إجراءات تأديبية وإقالات واسعة داخل جيش الاحتلال..
أسرار جديدة في حادث استشهاد محمد صلاح على الحدود الإسرائيلية
وسط حالة من الترقب الشديد والإمعان في البحث والتقصي حول ما جرى بدقة على الحدود المصرية الشرقية بمعبر العوجا، والتي أدت لاستشهاد جندي مصري على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي بعدما قام المجند محمد صلاح بقتل 3 جنود إسرائيليين، شهدت مواقع التواصل الاجتماعي، حالة من الجدل الشديد والغموض من ناحية، والاحتفاء ببطولة الجندي المصري الذي استشهد دفاعًا عن حدود بلاده من ناحية أخرى.
بداية القصة بدأت بإصدار العقيد أركان حرب غريب عبد الحافظ، المتحدث العسكري الرسمي للقوات المسلحة، بيانًا صحفيًا، أعلن فيه وفاة جندي مصري من عناصر الأمن المكلفين بتأمين خط الحدود الدولية أثناء مطاردته لعناصر تهريب المخدرات.
وأضاف البيان، أنه أثناء المطاردة قام فرد الأمن باختراق حاجز التأمين وتبادل إطلاق النيران مما أدى إلى وفاة 3 أفراد من عناصر التأمين الإسرائيلية، وإصابة 2 آخرين بالإضافة إلى وفاة فرد التأمين المصري أثناء تبادل إطلاق النيران.
ولفت المتحدث باسم القوات المسلحة، إلى أنه جارى اتخاذ كافة إجراءات البحث والتفتيش والتأمين للمنطقة وكذا اتخاذ الإجراءات القانونية حيال الواقعة.
على الجانب الآخر، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، مقتل 3 من جنوده وإصابة ضابط آخر على يد شرطي مصري قرب الحدود مع مصر، في حادثة بدأت بإطلاق نار على الجنود، ثم تلاها بعد ساعات اشتباك مع ما وصفوه بـ«المهاجم المخرب».
ملابسات حادث معبر العوجا
وفي محاولة لجمع المعلومات المتاحة حول حادث الحدود، والوقوف عند الحقيقة الكاملة لاستشهاد الجندي محمد صلاح، صاحب الـ22 عامًا، نجد عدم وجود رؤية واحدة كاملة سوى ما نشرته الصحافة العبرية والتي حاولت من خلاله تعزيز سيناريو كاذب بأن الشهيد المصري اخترق الحدود الإسرائيلية عمدًا وبتخطيط، وليس صدفة كما جرى لمحاولة إحباط عملية التهريب كما جاء على لسان المتحدث العسكري باسم القوات المسلحة المصرية، خاصة وأن الجانب المصري اكتفى ببيان المتحدث باسم القوات المسلحة المصرية الذي تحدث عن وفاة المجند محمد صلاح أثناء مطاردته لعناصر إجرامية حاولت تهريب مواد مخدرة وهو ما أسفر عن وفاة 3 جنود إسرائيليين.
ووفقًا لما أتيح من معلومات منطقية يمكن الاستناد لها من رواية «تل أبيب»، استلم جنديان من جيش الاحتلال اللذان لقوا مصرعهما عقب ذلك بساعات قليلة مهمتهما في برج مراقبة يبعد 3 كيلومترات عن معبر العوجا في الساعة التاسعة مساء يوم الجمعة 2 يونيو، وفي الرابعة فجرًا فوجئ المجند المصري محمد صلاح أثناء الوقوف في خدمته لتأمين الحدود المصرية، بمحاولة أحد المهربين التسلل إلى الحدود الإسرائيلية ليندفع خلفه محاولًا الإمساك به وحال عبور المهرب السياج الحدودي والدلوف إلى الجانب الإسرائيلي هرع المجند المصري خلفه محاولًا الإيقاع به.
533
ألف دولار أمريكي قيمة كمية المواد المخدرة التي أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي عن إحباط محاولة تهريبها
وحال دخول الجندي المصري الحدود الإسرائيلية فوجئ بإطلاق النيران صوبه على يد جنود جيش الاحتلال، لينجح بعد تبادل إطلاق النيران في قتلهما دفاعًا عن نفسه خاصة وأنه كان في مهمة وطنية لحماية الحدود ومنع المتسللين والمهربين من نجاح مهمتهم.
ومن الساعة السادسة صباحا وحتى التاسعة انقطع اتصال الجنديين بالجيش الإسرائيلي، وبإرسال قوة لتمشيط المكان اكتشفت قوات الاحتلال أن الجنديين قد قتلا وبجوارهما سلاحهما.
قبل ذلك بساعات قليلة، أعلن جيش الاحتلال، نجاحه في إحباط محاولة تهريب كمية كبيرة من المواد المخدرة تقدر بـ533 ألف دولار أمريكي.
وبعد اكتشاف قتل الجنديين، بدأت القوات الإسرائيلية عملية تمشيط واسعة، وتم الدفع بتعزيزات عسكرية ليتم العثور على مكان الجندي المصري ليدور اشتباك آخر مع القوة الإسرائيلية وينجح المجند المصري في قتل جندي إسرائيلي ثالث ويصيب 2 آخرين قبل أن يرتقي شهيدًا.
وعثرت قوات الاحتلال على مصحف و3 خزن رصاص، وسكين بحوزة الشهيد.
مناقشات رسمية
بعد 48 ساعة من وقوع الحادث، تلقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، اتصالا هاتفيا من بنيامين نتنياهو، رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، ناقشا خلاله تداعيات حادث الحدود.
وقال المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية المستشار أحمد فهمي، إن الاتصال تناول حادث إطلاق النار الذي شهدته الحدود المصرية الإسرائيلية يوم السبت 3 يونيو والذي أدى إلى وفيات في أفراد تأمين الحدود.
وأضاف أن الرئيس السيسي «نتنياهو»، اتفقا على أهمية التنسيق بشكل كامل لكشف جميع ملابسات الحادث، واعتزام الجانبين استمرار العمل والتنسيق في سياق العلاقات الثنائية، والسعي لتحقيق السلام العادل والشامل والحفاظ على الاستقرار في المنطقة.
قصة البطل
واحتفى المصريون ببطولة المجند محمد صلاح، معتبرين أن ما قام به دور بطولي يستحق الإشادة به وتخليد ذكراه إلى الأبد.
وعلمت «النبأ» أن الشهيد محمد صلاح، لم يكمل تعليمه بعد حصوله على الشهادة الإعدادية لوفاة والده في حادث سير وإجبار الحياة له على العمل في ورشة ألوميتال وترك التعليم لمساعدة والدته في الأعباء المعيشية.
واستلم الجانب المصري جثمان الشهيد محمد صلاح، من الجانب الإسرائيلي، ليتم دفنه الاثنين الماضي، في مقابر العائلة بقرية العمار في محافظة القليوبية.
كواليس استعانة تل أبيب بإخصائيين نفسيين لإعادة تأهيل جنود الكتيبة المسئولة عن تأمين الحدود
عاصفة داخل جيش الاحتلال
الحادث كان كالعاصفة التي جاءت محملة بما لا تشتهي السفن، حيث شهد المجتمع الإسرائيلي حالة من الغضب العارم، والذي انتقل بدوره إلى جيش الاحتلال.
وفي هذا الصدد، أفادت وسائل إعلام عبرية، إن جيش الاحتلال أرسل كتيبة من لواء «النخبة» -أحد اللواء العسكرية التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي- لتعزيز قواته على الحدود مع مصر بعد حادث معبر العوجا.
وأضافت أن الجيش الإسرائيلي قرر نقل كتيبة من لواء النخبة لتحل محل جنود كتيبة «الفهد» المسئولة عن تأمين الحدود مع مصر.
وأشارت إلى أن الخطوة تأتي في إطار مساعدة كتيبة «الفهد» على إعادة التأهيل بعد الحادث، علاوة على الاستعانة بأخصائيين اجتماعيين ونفسيين للتحدث والجلوس مع جنود كتيبة «الفهد» لتأهيلهم نفسيًا وتمكينهم من العودة لعملهم من جديد.
موقع عبرى يكشف حقيقة انهيار أسطورة الجيش الإسرائيلى وإهدار «مليارات فشنك» على تأمين الحدود
الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل يناقش قادة الجيش الإسرائيلي حاليًا بقيادة رئيس أركان الاحتلال هرتسي هليفي، ملف هام وحساس حول تغيير سياسات طول فترة حراسة الجنود الإسرائيليين المسئولين عن تأمين الحدود مع مصر والتي تصل إلى 12 ساعة متواصلة.
وتحدث «هليفي» عن أن طول نوبات العمل لا يتوافق إطلاقًا مع ما تتطلبه مهمة تأمين الحدود من تركيز عالي المستوى.
وتشير الصحف العبرية، إلى حصولها على معلومات مؤكدة باتخاذ إجراءات حاسمة داخل الجيش الإسرائيلي تشمل تحويل بعض القادة لمحاكمات تأديبية وإقالة بعضهم من مناصبهم –وفقًا لموقع واللا العبري-.
وأضاف الموقع العبري، أن حادث الحدود يعني هدم وانهيار أسطورة الجيش الإسرائيلي، خاصة وأن جيش الاحتلال خلال الفترة القليلة الماضية استثمر المليارات من الشيكل الإسرائيلي لتأمين الحدود المشتركة مع مصر.
قصور أمني إسرائيلي
من جانبه يرى اللواء سمير فرج، المفكر الاستراتيجي، أن الحادث لن يؤثر مطلقًا على العلاقات المصرية الإسرائيلية وفقًا لما قاله «نتنياهو» في تصريحات له.
وقال «فرج» إن قلة المعلومات حول الحادث أمر طبيعي لقوة الحادث معتبرًا ما حدث يشكل أزمة كبيرة للجيش الإسرائيلي، لافتًا إلى أن هناك قصور أمني كبير من الجانب الإسرائيلي.
وتابع: «الجانب الإسرائيلي لا يريد تقديم المزيد من المعلومات حتى لا تتضح حقيقة الأمور وهو ما يمكن المراقبون رصد الأخطاء التي وقع فيها الجيش الإسرائيلي على المستوى الأمني».
تفاصيل طلب حكومة إسرائيل من مصر التعاون الكامل فى التحقيقات
واعتبر المفكر الاستراتيجي سمير فرج، أن الحادث غير مفتعل على الإطلاق، وأن الجندي المصري كان يؤدي واجبه على أكمل وجه.
وأشاد بإعلان مصر موافقتها على التعاون مع الجانب الإسرائيلي في التحقيقات لمعرفة ما جرى بالضبط، معقبًا: «الأمر في مصلحة الطرفين ومصر ليس من مصلحتها تسلل المهربين والمتسللين عبر الحدود سواء هنا أو هناك».
ولفت اللواء سمير فرج، إلى أن الجانب الإسرائيلي هو من طالب مصر المساعدة في إجراء تحقيق شامل.
واستكمل حديثه: «البعض يتساءل لماذا دخل الجندي المصري وراء المهرب عندما اقتحم الأخير الحدود الإسرائيلية، نعم الدخول وراءه كان إلزاميا، الجندي كان ينفذ مهمته للإمساك بالمهرّب ومعرفة هويته وجمع كل المعلومات بخصوصه أو من يعمل معه».
وقال «فرج» إن معبر العوجا الذي شهد الحادث معروف بأنه «سيئ السمعة» لما شهده من محاولات عديدة عبر السنوات الماضية من التسلل.
وأضاف أنّ كل حالات الهروب أو التسلل كانت تتم من خلال هذا المعبر، لافتًا إلى أن الأرض في المعبر جبلية مليئة بالكهوف والوديان، ومن يعبرها يصعب العثور عليه.
نفضح محاولات «نتنياهو» لـ«دس السم» وإقناع مواطنيه بأن الحادث عمل إرهابى
وأشار إلى وجود ثلاث فئات اعتادت التسلل من هذا المعبر، وتشمل الأفارقة القادمين عبر سيناء ويهربون إلى إسرائيل، متابعًا: «وانتهت ظاهرة الأفارقة تمامًا ليتبقى فئتان هما تهريب المخدرات وتهريب الأسلحة والذخيرة».
وأوضح أن محاولة المهرب التسلل إلى الحدود الإسرائيلية تمت بتخطيط عالي الدقة بتعمده تنفيذ العملية في الظلام الحالك، معقبًا: «التخطيط كان عشرة على عشرة».
وحول تعمد الإعلام العبري إقناع مواطنين تل أبيب أن الحادث إرهابي متعمد ومخطط له مسبقًا، قال اللواء سمير فرج، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وصف الهجوم بالإرهابي لأن هذا هو أسلوبه المعتاد أن يقنع الإسرائيليين بأن هناك إرهابا ولا أحد يستطيع حمايتهم منه سواه.
واستطرد «فرج» حديثه قائلًا: «ما حدث فضيحة عسكرية لإسرائيل، فكيف ستقنع إسرائيل مواطنيها أن حادث مقتل 3 جنود على خط الحدود على يد جندي مصري لا يمتلك سوى 100 طلقة فقط».
وتابع: «شاب مصر واحد؛ شوف عمل إيه، النهاردة إسرائيل كلها في كارثة زي يوم السبت الحزين 9 أكتوبر عندما أعلنوا هزيمة إسرائيل، النهاردة ولد مصري عمل فيهم كدا وأثبت أن جيش الدفاع الإسرائيلي لا يساوي شيئًا».
وأكد أن ما حدث على الحدود الشرقية مع إسرائيل سبب لإسرائيل حالة من اللا وعي، وأن إسرائيل لا تعلم ماذا تقول فيما حدث لهم من خسائر في الجنود.
واستكمل حديثه: «إسرائيل في ورطة الآن حصل خسائر لديها لم تحدث بهذا الشكل على خط الحدود بأخطاء لا يقدرون على تبريرها، أنا أنتظر قرار لجنة التحقيق المؤلفة من الجانب المصري والإسرائيلي الذي سيصدر».
وطالب اللواء سمير فرج، المصريين بالوثوق في بيانات القوات المسلحة المصرية، لافتا إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ توليه وزارة الدفاع شدد على ضرورة إخبار المواطنين بكل الحقائق.
وأكد أن القوات المسلحة المصرية نجحت في رفع كفاءة المنطقة الحدودية ووحدات الإقامة للأفراد من خلال توفير مخبز ونقطة تعيين وتوفير شاشة تلفزيون في المنطقة ذات الإرسال، متابعًا: «أول طاقة شمسية دخلت مصر: كانت لقوات حرس الحدود، مستوى الإقامة والطعام بنقط الحدود فوق الخيال».
واختتم المفكر الاستراتيجي سمير فرج حديثه، مؤكدًا أن ما فعله الشهيد محمد صلاح يوضح كفاءة الجندي المصري وقدرته على التصويب، حيث إنه لديه روح معنوية عالية، ومحب لوطنه، لذا رفض الرجوع ووقف كالبطل أمام الجنديين الإسرائيليين.