رئيس التحرير
خالد مهران

الدكتور محمد حمزة يكتب: محاولة نقل رفاة الإمام الشافعي خارج مصر في العصر الفاطمي

النبأ

من المعروف إن  الإمام الشافعي ولد بغزة عام 150هجرية  وجاء إلى مصر عام198هجرية وتوفي عام204هجرية ودفن في مقبرة بني زهرة اولاد عبدالله بن عبد الرحمن بن عوف الزهري؛ وتربة اولاد بن عبد الحكم بالقرافة  الكبرى في ذلك الوقت. 
.غير ان ما يعنينا في هذا المقام هو مايتعلق بموضوع  نقل رفاته إلى بغداد  وقد عد ذلك من ابدع ماحكي عن منتقبه.
وتبدأ الحكاية برغبة الوزير  السلجوقي الداهية نظام الملك الطوسي (ت 485هجربة) في نقل رفاة الإمام الشافعي من مقبرته إلى مدرسته النظامية في بغداد التي انشاهاعام459هجرية؛ ولذلك قام في عام474هجرية بمراسلة أمير الجيوش بدر الجمالي ت 487هجرية ( وهو صاحب مشهد الجيوشي أعلى المقطم وأسوار القاهرة الحالية وبواباتها) وزير الخليفة المستنصر  بالله الفاطمي؛ وطلب منه ذلك  ومع طلبه  بعث بهدية جليلة؛  فركب اميرالجيوش في موكب ومعه
أعيان الدولة ووجوه المصريين من العلماء وغيرهم وقد اجتمع الناس لرؤيته فلما نبش القبر شق ذلك على الناس وماجوا وكثر اللغط وإ رتفعت
الأصوات  وهموا برجمه  والثورة عليه فاسكتهم؛  ثم اخبر الخليفة بذلك وبرغبة نظام الملك  فامر الخليفة بتفيذ رغبة نظام الملك وقرئ كتابه اي الخليفة على الناس عند القبر وطردت العامة والغوغاء  من حوله؛ ووقع الحفرحتي إنتهوا إلى اللحد  وأرادوا  قلع ماعليه من الطين وحينئذ خرج من اللحد رائحة عطرة دوخت واسكرت جميع الحاضرين حتى وقعوا صرعي ولم يفيقوا إلا بعد ساعة؛ فإستغفروا مما فعلوه  واعادوا ردم   القبر كما كان وإنصرفوا. وكان يوما مشهودا ومن الايام المذكورة وقد ادي ذلك إلى تزاحم الناس على القبر وزيارته لمدة40يوما   بلياليها حتى ما كان يتوصل إليه إلابعد عناء ومشقة زائدة.
وكتب بدر الجمالي كل ماحدث  في محضر وبعث به مع هدية  عظيمة إلى نظام الملك؛ وقرئ ذلك وسمع بالمدرسة النظامية لبغداد أمام جموع غفيرة فكان يوما مشهودا؛ بل  إن نظام الملك كتب إلى  بلدان المشرق من حدود الفرات إلى ماوراء النهر( الجمهوريات الاسلامية الست الحالية بآسيا الوسطي التابعة لدول الكومنولث والمنفصلة عن الاتحاد السوفيتي السابق عام1990 م) وبعث مع كتابه كتاب بدر الجمالي والمحضر وتم قراءة ذلك في كل بلدان المشرق المذكورة فزاد قدر الإمام الشافعي عند الكافة في تلك الاقطار. ولم يكن هذا هو حال قبر الشافعي فقط بل قبور الصحابة  والصالحين والعلماء وأولياء الله الصالحين والفت عنهم الكتب لذكر مناقبهم والحث على زيارتهم سواء في كتب مستقلة أو ضمن كتب خطط ومزارات القرافة  والتي كانت تتضمن فصلا عن  هؤلاء يعرف باسم( اللمعة في ذكر السبعة)
ولدينا قائمة كبيرة بأسماء هؤلاء وغيرهم من الائمة والعلماء المحققين وقبور بعضهم معروفة وقبور غيرهم في إنتظار بعثة اثر ية مصرية  من المجلس والقطاع أسوة بما يحدث بحثا عن المقابر المصرية القديمة بسقارة وغيرها للكشف عنها والعثور عليها وسط مقابر القرافة واحواشها المترامية الأطراف شرقا وغربا وشمالا،
ولذلكوفإن مايجري على أرض القرافة ماكان له إن يحدث؛ تلك القرافةالطاهرة المقدسة المباركة المعروفة بغراس أهل الجنة؛ والمنطقة المحيطة والقريبة من الإمام الشافعي تعرف بالبقيع الثاني وبالتالي كلها أرض الصالحين ولذلك دفن بجوارهم الاعيان والاعلام والنخبة والرموز   حتى ينالوا بركتهم مصداقا لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم ( إن الميت  ليتأذي بالجار السوء كما يتأذى به الحى) ولدينا  من الموروث ( الجار قبل الدار) وطبق المصريون ذلك أثناء حياتهم وبعد مماتهم حكاما ومحكومين  وهو ماتشهد عليه وتؤكده المقابر الأثرية والتراثية بالقرافة.
وختاما فإن القبر من أعظم النعم التي أنعم الله بها علي الانسان وخليفته في الأرض بدلاله قوله تعالى وهو الحق( ثم أماته فأقبره)  اي جعله ممن يقبر اي يدفن تمييزا له عن سائر المخلوقات والتي تطرح في اي مكان فتلتهمها السباع والذئاب والضياع والكلاب وغيرها؛ ولذلك فإن اول قبر في التاريخ كان الهاما وبإشارة من غراب حتى يداري  احد ولدي ادم الذي لم يقبل الله قربانه سوءة أخيه  بعد أن قتله لان الله قد تقبل قربانه وهي المشهورة طبقا للتوارة أو العهد القديم بقصة هابيل وقاين(قابيل) ولكن سبب القتل كان على غير ماورد في القران والمهم ان مايعنينا    هو مضمون ومغزي قصة أول قبر في التاريخ. وفقا لما ورد في الكتاب المقدس والقرآن. 
 وعلى ضوء ماتقدم فإن ماحدث ماكان يجب أن يحدث على أرض القرافة التي تحتفظ بتاريخ مصر العربية الاسلامية منذ عام21_25هجرية/641_645_646م  وهي بذلك تماثل جبانة منف  من ابورواش شمالا حتى مدخل بني سويف جنوبا والتي تحتفظ بتاريخ مصر القديمة حتى عام 332 ق م بل وبعد ذلك. 
ومما له دلالته إن الحلول والبدائل موجودة ومتوفرة ولكن أين الأذن الصاغية   واين الخبراء والمختصين؛ واين أمانة العرض والرؤئ والخطط والحلول والبدائل التي يجب  ان تطرح وتوضع تحت نظر القيادة السياسية والجهات التنفيذية في حالة تنفيذ المشروعات القومية في مناطق تاريخية ومواقع أثرية وتراثية حتى لاتحدث أزمة ومحنة مثلما هو حادث الان وحتى لانفقدها إلى الابد ونندم يوم لاينفع الندم  ولايرحمنا التاريخ.
حفظ الله مصر أرضا وشعبا وهويةوقيادة وجيشا وشرطة  وحكومة رشيدة وقوة ناعمة وعلماء وتاريخا وأثارا وحضارة وثقافة وتراثا إلى أن يشاء الله وحتى يرث الأرض ومن عليها اللهم أمين يارب العالمين.