الدكتور محمد حمزة يكتب.. أين اللجنة الشاملة لكل التخصصات لتقييم الموقف في محور صلاح سالم؟
في يوم الاثنين 12يونية 2023م وجه السيد الر ئيس عبد الفتاح السيسي بتشكيل لجنة برئاسة رئيس الوزراء لتقييم الموقف بشأن نقل المقابر بالقرافة وتحديد كيفية التعامل مع حالات الضرورة التي أفضت إلى مخطط التطوير من أجل التوصل إلى رؤية متكاملة؛ وكان هذاالتوجيه استكمالا لتوجيه سابق لسيادته في7يولية2021م يقضي بضرورة تدقيق الدراسات والبيانات ذات الصلة بتطوير محور صلاح سالم
نظرا لمروره وسط مناطق القاهرة التاريخية على نحو يحافظ على قيمة تلك المواقع ويحقق الهدف المرجو من التخطيط المنظم الحديث والسيولة المرورية وتخفيف الاعباء على المواطنين وهو التوجيه الذي كتبنا عنه مقالتين في 7و9يولية2021م الأول حول الرئيس السيسي ونصرة المواقع الأثرية والتراثية والثاني حول وماذا بعد نصرة الرئيس السيسي للمواقع الأثرية والتراثية وطالبنا بتشكيل لجنة من الخبراء والمختصين؛ ولو حدث ذلك في وقتها لما حدث ويحدث حتى اليوم في قرافة القاهرة وجبانتها الجنوبية ( سيدي جلال والسيدة نفيسة والإمام الشافعي)؛ وبعد تداول الموضوع عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وتشكيل رؤية مصرية مجتمعية لم تحدث من قبل قام السيد الرئيس بالتوجيه بتشكيل اللجنة المشار إليها في 12يونية 2023م وهو قرار تاريخي لو نفذ بحق؛ ولكن فوجئنا بأن اللجنة لم تشمل كل الخبراء والمختصين في الاثار والتاريخ والتراث والتنسيق الحضاري وإقتصرت فقط على أساتذة الهندسة والتخطيط العمراني بجامعات القاهرة وعين شمس والأزهر وبعض المستشارين والمساعدين ومعالي وزير التعليم العالي وتم عقد مؤتمر صحفي لدولة رئيس الوزراء وبعدها نشر تقرير غير رسمي للجنة تقييم موقف المقابر من خلال مصدر لم يعلن اسمه وفحواه إن اللجنة ترفض نقل المقابر وترفض مشروع المحاور والاكتفاء بما تم هدمه والتوصية بترميم المقابر التراثية وانقاذها بشكل عاجل من المياه الجوفية وتمت الاشادة بهذا التقرير في بعض البرامج التليفزيونية ومنها كلمة اخيرة للإعلامية لميس الحديدي وغيرها؛ ولم تلبث أن هدات الأمور قليلا وسكنت النفوس إلى أن أعلن امس الاربعاء9/ 8 / 2023م عن اجتماع رئيس مجلس الوزراء بأعضاء اللجنة التي إقتصرت علي أساتذة الهندسة والتخطيط العمراني كما ذكرنا ولايوجد بينها الخبراء والمختصين في الاثار والتاريخ والسياحة وغيرها طبقا لتوجيه الرئيس كما ذكرنا؛ واستعرض رئيس الوزراء المخطط التفصيلي المقترح لتطوير منطقة جنوب القاهرة التاريخية وان التطوير يتم وفق منظور متكامل يراعي كافة الأبعاد التاريخية والتراثية والديموغرافية والسياحية والاستفادة القصوى من مقومات التفرد التراثي والتاريخي الذي تتميز به هذه المتطقة مع ايجاد شبكة محاور خضراء والارتقاء العمراني بالمناطق السكنية المتداخلة وتحسين اتصالها بمحاور الحركة الخارجية كالدائري
والاوتوستراد؛ وكذلك التعامل مع مشكلة المياة الجوفية وتخفيضها بالطرق الهندسية المعروفة واستغلالها كمناطق خضراء؛ ونحن وجميع المصريين عامةو الخبراء والمختصين خاصة لسنا ضد التحديث والتطوير والعصرنة والمشروعات القومية والتنمية السياحية المستدامة ولكن بشرط الايكون ذلك على حساب التاريخ والتراث أو بمعنى اخر يجب أن يتم الجمع بين الأصالة والمعاصرة وبين التراث والعصرنة في نسيج واحد متصل بحيث لايطغي التحديث على الماضي وتراثه أو يمحوه وبالتالي نكون في مستوى مصرنا بالنسبة للذات وفي مستوى عصرنا وغيرنا بالنسبة للآخر وهذا هو عين المقصود من توجيهات السيد الرئيس.
وعلى ذلك نقول إن المنطقة إذا كانت تحتاج إلى شبكة المحاور الخضراء وحل مشاكل المرور ودعم الطرق الداخلية بالمنطقة وتحسين اتصالها بمحاور الحركة الخارجية كالدائري والاوتوستراد؛ فيجب أن يتم ذلك وهو ضروري وحيوي
لدعم حركة السياحة والزائرين وسكان المنطقة ؛ ولكن بعيدا عن حرم المقابر والمعالم التاريخية والاثرية والتراثية بالمنطقة وبالتالي أين البدائل التي طرحتها اللجنة الحالية من المستشارين وأساتذة الهندسة والتخطيط العمراني والنقل لحل هذه المعضلة والحفاظ على المنطقة وحمايتها طبقا للدستور والقوانين ذات الصلة محليا والمواثيق الدولية خارجيا؛ اما مشكلة المياه الجوفية وتخفيضها واستغلالها كمناطق خضراء فأنا على ثقة تامة وكاملة من قدرة الدولة واللجنة الحالية على حلها.
أما عن القول بأن عملية التطوير تتم وفق منظور متكامل يراعي كافة الأبعاد التاريخية والتراثية والسياحية من خلال الاستفادة القصوى من مقومات التفرد التراثي والتاريخي الذي تتميز هذه المنطقة فمن الواضح أن ذلك لن يتحقق بل ويصعب في ظل اللجنة الحالية القاصرة على المستشارين
واساتذة الهندسة والنقل لعدم تخصصهم في مجال التاريخ والتراث والثقافة والسياحة وبالتالي فإن السيد الرئيس بتوجيهه المشار إليه بتشكيل لجنة من كافة التخصصات ذات الصلة كان يدرك تماما ان تقييم الموقف وطرح البدائل والحلول لن يتأتي من لجنة قاصرة وإنما من خلال لجنة تشمل كل الخبراء والمختصين في كافة المجالات ذات الصلة بتطوير المنطقة وهذا هو ما لم يتم حتى الآن؛ فاين الخبراء واساتذة التاريخ والآثار والتراث والسياحة والجغرافيا التاريخيةوالترميم والصيانة واعادة التأهيل؛؛؛
ولذلك نناشد السيد رئيس الوزراء لإستكمال تنفيذ توجيه السيد الرئيس
ان يضيف الخبراءوالمختصين االمشارالي تخصصاتهم إلى اللجنة الحالية حتى تتكامل الرؤية من جميع الزوايا والابعاد حتى لاتكون الخسائر التاريخية والتراثية كبيرة؛ وحتى لايتم محو هذا الخط الثقافي والهوية البصرية للقرافة كنسيج متصل مع القاهرة التاريخية فالقرافة الجنوبية والقاهرة كالجسد الواحد إذا اشتكي منه عضو تداعي له سائر الأعضاء بالسهر والحمي ولله در القائل
تعجبت من امر القرافة إذ غدت
على وحشة الموتى قلبنا لها يصبو
إن القرافة قد حوت ضدين
من دنيا وأخرى فهي نعم المنزل
ولذلك اناشد دولة رئيس الوزراء بإصدار تعليماته وتوجيهاته للجهات التنفيذية بوقف الأعمال الجارية اليوم لحين استكمال تشكيل اللجنة والاعلان عنها وكتابة تقريرها النهائي لرفعه إلى السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي؛ حفاظا على أهمية المنطقة بابعادها التاريخية والتراثية ومقومات تفردها تميزها.
حفظ الله مصر أرضا وشعبا وهويةوقيادة وجيشا وشرطة وحكومة رشيدة وقوة ناعمة وعلماءا وخبراءاوتاريخا وأثارا وحضارة وثقافة وتراثا إلى أن يشاء الله وحتى يرث الأرض ومن عليها اللهم أمين يارب العالمين.
بقلم الدكتور محمد حمزة عميد آثار القاهرة سابقا وأستاذ الحضارة الإسلامية