الإنتاج الوثائقي سلاح مصر الناعم ضد تزييف التاريخ والهوية المصرية
خبيرة تراث ثقافي: الإنتاج الوثائقي يحافظ على الهوية والتراث المصري بإعادة إحيائهما بصورة تليق بالوطن
ماجدة موريس: كنا نحتاج إلى إنتاج وثائقي لمواجهة المنصات والقنوات غير المصرية تقدم أعمالًا عن تاريخنا
رئيس قناة الوثائقية المصرية: إنتاج أعمال عن المصري القديم تحتاج وقتا طويلا لاعتمادنا على خبراء ومختصين في علم المصريات
على مدار عقود طويلة وقبل تدشين قناة الوثائقية المصرية، لم يحظ إنتاج الوثائقيات باهتمام القائمين على صناعة الإعلام المصري، على الرغم من كونه ضرورة مُلِّحة، باعتباره إحدى وسائل القوى الناعمة التي تستطيع مواجهة محاولات البعض تزييف التاريخ، لما لها من تأثير كبير على الشعوب؛ ما دفع بعض المنصات إلى استخدام تلك الوسيلة استخدامًا خبيثًا في سبيل التعدي على التاريخ والهوية المصرية، لاسيَّما بعد إنتاج إحدى المنصات العالمية مسلسلًا وصفته بالوثائقي عن الملكة كليوباترا، وتعمدت اختيار ممثلة سوداء البشرة لتجسيد شخصية الملكة، ما اعتبره المصريون والمختصون في علم المصريات، محاولة لتزييف تاريخ مصر القديمة لخدمة دعوات حركة «الأفروسنتريك» التي تدعي أن الأفارقة السود هم بُناة حضارة مصر القديمة، فكيف تتصدى مصر لمحاولات تزييف تاريخها القديم وسرقة هويتها؟
حاجة مُلِّحة
تصُدر مسلسل «كليوباترا»، الذي أنتجته منصة «نتفيلكس» العالمية قائمة الأعلى مشاهدة داخل مصر، منذ عرضه 10 مايو الماضي، أعاد إلى الأذهان مدى أهمية الإنتاج الوثائقي، الذي لطالما نادى الكثيرون بالاهتمام به، لما له من تأثير وأهمية كبيرة.
انطلاق قناة الوثائقية المصرية 19 فبراير الماضي، هدأ من مخاوف المصريون والمختصين في التاريخ المصري القديم، لاسيَّما وأنه بات لدينا منصة قادرة على مجابهة كل محاولات تشويه تاريخ مصر وطمس هويتها، بعدما كثُر التربص بتاريخ وحضارة مصر القديمة والعمل على تزييفه بشتى الطُرق.
ولما كانت هوية مصر وتاريخها القديم هو المُستهدف الأول، خصصت القناة جزءًا كبيرًا من إنتاجها للتوثيق لجذور مصر القديمة وعلم المصريات، لاسيَّما مع محاولات بعض الحركات المشبوهة السطو على الحضارة المصرية القديمة ونسبها إليهم.
الإنتاج الوثائقي المصري لم يقتصر فقط على تاريخ مصر القديم وإن كان له الأولوية، إلا أن «الوثائقية المصرية»، عمدت إلى توثيق التاريخ المصري في كل عصر وحقبة زمنية، وامتد إنتاجها إلى التعريف بقيمة أعلام الوطن في كافة المجالات العلمية والفنية والثقافية وغيرها.
أزمة مسلسل كليوباترا
مطلع أبريل الماضي أثار إعلان منصة «نتفيلكس» عن مسلسل «كليوباترا» زعمت أنه وثائقي، غضب المصريين، ومع طرح البرومو الرسمي له، 12 أبريل الماضي، أنشأ المصريون من المختصين بالتاريخ المصري القديم، والمواطنون على حد سواء عارضة إجبار المنصة على عدم عرض مسلسلها؛ لتشويهه الحضارة المصرية واليونانية، وتخطى عدد الموقعون على العارضة الـ50 ألف مصري، ولكنها لم تُلق لغضب المصريين ومطالبهم بالًا، وتم عرض المسلسل في الموعد المُحدد له 10 مايو الماضي.
وثائقيات لحماية الهوية
وقبل أزمة مسلسل «نتفيلكس المشبوه»، أنتجت قناة الوثائقية المصرية أفلامًا عدة، توثق لتاريخ مصر قديمه وحديثه، وتُعرف بالحضارة المصرية القديمة، أبرزها سلسلة «جذور مصر القديمة» والتي يقدمها عالم المصريات الدكتور زاهي حواس.
وفي نهاية أبريل الماضي، أعلنت الوثائقية المصرية تحضيرها لفيلم وثائقي عن الملكة كليوباترا، لدحض ما جاء بالمسلسل المشبوه.
إنتاج وثائقيات عن المصري القديم يحتاج وقتًا طويلًا للتحضير له، لاسيَّما وأن القناة الوثائقية تعتمد في صناعتها، على خبراء ومختصين في علم المصريات، حسب تصريحات لرئيس القناة، المُخرج شريف سعيد.
الدرع الحامي
الإنتاج الوثائقي يحافظ على الهوية والتراث المصري من خلال إعادة إحيائهما بصورة تليق بالوطن، خصوصًا وأن تاريخ مصر مليء بالأحداث المُتسارعة التي من شأنها التأثير على المنطقة بأكملها، لدحض الإنتاج الوثائقي الذي يستهدف الهوية، حسب خبيرة التراث الثقافي الدكتورة ريهام عرام.
وتؤكد أن دور التوثيق من خلال الإنتاج الوثائقي، يكمن في كونه درعا حاميا للتاريخ والهوية المصرية من التزييف، لتعريف المواطنين بهويتهم دون تدليس.
رغم أن خطوة إنتاج الوثائقيات متأخرة بعض الشيء، إلا أن المصريين كانوا في أشد الحاجة لها، في ظل توغل الكثير من المنصات والقنوات غير المصرية التي تصنع أفلامًا وثائقية عن تاريخ مصر، بعضها يدس السم في العسل، ويتعمد تزييف التاريخ، حسب الناقدة الفنية ماجدة موريس.