كواليس إطلاق بورصة لتداول وبيع شهادات الكربون
خلال الفترة الأخيرة، اتجهت الدولة المصرية للدول بقوة في مجال الاقتصاد الأخضر، والذي يكون من بينه خفض مستويات الانبعاثات الناتجة عنها، وفي إطار جهود التوسع في هذا المجال، تستهدف مصر إطلاق أول سوق طوعي لتداول شهادات الكربون، والسندات الخضراء باعتبارها أحد توجهات المستقبل.
تعود فكرة تداول شهادات الكربون إلى عام 2015 عندما اتفقت مجموعة من الدول تحت مظلة الأمم المتحدة على ما يسمى بـ«اتفاقية باريس للمناخ».
ورسميًا، فإن سوق تداول شهادات خفض الانبعاثات الكربونية تم الإعلان عن النية لإطلاقه خلال فعاليات قمة المناخ 27 بالقاهرة نهاية عام 20222، كمنصة لمساعدة الكيانات الاقتصادية العاملة في مختلف الأنشطة الإنتاجية في مصر وإفريقيا على الانخراط في أنشطة خفض الانبعاثات الكربونية لتحقيق الحياد الكربوني والاستفادة من استصدار وبيع شهادات بموجب الخفض لصالح شركات أخرى ترغب في معاوضة انبعاثاتها الكربونية التي يصعب تخفيضها.
كما تساعد أسواق الكربون أيضًا في استعادة الشركات لجزء من إنفاقها الاستثماري الموجه لخفض الانبعاثات الكربونية الناتجة عن ممارسة أنشطتها وإعادة استثمار هذه الموارد في تحقيق الهدف الأكبر وهو الحياد الكربوني الذي تسعى لتحقيقه كل دول العالم.
وفي مصر، بدأت الحكومة في اتخاذ الخطوات الفعلية في هذا الاتجاه، إذ ينظر مجلس النواب خلال جلساته العامة، مشروع قانون مقدم من نواب بشأن سوق رأس المال لتداول شهادات الكربون في البورصة، وإنشاء سجل للشركات المرخص لها بفحص وتقييم واعتماد شهادات الكربون.
وجاءت المادة 15 مكرر 4 من مشروع القانون لتنص على أن تنشئ الوزارة المعنية بشئون البيئة سجلا للشركات المرخص لها بفحص وتقييم واعتماد شهادات الكربون، وتلتزم الهيئة العامة للرقابة المالية باعتماد مقيمي الشركات المرخص لهم من ضمن الشركات المقيدة بالسجل.
وفيما يتعلق، بالواقع العملي، فقد قررت الهيئة العامة للرقابة المالية، تشكيل لجنة الإشراف والرقابة على وحدات خفض الانبعاثات الكربونية واختصاصاتها.
وتختص اللجنة بـ8 مهام، أبرزها، إعداد القواعد الخاصة بإصدار شهادات خفض الانبعاثات الكربونية، وإعداد قواعد الإشراف والرقابة على شهادات خفض الانبعاثات الكربونية بما يشمل متطلبات الإفصاح المستمر والشفافية لمشروعات وبرامج خفض الانبعاثات الكربونية، وإعداد معايير اختيار جهات التحقق والمصادقة لمشروعات خفض الانبعاثات الكربونية، بالإضافة إلى إعداد القواعد الاسترشادية الخاصة بمعايير نزاهة ومصداقية شهادات خفض الانبعاثات الكربونية.
وفي هذا السياق، قال الدكتور صابر عثمان، خبير المناخ، إن الموضوع بدأ منذ 2005، ونحن لدينا 42 مشروعا لآلية التنمية النظيفة، والتي حققت تقدمًا كثيرا في مجال خفض الانبعاثات الكربونية واستطاعت عمل دخل كثير للشركات المصرية وغيرت تكنولوجياتها مثل مصنع أبو قير للأسمدة، وتغير المفاعل الخاص بالنيتريك أسيد عبر استخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، مشيرًا إلى أن بورصة شهادات الكربون بمثابة منظومة لتداول وبيع شهادات الكربون، وليست لها علاقة بالدولة ستنشأها البورصة المصرية.
وأضاف في تصريح خاص لـ«النبأ» أن شهادات الكربون هي آلية دولية حدث بها توقف لفترة لتعديل الطريقة لأنها كانت قائمة على اتفاقية كيوتو، وبسبب الخلافات بين الدول المتقدمة والنامية على طريقة تشغيلها وإثبات أن شهادات خفض الانبعاثات حقيقية والتكلفة تم تعديلها لتكون في اتفاق باريس تحت بند المادة السادسة، والتي تتناول أسواق الكربون، مشيرًا إلى أنه تم تأهيل المشروعات السابقة، والعمل على ترويج لفرص جديدة ودخول مشروعات للاستفادة من شهادات خفض الانبعاثات.
وتابع: «الأمر يتم بأكثر من طريقة، منها أن تقوم أحد الجهات التى تمثل دولة متقدمة، مثل شركة، أو فرد أو دولة بتنفيذ مشروع لخفض الانبعاثات الكربونية في دولة نامية، كاليابان مثلا تنفذ مشروع في مصر يعتمد على الطاقة الشمسية، ويحسب لتلك الدولة باعتباره خفض».
ولفت خبير المناخ إلى أن هناك تخوفات في غير محلها من قبل البعض بشأن صعوبات تنفيذ الفكرة على الرغم أنه تم تنفيذها في وقت سابق.
وتابع: «البعض يتحدث عن مخاوف تمثل الإشكالية الأكبر في هذا الأمر، وهو أن يتم تنفيذ هذه بصورة ضرائب، بسبب القانون الذي تم إقراره مؤخرًا من قبل دول الاتحاد الأوروبي وسيطبقه بداية من شهر 10 المقبل على 5 قطاعات أبرزهم الحديد والأسمنت للدول المصدرة للاتحاد الأوربي بشأن نسب محددة ومخفضة للبصمة الكربونية»، مضيفًا: «هذا التخوف مردود عليه وهو أن هذا القانون يرتبط بالمصدرين فقط لدول الاتحاد الأوروبي من الشركات الكبرى والتي ليس من بينهم مصر».
وأضاف «عثمان»: «في مصر تم عمل دراسة حول ضرورة خفض الانبعاثات ووجدت أنه من الصعوبة تنفيذها بسبب تأثيرها على معدلات الإنتاج، رغم أنها في مصلحتنا لأن خفض الانبعاثات يترافق معه خفض الملوثات الهواء وتحسين الصحة».
ولفت إلى أن المشكلة الحقيقة في سوق شهادات الكربون، هو الاشتراطات التي قد تحد من الصناعة خاصة في الوقت الحالي وبالتالي التحدي هو الموازنة بين استمرار الصناعة وتطورها وبين وجود صناعة صديقة للبيئة منخفضة الانبعاثات وهو ما يحتاج إلى وعي القائمين.
وتابع: «بعيدًا عن الأرباح والأموال فإن الأهمية رقم 1 هي المردود الإيجابي المرتبط بتحسين الصحة العامة، والحد من تغيرات المناخ»، مشيرًا إلى أنه تم صرف أموال كثيرة على أمراض الفشل الكلوي، وغيرها من الأمراض الصدرية والمزمنة.
بدوره قال الدكتور عبد الرحمن طه، خبير الاقتصاديات الناشئة، مصر تلجأ إلى أدوات دين متعددة، لأن كل أداة منهم لها مستثمر خاص بها، بدلا من الاقتراض من المؤسسات الدولية.
وأضاف في تصريح لـ«النبا» أن السندات الخضراء هي سندات تكون متوائمة مع البيئة ولا ينتج عنها أي ملوثات.