ما بعد قمة «دول الجوار»..
تحركات مصر لإفساد مخطط تقسيم السودان وإدخال قوات دولية
جاءت قمة دول الجوار التي انعقدت في القاهرة لترسم ملامح جديدة لحلحلة الأزمة السودانية، والتي أثبتت أن الدور المصري قادر على التغيير، مما يثير العديد من التساؤلات حول وساطة القاهرة وإمكانياتها في وقف الحرب بالسودان، والآلية الوزارية ومدى قدرتها على خوض وساطة بين الطرفين المتحاربين للوصول إلى وقف إطلاق النار والتحاور بين القوى السياسية المختلفة وغلق الباب أمام أي تدخل أجنبي في الصراع الدائر.
من جانبه، كشف معتز الفحل الأمين السياسي للحزب الاتحادي الديمقراطي السوداني، أن القمة جاءت في توقيت مثالي بالنسبة للظروف التي تمر بها السودان، وجاءت بعد 3 أشهر من استمرار الصراع في السودان، وحضور القادة والزعماء لدول حوض النيل بانفسهم للقاهرة هو انتصار دبلوماسي لمصر، لوجود ثقل مصر الدولي وكدولة شقيقة وجارة للسودان.
وتابع: «كل العالم يعرف العلاقات بين مصر والسودان علاقات تاريخية سياسية واجتماعية واقتصادية، المكان الطبيعي البلد التي يمكن أن تقدم حلول وتجد ترحيب متبادل من دور الجوار لمصر، وترجمة لاهتمام مصر قيادة وشعبًا بقضايا السودان».
التحولات الجيوسياسية
وأكد «الفحل» في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن بند وقف التصعيد من قمة بهذا الثقل السياسي لدول جوار السودان، هي خطوة للأمام لأن تلك الدول لديها اتصالاتها مع طرفي الأزمة في السودان، والمبادرات السابقة في جدة وأديس أبابا ثمرة تلك المجهودات ظهرت في القمة، كما أن حضور رؤساء الدول والخطابات الواضحة من هؤلاء القادة وجهت رسائل لطرفي الأزمة.
وأوضح الأمين السياسي للحزب الاتحادي الديمقراطي، أن كلمات الرئيس السيسي بأن الحرب صراع داخلي ويقتضي على طرفي الصراع أن يتحملوا تبعات المعارك والقتل والتدمير للشعب السوداني.
وبيّن «الفحل»، أن بند الحفاظ على الدولة السودانية ووحدة أراضي السودان، مهم جدًا لأن هناك مخططات لتفتيت السودان وخلق كيانات إقليمية ضيقة رغم أن العالم الأول كله يتجه نحو التعاضد والتكاتف، مؤكدًا أن الصراع في السودان يلعب على وتر التحولات الجيوسياسية.
ولفت إلى أن البيان يؤكد أن دول جوار السودان ستدعم مؤسسات الدولة رغم ما أصابها من وهن، مشيرًا إلى أن صراع ما قبل 2011 أدى لانقطاع جزء عزيز من السودان وهو جنوب السودان، ولذلك أكد كل من الرئيس سيلفا كير وبعده الرئيس السيسي على وحدة أراضي السودان.
وأردف الأمين السياسي للحزب الاتحادي الديمقراطي، أن تأكيد دول الجوار على هذا المبدأ هو دليل على وقوفهم بجوار مؤسسات الدولة السودانية التي بناها السودانيون بمجهوداتهم فمثلًا القوات المسلحة السودانية لديها مائة عام غير مؤسسات المياه والوزارات السودانية المختلفة، ولها رصيد نضالي وفكري قديم، مع وجود مطالبات بهدم تلك المؤسسات وإعادة بنائها من جديد، ولكن الأولى من ذلك هو التحديث والتطوير بما يضمن التنوع العرقي والثقافي ويحقق مزيد من التماسك لتلك المؤسسات.
ويرى «الفحل» أن بند تقديم المساعدات الإنسانية ووصولها للسودان، يأتي من مسئولية دول الجوار وخاصة مصر وتشاد لغرب السودان وجنوب السودان ويعد معبرا مباشرا للمساعدات للسودان وهو ما يؤكد التعاضد والنظر لكل الأبعاد الإنسانية للأزمة، وأكثر مساعدة هي الدفع بإيقاف الصراع.
وأشار إلى أن دخول قوات الدعم السريع داخل مقرات الحكومة وبيوت المواطنين عامل معيق في إيصال المساعدات الإنسانية، مبينًا أن وجود الزعماء للضغط على القوات والخروج من تلك المناطق لإيصال المساعدات الإنسانية، والمساعدات اللوجستية من وسائل نقل جوي ونهري وبحري، مؤكدًا أن دول الجوار هي الأقرب لعمل هذا الدور.
وأوضح الأمين السياسي للحزب الاتحادي الديمقراطي، أن الدور المصري كان على مسافة واحدة من جميع الأطراف، وحافظت القاهرة على التواصل حتى مع قائد الدعم السريع، ومصر كانت حريصة على حدوث توافق وطني.
ونبه «الفحل» إلى أن البيان الختامي تحدث عن أهمية الحوار السياسي السوداني السوداني للأطراف جميعًا، معقبًا: «بعد 15 إبريل كل الشعب السوداني والأطراف السودانية وعت أهمية وجود تفاهم سياسي، وعبر الآلية التي تم إنتاجها وهي الاتصال الوزاري يجب إيصال رسالة واحدة أن هذه هي الطاولة التي يجب أن يجلس عليها الجميع، وعلى القوى السياسية أن تستوعب تلك الرسالة بوضوح والتعامل معها بجدية.
كما تطرق «الفحل» إلى الآلية الوزارية وأهميتها في التنسيق، وهو ما يجعل قمة القاهرة مختلفة بأنها توصلت لآلية وهي مربوطة بإطار زمني لأنها من المفترض أن ترفع تقريرا للقمة القادمة، كما جاء بند وقف التدخل الخارجي ليغلق الباب أمام كل المحاولات الرامية لإدخال قوات أجنبية للسودان.
الحل السياسي
بينما يرى كمال كرار، القيادي بالحزب الشيوعي السوداني، أن الآلية الوزارية التي تكونت من وزراء الخارجية الملاحظ فيها أنها لم تقيد بإطار زمني مُحدد؛ مما يفهم منه أن القمة لا تضع للزمن اعتبارًا، خاصة وأن الحرب تحصد المدنيين كل يوم ويتسع نطاقها.
وأكد «كرار» في تصريحات خاصة لـ«النبا»، أن فكرة الآلية جيدة إن أسرعت الخطى في قضايا وقف إطلاق النار والمساعدات الإنسانية، ولكن ينبغي عليها ألا تتدخل في شؤون ما بعد الحرب خاصة الحل السياسي، لأن العديد من المنابر الخارجية تسعى للتدخل من أجل فرض سلطة انتقالية لن يقبل بها الشارع السوداني، وبعضها يريد إعادة إنتاج الشراكة مع العسكر، وعلى دول الجوار احترام خيارات الشعب السوداني في النظام الذي يريده.
وأوضح منصور آرباب، رئيس حركة العدل والمساواة الجديدة، أنه يرحب بكل ما جاء في البيان الختامي لقمة دول جوار السودان بالقاهرة، مبينًا أنه من المبكر جدًا التكهن بأن اللجنة الوزارية المنبثقة من القمة قد تتمكن من معالجة الأزمة أم لا.
وأكد «أرباب»، أن فكرة إدخال قوات إفريقية للسودان فشلت منذ البداية، لافتًا إلى أنه لا يعتقد أن الذين دعوا لإدخال قوات وتحديد منطقة حظر طيران لديهم القدرة الآن للمغامرة ولذلك كان المشروع فاشل من أساسه.
على الجانب الآخر، يرى محمد حسن حلفاوي، الإعلامي السوداني، أن مصر قادرة على وقف الحرب وإنهاء الصراع في السودان وخاصة بعد البيان الختامي، لا سيما مع التسريبات التي تحدث عن وجود نية لإرسال وفد مصري إلى السودان للتفاهم مع الجيش.
وأكد «حلفاوي» في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن مصر لديها تأثير على الجيش، وقدرتها على دفع الطرفين إلى الحل السلمي، معقبًا: «لكن مصر بالطبع تضع في الاعتبار الحفاظ على الجيش كمؤسسة دولة».
وأضاف أن الآلية سنرى تأثيرها في الاجتماع القادم في تشاد، مبينًا أنها ربما تمنح طاقة جديدة لمنبر جدة لكن بشروط جديدة، لأنه غالبًا لا بد من توحيد المبادرات، وآبي أحمد في قمة القاهرة طلب باصطحاب منبر جدة، وهناك اتفاقات وقعها الطرفان في جدة يمكن البناء عليها.
بينما يأمل إسماعيل حسن، القيادي بتجمع المهنيين، أن الحل يكون من القاهرة لأسباب كثيرة، أولها علاقة المؤسسات العسكرية بين البلدين، لأن كل المبادرات ربما لم تخدم شروط الجيش السوداني.
وأكد «حسن» في تصريحات خاصة لـ«النبأ» أنه يوجد تفهم لكل مواقف الأطراف من قبل مصر، وظهور الجانب المدني الذي يميل الكفة عاطفيا تجاه مصر.
المساعدات الإنسانية
فيما يرى عادل عبد الباقي، المتحدث باسم منظمات المجتمع المدني السوداني، أن الحرب تأخذ انطباعا سلبيا وقد تقود البلاد إلى حرب أهلية في حالة عدم التوصل إلى حل سلمي لإنهاء الأزمة، مبينًا أن منظمات المجتمع المدني كانت وما زالت ضد خيار السلاح لتغيير الأوضاع في السودان والآن يعيش أبناء هذا الوطن أوضاع إنسانية مزرية في السودان وخارجه.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ» أن الحرب لم تحقق هدفها حتى الآن والمواطن السوداني يدفع فاتورة هذه الحرب الطاحنة، وكل الهدن التي تم الاتفاق عليها تم اختراقها ولم تستطيع توصيل المساعدات الإنسانية للمواطنين العزل.
وأوضح، أن المواد الغذائية والصحية التي نقدمها في مناطق الاشتباكات نفدت، مطالبًا مفوضية العون الإنساني واللجنة التي تحتكر الإغاثة بتقديم المساعدات الإنسانية للمنظمات لتوصيلها وتوزيعها للأسر المستضعفة لكنها لم تفعل ذلك، مشيرًا إلى أن هناك متربصون بهذه المساعدات التي لم نجدها في معسكرات النازحين ولكنها وجدت في الأسواق المحلية.
وطالب «عبد الباقي»، المنظمات الدولية والإقليمية الحرص على تقديم المساعدات الإنسانية إلى أياد أمينة لتحقيق غرضها الإنساني.