كواليس التجهيز للإطاحة بـ4 وزراء في حكومة مصطفى مدبولي
أدوات رقابية عدة، يملكها نواب البرلمان الذين جاءوا بحكم القانون ممثلين عن دوائرهم ليكونوا صوتهم الذي ينقل الأزمات والمشكلات المختلفة لحلها ومراقبين لأداء السلطة التنفيذية، لعل أبرزها طلبات الإحاطة، ويواجه 4 وزراء حالة من الغضب البرلمان، ما يمهد أو يجهز للإطاحة بهم من حكومة الدكتور مصطفى مدبولي، وهم وزراء: التضامن الاجتماعي، والصحة والتنمية المحلية والتموين.
ومصطلح «طلب الإحاطة» من أشهر الأدوات الرقابية للبرلمان تداولًا في الأخبار المتعلقة بالعمل البرلماني، وأكثر أداة يستخدمها النائب في ممارسة عمله البرلماني.
وخلال الفصل التشريعي الحالي، شهد مجلس النواب خلال دوري الانعقاد الأول والثاني ما يقرب من 3663 طلب إحاطة، ففي دور الانعقاد الأول، ناقش البرلمان 128 طلب إحاطة بالجلسة العامة، و838 باللجان النوعية، وفي دور الانعقاد الثاني بلغ عدد طلبات الإحاطة التي نظرها المجلس نحو 509 طلبات، وناقشت اللجان النوعية نحو 2488 طلب إحاطة خلال هذا الدور.
طلب الإحاطة في لائحة البرلمان
تضم اللائحة الداخلية للبرلمان، القواعد الحاكمة لطلب الإحاطة، حيث نصت المادة 212 على أن: لكل عضو أن يقدم طلب إحاطة إلى رئيس مجلس الوزراء، أو أحد نوابه، أو أحد الوزراء، أو نوابهم، يحيطه علما بأمر له أهمية عامة ويكون داخلا في اختصاص من يوجه إليه.
ويحق لمكتب مجلس النواب أن يقرر حفظ الطلب بناءً على عدم توفر الشروط المنصوص عليها في المواد المذكورة مع إخطار العضو كتابةً بذلك، وللعضو الاعتراض على ما قرره مكتب المجلس بطلب كتابي مسبب يقدمه لرئيس المجلس خلال 7 أيام من تاريخ الإخطار، ويعرض الرئيس اعتراض العضو على اللجنة العامة في أول اجتماع لها لاتخاذ ما تراه في شأنه.
كما نصت المادة 213 على: مع مراعاة أحكام المادة 212 من هذه اللائحة، يبلغ رئيس المجلس طلب الإحاطة إلى من وجه إليه خلال 30 يوما من تقديمه.
نيران مجلس النواب
أرغمت كثرة طلبات الإحاطة عددا كبيرا الوزراء على الحضور أمام مرمى نيران نواب البرلمان الذين اجتمعت طلبات الإحاطة على رفضهم أداء الوزير بشأن أزمات ومشكلات عدة.
ويُعد وزراء التموين، والتضامن، وكذلك الصحة بالإضافة إلى التربية والتعليم من أبرز الوجوه التي حضرت للبرلمان.
وزير التموين
اشتعال الوضع المرتبط بارتفاع موجة الأسعار، وتفاوتها وعدم ضبطها بالسوق جسد حالة الثورة التي أعلنها نواب البرلمان في جلسة عامة عاصفة ضد وزير التموين الدكتور علي مصيلحي.
وفي يناير من العام الماضي، شهدت الجلسة العامة لمجلس النواب هجومًا حادًا من أعضاء المجلس على وزير التموين على المصيلحي والتي وصلت إلى مطالبة النواب بإقالته من منصبه.
واتهم النواب، وزارة التموين بتسليم الشعب المصري للتجار الجشعين، وتعظيم دور المحتكرين وعدم القيام بدورها في ضبط الأسعار في الأسواق.
وطالب النواب بوضع حد لمشكلة ارتفاع الأسعار، والرقابة على توزيع الدعم، وخاصة أوزان الخبز والغاز.
وفي مطلع العام الحالي، كان البرلمان مع موعد مع وزير التموين للمرة الثانية، إذ شهدت الجلسة العامة لمجلس النواب، مواجهة وزير التموين الدكتور علي المصيلحي بـ147 أداة رقابية ما بين طلبات إحاطة وأسئلة وطلبات مناقشة عامة، لتستمر الانتقادات لأكثر من 6 ساعات، استخدمت فيها لغة هجوم كبير على الوزير وإدارته رغم أنه نائب سابق ورئيس للجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب.
وزيرة التضامن الاجتماعي
132 طلب إحاطة، و7 طلبات مناقشة عامة و26 سؤالا برلمانيا، وجهت ضد وزيرة التضامن الاجتماعي، نيفين القباج، والتي مثلت أمام البرلمان في مارس الماضي، بجلسة شبهها البعض بالمحاكمة وتوصيفها بـ«وزارة العذاب الاجتماعي» بسبب الحذف العشوائي لمستحقي معاش تكافل وكرامة، وكذلك صعوبات الحصول على كارت الخدمات المتكاملة لذوي الإعاقة.
وشن أعضاء مجلس النواب هجوما عنيفا على وزيرة التضامن الاجتماعي خلال الجلسة العامة بسبب تصرفات موظفي التأمينات والمُكلفين بتلقي طلبات وصرف معاش تكافل وكرامة وسوء معاملتهم للمواطنين الأكثر احتياجًا والمستحقين للمعاش، وما يتضمن ذلك من تجاوزات وإهانة وصلت لـ«ذُل» المواطنين أمام مكاتب الشئون الاجتماعية، حسب وصف نواب المجلس.
وزير التنمية المحلية
أزمات حقيبة التنمية المحلية، صعدت حالة الغضب البرلماني ضد اللواء هشام آمنة، وهو ما ظهر في الانتقادات الشديدة له في إداراته لبعض الملفات من خلال طلبات الإحاطة.
وفي أواخر العام الماضي، كان وزير التنمية المحلية اللواء هشام آمنة على موعد مع البرلمان للمرة الثانية، بعد أن كانت المرة الأولى عقب توليه الحقيبة لعرض خطة عمل الوزارة، أمام اللجنة المحلية.
وأمام الجلسة العامة، واجه نواب البرلمان الوزير بـ136 طلب إحاطة وسؤالا بشأن تيسير إجراءات التصالح في مخالفات البناء، وتوقف إصدار تراخيص البناء وصعوبة الاشتراطات البنائية، وعن عدم تحديد الأحوزة العمرانية وكردونات القرى، وعن رصف إنارة العديد من الطرق الداخلية، والحد من انتشار القمامة ووضع منظومة لجمعها وإعادة تدويرها، وعن خطة التعامل مع الأمطار والسيول، وعن القرارات الصادرة بتخصيص الأراضي والمباني لتنفيذ المشروعات الخدمية.
وشهدت الجلسة، حالة من الهجوم، إلى حد كبير، الأمر الذي اضطر رئيس المجلس، لتحذير الأعضاء من أن تتحول الجلسة لمواجهات شخصية أو هجوم على شخص ممثلي الحكومة أو الوزراء، مع ضرورة الالتزام باللائحة الداخلية للمجلس.
استدعاء الوزير
وفي هذا السياق، قال المهندس إيهاب منصور، وكيل لجنة القوى العاملة بالبرلمان، إن طلب الإحاطة يتم إحالته لأمانة البرلمان ومن ثم اللجنة المختصة لدراسته، وبعدها يتم عمل اجتماع بحضور المسؤولين لمناقشة طلب الإحاطة وبناءً عليها يعرض النائب وجهة نظره ويسمع رد المسؤولين، ومن ثم تأخذ اللجنة قرار بشأنه.
وأوضح «منصور»، في تصريح خاص لـ«النبأ» أنه يتم استدعاء الوزير أو المسؤول المختص حسب عدد طلبات الإحاطة، قد تصل مثلا لـ«180» طلب لنفس الوزير، وبناءً عليه يتم إدراجها بالجلسة العامة، ومن ثم يحضر المسؤول إلى البرلمان لسماع النواب طلبات الإحاطة ويدونها للرد عليها، متابعًا: «حتى الآن لا توجد ردود كافية وشافية، ساعات مش بيسمع الوزير كلام النواب بشأن طلبات الإحاطة».
وأضاف النائب إيهاب منصور: «طلبات الإحاطة التي تقدمت بها لم يصلني أي مردود لها خلال الفصل التشريعي الحالي من الوزراء خلال الجلسة العامة، على سبيل المثال وزارة التربية والتعليم عندما توجهت بسؤال ردت عليه بنفس السؤال وبالتالي اضطررت لعمل طلب إحاطة آخر»، مشيرًا إلى أنه في حال عدم الوصول على ردود من الطلبات نقوم بالضغط مرة أخرى.
وواصل: «ليس من الطبيعي أن يتم تجاهل الردود الخاصة من بعض الوزرات وأن كان بعضهم على تفاعل كبير مع مجلس النواب منهم وزارة الإسكان بيردوا في أغلب الاحوال، وهي تعد من أفضل الوزارت، وكذلك التضامن».
وأشار إلى أن أكثر الوزرات التي تقدم ضدهم طلبات إحاطة هي الصحة والتعليم، متابعًا: «الوضع لديهم في منتهى السوء وبعض المسؤولين لديهم قناعة أن ما يقدموه أحسن ما يكون، ويتحججون بالوضع الاقتصادي وهو عكس الحقيقة لأن الأمر يتعلق بعدم الترتيب للألوليات بنفس الإمكانيات، والمتابعة الحقيقة والشفافية».
وأكد وكيل لجنة القوى العاملة بالبرلمان، أن الأساس هو حل المشكلة وبالتالي ليس مهما حضور الوزير، فمن الممكن أن يرسل الوزير المسؤولين الذين هم على صلة بالإشكالية، لأنه قد تكون هناك الكثير من طلبات الإحاطة لنفس الوزير في أكثر من لجنة.
وتابع: «نواجه تحديًا كبيرًا الإشكالية في أن من يحضرون ليس أصحاب قرار، ونحن في لجنة القوى العاملة نتخذ إجراءات حاسمة وقوية بشأن هذ الأمر ونرسل تحذير كتابي بأنه لم يتم إرسال صاحب قرار ولا بد من استدعاء الوزير».
الرفض إشكالية كبرى
بدوره، قال النائب البرلماني، الدكتور فريدي البياضي، إن طلب الإحاطة هو أشهر الأدوات الرقابية ولكن ليس أقواهم، مثل الاستجواب ويليه السؤال ثم طلب الإحاطة، مشيرا إلى أنه في معناه إحاطة المسؤول علمًا بواقعة أو معلومة لاتخاذ اللازم.
وأضاف «البياضي»، في تصريح خاص لـ«النبأ» أن أي نائب يحق حسب اللائحة له التقدم بالإحاطة، مشيرًا إلى أن مكتب مجلس هو من يقرر توجيهه للجنة المختصة، أو الجلسة العامة، أو أحيانا لا يرى النور وينتهي في أدراج المجلس حسب الطلب.
وأوضح أن جميع الاستجوابات التي تقدم بها النواب رُفضت من مكتب المجلس وكان الرد أنه لا يستوجب الشروط الكافية للاستجواب، والتي تتوجب وجود مستندات تدلل على كوارث أو وقائع مستندات، متابعًا: «البرلمان يقوم بدوره في هذا الإطار ولكن نتمنى أن يتم قبول جميع طلبات الإحاطة، لأن أصحابها نواب حريصين على مصلحة الشعب ولديهم وجهة نظر».
وأكد أن أكثر طلبات الإحاطة من النواب كانت لوزارة الإدارة المحلية، بسبب مشاكل المحافظات والمحليات، يليهم الصحة، ووزارة التضامن الاحتماعي، مضيفًا: «وزير الصحة من أكثر الناس تفاعلا مع البرلمان وكذلك التعليم والشباب والرياضة».
ولفت إلى أنه من بين التحديات، عدم الرد على طلبات الإحاطة، وعدم نزولها للجلسة أو تأخيرها لوقت طويل، بالإضافة إلى تجاهل الردود من قبل الحكومة، أو عدم حل الإشكالية.
وأشار إلى أن هناك إشكالية كبرى تتعلق برفض بعض المسؤولين للحضور للبرلمان، متابعًا: «طلبنا حضور رئيس الوزراء أكثر مرة ولكن لا يتم الاستجابة خاصة أننا في ظل وضع اقتصادي سيئ ولا يتم التجاوب».
وأضاف «البياضي» أنه يحق للبرلمان تقديم استجواب لرئيس الوزراء وسحب الثقة منه ولكن هذا القرار يخضع في نهاية الأمر لحكم الأغلبية، متمنيًا أن يحدث هذا بسبب الوضع الاقتصادي، -حسب تعبيره-.