علي جمعة يوضح الأربعة التي يُسأل عنها العبد يوم القيامة
ما هي الأربعة التي يسأل عنها العبد يوم القيامة ؟.. سؤال أجأب عنه الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، لافتا إلى أن الله سبحانه وتعالى أنعم على الإنسان بنعم عدة وأمره أن يسخرها في طاعته تعالى، وفيما ينفعه في حياته الدنيا وفي الآخرة، ومن هذه النعم نعمة الوقت التي امتن الله سبحانه وتعالى بها على عباده في قوله: (وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ) [إبراهيم:33] بل أقسم عز وجل بأجزاء من الوقت في مواطن عدة.
الأربعة التي يُسأل عنها العبد يوم القيامة
فقال تعالى: (وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ) [العصر:1-2] وقال: (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى) [الليل:1-2] وقال: (وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى) [الضحى:1-2] وقال: (وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ) [الفجر:1-4] فأقسم ربنا عز وجل بهذه الأوقات حتى نعلم قيمتها ونصونها وتحفظها ولا نعمل فيها إلا خيرا.
وأكمل علي جمعة: ربط الله سبحانه وتعالى في شريعته غالب العبادات بالوقت، فالصلوات الخمس لها أوقات معينة لا تصح قبلها ويحرم تأخيرها عنها إلا لعذر، وكذلك صوم رمضان وحج البيت والزكاة وغير ذلك من العبادات.
الدين يسر
وينبه المصطفي ﷺ بسنته القولية والفعلية على استثمار الوقت بما ينفع، ويحذر من إضاعة الأوقات سدى فيقول: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ» (صحيح البخاري) ويشير إلى أن الأسئلة الأربعة التي يسأل عنها العبد يوم القيامة اثنان منها يختصا بالوقت، فيقول عليه السلام: «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال: عن عمره فيما أفناه؟ وعن شبابه فيما أبلاه؟ وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه؟ وعن علمه ماذا عمل فيه» (المعجم الكبير) وكان استثمار الوقت إحدى نصائحه ﷺ وضمن مواعظه لأصحابه فقال: «اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك» (المستدرك).
كما قال علي جمعة: أتريد أن تمتثل لأمر الله ورسوله وأن تكون رحيمًا ابتعد عن الغلو، وكلما سمعت هذه الكلمة اعرف أن النبي ﷺ قد نهاك عنها، يسّر ولا تعسر، كن أنت وردةً في مجتمعك وناسك.
فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي ﷺ قال: « إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَىْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ » [البخاري] عليك البعد عن كل ما فيه غلو وتشدد وتعصّب هذا شيء قبيح سيء، ولا يكون أبدًا من الرحمة ؛الرحمة هي في التيسير.
قال رسول الله ﷺ: «إنَّ اللهَ فرضَ فرائضَ فلا تُضيِّعوها، وحَدَّ حدودًا فلا تعتَدوها، وحرَّمَ أشياءَ فلا تنتهِكوها، وسكَت عَن أشياءَ رحمةً بكم غيرَ نسيانٍ فلا تَبحثوا عَنها» يُسر، قلل من الأسئلة، ومن التفتيش، ومن البحث، ومن التشديد على نفسك، يقول سيدنا رسول الله ﷺ: « إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ فَأَوْغِلْ فِيهِ بِرِفْقٍ، وَلاَ تُبَغِّضْ إِلَى نَفْسِكَ عِبَادَةَ اللَّهِ » [السنن الكبرى للبيهقي] وهذا رأيناه في من يشدد على نفسه حتى يمل العبادة، و« فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا» فيترك الدين لأنه ثقل عليه « إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ فَأَوْغِلْ فِيهِ بِرِفْقٍ، وَلاَ تُبَغِّضْ إِلَى نَفْسِكَ عِبَادَةَ اللَّهِ » اجعلها سهله « فَإِنَّ الْمُنْبَتَّ لاَ أَرْضًا قَطَعَ، وَلاَ ظَهْرًا أَبْقَى» المنبت هو ذلك الذي يسير بجمله في الصحراء، ولا يريد راحة الجمل ولا راحة نفسه ؛ فيموت الجمل، فيجلس بجواره لا يستطيع الانتقال، ذهبت الراحلة التي كان يرتحل عليها، لا تفعل هذا مع نفسك فإن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق.
قَالَتْ عَائِشَةُ –رضى الله عنها-: "صَنَعَ النَّبِىُّ -ﷺ- شَيْئًا فَرَخَّصَ فِيهِ فَتَنَزَّهَ عَنْهُ قَوْمٌ" -يعني هناك بعض الناس لا تريد أن تعمل مثل ما عمل النبي ﷺ- فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِىَّ - ﷺ- فَخَطَبَ فَحَمِدَ اللَّهَ ثُمَّ قَالَ: « مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَتَنَزَّهُونَ عَنِ الشَّىْءِ أَصْنَعُهُ، فَوَاللَّهِ إِنِّى لأَعْلَمُهُمْ بِاللَّهِ وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً »، [البخاري] إذًا فلا بد عليك من اليسر {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}.