بعد الحروب السودانية والروسية الأوكرانية.. وجهات جديدة للطلاب الراغبين في الدراسة بالخارج
ولى أمر: أكثر من دولة فتحت أبوابها ولكن أنا قلقان من المجر وبولندا ورومانيا
ولى أمر: مين هيروح يدرس فى الخليج.. التكلفة عالية والتعليم مش ولا بُد
أُم: المهم عندى الجامعة تكون معتمدة حفاظا على مستقبل بنتى
«اليونسكو»: ماليزيا تستحوذ على 2% من نسبة الطلاب الدوليين فى قطاع التعليم الخاص
تترواح تكاليف الدراسة بالجامعات الخاصة التركية بين 2500 و8000 دولار في السنة
متوسط تكلفة الدراسة بالمجر يتراوح بين 4400 و6600 يورو
أستاذ جامعى: تكلفة الدراسة بالجامعات خارج مصر ستكون مرتفعة مهما كانت بسيطة
عضو هيئة تدريس: المجلس الأعلى يتحمل جزءا من مسؤولية النصب على الطلاب بجامعات غير معتمدة
لطالما كانت وجهة طلاب الثانوية العامة للدراسة في الخارج إلى ثلاث دول على رأسهم السودان ثم روسيا وأوكرانيا، لانخفاض تكلفة الدراسة بها عن الجامعات الخاصة والأهلية المصرية، ولكن جاءت الحروب بما لا تشتهي سُفن الطلاب وأولياء أمورهم، وأغلقت السودان أبوابها في حين باتت أوكرانيا وروسيا مصدر خطر على الطلاب، ما دفعهم للبحث عن وجهات بديلة؛ لتحقيق أحلام أبنائهم في دراسة التخصص الذي يفضلون، بتكلفة في متناول أيديهم.
دول عدة فتحت أبوابها أمام طلاب الثانوية العامة الراغبين في استكمال دراستهم بالخارج، على رأسها تركيا وماليزيا، والتي يحبذهما السواد الأعظم من أولياء الأمور، على بولندا ورومانيا والمجر ودول الخليج، المطروحين ضمن بدائل السودان وأوكرانيا وروسيا، وذلك بخلاف الأردن التي كانت وجهة عدد محدود من طلاب الثانوية العامة المصريين خلال السنوات الماضية.
أحلام قيد التنفيذ
«الحقيقة فيه أكثر من دولة فتحت بيبانها للدراسة في جامعاتها، ولكن معظمها أنا قلقان منها، زي بولندا ورومانيا والمجر، ودول الخليج مطروحة كمان ضمن البدائل، بس مين هيروح يدرس في الخليج مش منطقي، لأن التكلفة عالية والتعليم مش ولا بُد هناك»، يقولها محمد فوزي، ولي أمر طالب بشهادة الثانوية العامة.
14 ألف دولار تكلفة دراسة التخصصات الطبية بالجامعات الماليزية الخاصة، بينما تتراوح الدراسة في الجامعات الحكومية هناك بين 2050 لـ3500 دولار أمريكي للعام الواحد
كان «فوزي» يخطط منذ العام الماضي، وقبل اندلاع الحرب في السودان، أنه في حال لم يحالف نجله الحظ في الحصول على الكلية المنشودة داخل مصر، ستكون السودان وجهته، ولكن تلك الحرب أفسدت خطته، ورغم أن أوكرانيا وروسيا مازالا يفتحان أبوابهما أمام الطلاب، إلا أنه لن يُغامر بحياة نجله، لاسيَّما وأنه ربما تشتعل الأزمة مرة أخرى.
«أهم شيء بالنسبة لي إن الجامعة اللي هاختارها لبنتي تكون معتمدة، علشان لو حصلت مشكلة مستقبلها ما يضيعش، وما أظنش إن بولندا ورومانيا والمجر فيها جامعات معتمدة عندنا في مصر، علشان كدا أنا ممكن اختار بين ماليزيا والأردن وتركيا، والمصروفات هي اللي هتحسم الاختيار ما بينهم»، تقولها صفاء الشريف، والدة طالبة الثانوية العامة، التي تأمل دراسة طب الأسنان.
تتمنى «صفاء» أن تحصل ابنتها على المجموع الذي يؤهلها للالتحاق بكلية طب الأسنان بإحدى الجامعات الحكومية المصرية، لأنها لا تستطيع دفع تكاليف الدراسة بهذا التخصص بالجامعات الخاصة أو الأهلية، ما يضطرها إلى التفكير في إرسال ابنتها إلى إحدى الوجهات المطروحة حاليًا للدراسة بالخارج، باعتبارها أقل تكلفة -حسب اعتقادها-
لم تعد تكاليف الدراسة الجامعية خارج مصر منخفضة بعد ارتفاع قيمة الدولار مقابل الجنيه المصري، لاسيَّما في الجامعات المعتمدة لدى المجلس الأعلى للجامعات المصري، وعليه يحذر الكثير من المختصين من الوقوع في أفخاخ شركات ومكاتب الدراسة بالخارج، التي تروج لبعض الدول منخفضة التكلفة والتي تكون معظم إن لم تكن كل جامعاتها غير معتمدة.
ماليزيا تتصدر
تحتل ماليزيا الترتيب الـ11 على مستوى العالم في أعداد الطلاب الدوليين المُلتحقين بها في السنوات القليلة الماضية، ما جعلها إحدى الوجهات المهمة لطلاب العرب للدراسة بها، وتستحوذ على 2% من نسبة الطلاب الدوليين في قطاع التعليم الخاص، بواقع 80 ألف طالب من أكثر من 100 دولة، وفقًا لمنظمة اليونسكو.
وتتراوح تكلفة دراسة التخصصات الطبية بالجامعات الماليزية الحكومية بين 2050 و3500 دولار أمريكي للعام الدراسي الواحد، في حين تتخطى الـ 14 ألف دولار في الجامعات الخاصة.
بينما تترواح تكلفة دراسة التخصصات غير الطبية في الجامعات الماليزية بين 920 دولارا و1800 دولار.
مساعي الأردن
احتلت الأردن المرتبة الخامسة عربيًا والـ45 عالميًا في جودة التعليم لعام 2021، وفقًا لمؤشر جودة التعليم الصادر عن مؤتمر «دافوس» العالمي للاقتصاد.
نسب القبول بالجامعات الأردنية الحكومية والخاصة للطلاب الأجانب، تبلغ 65% للتخصصات العلمية و50% لباقي التخصصات، ويصل عدد طلاب الجامعات الأجانب بالأردن إلى 42 ألف طالب، بينهم 4248 طالب مصري، وفقًا لإحصائيات وزارة التعليم العالي الأردنية عام 2022.
لماذا تركيا؟
يحبذ كثير من طلاب الثانوية العامة وأولياء أمورهم تركيا كوجهة بديلة عن السودان وروسيا وأوكرانيا، لاسيَّما وأنها الترتيب الـ10 بين الدول التي تستقبل طلاب أجانب للدراسة بجامعاتها، وفقًا لمنظمة اليونسكو.
وتتيح الجامعات التركية الحكومية الفرصة لطلاب الثانوية العامة الحاصلين على نسبة 90% كحد أدنى للقبول للتخصصات العلمية، في حين يبلغ الحد الأدنى للدراسة بالجامعات الخاصة التركية 50%.
تتراوح تكاليف الدراسة بالجامعات التركية الحكومية بين 500 و700 دولار أمريكي لكل عام دراسي، حسب التخصص والجامعة، بينما تترواح تكاليف الدراسة بالجامعات الخاصة بين 2500 و8000 دولار، بخلاف تكلفة السكن الذي يبلغ 50 دولارًا شهريًا في جميع المدن التركية لطلاب الجامعات الحكومية، ويتراوح بين 150 و250 دولار ا شهريًا لطلاب الجامعات الخاصة، حسب أحد أصحاب شركات الدراسة بتركيا.
ويتراوح متوسط دراسة التخصصات الطبية في الجامعات التركية بين 5 و8 آلاف دولار.
وجهات أوروبية بالمنافسة
المجر وبولندا ورومانيا، ثلاث وجهات جديدة باتت متاحة أمام الطلاب للدراسة بتكلفة أقل نسبيًا من الدراسة في دول أوروبا.
وتكلفة الدراسة الجامعية في المجر تعد منخفضة نسبيًا مقارنة ببعض دول أوروبا الغربية، والتي تختلف باختلاف التخصص والجامعة ولغة الدراسة إذا كانت الإنجليزية أو الهنغارية، ويتراوح متوسط تكلفة الدراسة بها بين 4400 و6600 يورو، أي ما يعادل 4700 و7100 دولار، وتضم قائمة أشهر الجامعات المجرية جامعات سيجيد، وبيكس، ودبرتسن، وفقًا لموقع فايند كورس للتقديم على الجامعات حول العالم.
الجامعات البولندية باتت على قائمة بدائل دول الدراسة بالخارج التي أغقلت أبوابها أمام الطلاب وتلك التي لم تعد آمنة بالنسبة لهم، وتصل رسوم الدراسة في الجامعات الحكومية في بولندا إلى 2500 دولار، في حين يتراوح متوسط الدراسة في الجامعات الخاصة بها بين 4 و7 آلاف دولار، وفقًا لطبيعة التخصص والجامعة.
وتضم قائمة الجامعات المعتمدة من المجلس الأعلى للجامعات المصري، المنشورة على الموقع الرسمي للمجلس، عددا من الجامعات من 5 دول، متوزعة على النحو التالي 7 جامعات أوكرانية، و5 جامعات جورجية، و3 جامعات أرمينية، و16 جامعة كازاخية، و10 جامعات روسية، بالإضافة إلى قوائم مُحدثة بعدد الجامعات المعتمدة في تخصصات الطب البشري وطب الأسنان، والصيدلة ونظم وتكنولوجيا المعلومات، وتخصص الهندسة والدراسات التقنية، ومجالات الآداب.
تكلفة مرتفعة
وفي السياق ذاته، يرى الدكتور محمد عبدالعزيز، أستاذ العلوم والتربية بجامعة عين شمس، أن تكلفة الدراسة بالجامعات خارج مصر، خصوصًا في الأردن، ستكون مرتفعة مهما كانت بسيطة، بسبب انخفاض الجنيه مقابل الدولار الأمريكي، الذي تتعامل به تلك الجامعات.
وأوضح أن مسألة اختيار وجهة بعينها لاستكمال الدراسة بها، متوقفة على أكثر من معيار، على رأسهم نوعية التخصصات التي تتيح تلك الجامعات الدراسة بها، وما إذا كانت متاحة بمصر من عدمه، وما إذا كان اعتماد الجامعة محليًا فقط أم دوليًا أيضًا، بدليل أن بعض الجامعات الحكومية المصرية المُعترف بها لدينا غير معترف بها دوليًا.
وأضاف أن انخفاض تكاليف الدراسة في بعض الجامعات بدول شرق أوروبا، والتي طُرحت كوجهات بديلة للسودان وأوكرانيا وروسيا، مسألة يجب أن تُثير الشك في أنفس الطلاب وأولياء أمورهم، خصوصًا التخصصات الطبية والعملية، لأن تكلفة الدراسة بمثل هذه التخصصات داخل مصر مرتفعة لارتفاع تكلفة الأدوات المستخدمة في التدريس، وفي حالة وجد الطالب أن تكلفة أو مصروفات الدراسة في التخصصات الطبية تحديدًا منخفضة عن مصر يجب أن يتوخى الحذر، بشأن ما إذا كانت الجامعة التي اختارها معتمدة دوليًا من عدمه.
وتابع: «لذلك يجب على الطلاب وأولياء أمورهم أن يتحروا الدقة في اختيار الوجه التي يكمل بها مشوارهم الدراسي، للتأكد من ما إذا كانت تلك الجامعات التي يفاضلون بينها معتمدة من المجلس الأعلى للجامعات المصري من عدمه، حتى لا يقع في مشكلة، لاسيَّما وأن أي دولة بها جامعات خاصة غير معترف بها داخلها قد ينخدع بها الطلاب».
وعود كاذبة
وأكد «عبد العزيز»، أن بعض أولياء الأمور قد تخدعهم وعود كاذبة، بأن الجامعة الفلانية في طريقها إلى الاعتماد، ليفاجئوا في النهاية بأن مستقبل أبنائهم ضاع بعض قضاء سنوات من عمره في الدراسة في جامعة غير معتمدة، بخلاف المبالغ الكبيرة التي تم سدادها للدراسة، ومصروفات المعيشة في الغربة، مثلما حدث مع بعض الطلاب العائدين من السودان وأوكرانيا وروسيا، الذين تفاجئوا أن الجامعات التي التحقوا بها لم تكن جامعات معتمدة، الأمر الذي أضعف موقفهم من إيجاد حلول لهم مثل زملائهم المقيدين بجامعات معتمدة لدى المجلس الأعلى للجامعات بعد عودتهم إلى مصر.
واختتم أستاذ العلوم والتربية بجامعة عين شمس حديثه لـ«النبأ»، بتحميل مسؤولية وقوع الطلاب في فريسة للجامعات غير المعترف بها، لأولياء الأمور من جهة والمجلس الأعلى للجامعات من جهةٍ أخرى، الذي يقع على عاتقه مهمة تعريف الأهالي والطلاب بالجامعات المعتمدة لديه.