رئيس التحرير
خالد مهران

الدكتور محمد حمزة يكتب: هل عادت ظاهرة إحياء الخلافة العباسية

النبأ

لما كان التاريخ علم وفن وفلسفة  ونظر وتحقيق على حد قول ابن خلدون وليس مجرد حكاوي وحكايات وحواديت ومن ثم يجب الاستفادة من التجربة التاريخية؛؛  ومن المعروف إنه بعد سقوط الخلافة العباسية على يد المغول عام656هجرية /1258م تم إحيائها في مصر من جديد على يد السلطان المملوكي البحري الظاهر بيبرس عام656هجرية /1261م؛ ولكن  لم يكن الخليفة أي دور فهو مجرد صورة واسم يضفي الشرعية  على السلطان القائم أو الجالس على العرش؛ اما هو فمهمته إستقبال التهاني في مطلع كل شهر هجري   وحضور الاحتفالات الدينية ومباركة السلطان في كل مايفعله  وغيرذلك من الأمور التي لا علاقة لها بشئون الحكم واتخاذ القرارات المصيرية في الدولة ختي إن البعض اطلق عليه لقب خليفة الهواء وهو مايعيد إلى ذاكرتنا وضع الخلفاء العباسيين عندما إستبد الأتراك بشئون الحكم   وصاروا عم أصحاب الحل والعقد حتى قال احد الشعراء
خليفة في قفص بين وصيف وبغا
يقول مثلما قالا له كما تقول الببغا
وهذا هو عين ما نشاهده في العصر الحديث والمعاصر من وجود إحياء لهذه الظاهرة  ولكن بما يتناسب مع ثقافة العصر وتقنياته   ومن  ذلك الكثير ممن يتولون المناصب الكبرى في المنظمات الإقليمية والدولية والاجهزة واللجان  ومجالس الإدارة وأحيانا القيادية كالوزارة والجامعات والكليات والهيئات والمجالس العليا والمؤسسات الصحفية والاعلامية    لاحول لهم ولاقوة فهم غير متخصصين حينا أو غير مؤهلين لشغل هذه المناصب حينا اخر أو من اهل الثقة حينا ثالثا أو غير ذلك مما سوف تكشفه الوثائق التاريخية في المستقبل من جهة رابعة.
والمهم ان أمثال هؤلاء واولئك  ليست لديهم رؤية أو شخصية قيادية مؤثرة وبالتالي يتحكم فيهم من هم أكثر خبرة واقدمية في  هذه المؤسسة فيصبحون هم أصحاب الحل والعقد  فيحركون هذا المسئول كما يشاؤون؛و ينفذون ويفعلون كل شئ بحجة انهم أدري   وأقدر  على المصلحة العامة وعلى مصلحته  هو شخصيا  والدليل واضح وجلي وهو أن كل شئ يخرج بإسمه وتوقيعه بصفته رأس السلطة وان كل شئ ينسب إليه حتى الظهور الاعلامي يتصدر هو المشهد؛ ولكن يكتشف بعد ذلك  فساد إداري ومالي وربما إنهيار للمؤسسة كلها  فيشيل هو الليلة؛؛ فإذا كان  هذا الحال يرتبط بمؤسسة علمية أو ثقافية أو إعلامية أو إقتصادية أو رياضية   أو احتماعية أو غير ذلك فما بالنا  بما يسود العديد من دول العالم عندما يكون  الحاكم الفعلي الجالس على كرسي الحكم  شئ والمتنفذ المسيطر على كل شئ شخص آخر  يفعل كل مايريد وكل مايحلو له ايجابا وسلبا فماذا تكون النتيجة إذن على المدى القريب والمتوسط والبعيد؛؛؛؛ وبالرجوع   إلى التجربة التاريخية نجد إن الخلافة العباسية عندما بدأ الضعف يدب في اوصالها بإستبداد الأتراك والبويهيين والسلاجقة بشئون الحكم على حساب الخلفاء الضعفاء  كانت النتيجة سقوط الخلافة على يد المغول كما ذكرنا وبمساعدة  الوزير الشيعي ابن العلمي؛ وكذلك الخلافة الفاطمية عندما بدأ الضعف يدب في اوصالها عقب الشدة المستنصرية447_454هجرية  وتمت الاستعانة الوزراء بداية من بدر الجمالي ثم زبنه الأفضل شاهنشاه وختاما بصلاح الدين الايوبي كانت النتيجة سقوط الخلافة على يد صلاح الدين اخر وزير سني لآخر خليفة فاطمي صغير وضعيف وهو العاضد لدين الله عام656هجرية /1171م ونفس الشئ الخلافة الأموية في الأندلس  التي سقطث عام422هجرية ؛ وكذلك  من كان وراء سقوط الدولة العثمانية عندما أصبح يطلق عليها  اسم وصفةالرجل المريض  في ظل وجود سلاطين ضعاف؛؛؛و 
الأمثلة كثيرة على مستوى التاريخ الإنساني؛  وبالتالي فالنتائج  معروفة وحتمية  إذا ما وسد الأمر  دائما وابدا إلى غير اهله في كل زمان ومكان. وفي الختام  ندعو إلى الاستفادة من التجربة التاريخية وعدم تكرار ظاهرة  إحياء الخلافة العباسية على أي مستوى من المستويات.

بقلم:

الدكتور محمد حمزة أستاذ الحضارة الإسلامية وعميد آثار القاهرة سابقا