رئيس التحرير
خالد مهران

الكتابة والتأليف في مأمن.. الذكاء الاصطناعي يهدد صناعة الفن والإبداع

النبأ

خبير ذكاء اصطناعي: التقنية بحد ذاتها لا تمثل خطرًا على صناعة الإبداع والمشكلة تكمن في عدم وجود قوانين للتحكم فيما تقوم به

مجدي صابر: فكرة تأليف رواية أو مسلسل أو حتى أغنية بأسلوب كاتب أو شاعر بعينه أمر يعجز عنه الذكاء الاصطناعي

سيناريست: التأليف في مأمن من عبث الذكاء الاصطناعي لأن كل كاتب له بصمة خاصة يستحيل تقليدها

مُلحن: الإحساس والمشاعر ميَّز الله بها الإنسان والأعمال التي يصنعها الذكاء الاصطناعي بلا روح

عمرو سلامة: الذكاء الاصطناعي يمثل خطورة على صناعة الإبداع ويجب سن تشريعات لحماية الفنانين منه

لطالما اعتقد الجميع أن الإبداع لصيق الموهبة، وأن لكل مُبدع بصمة خاصة به لن يستطيع أحد تقليدها، مهما بلغ بنا التطور التكنولوجي إلى أبعد الحدود، ولكن مؤخرًا ومع توغل الذكاء الاصطناعي إلى كل وظائف ومهام الأشخاص، بات ذلك الاعتقاد مشكوكًا به، لاسيَّما بعد استخدام تلك التقنية في صناعة الإبداع، من خلال إنتاج مشروعات خاصة بالكتابة أو التصميم تارة، وغيرها لإحياء أصوات مطربي الزمن الجميل تارة أخرى، مثل مشروع إحياء صوت أم كلثوم الذي أعلن عنه المُلحن عمرو مصطفى، المسألة التي أثارت غضب ومخاوف أهل الإبداع والفن وغيرهم، متسائلين إلى أي مدى يساهم الذكاء الاصطناعي في صناعة الإبداع؟ وهل سيحل محل أهله تمامًا بالحاضر أو بالمستقبل؟

هجوم وتراجع

هجوم شرس تعرض له الفنان الملحن عمرو مصطفى، بعد إعلانه مشروع إحياء صوت أم كلثوم، عن طريق الذكاء الاصطناعي، من خلال إعادة تلحين أغانيها، واتهمه الكثيرون بالسرقة لتعديه على حقوق الملكية الفكرية لأعمال «الست»، ولوَّح البعض بتقديم بلاغ ضده، على رأسهم المنتج محسن جابر والذي دخل معه في معركة حامية الوطيس، انتصر فيها الأخير، وأسرة أم كلثوم لـ«كوكب الشرق» وفنها.

23 مايو الماضي أعلنت أسرة أم كلثوم مقاضاة المُلحن عمرو مصطفى؛ لإعلانه تقديم أغنية بصوت أم كلثوم بالذكاء الاصطناعي دون إذن كتابي مسبق من صاحب الحق أو من ورثتها.

أبدية الحقوق الأدبية وكونها لا تزول بالتقادم، كانت الدافع الذي استند عليه المُنتج مُحسن جابر، في هجومه الشرس على المُلحن عمرو مصطفى، الذي أكد أنه لا يجرؤ هو أو غيره على استحضار صوت كوكب الشرق السيدة أم كلثوم بالذكاء الاصطناعي أو استعمال اسمها وصورتها، كما أوضح في بيانه 18 مارس الماضي.

محاولات عمرو مصطفى وصفها «جابر» بالمُهاترات الإلكترونية، معتبرها أنها ستؤدي إلى تشويه تاريخ السيدة أم كلثوم، وهذا أمرٌ لا يجوز.

عمرو مصطفى

لم يجد «عمرو» أمامه سوى التراجع عن مشروعه في ظل الهجوم عليه، إلا أن ذلك التراجع لم يثنه عن استغلال الذكاء الاصطناعي في مشروع بديل يقوم من خلاله بإنتاج أعمال فنية من ألحانه، الأمر الذي اعتبره البعض خطوة في سبيل احتمالية سيطرة الذكاء الاصطناعي على صناعة الإبداع.

تأليف فاشل

غضب وتخوف الكثيرون من أهل الفن، لم يكن على التراث الغنائي وحسب، ولكن شَمِلَ الإبداع بكل ألوانه من تأليف وغناء وتصميم وغيرها، إلا أن تجربة الشاعر الغنائي أيمن بهجت قمر، تُثبت أن التأليف ومحاولات إنتاج مؤلفات لكُتاب أو شعراء راحلين بواسطة الذكاء الاصناعي، باءت بالفشل، لاسيَّما وأن تخوفاته بشأن وصول تلك التقنية لهذه المرحلة من السطو على ما يفعل البشر في كل المهن، دفعته إلى تجربة ما إذا كان الذكاء الاصطناعي قادرًا على تأليف قصيدة بأسلوبه، إلا أن المنتوج كان دون المستوى، ما جعله يتيقن أن تلك التقنية لا ترقى إلى مرتبة الإبداع الفني الحقيقي، لاسيَّما وأن الكتابة والتأليف ذات طابع خاص.

السيناريست مجدي صابر

الكتابة بمأمن

ذلك الإخفاق الذي لازم بعض تجارب إنتاج أعمالًا فنية كاملة بالذكاء الاصطناعي، وخروجها بصورٍ مُشوهة، ربما لم يدُم طويلًا، ويفاجئنا المُستقبل القريب بأعمال تكاد تخلو من أي تشوه أو قصور، لاسيَّما وأن فكرة استنساخ أعمالا فنية وأغنيات لشخصيات رحلت منذ سنوات لم تكن تخطر على بال، إلا أنها باتت حقيقة للدرجة التي لم يستطع معها البعض التفريق بين التسجيل الحقيقي والمستنسخ، حسب السيناريست مجدي صابر في حديثه مع «النبأ الوطني».

ويؤكد أن علماء الذكاء الاصطناعي وحدهم من يمتلكون الإجابة عن تساؤل بشأن حلول تلك التقنية محل صناع الإبداع من عدمه.

الكتابة أو التأليف إبداعات لن تطالها عبث وتهديدات الذكاء الاصطناعي، ومسألة تأليف رواية أو مسلسل أو حتى أغنية بأسلوب كاتب أو شاعر بعينه، أمر يعجز عنه الذكاء الاصطناعي، وذلك لأن عملية الإبداع في التأليف تصطبغ بجزء خاص من مشاعر وشخصية بالمُبدع يستحيل تقليده، ولأن لكل كاتب بصمة خاصة، فإن ألَّف الذكاء الاصطناعي رواية أو مسلسل أو قصيدة، لن يستطيع استنساخ روح الكاتب بها، وفقًا لـ«صابر».

الحل بالتشريعات

الذكاء الاصطناعي يمثل خطورة على صناعة الإبداع، لاسيَّما وأنه ليس هناك مخ بشري قادر على تخيُل ما يمكن أن تصل إليه تلك التقنية، وعليه يستلزم الأمر سرعة سَّن تشريعات لحماية الفنانين وملكيتهم الفكرية، حسب المخرج عمرو سلامة.

المخرج عمرو سلامة

تركيب وتقليد الأصوات البشرية وإنشائها باستخدام الاصطناعي، مهمة سهلة وبسيطة تفعلها تلك التقنية، ما يجعلها هي المستقبل، وبخلاف ما يعتقد البعض، الذكاء الاصطناعي في حد ذاته لا يمثل خطرًا على صناعة الإبداع، ولكن المشكلة الحقيقية تكمن في عدم وجود ضوابط وقوانين للتحكم في توثيق الأصوات ونسبها إلى أصولها، حسب تصريحات خبير الذكاء الاصطناعي اللبناني، بول سمعان.

ويؤكد أنه رغم التقدم الكبير في برامج الصوت لدى الذكاء الاصطناعي، إلا أن الإخفاق يلازمها؛ لاسيَّما وأنها غير قادرة على إيصال المعلومات بشكل كامل وصحيح.

الإحساس والمشاعر ميَّز الله بهما الإنسان وحسب، والأعمال التي سينتجها الذكاء الاصطناعي، تكون بلا روح أو مشاعر، حسبما يرى المُلحن فارس فهمي.