رئيس التحرير
خالد مهران

المعارك تتواصل في السودان رغم التهديدات الأمريكية بفرض عقوبات

النبأ

تواصلت المعارك في السودان، اليوم الجمعة، رغم الهدنة التي تعهّد القائدان العسكريان اللذان يتنازعان السلطة الالتزام بها، ورغم التهديدات الأمريكية بفرض عقوبات.

ولليوم الـ21 على التوالي، تواصلت الضربات الجوية والتفجيرات في عدد من أحياء الخرطوم لا سيما في محيط المطار على الرغم من وعود بهدنة، حسب ما أفاد شهود وكالة فرانس برس.

ومنذ 15 نيسان/أبريل، أسفر القتال بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) عن سقوط نحو 700 قتيل وآلاف الجرحى، حسب مجموعة بيانات مواقع النزاع المسلّح وأحداثه (إيه سي إل إي دي).

ومن بين القتلى أطفال "بأعداد كبيرة"، حسب الأمم المتّحدة، في بلد يقلّ فيه عمر 49 بالمئة من السكّان عن 18 عامًا.

وأشارت منظّمة الأمم المتّحدة للطفولة "يونيسف " الجمعة إلى تقارير تفيد بسقوط سبعة أطفال كلّ ساعة بين قتيل وجريح.

وأضافت المنظمّة الأممية أنّها تلّقت تقارير من شريك موثوق به - لم تتحقّق منها الأمم المتّحدة بشكل مستقلّ بعد - تفيد بأنّ 190 طفلًا قُتلوا و1700 آخرين أصيبوا بجروح خلال الأيام الأحد عشر الاولى فقط من القتال.

بايدن يهدد بفرض عقوبات

والخميس، أكّد الرئيس الأمريكي جو بايدن أنّ "المأساة... يجب أن تنتهي"، ملوّحًا بفرض عقوبات على "الأفراد الذين يهدّدون السلام"، لكن من دون أن يسمّي أحدًا.

والسودان الدولة التي يبلغ عدد سكّانها 45 مليون نسمة، خرج في العام 2020 من عقدين من العقوبات الأميركية التي فُرضت على الدكتاتورية العسكرية الإسلامية للجنرال عمر البشير الذي أطاح به الجيش تحت ضغط الشارع في العام 2019، بعد بقائه ثلاثين عامًا في السلطة.

وفي 2021 أطاح البرهان ودقلو معًا في انقلاب شركاءهما المدنيين بعدما تقاسما السلطة معهم منذ سقوط البشير. لكن سرعان ما ظهرت خلافات بين الجنرالين وتصاعدت حدّتها، ومن أبرز أسبابها شروط دمج قوات الدعم السريع في الجيش.

ومنذ ذلك الحين، لا يبدو أنّ شيئًا قادر على التوفيق بين الرجلين اللذين يتبادلان الاتهامات بشأن انتهاك الهدنات المتتالية.

وخلافا للجيش السوداني، لم تؤكد قوات الدعم السريع ما أعلنه جنوب السودان الأربعاء من أنّها والجيش وافقا على وقف لإطلاق النار لمدة سبعة أيام يستمر حتى 11 الجاري.

وأعلنت قوات الدعم السريع الجمعة أنّها وافقت على هدنة لمدة ثلاثة أيام فقط تمت مناقشتها في إطار وساطة أميركية-سعودية.

توقعت رئيسة الاستخبارات الأميركية أفريل هاينز معارك "طويلة الأمد" لأنّ "الطرفين يعتقدان أنّ بإمكان كلّ منهما الانتصار عسكريًا وليست لديهما دوافع تُذكر للجلوس إلى طاولة المفاوضات".

وأسفر القتال عن إصابة أكثر من خمسة آلاف شخص بجروح وتشريد ما لا يقلّ عن 335 ألف شخص وإجبار 115 ألفًا آخرين على النزوح، وفقًا للأمم المتحدة التي تطلب 402 مليون يورو لمساعدة السودان الذي يعدّ واحدة من أفقر دول العالم.

وأوضحت الأمم المتحدة أنّ "أكثر من 56 ألف شخص عبروا في الثالث من أيار/مايو" إلى مصر، مضيفة أنّ "أكثر من 12 ألف شخص" عبروا إلى إثيوبيا و"30 ألف شخص إلى تشاد".

وكانت أفضال عبد الرحيم تنتظر لتعبر إلى مصر، وقالت لفرانس برس "عندما بدأت الحرب بالقصف والضربات الجوية، غادرنا منازلنا ولجأنا إلى وادي حلفا"، آخر بلدة قبل الحدود المصرية حيث يحتشد آلاف السودانيين الفارين من الحرب.

وفي دارفور غربًا على الحدود مع تشاد، تمّ تسليح مدنيين للمشاركة في الاشتباكات بين الجنود وقوات الدعم السريع ومقاتلين قبليين ومتمرّدين، وفقًا للأمم المتحدة.

في هذا الإقليم الذي شهد حربًا دامية بدأت العام 2003 بين نظام البشير ومتمرّدين ينتمون إلى أقليّات إتنية، لفت المجلس النروجي للاجئين إلى سقوط "191 قتيلًا على الأقلّ واحتراق عشرات المنازل ونزوح الآلاف" فضلًا عن تعرّض مكاتبه للنهب.

وأفاد شهود عيان الخميس عن اشتباكات في الأُبيّض التي تقع على بُعد 300 كيلومتر جنوب العاصمة.

ووصل 30 طنًّا إضافية من المساعدات الجمعة إلى مدينة بورتسودان الساحلية التي ظلّت نسبيًا في منأى عن أعمال العنف.

وتسعى الأمم المتحدة ومنظّمات غير حكومية أخرى إلى التفاوض بشأن ايصال هذه الشحنات إلى الخرطوم ودارفور، حيث تعرّضت المستشفيات والمخزونات الإنسانية للنهب والقصف.

وفي وقت تتكثف المبادرات الدبلوماسية في إفريقيا والشرق الأوسط، قال الجيش إنه اختار الاقتراح الذي تقدّمت به الهيئة الحكومية للتنمية في شرق إفريقيا (ايغاد) بسبب الحاجة إلى "حلول إفريقية لمشاكل القارّة"، مرحّبًا في الوقت ذاته بالوساطات الأميركية والسعودية.

وكان مبعوث البرهان موجودًا في أديس أبابا الخميس. كما أعلنت القاهرة أنّها تحدثت عبر الهاتف إلى القائدين المتحاربين.

وتعقد الجامعة العربية في القاهرة الأحد اجتماعين غير عاديين على مستوى وزراء الخارجية ستخصّص أحدهما لبحث الحرب في السودان، بحسبما قال لوكالة فرانس برس دبلوماسي رفيع المستوى.

وتعهّد معسكر البرهان تسمية موفد يمثّله للتفاوض على الهدنة مع الطرف الآخر برعاية "رؤساء جنوب السودان وكينيا وجيبوتي".

من ناحية أخرى، أعلنت قوات الدعم السريع أنّها تتواصل مع قائمة طويلة من البلدان والمنظمات.