الدكتور محمد حمزة يكتب: رسالة إلى الإعلام وماذا عن مصر الأخرى؟
من المعروف إن للإعلام رسالة إيجابية قوية ومؤثرة في المجتمع فهو جامعة مفتوحة اون لاين على مدار 24
ساعة يوميا؛ ومن هنا يجب إيصال هذه الرسالة كما يجب وكما ينبغي طبقا لميثاق الشرف الاعلامي والوطني؛ ولكن الواقع غير ذلك الإعلام يركز بنسبة عالية جدا وكبيرة على الفن والرياضة وإن إحصائية بسيطة لكم
البرامج الفنيةو الرياضية تكفى للدلالة على ذلك وإثباته؛ والبرامج الفنية على سبيل المثال كلها برامج سطحية
مكررة رغم اختلاف مسمياتها حيث يتم إستضافة الفنان أو الفنانين من المطربين والممثلين والمؤلفين وكتاب
السيناريو والحوار والمخرجين؛ ومن ثم يدور الحوار مع مقاطع ومشاهد من الاغاني والعمل الفني؛ ومن هذه
البرامج على سبيل المثال معكم من الشاذلي؛ صاحبة السعادة؛ سهرانين؛ وشوشة؛ حبر سري؛ السيرة وعشرات غيرها؛ وهناك أيضا شيخ الحارة ثم العرافة وبرامج التوك شو لعمرو أديب ولميس الحديدي وسيد
علي واحمد موسى والتي تتضمن بعض فقرأتها فنانين ورياضيين؛ بل إن برامج المسابقات والمقالب هي
الأخرى جل إعتمادها على الفنانين والرياضيين ومن اشهرها قي شهر رمضان من كل عام برامج رامز جلال؛ يضاف إلى هذا وذاك كم المسلسلات والدراما على مدار العام وخلال شهر رمضان المبارك كما حدث في شهر رمضان 2023م الذي ودعناة منذ ايام قبائل ومع ذلك نجد كل البرامج تستضيف أبطال هذه الأعمال لمدة ساعتين
على الاقل لكل حلقة خلال اجازة العيد للحديث عنها وعن رسالتها؛ ونحن من جانبنا لسنا ضد ذلك التوجه
فالفن مرأة للمجتمع وهو لسان الحياة والدليل الناطق عليها؛ وكذلك لسنا ضد الرياضة ورسالتها النبيلة في عالم اليوم؛ ولكنتا ضد التركيز المفرط في هذين المجالين فقط؛ فاين مصر الأخري؛؛؛ فإن نهضة الأمم وحضارتها لا تقوم على الفن والرياضة وحدهما وإنما تقوم على العلم والفن معا وإن نظرة إلى الحضارات القديمة والحديثة نجد أن عماد تقدمها هما ركيزتي العلم والفن كالحضارة المصرية القديمة والمسيحية والاسلامية التي ماتزال تبهر العالم؛ وكذلك الحضارة الاوروبية والأمريكية والضينية الحديثة وهي الحضارات المعاصرة التي يستقي منها العالم حاليا العلم والفن معا؛ ومن ثم يجب على الإعلام الا يكون جل اهتمامه هو الفن والرياضة حتى ولو كانوا هما مصدرا للدخل
الوفير من خلال الإعلانات من جهة والشهرةو التريند لاستضافة أمثال هؤلاء على إعتبار انهم صفوة المجتمع ونجومه طبقا للمفاهيم المغلوطة في عصرنا هذا وهي المفاهيم التي أصدرتها إلينا أوروبا وامريكا لتكون شغلنا الشاغل ونتلهي بها حتى وصل أن كل اب وولي امر أصبح هدفه في الحياة أن يكون ابنه أو ابنته فنان أو فنانه مثل س وص من الفنانين والفناتات أو يكون رياضيا مثل محمد صلاح فخر مصر والعرب؛ بعد أن كان كل اب أو ولي أمر يرسخ في ذهن أولاده منذ نعومة اظفارهم إن يكونوا أطباء ومهندسين وعلماء يشار إليهم بالبنان؛ وطبعا كلنا عارقين المستوى التعليمي لغالبية الفنانين والرياضيين قديما وحديثا ومع ذلك صاروا نجوما للمجتمع وصفوته ويعيشون في قصور وسرايات ويملكون اسطولا من السيارات الحديثة وبعضهم وبعضهن يملكون طائرات خاصة؛ اما غالبية علماء اليوم فبعيشون بالكاد ومعاشهم لايكفي قوت يومهم؛؛ فلماذا هذا الاحباط؛؛؛ وتلك المفارقة التي تعد من الغرائب والعجائب في عالم اليوم؛؛ ولذلك نناشد المسؤولين بأن هذا الوضع إذا إستمر على ذلك فلن يكون في صالح نهضة الأمة وتقدمها ورقيها؛؛ فإذا كان هذا هو حال غالبية العلماء؛؛؛ فما بالنا بتلامذتهم من غالبية خريجي الجامعات بمختلف تخصصاتهم فهل يعقل انهم لا يجدون عملا الا في الكافيهات والها وس كيبنك في الفنادق؛ فضلا عن بنزينات الوقود والكول سنتر والتوك توك وعمال البناء وأفراد أمن وغير ذلك بحثا فقط عن لقمة العيش الحلال ولو في اي مجال؛ وما ذكرته هنا إنما يعبر عن نبض شباب الجامعات ممن نقوم بالتدريس لهم ونقابلهم في هذه الأماكن بعد تخرجهم فهذا هو لسان حالهم؛؛؛ بل إن بعضهم كان مسجلا لدرجة الماجستير. معي
لكنه لم يستطع إن يكمل فتركها للعمل في إدارة الموارد البشرية في سلسلة احد المطاعم الشهيرة؛؛وكل مانستطيع أن نقولة إن هؤلاء الشباب هم امل الحاضر وعماد الَستقبل قلابد من توفير سوق العمل المناسب لتخصصاتهم حتى لايحبطوا اكثر وينفروا من التعليم وهم في كل لحظة يشاهدون مايجني اهل الفن والرياضة من ثروات طائلة والكثير منهم ومنهن لم يدخل الجامعة اصلا ولم يطرق بابها؛؛ ومن ناحية أخرى على الإعلام إن يركز بالإضافة إلى الفن والرياضة على مصر الأخرى من صفوة العلماء والمهندسين. والأطباء المؤرخين من الأثريين
والتاريخيين وكل من له قيمة وقامة في تخصصه ومجاله وتخصص لهم البرامج أسوة بالبرامج الرياضية
والفنية وان تأخذ نفس الاهتمام والحيز والوقت والاعلانات ومن ثم يجب أن نكون في مستوى مصرنا بالنسبة
للذات وفي مستوى غيرنا وعصرنا بالنسبة للاخر. وكل عام ومصرنا الحبيبة أرضا وشعبا وقيادة بخير وأمن وأمان ونهضة وتقدم بمناسبة عيد تحرير سيناء وعودتها كاملة إلى حضن امها مصر ام الدنيا وستظل كذلك إلى إن يرث الله سبحانه وتعالى الارض ومن عليها. اللهم آمين يارب العالمين.
بقلم:
الدكتور محمد حمزة أستاذ الحضارة الإسلامية وعميد آثار القاهرة سابقا