الدكتور محمد حمزة يكتب: محنة بعض الإعلاميين
من الواضح إنه إذا لم يتم تدارك الأمر في مجالات كثيرة سوف تزداد المحن يوما بعد يوم؛ ومن غير المعقول إن يتدخل السيد الر ئيس في الوقت المناسب لتشكيل لجنة لحل أزمة أو مشكلة أو محنةكما حدث أمس الاثنين12يونية 2023م بالنسبة لازمة المقابر بمحور صلاح سالم فوجه سيادته لتشكيل لجنة برئاسة رئيس الوزراء كما ذكرنا في مقال سابق؛ وكان المفروض ان تحسم الموضوع في الأساس وزارة السياحة والآثار ممثلة في المجلس الأعلى وقطاع الآثار الإسلامية واللجنة الدائمة في ضوء القانون 117لسنة 1983م وتعديلاته وخاصة المادتين الأولى والثانية؛ ولكنهم للأسف تمسكوا بمقولة واحدة مكررة متفق عليها بينهم وهي ان هذه المقابر غير أثرية لأنها غير مسجلة طبقا للمادة الأولى؛ وبالتالي هي كالكلأ المباح يستحل في اي وقت؛ مع ان المادة الثانية تجيز تسجيل كل العقارات والمباني والمنقولات ذات القيمة دون التقيد بالحد الزمني الوارد في المادة الأولى وهو 100سنة فلم يفعلوا ذلك على الكل فسجلوا الا قلية القليلة وتركوا الأغلبية الكثيرة دون تسجيل مع ان الكثير منها ذوقيمة تفوق بعض ماتم تسجيله؛ لتصبح كالكلأ المباح زي ماقلنا؛ وهناك قرار وزاري لم يفعل من 2015م لجرد الجبانات وتسجيل غير المسجل منها؛ فلو كانوا سجلوها منذ هذا التاريخ لما حدث مايجري اليوم على أرض القرافة؛ ولما صدروا المشكلة اصلا للرأي العام والسوشيال ميديا؛ وبالتالي ما كانوا حملوا السيد الرئيس فوق مايحتمل من أعباء جسام. معروفة ومقدرة من الجميع.
ومن المحن الاخري التي تطفو على السطح بين الحين والآخر محنة عدد ليس بقليل من الاعلاميين وخاصة عندما يتعلق الأمر بالتاريخ والآثار والتراث؛ ولا اتحدث اليوم عن هوية الضيف؛ مناسب ام غير مناسب ؛ متخصص ام غير متخصص؛ من الوجوه المكررة المتسيدة المشهد الاعلامي ام لا؛ فتلك قصة أخرى سنعود إليها فيما بعد؛ لان مايعنينا في هذا المقام هو ثقافة الإعلامي وموهبته وقدرته ورؤيتة وتمكنه من أدواته في إدارة الحوار من عدمه؛ فضلا عن ضعف الاسكريبت وسذاجته حتى لا يبدو كالسلطان الحائر على حد قول توفيق الحكيم في روايته الفرنسية والعربية على السواء.
واذكر انني ذات مرة كلمت المسؤول عن إحدى القنوات اشكو له من الاخطأء الكثيرة في الاسكريبت فرد عليا بالحرف الواحد احنا مستضفينك يا د حمزة علشان تصحح الغلط؛؛ فهل هذا معقول؛؛؛ ولو بسطنا القول لطال بنا المقال دون أن ننتهي؛ ولذلك حسبنا إن نشير إلى حالة الاعلامي شريف عامر مقدم برنامج يحدث في مصر على قناةMbc مصر ايام الثلاثاء والأربعاء والخميس من كل أسبوع وكان وراء اختيارنا للاعلامي شريف عامر كنموذج حالة لمحنة بعض الإعلاميين هو محنة التراث التي تعيشها مصر في هذه الأيام والتي ادت إلى تدخل الرئيس لحلها؛ وإذا كان الأمر كذلك فما هي علاقة شريف عامر بتلك المحنة؛؛؛ إن علاقته بتلك المحنة هي التي فجرت محنة أخرى مرتبطة ببعض الإعلاميين؛ فقد إستضاف الاعلامي شريف عامر على مدار حلقتين اليوم13/ 6/ 2023م وفي إحدى حلقات ختام الاسبوع الماضي من البرنامج الأمين العام ومستشار المجلس الأعلى للآثار للحديث عن َمايجري على أرض القرافة وهل هوقانوني ام غير قانوني وهل ماتم هدمه مقابر أثرية ام غير أثرية والحد الزمني لتسجيل الأثر وهو 100 سنة؛ وكذلك قرار السيدالرئيس بتشكيل لجنة لدراسة الموقف ووضح حلول وطرح بدائل وفكرة إنشاء مقبرة الخالدين وكيفية تنفيذها ؛ هذا هو مجمل الحوار في الحلقتين وكانت المفاجأة هي ضحالة الطرح وضعف الحوار وعدم التمكن في الدخول في عمق الموضوع وطرح أسئلة عميقة لكافة جوانب الموضوع وزواياه المختلفة والمتشعبة تجعل الضيف يخرج ما لديه وكل في جعبته زن كان يحتفظ فيها بشئ؛ ثم عدم قدرته في بناء أسئلة إعتمادا على إجابة الضيف بل وصل الأمر إلى أنه لم يستطع الربط بين ماقاله الأمين العام في الأسبوع الماضي وماقاله مستشار المجلس اليوم حول ال100سنة اللازمة لتسجيل الأثر الأمين العام أجاب منذ صدور القانون؛ ؛ والمستشار أجاب من تاريخ إنشاء المبنى؛؛ وكأنه اي الاعلامي لم يسمع إجابة هذا السؤال من قبل فلو كان مذيعا متمكنا يملك أدواته وذو بديهة حاضرة لرد على الفور قائلا له إزاي تقول كده والأمين العام قال في حلقة الاسبوع الماضي حاجة ثانية؛؛ وهو مالم يحدث؛؛ وده يفكرنا بالاعلامي تامر أمين في مداخلته مع د زاهى حواس من امريكا على قناة النهار أثناء مشكلة فيلم كليوباترا على منصة نيتفليكس؛ وقال زاهى حواس مرتين إن عمر الحضارة الفرعونية 35 سنة ولم يحرك تامر ساكنا وكأن المعلومة صحيحة فلو بديهته حاضرة ومتمكن من أدواته لكان رد عليه في الحال وعلى الفور قائلا إزاي يا د زاهى تقول كده ؛؛ يعني انا عمري اكبر من الحضارة الفرعونية؛؛؛ وبالتالي كان د زاهى يتد ارك الخطأ ويصوبه لان هذا الهيكل الذي كان يتحدث عنه قدر ألعلماء عمره ب35الف سنة وليس35سنة؛ كما أنه ليس اقدم هيكل بشري في مصر فهناك هيكل اخر قدر عمره من 55 الف سنة إلى 75او80الف سنة او70الف سنة.
هذه هى محنة بعض الإعلاميين ومن ثم يجب إن يتدخل المجلس الأعلى للإعلام لحلها قبل أن تتفاقم ويزداد خطرها ويتطاير شررها بوضع ضوابط وشروط في اختيار الإعلاميين وعقد دورات مكثفة لهم ومتابعتهم
ومراقبتهم وتوقيع العقوبات عليهم وغير ذلك مما يطول المقام لو فصلناه هذا من جهة ومن جهة أخرى لا بد أن يتم ذلك على وجه السرعة حتى لايتدخل السيد الرئيس ليوجه بتشكيل لجنة أخرى لدراسة ومناقشة تلك المحنة ووضع الحلول وطرح البدائل لها أسوة بمحنة التراث.
حفظ الله مصر أرضا وشعبا وهويةوقيادة وجيشا وشرطة وحكومة رشيدة وقوة ناعمة وعلماء وتاريخا وأثارا وحضارة وثقافة وتراثا إلى أن يشاء الله وحتى يرث الأرض ومن عليها اللهم أمين يارب العالمين.
بقلم:
الدكتور محمد حمزة أستاذ الحضارة الإسلامية وعميد آثار القاهرة سابقا