الدكتور محمد حمزة يكتب: الرئيس السيسي وحماية المقابر التراثية
نظرا لما أثير مؤخرا وتم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي وبعض البرامج التليفزيونية والصحف حول المقابر التراثية للرموز والنخبة والصفوة في قرافة الإمام الشافعي وامتدادها شرقا وغربا وشمالا حتى جنوب القلعة كقرافات التونسي وسيدي عقبة والإمام الليث وسيدي عمر بن الفارض وسيدي جلال أو السيوطي والسيدة نفيسة القديمة والخديثة والمصير الذي
ينتظرها كلها أو بعضها نتيجة لتنفيذ بعض المشروعات القومية التي تمر بتلك المناطق ومحيطها ممثلة في خلق محاور مرورية جديدة وعصرية عن طريق توسيع الشوارع القديمة وإنشاء شوارع جديدة وكباري علوية؛؛ والحق أقول آن هذه المشروعات القومية ضرورة عصرية لاغني عنها في الجمهورية الجديدة التي أرسى دعائمها ووضع أساسها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي حتى تستعيد مصر دورها الرائد ومكانتها المجيدية ورونقها وبهائها كدولة عصرية بكل ماتحمله هذه الكلمة من معان ودلالات وهذا هو ما يتبناه السيد الرئيس ويدعو إليه في كل وقت وحين وفي اكثر من مناسبة ولا احد في مصر يختلف مع أو يعارض تلك الرؤية التي غابت عن مصر منذ عقود كثيرة لظروف وعوامل شتى؛ ونحن من جانبنا كمصريين محبين لوطنهم وقيادته اولا ومؤرخين وخبراء في الاثار والتراث والثقافة والحضارة والتاريخ على المستوى المحلي والإقليمي والدولي نؤيد بقوة تلك الرؤية العصرية ولكن عندما يصطدم تنفيذ تلك الرؤية مع المواقع الأثرية والتراثية ذات النسيج الحضري والعمرانية والمعماري والبيئي والبصري الواحد المسجلة على قائمة التراث العالمي لليونسكو منذ عام 1979م؛ وعلى قائمة التراث الإسلامي بالإيسيسكو منذ عام2019م وتخضع في نفس الوقت لحماية الدستور المواد47و49و50؛ والقوانين ذات الصلة117لسنة1983م وتعديلاته؛ والقانون144لسنة2006م؛ كما إنه ا تخضع لحماية القيادة السياسية ممثلة في توجيهات السيد الرئيس حول نصرة المواقع الأثرية والتراثية وذات القيمةفي اكثر من مناسبة وهو ماتحدثنا عنه من قبل؛ ولذلك لا بد من إيجاد حلول جديدة مبتكرة بالتفكير خارج الصندوق والبحث عن بدائل مناسبة وملائمة وما أكثرها حتى يحدث التناغم والانسجام وتحدث المواءمة والاتساق بين متطلبات العصرنة والمعاصرة والحفاظ علي التراث والأصالة في دات الوقت. آن العشوائيات بالقرافة معروفة ومسجلة في المصادر ومشاهدات الرحالة والرسومات واللوحات عندما تم الاعتداء في عصور سابقة على من7شأت القرافة وسرقة َمحتويات الكثير منها ونهب اوقافها وغير ذلك مما هو مبسوط في المصادر ثم زاد الطين بله بالسكن فيها وباحواشها لعوامل كثيرة لاداعي لذكرها هنا؛ وبالتالي فإن هذه العشوائيات التي لاعلاقة لها بالمقابر الأثرية والتراثية تشكل نقطة ضعف ضاغطة يجب إزالتها ونقل سكانها إلى المجتمعات الحضرية الجديدة التي وفرتها الدولة مشكورة كالاسمرات وغيرها لذلك الغرض؛ وبعد ذلك يتم تطوير أماكن هذه العشوائيات وتنميتها فتتحول نقاط الضعف إلى نقاط قوة تنسجم وتتفاعل وتتناغم وتتسق مع أعمال التنمية السياحية المستدامة بالقرافة كلها؛ وبهذه الطريقة لن يتم هدم وإزالة المقابر التراثية لأنها والمقابر الاثرية كالجسد الواحدآذا آشتكي منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمي؛ وعلى ذلك تصير القرافة نقطة قوة وجذب سياحي نادر لامثيل له في العالم وتضسف ثقلا كبيرا ودعما لما تم من مشروعات سياحية قريبة مثل المتحف القومى وبحيرة عين الصيرة ومجمع الاديان وجامع عمرو والقلعة والسلطان حسن والرفاعي ومسار ال البيت ومجري العيون فهل يجتمع مثل ذلك التنوع الهائل والنادر الافي هذه المتطقة بظواهرها.
وعلى ماتقدم اناشد السيد الرئيس إنه عند تنفيذ مشروعات قومية في المواقع الأثرية والتراثية ( وهو الذي إنتصر لتلك المواقع كما ذكرنا) ان يدعو سيادته إلى طرح الفكرة في حوار وطني يجمع كل الخبراء والمؤرخين والمتخصصين في التاريخ والآثار والحضارة والسياحة والتراث والثقافة والعمارة والفنون الجميلة والبيئة والتخطيط العمراني من كل الجامعات المصرية والمؤسسات والاعلام والجمعيات ذات الصلة؛ للدراسة وتفديم الاقتراحات والحلول المناسبة لكل مشروع على حده وهكذا يتم الجمع بين الأصالة والمعاصرة وبين الموروث والعصرنة اي نكون في مستوى مصرنا بالنسبة للذات وفي مستوى عصرنا بالنسبة للآخر وغيرنا.
حفظ الله مصر أرضا وشعبا وهويةوقيادة وجيشا وشرطة وقوة ناعمة وعلماء وتاريخا وأثارا وحضارة وثقافة وتراثا إلى أن يشاء الله وحتى يرث الأرض ومن عليها اللهم أمين يارب العالمين.
بقلم:
الدكتور محمد حمزة أستاذ الحضارة الإسلامية وعميد آثار القاهرة سابقا