رئيس التحرير
خالد مهران

كيف يتقي العبد ربه؟.. علي جمعة يجيب

النبأ

قال  الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن أول درجات التقوى: "الإيمان" فلا يُتصور من أحدٍ من العالمين يتقي الله وهو لا يؤمن به.

وأوضح « علي جمعة» عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، في إجابته عن سؤال (كيف يتقي العبد ربه أو بصيغة أخرى كيف يتقي الإنسان ربه حيثما كان ؟ )، أن ثانيًا: "ذكر الله" لا يمكن أن تتقي الله إلا إذا ذكرته؛ فإن كنت قد نسيت الله فكيف تتقيه؟ فلا بد من ذكر الله.

والمؤمن بربه أحد اثنين: ذاكرٍمتيقظ، أو ناسٍ غافل، فلا بد عليك- عبد الله- أن تكون ممن آمن بالله وذكر الله كثيرا.

وأضاف علي جمعة  أن ثالثًا: "استحضار خشية الله ورهبته وخوفه" لا يمكن أن تتقي الله رب العالمين إلا إذا استحضرت الخوف والخشية والرهبة من جلاله – سبحانه وتعالى -، أما إذا لم تستحضر ذلك وذكر لسانك دون أن يذكر قلبك، ولا أن يخشع لرب العالمين فلا بد أنك تقع -نسيانًا- في الذنب وفي المعصية، أو تغلبك شهوتك فتأتي ذلك عامدًا متعمدًا؛ لأنك لم تستحضر خشية الله ورهبته وخوفه في قلبك.

يعد أفضل ما يتزوّد به المسلم في حياته الدنيا هو تقوى الله ومخافته، وقد يتوقف الكثير من الناس عند هذا الأمر مليًا فبين متسائلٍ عن ماهية التقوى وحقيقتها، إلى من يسأل عن كيفية اتقاء الله، وكيف يكون متقيًا لله تعالى، وهو ما قام العلماء الثقات بتفصيله وبيانه في الكثير من الكتب والمواطن العلمية من خلال جلساتهم الحوارية وغيرها.

وورد أن التقوى أمرٌ قلبيٌ لا يظهر حقيقةً للعيان إلّا إنّ العمل الصالح هو ما يُثبت ذلك أو ينفيه، أمّا كيف يتقي العباد ربهم فإن ذلك يحتاج إلى تفصيلٍ وبيانٍ سيتم بحثه في هذه المقالة. معنى تقوى الله للتقوى عدّة معانٍ في المفهوم اللغوي وعند العرب، كما لها عدّة تعريفاتٍ اصطلاحيةٍ.

معنى التقوى 

وعن معنى التقوى لغةً واصطلاحًا: التقوى في اللغة: هي كلمة مصدرها الفعل اتّقى، وتعود إلى الأصل وُقى، والأمر فيها اتَّقِ، وتُصرف على: اتّقاءً، وتُقاةً، وتُقْيةً، وهو مُتّقٍ، والمفعول مُتّقى، يُقال: اتّقى الله؛ أي أنّه صار تقيًّا خوفًا من الله ومن عقابه، وخاف الله فتجنب فعل ما نهى عنه، وامتثل لأوامره، واتّقى الشيء، أو اتقى فعل شيء،.

وجاء أن اتّقى الشيء بكذا: حذره وخاف منه فتجنّبه، وكان يتّقي شرّ أحدٍ: إذا تجنّب شرّه ويحذر منه، واتّقاني بحقّي: أعطانيه خوفًا، واتّقى بالشيء: جعله له وقايةً وحمايةً ممّا يحذر أو من شيءٍ آخرٍ، وهو اسم تفضيل من الفعل وقَى، ويعني الأكثر خشيةً وخوفًا، يُقال: فلان ما أتقاه لله؛ أي ما أخشاه له.

وورد أن التقوى اصطلاحًا: هي أن يجعل المسلم بينه وبين ما يخافه ويحذره من نيل عقوبة الله وغضبه وقايةً تحول دون ذلك، وتقوى الله تكون بالعمل، والعبادة، والطاعة، واجتناب المعاصي والآثام، أو هي عبادة الله تعالى، من خلال القيام بما أمر به من الأعمال والعبادات، وترك ما نهى عنه من النواهي بداعي الخوف منه، رغبةً فيما وعد به من النعيم، وخشيةً واتقاءً له، وتعظيمًا لحرماته، ومحبةً له ولرسوله الذي ختم به الرسالة.

فضل تقوى الله

يظهر فضل التقوى على حياة المتقي جليًا من خلال الكثير من الأمور، وأبرز هذه الأشياء التي تظهر فيها ثمرات وآثار وفضائل التقوى ما يأتي:

الذي يتقي الله يكون في معية الله في جميع أوقاته وأحواله، قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ).

التقي ينال رضى الله، ويستحقّ محبته؛ ويصل بالنتيجة إلى ما وعده الله به من نعيم الدنيا، والفوز في الآخرة.

كما أنّ الله يكون معه في الدنيا يدفع عنه الشرور والمصائب، فقد جاء في الحديث القدسي أنّ الله -تعالى- قال: (من عادَى لي وليًّا فقد آذنتُه بالحربِ، وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيءٍ أحبَّ إليَّ ممَّا افترضتُ عليه، وما يزالُ عبدي يتقرَّبُ إليَّ بالنَّوافلِ حتَّى أُحبَّه، فإذا أحببتُه: كنتُ سمعَه الَّذي يسمَعُ به، وبصرَه الذي يُبصِرُ به، ويدَه التي يبطِشُ بها، ورِجلَه التي يمشي بها، وإن سألني لأُعطينَّه، ولئن استعاذني لأُعيذنَّه، وما تردَّدتُ عن شيءٍ أنا فاعلُه ترَدُّدي عن نفسِ المؤمنِ، يكرهُ الموتَ وأنا أكرهُ مُساءتَه).

التقي محميٌ بأمر الله من ضرر الشيطان، فيتحصّن المسلم بتقوى الله من وساوس الشيطان، وشروره، وكيده. تيسيير أمور المتقين، حيث قال الله تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا).

يُعينه الله على التفريق بين الحقّ والباطل، قال الله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجعَل لَكُم فُرقانًا وَيُكَفِّر عَنكُم سَيِّئَاتِكُم وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ ذُو الفَضلِ العَظيمِ).

الوقاية من ضرر أعدائه من أهل الكفر والمعاصي، قال الله تعالى: (وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ).

نيل العلم بسهولة، قال الله تعالى: (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).

قبول الأعمال؛ فالله يقبل الأعمال التي يكون الدافع بفعلها تقوى الله ومخافته. تكفير الذنوب والسيئات. نيل جميع ما تشتهيه نفسه فإن لم يكن في الدنيا ففي الآخرة.