رئيس التحرير
خالد مهران

وبعصمتي أسمو على أترابي

الكاتب الصحفي صبري
الكاتب الصحفي صبري الموجي

في إحدى محاضراته الماتعة بكلية دار العلوم جامعة القاهرة، استنكر أ. د محمد بلتاجي حسن، وكان يشغل وقتها عميد الكلية، زي إحدى الطالبات الصارخ، الذي يكشفُ من جسمها أكثرَ مما يستر، ويصف تضاريس البدن، ومعالم الجسم بصورة لافتة، تلفت نظر كلِّ من يراها، فيطُلق - معذورا، أو مقهورا -لنظره العنان ينهش من جسدها، الذي أضحى كلأ مباحا، وأرضا مشاعا لا مالك لها.


وباعتبار د. بلتاجي أستاذًا للشريعة يشار إليه بالبنان، بيد أنه تربى على يد شيخه العلَّامة محمد أبو زهرة، وسار في طريقه يُكمل ما بدأه، ويُرسخ دعائم علم الشريعة بمنهج يقوم على الوسطية والدليل، انطلق يُبين لنا فرضية الحجاب مُستشهدا بالدليل من القرآن والسنة، وأحوال سلف الأمة، وأشار فيما أشار أيضا إلى أنَّ عفاف المرأة هو سرُّ جمالها، وليس العري والتكشف، كما يظن البعض ممن اعتقدن خطأ أن حرصَهن على الفتنة والإثارة، هو دليل أنوثتهن الدامغ، وضمانة وصولهن لبيت( العَدَل)، وهذا ما يُكذبه الواقع، فكلُّ شاب - إذا عزم الزواج -  يرفض أن يضم لعِصمته فتاة شاركه فيها غيره بنظر أو كلام، أو أكثر أو أقل.


والغريب أن مُبرر الطالبة وقتما لامَها العميدُ، كان أقبحَ من الذنب، فقالت إنها من وسط راق، ومُقتضيات الرقي بزعمها هي التعطر والعُري، والخضوع بالقول، ولا مانع أبدا من إثارة الغرائز، وتهييج المشاعر! 


بحث  العميدُ وتحرى، فعلم أنها تقطن حارة في حي شعبي، ولم تكن أبدا بنت سرايات، وقصور، أو سليلة باشاوات وبرنسيسات كما زعمتْ.


هذه الواقعة التي مضت عليها سنوات، تذكرتُها مؤخرا أمام عيني في لقاء جمعني بمثقفة وظفت طاقتها، واستجمعت قواها  للظهور في حفل ثقافي بثوب فاضح، ظنت أنه يزيدها ألقا وبهاء، فهوى بها إلى موضع الاستخفاف والاستهجان من البعض والشفقة من آخرين.


هنالك تذكرتُ قصيدةَ عائشة التيمورية، وآمنتُ بأنها كانت علي حق عندما قالت: 
بيدِ العفافِ أَصونُ عزَّ حجابي
وِبِعِصمَتي أَسمو عَلى أَترابــي

وَبِفِكـــــرَة وَقادَة وَقَريحــــــة
نَقادَة قَـــــد كَمَـــــــلَت آدابــي.