رئيس التحرير
خالد مهران

"النبأ" تكشف أكبر عملية تجسس أجنبية على الشركات المصرية الكبرى

شركة الحديد والصلب
شركة الحديد والصلب

النبأ تكشف أكبر عملية تجسس أجنبية على الشركات المصرية الكبرى


صفقة إيطالية قذرة تكبد شركة بشاي للصلب خسارة 2 مليار جنيه مصري.

محكمة دولية تحسم أحقية شركة مصرية بشأن 60 مليون يورو

عملية نصب بطلها بريطاني وهندى للاستيلاء على أموال أكبر شركة حديد وصلب مصرية

تقرير هندسى يكشف شراء مصنع حديد إيطالى يسبب كوارث بيئية


تعرضت، فى الآونة الأخيرة، شركة من أكبر الشركات المصرية في مجال إنتاج الحديد والصلب إلى عملية نصب والاستيلاء على مبلغ مالي 60 مليون يورو أى ما يجوز المليارى جنيه مصري، وكشفت تحقيقات النيابة العامة والفحوصات، أن أجنبيين يعملان بالشركة قاما بالتجسس والتصنت وتسجيل كل ما يدور داخل المكاتب وقاعات الاجتماعات بالشركة وتحصلا على مستندات والتفاوض على بيعها لجهات وأشخاص أجانب، وإليكم التفاصيل.

تحقيقات النيابة العامة

كشفت تحقيقات النيابة العامة، عن تعاقد الشركة المصرية للحديد الإسفنجي والصلب "بشاي للصلب" مع إحدى الشركات الأجنبية شركة دانيللي بإيطاليا على توريد وتصميم وتنفيذ وحدة تشغيل درفلة لتصنيع الكمر والزوايا على أن تكون الطاقة الإنتاجية للخط 400 ألف طن سنويًا، ونص التعاقد على وجوب عمل اختبارات أداء الخط لإنتاج تسع قطاعات تم ذكرها في التعاقد في تسع ورديات اختبار مختلفة، وأن يتم في كل وردية تحقيق معدل إنتاج معين وذلك حتى تتأكد الشركة المصرية للحديد الإسفنجي والصلب من تحقيق الخط المورد لمعدلات الإنتاج المتفق عليه، وبالفعل قامت الشركه الإيطالية بتوريد المعدات اللازمة لوحده الدرفلة، ولكن بسبب وجود كثير من المشاكل الفنية في تلك المعدات الموردة تأخر موعد تجارب التشغيل أكثر من مرة، وفوضت مجموعه بشاي للصلب مهندس إنجليزي وآخر هندي كممثلين للشركة المصرية عند عمل الاختبارات، فقام المهندس الإنجليزي وزميله الهندي باعتماد تسع تقارير لاختبارات الأداء لكونهم من الخبراء الأجانب المتخصصين في هذا المجال، ما مكن الشركة الإيطالية من الحصول على شهادات معدلات الأداء بالمخالفة للحقيقة، حيث أن الخط لم يحقق المعدلات المطلوبة، بسبب مشاكل في فرن إعادة التسخين وقاما بتوقيع شهادة القبول النهائي للخط المورد وقالوا إن الشركة الإيطالية ستظل تعمل مع الشركه المصرية حتى تحقق معدلات الإنتاج المطلوبة، وأن الأعمال المتبقية لتحقيق ذلك هي أعمال بسيطة وأثبتا على غير الحقيقة أمورًا فنية تفيد بأن خط الدرفلة قد اجتاز الأرقام القياسية للإنتاج المتعاقد عليه والثابتة بعقد التوريد والتشغيل.

 وبناء على هذه التقارير وعلى طلب الخبراء الأجانب، أصدرت الشركة المصرية للحديد الأسفنجي والصلب شهادة القبول النهائي للخط المورد، وهي إقرار من الشركة بأن عمليات التصميم والتوريد للمعدات التي قامت بها الشركه الإيطالية حققت المعدلات المطلوبة، طبقًا للتعاقد.

وقامت الشركة المصرية للحديد الأسفنجي والصلب بقطع علاقتها المالية مع الشركة الإيطالية وتسييل خطاب الضمان وبدأت الشركة المصرية في تحليل مدى إمكانية تحقيق معدلات الإنتاج المنصوص عليها بالتعاقد، وخلصت إلى أنه لا يمكن بالخط والفرن الموردين من قبل الشركة الإيطالية تحقيق معدلات الإنتاج التي نصت عليها تقارير اختبارات الأداء والمعتمدة من قبل المهندسين الأجانب واستمرت محاولات الشركة الإيطالية في تحقيق معدلات الإنتاج المتفق عليها، ولكن دون جدوى ولم تستطع في خلال عدة سنوات من تحقيق المعدلات التي تم ذكرها في تقارير اختبارات الاداء، وقامت في خلال هذه الفترة بعمل تعديلات في تصميم الفرن وإلغاء بعض المراحل في خط الدرفلة، وتبين تواطؤ المديرين الأجانب المسئولين في الشركة المصرية مع الشركة الإيطالية الموردة لخط الإنتاج وذلك بطريق الغش والتدليس ما مكن الشركة الأخيرة من الحصول على شهادات معدلات الأداء بالمخالفة للحقيقة، بإثباتهما أمورًا فنية على غير الحقيقة تفيد بأن خط الدرفلة المورد قد اجتاز الأرقام القياسية للإنتاج المتعاقد عليه، والثابت بعقد التوريد والتشغيل، مما أضر بأموال إحدى الشركات المصرية بما قيمته 60 مليون يورو ما يجاوز الملياري جنيه مصري، حيث تمكنت الشركة الأجنبية من صرف اعتمادات مستندية طرف البنك العربي الأفريقي الدولي دون وجه حق.

 و بناء عليه قدم المهندس كمال بشاي، رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية، بلاغا للنيابة العامة ونيابة الأموال العامة متهمًا الخبراء الأجانب وآخرين بإصدارهم تقارير اختيارات الأداء مخالفة للحقيقة وذلك للتدليس على الشركة المصرية لتصدر شهادات القبول النهائي لخط الإنتاج لصالح الشركة الإيطالية، وقامت الشركة المصرية برفع قضية للمطالبة بحقوقها أما محكمة ميلانو الإيطالية وحكم لصالحها فى أول درجة.

 كما قامت الشركة المصرية برفع دعوى أمام المحكمة الدولية ومازالت ولم يصدر حكم بشأنها، وعليه قامت النيابة العامة بانتداب لجنة من كلية الهندسة جامعة عين شمس للتحقق من صحة الادعاءات الصادرة من الشركة المصرية للحديد الإسفنجي والصلب أو عدمها.


اللجنة الهندسية

خلصت اللجنة الهندسية التابعة إلى جامعة عين شمس إلى أن تقارير إختبار الإداء الصادرة من الخبراء الأجانب غير صحيحة، مما أدى إلى قيام الشركة المصرية للحديد الإسفنجى والصلب، بإصدار شهادات القبول النهائية لخط الدرفلة، على الرغم من فشل الخط المزود في تحقيق الأداء المتفق عليه في العقد، وعدم الدقة في تقارير اختبار الأداء بتجاوز الأخطاء البشرية والحسابات الخاطئة التي لا يمكن أن تحدث من قبل المتخصصين على هذا المستوى ويسأل في ذلك المهندسين الأجانب بصفتهما مديري العمليات بشركة بشاي للحديد والصلب المالكة للشركة المصرية للحديد الإسفنجي، وترتب على ذلك الغش قيام المهندس كمال بشاي، بإصدار شهادة القبول النهائي لخط الدرفلة في حين أن الخط لم يقم بتحقيق معدلات الأداء المنصوص عليها في العقد.

التجسس


بإلقاء القبض على المهندس الهندى أقر حال استجوابه بأن المهندس الإنجليزي الهارب خارج البلاد هو محرر ومجرى حسابات بيانات الشهادات التسع المزورة، وعثر بحوزته على جهاز تجسس وتصنت خطير وهو جهاز تتبع وتسجيل صوتي وبداخله شريحة محمول ومن خلال هذا الجهاز يتم تسجيل كل ما يدور داخل المكاتب أو قاعات الاجتماعات، وذلك يتم عن بعد باستخدام هاتف محمول بشريحة، ويتم إرسال أوامر رقمية لفتح وغلق المكالمة عن طريق إرسال رسائل نصية للجهاز لفتحه ومن خلاله تتم إجراء وفتح المكالمات للهاتف ومن ثم تسجيلها عليه، وتبين قيام المتهم الهندى بتسجيل مكالمات تليفونية داخل الشركة المصرية العامل بها، ووجود بعض ملفات التسجيلات الصوتية على هواتفه تتعلق بشركة بشاي للصلب، وقيام المتهم بأخذ لقطات في كيفية دخول المكاتب بالشركة المصرية عن طريق برنامج يستخدم في التحكم بالدخول للمكاتب عن طريق بصمة اليد أو البطاقة التعريفية للموظف أو الوجه، وبناء عليه فإن هذا البرنامج يمكن باستخدامه عمل تعديلات على من له أحقية دخول المكاتب كلها أو بعضها أو عدم إمكانية الدخول لها من الأساس، وتبين أن المهندس الهندي حصل على ملفات سرية تخص شركة بشاي للصلب، ولكن ليس لها علاقة بمهام وظيفته، وأنه حصل عليها بطرق غير شرعية على سبيل المثال لا الحصر مرتبات الموظفين واستراتيجية الموارد البشرية وآليات العمل، وتبين أن المتهم الهندى كان يفاوض شخصا أجنبيا عن مقابل حصوله على هذه المعلومات، وتبين أنه قام بتسجيل مكالمة هاتفية بين مديرة مكتب رئيس مجلس إدارة شركة بشاي للصلب مع أحد عملاء الشركة، وتبين أن المتهم الهندى يستخدم تطبيق للتحكم فى أجهزة الكمبيوتر عن بعد.


رئيس مجلس الإدارة

وقرر المهندس كمال جابر بشاي جرجس، رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات بشاي للصلب، بتحقيقات النيابة العامة، أنها شركة مساهمة مصرية لا تساهم الدولة بأي نصيب في أموالها.

 وأضاف أنه تعاقد مع شركة دانيللي الإيطالية على تنفيذ وتوريد وتركيب وتشغيل خط إنتاج كامل، لدرفلة قطاعات الصلب المختلفة لصالح شركته نظير مبلغ مالي وقدره 60 مليون يورو، وقد نص في بنود ذلك التعاقد على إجراء تسعة اختبارات لقياس معدلات الإنتاج لعدد تسع مقاسات مختلفة من الكمر والزوايا والخوص، كما اشترط وصول معدل الإنتاج لكل اختبار إلى نسبة محددة تعاقديًا، على أن تحرر بتلك النتائج شهادات توقع من طرفي التعاقد، لكي يتم قبول ذلك الخط نهائيًا ويتم صرف مبلغ الاعتماد المستندي المشروط على ذلك، إلا أنه قد فوجئ بعد إتمام ذلك بفشل الخط المورد في الوصول إلى معدلات الإنتاج المرجوة منه تعاقديًا، وتبين له قيام المتهمين الإنجليزي والهندي الذين يعملون بإحدى شركاته والمختصين بالإشراف الفني على ذلك المشروع بتزوير بيانات الشهادات التسع الخاصة بقياس معدلات الأداء عن الاختبارات أنفة البيان، إذ استغلا ثقته فيهما وعهده إليهما شفاهة مهمة الإشراف على خط الإنتاج المورد من الشركة الإيطالية ومتباعته، فقام المتهم البريطاني بتحرير تلك الشهادات جميعًا ومهرها بتوقيعه، بعدما أثبت بها على غير الحقيقة بيانات تثبت نجاح تلك الإختبارات، ووصول معدلات الإنتاج إلى النتائج المرجوة، والثابتة بالتعاقد المبرم مع شركة دانيللي الإيطالية، بينما قام المتهم الثاني الهندي بالاشتراك معه بطريقيى الإتفاق والمساعدة فيما أتم من جرم إذ اتفق معه على إتمام جرمه وساعده في ذلك بأن أمده بالبيانات المثبتة على خلاف الحقيقة بأربعة شهادات من الشهادات التسع، وقد نجم عن تزوير تلك الشهادات أضرار مالية كبيرة تمثلت في قبول الخط قبولًا نهائيًا وهو على نحو يخالف المواصفات الإنتاجية المقررة تعاقديا، وكذا خسارة الشركة لمبالغ مالية كبيرة تتمثل في قيمة الخط بالكامل، وقد دلل على ارتكاب المشكو في حقه الإنجليزي لتلك الواقعة، أنه قد أجرى بنفسه تحرير البيانات والحسابات ومهر الشهادات بتوقيعه بما يفيد اعتمادها.

 كما دلل على اشتراك المشكو في حقه الثاني الهندي في ارتكاب تلك الواقعة قيامه بالإشراف على عدد أربعة اختبارات من التسع المجراة والمحرر بشأنها الشهادات موضوع التزوير، وكذا إرساله بيانات تلك الاختبارات للمهندس الإنجليزي وكذا وجود عدة مراسلات بينه وبين مسئولي الشركة الإيطالية والمتهم الأول الإنجليزي، ثابت بها فشل الخط المورد في تحقيق معدل الإنتاج المطلوب وفقًا للتعاقد، واضاف أن تشغيل المصنع يسبب كوارث بيئية.

إحالة المتهمين

وأحالت النيابة العامة المتهم الإنجليزي لمحكمة جنايات القاهرة بتهمة ارتكاب تزويرا في محررات إحدى الشركات المساهمة، وهي عدد تسع شهادات خاصة بنتائج قياس معدلات الأداء عن اختبارات تشغيل خط درفلة قطاع الصلب المملوك للشركة المصرية للحديد الإسفنجي والصلب، إذ أنه وبوصفه المختص بتحرير بياناتها جعل واقعه مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن أثبت في الشهادات التسع بيانات مزورة مؤداها نجاح اختبارات التشغيل وتحقيقها معدلات الإنتاج المطلوبة تعاقديا مع علمه بذلك، ثم مهرها بتوقيعه بما يفيد اعتمادها، كما أحالت النيابة العامة المتهم الثانى بتهمة الاشتراك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الإنجليزي في إرتكاب الجريمة محل الإتهام السابق بأن أتفق معه على ارتكابها وساعده في ذلك، بأن أمده بالبيانات التي أثبتها على خلاف الحقيقة، وقد تمت الجريمة بناء على ذلك الإتفاق وتلك المساعدة.