذا القانون خلال شهر من تاريخ الاستيلاء، وتقوم الجهة القائمة بإجراءات نزع الملكية بإعلان ذى الشأن بذلك، وله خلال 30 يومًا من تاريخ إعلانه بقيمة التعويض حق الطعن على هذا التقدير على النحو المبين بالمادة (٩) من هذا القانون، ولا يجوز إزالة المنشآت أو المباني إلا بعد انتهاء الإجراءات الخاصة بتقدير قيمة التعويضات تقديرًا نهائيًا.
وطبقا للقانون، يكون حصر وتحديد العقارات والمنشآت التى تقرر لزومها للمنفعة العامة بواسطة لجنة مؤلفة من مندوب الجهة القائمة بإجراءات نزع الملكية ومن أحد رجال الإدارة المحلية ومن الصراف.
ويسبق عملية الحصر المذكورة إعلان بالموعد الذى يعين للقيام بها، يلصق فى المحل المعد للإعلانات بالمقار الرئيسية لوحدات الإدارة المحلية، وفى مقر العمدة، وعلى واجهة العقار محل نزع الملكية بطريقة ظاهرة، كما يُخطر ذوو الشأن بالموعد المذكور بخطاب موصى عليه مصحوبًا بعلم الوصول، وعلى جميع الملاك وأصحاب الحقوق الحضور أمام اللجنة المذكورة فى موقع المشروع للإرشاد عن ممتلكاتهم وحقوقهم.
ويتم تقدير التعويض بواسطة لجنة تشكل بكل محافظة بقرار من وزير الموارد المائية والرى من مندوب عن هيئة المساحة رئيسا، وعضوية مندوب عن كل من مديرية الزراعة ومديرية الإسكان والمرافق ومديرية الضرائب العقارية بالمحافظة بحيث لا يقل المستوى الوظيفي لأى منهم عن المستوى الأول (أ) ويتم تغيير أعضاء هذه اللجنة كل سنتين.
ويقدر التعويض طبقًا للأسعار السائدة وقت صدور قرار المنفعة العامة مضافًا إليه نسبة (20%) عشرين فى المائة من قيمة التقدير.
جدير بالذكر أن المادة 35 من الدستور المصري تنص على أن الملكية الخاصة مصونة، وحق الإرث فيها مكفول، ولا يجوز فرض الحراسة عليها إلا فى الأحوال المبينة فى القانون، وبحكم قضائى، ولا تنزع الملكية إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل يدفع مقدمًا وفقًا للقانون.
وفي فبراير الماضي، أوصت لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب برئاسة المهندس أحمد السجيني، بتشكيل لجنة برئاسة النائب محمد وفيق وكيل لجنة الإدارة المحلية وهو أحد العاملين السابقين بالمساحة، بتشكيل لجنة فرعية لإعادة النظر والقياس لتطبيق المنظومة التنفيذية والتشريعية لصرف التعويضات، على أن تقوم اللجنة المشكلة بالعرض على لجنة الإدارة المحلية فى اجتماع خاص خلال 30 يومًا من تاريخه، وتوجه اللجنة الحكومة بعقد اجتماع مماثل تحت رعاية وزارة الري والهيئة العامة للمساحة.
جاء ذلك خلال اجتماع لجنة الإدارة المحلية لمناقشة طلب الإحاطة المقدم من النائب إيهاب منصور، بشأن تأخر صرف التعويضات المستحقة للمواطنين نتيجة نزع ملكيتهم للمنفعة العامة ومدى تأثير ذلك على استقرار أوضاعهم نتيجة عدم القدرة -سواء كانت المالية أو الزمنية- على توفير المسكن البديل، واختلاط الأمر فيما بين التعويض الاجتماعي والتعويض النهائي طبقًا للأسعار السائدة، وذلك بحضور محافظ الجيزة.
وفي هذا السياق، قال النائب إيهاب منصور، إنه تقدم بطلب الإحاطة بعد ورود إليه عددًا من الشكاوى وصلت لـ24 ألف شكوى بمعظم أنحاء الجيزة، والذي على أساسه صدر قرار بتشكيل لجنة لدراسة الملف ولكنه لم يتم تنفيذ القرار حتى الآن، مشيرًا إلى أنه تدخل مع المعنيين لتسريع وتيرة تنفيذ القرار.
وأضاف في تصريح خاص لـ«النبأ»: «أتوقع أن يكون العدد في الحقيقة أكثر، وعند الحصر سيكشف عدد المتضررين من عدم صرف التعويضات»، متابعًا: «وأتوقع أن يزيد عددهم عن 50 ألف شخص».
وتابع: «الأزمة تتخلص في التأخير، أما إشكالية القيمة المتدنية لا نستطيع أن اتحدث عنها إلا بعد عمل الحصر»، مشيرًا إلى أن التعويض يشمل عدة محاور، حيث التعويض الاجتماعي، ثم تعويض مباني ثم تعويض أرض، بالإضافة إلى 20% من تعويض المباني والأرض، وعلى أساسها يتم تحديد عما إن كانت قيمته متدنية أم لا.
وواصل: «أغلب المواطنين أخذوا تعويض الاجتماعي فقط، ولم يأخذوا الباقي، وهو مخالف للمادة 65 بالدستور الذي ينص على ضرورة تعويض عادل يدفع مقدمًا»، مضيفًا: «الكارثة الأكبر أن جهاز التعمير بالقاهرة الكبرى أرسل لهيئة المساحة أموال تفوق المليار ولم تصرف التعويضات حتى الآن».
وتابع: «اللجنة التي سيتم تشكيلها ستبحث هذه الإشكالية، ونحاول تسريع وتيرة تشكيلها وتفعيلها»، مضيفًا: «الأمر مؤلم ومقلق فعلى الرغم أننا نشجع المشروعات القومية حققت طفرة وانجازات ضخمة إلا أنه في الوقت ذاته لا يجب أن يكون هناك ظلم للناس بهذا الشكل، خاصة أن هناك فلوس ولا يعرفون صرفها».
بدوره، أكد محمد عطية الفيومي، عضو لجنة الإدارة المحلية، أنه سيتابع اللجنة التي تم تشكيلها بشأن ملف التعويضات، مشيرا إلى أنه لم يتم صرف التعويضات للمواطنين بالمخالفة للقانون بشأن توسعة طريق بنها المنصورة وهو ما دفعه للتقدم بطلب إحاطة.
وأضاف في تصريح لـ«النبأ» أن الجهة المستفيدة هي المنوطة بصرف التعويضات والأموال للمواطنين وهي هيئة الطرق بوزارة النقل، والتي تعطيها لهيئة المساحة والتي تقوم بدورها بوضعها بحساب البنك ويحصل عليها المواطن بفوائدها، ولكن الأزمة تتلخص في أن وزارة النقل لم تعط أموالا لصرف التعويضات.
ورفض «الفيومي» ربط الأزمة بالظروف الاقتصادية، مشيرًا إلى أن أي مشروع يتم وضع اعتماد مالي قبل البدء فيه، منها تكاليف نزع الملكية.