بعد الانتهاء من تطوير «الابتدائى»..
خطة وزارة التعليم لتطوير مناهج المرحلة الإعدادية فى 2024
تسير وزارة التربية والتعليم، بخطى ثابتة وبشكل تدريجي نحو إنهاء الملف المثير للجدل عبر السنوات الطويلة الماضية والذي ما دام سبب صداعا دائما في رأس مسئوليها والمتلعق بتطوير مناهج التعليم.
ودخلت الوزارة طورًا جديدًا من مراحل الانتهاء من خطة تطوير المناهج، بتطوير مناهج المرحلة الإعدادية؛ تمهيدًا لتطوير المرحلة الثانوية العامة بعدما انتهت بشكل فعلي من مناهج المرحلة الابتدائية.
وأعلن الدكتور رضا حجازي، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، أن الوزارة تستكمل خطة تطوير المناهج الدراسية باعتبارها خطة دولة وليس خطة وزارة، موضحًا أنه تم استكمال تطوير مناهج المرحلة الابتدائية على أن يتم تطبيق المناهج الجديدة المطورة للمرحلة الإعدادية على طلاب الصف الأول الإعدادي في العام الدراسي بعد القادم «2024-2025»، ليتم البدء في تطوير مناهج المرحلة الثانوية بعد الانتهاء من المرحلة الابتدائية والإعدادية.
وأشار الوزير، إلى أن وضوح الهدف يرسم الطريق، مؤكدًا أن الوزارة تستهدف التحول من الحفظ والتكرار للابتكار والإبداع، وإعمال العقل، والتناسب بين العبء المعرفي والسعة العقلية للطلاب، وأن يكون جهد الطالب جزءًا من التقييم، كما يجب التحول من التركيز على المحتوى إلى التركيز على نواتج التعلم والتحول من الاعتماد على الآخر إلى الاعتماد على الذات، والتحول من مناهج منفصلة إلى مناهج بينية ومتكاملة.
وأوضح أن خطة تطوير مناهج الإعدادية تقوم على الأخذ في الاعتبار البناء على ما تم في المرحلة الابتدائية، خلال السنوات الماضية، ومراعاة تطوير مهارات الطلاب وتمكينهم من مهارات الحياة وربط المناهج بالبيئة، وتوظيف المعارف والاهتمام بالجانب العملي، فضلا عن مراعاة معالجة القضايا والتحديات المعاصرة (التغيرات المناخية والتنوع الحيوي - القضية السكانية وأبعادها المختلفة - المرأة وقضايا التمكين - مراعاة ذوي الهمم - عدم التمييز - احترام الاختلاف).
توصيات اللجنة المشرفة
وحصلت «النبأ» على كافة تفاصيل تطوير مناهج المرحلة الإعدادية، وتوصيات اللجنة المشرفة على تطوير المناهج، والتي تضمنت التركيز على المفاهيم الكبرى والأساسية في بناء المناهج الدراسية ودمج التكنولوجيا، والاهتمام بالمدرسة باعتبارها كيانا يبدأ منه تغيير المجتمع، بالإضافة إلى تركيز المناهج المستقبلية على اكتساب المتعلمين الدراية والمعارف العلمية والرقمية التي تساعد على تمييز الحقائق من الأكاذيب لمكافحة انتشار التضليل الإعلامي، والاهتمام بترسيخ مفهوم الثقافة العلمية، والاستفادة من تجارب الدول الأخرى في تطوير التعليم، وتحسين جودة حياة الطلاب وأسرهم من خلال التعليم المبدع والفعال وتنمية المهارات التنافسية المطلوبة في سوق العمل، والتركيز على الأنشطة الخاصة باكتشاف مواهب وقدرات الطلاب وتنميتها، ومواءمة المناهج الدراسية بحيث تتلاءم مع الإعاقات المختلفة.
كما تضمنت التوصيات أنه في ظل الانفجار المعرفي لا يمكن تضمين كل المحتوى في كل المواد الدراسية، وإنما يتم التركيز على المفاهيم الكبرى، والاتجاه نحو بناء مناهج بينية، وتصميم أنشطة تتناول المشكلات التي تؤرق الطلاب، ومراعاة أن تكون خطة تطوير المناهج خطة ديناميكية لا تتوقف وتشمل كل المراحل مع الأخذ في الاعتبار ما يحدث من مستجدات على المستويين المحلي والعالمي وكذلك أهمية تقييم ما يتم برؤية واضحة «تقييم الأداء»، والتركيز على إتاحة فرص للطلاب لتعلم لغات أجنبية ثانية؛ لمواجهة متطلبات واحتياجات سوق العمل.
خطة الوزارة
وشملت خطة الوزارة، التركيز على رفع وعي المعلمين بأهمية التطوير المهني المستمر، وربطها ببرامج الترقية والاعتماد وإيجاد قنوات تواصل بينهم وبين القائمين على التخطيط وجهات المتابعة والرصد والتقييم وأولياء الأمور «جميع أصحاب المصلحة»، والاهتمام بالتثقيف المالي كإحدى المهارات الحياتية التي تؤثر فى القرارات المالية وتعود بالنفع على الفرد والمجتمع، ورفع شعار «نتعلم لنقرأ، ونقرأ لنتعلم».
كما تركز الخطة على تنمية مهنية للمعلمين وتضافر واضح للتكنولوجيا، والاعتماد في تعليم الرياضيات على الخطوات القصيرة قوية الأثر، وتجنب القفزات السريعة والاهتمام بالقدرات الحسابية الأساسية، والاهتمام بالرسوم البيانية وتحليل البيانات والإحصاء، والاعتماد على الوسائل التكنولوجية في تعليم اللغات الأجنبية وخاصة الفيديوهات التعليمية التفاعلية، واستخدام منشورات ومواد تعليمية مستدامة وصديقة للبيئة.
تحولات عميقة
من جانبه، يقول الدكتور أكرم حسن، رئيس الإدارة المركزية لتطوير المناهج، إن الآونة الأخيرة شهدت تحولات عميقة في عديد من المجالات تجعلنا نضعها نصب أعيننا جميعًا ونحن نصوغ تصوراتنا عن مستقبل التربية والتعليم في مصر.
وتابع: «وإذ نؤكد للجمع الكريم أننا نعي تمامًا القضايا والثوابت الوطنية والقومية والتي لا مجال للحيد عنها، وعلى الجانب الآخر نرصد بدقة طبيعة المتغيرات والتحديات ذات الطابع العالمي، فالتربية والتعليم من أهم الأدوات الفاعلة في مواكبة المتغيرات على المدى الطويل، وفي الآونة الأخيرة ظهرت على السطح اتجاهات جديدة وذات أهمية كبيرة مثل الصعود القوى للذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحديثة وقضايا وتحديات أصبحت تأخذ الكثير من الاهتمام الدولى مثل التغيرات المناخية وخطر تهديد التنوع الحيوي وتفشي الأمراض الناتجة عن أوبئة مستحدثة».
وأكد «حسن»، أن من أهم المرتكزات في بناء المناهج في المرحلة الراهنة تمكين الطلاب من مهارات القرن الحادي والعشرين كونها المهارات التي تؤهلهم للحياة والتعامل بشكل متكافئ في المجتمع، وأن من المستحدثات المهمة تحقيق المعرفة والثقافة المالية كإحدى المهارات الحياتية الأساسية للمجتمعات الحديثة فهي تكسب الفرد القدرة على فهم واستيعاب واستخدام المهارات المالية المختلفة بشكل صحيح يصب في صالح الفرد والمجتمع.
ثورة معرفية
وأضاف رئيس الإدارة المركزية لتطوير المناهج، أن الوزارة في هذه المرحلة تولي اهتمامًا كبيرًا إلى ترسيخ مفهوم الثقافة العلمية التي تتكامل فيها المعرفة ما بين العلوم والرياضيات والتكنولوجيا لأن هذا هو السبيل المنهجي لتمكين الطلاب من التعامل بشكل إيجابي مع الثورة المعرفية التى تتفاقم يومًا بعد يوم.
واستكمل حديثه: «ونسعى لمنهجية توثيق الروابط بين مجالات العلوم المتعددة واستثمار المعرفة العلمية فى تطبيقات حيايته تثري فكر المتعلم وتجعله أكثر قدرة على التعايش مع عصر يتسم بسرعة التغير وتزايد إيقاع المستجدات المعرفية والتقنية، بالإضافة إلى إعداد فرد مثقف علميا قادرا على التكيف مع بيئته المحلية وتطورات العلم من حوله بروح تتسم بالانفتاح الواعي».
معايير عالمية
وقالت الدكتورة ميرفت الديب، أستاذة المناهج وطرق التدريس بجامعة بنها وعضو المجلس الاستشاري الرئاسى لعلماء وخبراء مصر ورئيس لجنة إعداد مناهج المرحلة الإعدادية، إنه تم إعداد المناهج على أعلى مستوى طبقا للمعايير العالمية ومراجعتها واعتمادها من نخبة من الأساتذة المصريين، حيث تم معادلة شهادة النيل المصرية بالشهادة الإنجليزية من قبل مؤسسة نارك الدولية فى 2018، وإعداد مناهج المرحلة الإعدادية «البحث والتطوير والمواءمة والتطويع» والتي تتضمن عدة مراحل.
وأضافت: «وهي وضع تصورات عقد اجتماعي جديد لمستقبلنا معا للتربية والتعليم، ومراحل المقارنة والتى تشمل هيكل مناهج النيل المصرية، وهيكل مناهج وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني والتى تتضمن مناهج الصف الأول الابتدائي 2.0 إلى الصف الثالث الابتدائي والذي يشمل المجال الأول من المفاهيم والعمليات الأساسية لنظم الكمبيوتر وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ويتضمن المعيار الأول وهو تنمية المفاهيم والعمليات والبنية الأساسية لنظم الكمبيوتر وتكنولوجيا المعلومات، أما المعيار الثاني يتمثل في التمكن من الاستخدام الآمن لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ويشمل قواعد وآداب استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات».
وأوضحت أنه بالنسبة للصف الثالث الابتدائي 2.0، يتم تنمية المفاهيم والمصطلحات لبعض تطبيقات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ليتعرف الطالب على وحدات القياس المرتبطة بالأجهزة «التمرين أو الذاكرة، وسرعة الأجهزة وسرعة نقل البيانات»، وفي المجال الثاني يتمكن الطالب من الاستخدام الآمن لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والذي يتضمن قواعد وآداب استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
واستعرضت «الديب»، بعض المتغيرات التى تم أخذها في الاعتبار كون المرحلة الإعدادية مرحلة مفترق طرق من خلال الاهتمام بعامل الوقت المتاح وعدد أسابيع العام الدراسي، وأزمة «كوفيد - 19» وكل تبعاته على جميع الأصعدة، وظهور نسخ جديدة من التعليم، فضلا عن حدوث طفرات في تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والتغيرات المناخية، وأوضاع الاقتصاد العالمى، بالإضافة إلى نتائج الطلاب في الاختبارات الدولية.
وتابعت أن إعداد الإطار العام لمنهج المرحلة الإعدادية وهو دستور العمل من خلال المبادئ، والأهداف، والمهارات، والقيم، ونواتج التعلم المستهدفة، واستراتيجيات التدريس، واستراتيجيات التقييم، موضحة خصائص المرحلة العمرية فى المرحلة الإعدادية، والتى تشمل الخصائص النفسية والاجتماعية، والمعرفية، والخصائص القيمية والأخلاقية بشكل منطقی، يبدأ في تبني أفكاره الخاصة متحمسًا لهذه المعتقدات، متعصبا أحيانًا بجانب الهوية، ودور المستقبل والعمل، والمال، ويتضمن أن يتميز بكونه ملاحظ جيد، وقيم الانتماء لديه.
وتطرقت الدكتورة ميرفت الديب، إلى نواتج التعلم المستهدفة من خلال طرح أسئلة عن العلاقات بين الأشياء، الأحداث والشخصيات، وتأثير وتأثر المتغيرات ببعضها البعض، والبحث عن معلومات حول موضوع محدد من مصادر متعددة، وتقييم مصداقية المصدر وعلاقة المصدر بشكل المعلومة منها «تقرير رسوم بيانية، إحصائيات»، بالإضافة إلى المبادئ الحاكمة لمنهج المرحلة الإعدادية الذى يشمل الكيف وليس الكم، واحترام عقلية المتعلم وحريته في التعبير عن رأيه، وتوظيف تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والتفكير العلمي والناقد والإبداعى الرياضيات وفهمها، بجانب دمج المفاهيم والمهارات والقيم العابرة للتخصصات بنواتج تعلم كل مادة.
وأكدت «الديب»، على ضرورة الاهتمام بالمهارات والممارسات العابرة للتخصصات، والتواصل، والفهم الرياضياتي، واللغة العربية، واستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وريادة الأعمال، والوعى المالي، والوعي البيئي المائى، والوعى الصحى، والوعى السياحى.
مستقبل غير معلوم
ومن جانبه، قال الدكتور سامى هاشم رئيس لجنة التعليم بمجلس النواب، إنه لا بد من أن يحتوى المنهج على ما تحتاجه هذه المرحلة ومراعاة التقدم التكنولوجى والإعداد لمستقبل غير معلوم، وقياس معدلات التنبؤ فى ظل العالم المتغير.
وأشار إلى أهمية إعداد الفرد للحياة والنجاح تحت كافة الظروف، مشيرًا إلى التحدي الخطير الذي يمثله الذكاء الاصطناعي، مؤكدا أهمية استعداد منظومة التعليم لمواجهة هذا التحدي وتوظيفه بما يخدم البشرية، ومراعاة ذلك فى إعداد المناهج التي تعتمد على المهارات والمعلومات التي تكتسب قيمتها بالتطبيق.
سد الفجوة
فيما ترى عبير أحمد، مؤسس اتحاد أمهات مصر للنهوض بالتعليم، وائتلاف أولياء الأمور، أن تطوير المرحلة الإعدادية يصب في صالح طلاب مرحلة الثانوية العامة، واصفة ذلك بـ«سد الفجوة» الموجودة بين المرحلة الابتدائية والمرحلة الثانوية في عملية التطوير، لافتة إلى أن تطوير مناهج المرحلة الإعدادية سينعكس بالإيجاب على فهم مناهج الثانوية العامة الحديثة.
وأشادت داليا الحزاوي، بتوصيات ملتقى تطوير المناهج، لأنها تعتبر خطوات هامة في سبيل إصلاح وتطوير التعليم ورفع جودته ورفع كفاءة المعلم واكتشاف مواهب الطلاب لتمنيتها وتنمية المهارات التنافسية المطلوبة في سوق العمل كتعليم اللغات الأجنبية، وكذلك معالجة القضايا والتحديات المعاصرة كالنمو السكاني والتغييرات المناخية في المناهج.
وأوضحت أن ارتقاء الدول لا يأتي إلا من خلال الاهتمام بالتعليم وتطويره وهذا جعل قيادتنا السياسية تضعها من ضمن الأولويات.
وأكدت «الحزاوي»، أن أولياء الأمور ليسوا ضد التطوير فالجميع يعلم أن احتياجات سوق العمل الآن مختلفة، كما أنه يلزم مواكبة التطوير في العالم، متابعة: «نحن ليس في معزل عنه، ونحن نأمل في عودة الطلاب للمدارس ويكون ذلك من خلال توفير مكان مناسب لهم وسد عجز المعلمين، ويكون هناك اهتمام بجعل الذهاب للمدرسة مفيد وليس مضيعة للوقت».
وتابعت: «فالمدرسة لها أهمية كبيرة في بناء شخصية الطلاب واكتسابهم مهارات مختلفة ويخفف العبء المادي على أولياء الأمور الذين يعتمدون على الدروس الخصوصية في كل المواد».