الاختيار الأسوأ..
3 أزمات خطيرة تحدد مصير التعويم الجديد للجنيه
يبدو أن الحكومة المصرية أصبحت في مأزق اقتصادي كبير يجبرها على تطبيق السيناريو الأسوأ وهو إجراء تعويم جديد للجنيه، في ظل تحركاتها الواسعة على كافة المستويات والأصعدة لمواجهة 3 أزمات كبرى، تتمثل في تجنب تخفيض تصنيف مصر الائتماني، والعمل على زيادة حصيلة النقد الأجنبي للوفاء بالتزامات الدولة، وكذلك سداد الديون خلال الفترة المقبلة.
سداد الديون
أول تلك الأزمات التي تسعى الحكومة لحلها هي سداد ديون مصر، حيث كشفت بيانات البنك الدولي أن مصر يتعين عليها سداد ما يقرب من 15.3 مليار دولار من ديونها في الربع الثالث من العام الحالي، منها 2.8 مليار على الحكومة، فيما يتعين على البنك المركزي سداد 8.3 مليار دولار، منها 7.7 مليار دولار ودائع، ومعظمها ودائع الخليج التي يتم تجديدها باستمرار، بينما يتعين على البنوك تسديد 2.5 مليار دولار، والقطاعات الأخرى 1.566 مليار دولار.
التصنيف الائتماني
ثاني الأزمات تمثلت في تصنيف مصر الائتماني، حيث أعلنت وكالة «موديز» استمرار وضع التصنيف الائتماني السيادي لمصر بالعملتين المحلية والأجنبية والنظرة المستقبلية، تحت المراجعة السلبية، لمدة 3 أشهر إضافية، وذلك تمديدًا للفترة التي أعلنتها في مايو الماضي.
وترى حكومة مدبولي، أن قرار مؤسسة «موديز» الأخير حول مراجعة تصنيف مصر السيادي، يعكس نظرتها المتوازنة للخطوات والإجراءات الإصلاحية الأخيرة المتخذة، خلال الأشهر الماضية، ويُبدى تفهمها لما يواجه الاقتصاد المصري من صعوبات وتحديات خارجية وداخلية، تؤثر سلبًا على المؤشرات الاقتصادية الكلية.
وأكدت حكومة مصطفى مدبولي، أنها تعمل على تحقيق المزيد من الإصلاحات والإجراءات الهيكلية، خلال الأشهر المقبلة للتعامل مع التحديات.
وبدأت الوكالة بمراجعة خفض التصنيف الائتماني لديون مصر القابع حاليًا عند مستوى «B3»، والذي يعتبر أدنى تصنيف لمصر لوكالات التصنيف الائتماني الثلاث الكبرى حول العالم.
من جانبه، أكد الدكتور محمد معيط، وزير المالية، أن وكالة «موديز»، استندت فى قرارها الأخير باستمرار المراجعة لـ3 أشهر إضافية، اعتمادًا على ما استطاعت أن تتخذه الحكومة، مؤخرًا، من إصلاحات هيكلية مهمة ومحفزة للاستثمار، وداعمة لتحسين بيئة الأعمال وتمكين القطاع الخاص، لتعزيز دوره وزيادة مساهماته في النمو الاقتصادي؛ إذ تم إقرار تعديلات قانونية تسمح بإلغاء الإعفاءات الضريبية والجمركية على الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية للجهات والشركات المملوكة للدولة.
زيادة حصيلة النقد الأجنبي
أما ثالث الأزمات الكبرى، هي السعي نحو زيادة حصيلة النقد الأجنبي، حيث تسعى حكومة الدكتور مصطفى مدبولي إلى تنويع مصادر موارد النقد الأجنبي لزيادة حصيلة الدولار، وأبرزها خطة استهداف 30 مليون سائح، إضافة إلى مبادرات تقوم بها تستهدف المصريين بالخارج ومنها دفع 5000 دولار أو 5000 يورو لتسوية الموقف التجنيدي، والتأمين عليهم بالدولار، وإمكانية استيراد سيارات بعد عمل وديعة دولارية.
السيناريو الأسوأ
ولعل أبرز الصعوبات التي تواجه الحكومة الخوف من الاضطرار لاتخاذ خطوات نحو السيناريو الأسوأ والمتثمل في اتخاذ قرار جديد بتعويم الجنيه، لمواجهة الأزمات الـ3 السابقة، حيث يترقب العديد من الخبراء سيناريوهات التعويم القادم للجنيه المصري، خاصة بعد أن قررت مؤسسة «موديز» استمرار وضع التصنيف الائتماني السيادي لمصر بالعملتين المحلية والأجنبية، والنظرة المستقبلية تحت «المراجعة السلبية» لمدة 3 أشهر إضافية.
ويطرح الخبراء العديد من التساؤلات لعل أبرزها كيف تتجنب مصر تخفيض تصنيفها السيادي؟، ومضاعفة حصيلة النقد الأجنبي؟، وهل تنجح البلاد في سداد الديون المطلوبة خلال الفترة المقبلة؟، وماذا عن القروض الجديدة التي تريد مصر الحصول عليها؟.
مأزق كبير
من جانبه، يقول الدكتور محمود الشريف الخبير الاقتصادي، إن الحكومة في مأزق كبير بسبب التزماتها المالية، خلال الفترة المقبلة، خاصة سداد الديون الخارجية وتوفير العملة الصعبة.
وأضاف «الشريف»، أن إعلان «موديز» استمرار المراجعة لـ3 أشهر إضافية، يعكس إيجابية قرارات الحكومة وإصلاحاتها الهيكلية سواء كانت المحفزة للاستثمار ودعم بيئته، أو خلق حوافز، ولكن هذا الأمر يصل بنا إلى الإجابة عن تساؤل نقص المعروض من النقد الأجنبي مع تزايد الديون، والتي تعد أزمة حقيقية تخطت الحدود الآمنة.
وتابع: «ويستوجب الأمر فيها دراسة هيكل هذه الديون، سواء كانت خارجية أو داخلية وتصنيفها إلى حجم الديون قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل، بالإضافة إلى وجود مشكلة تتعلق بهذا الإطار هي عدم الموائمة بين عملة التمويل وعملة الإيرادات، بمعنى أننا نحصل على قروض بالعملة الأجنبية لعمل مشروعات قومية إيرادها يكون بالعملة المحلية».
وأوضح الخبير الاقتصادي، أن «موديز» رجحت تخفيضًا جديدًا للجنيه بنحو 20% ما قد يرفع مستويات التضخم، وتكلفة الاقتراض والدين الحكومي إلى مستويات تقتضي خفض التصنيف الائتماني لمصر.
الورقة الأخيرة
وفي السياق ذاته، يقول الدكتور إبراهيم صالح الخبير الاقتصادي، إنه في حالة فشل الحكومة في سداد التزاماتها المالية وسد الفجوة الاقتصادية وخاصة توفير العملة الأجنبية، يكون الحل اللجوء إلى تعويم جديد للجنيه، ولكن تلك الخطوة قد تكون الورقة الأخيرة لها، خاصة وأن أي تعويم جديد سيكون له تداعيات اقتصادية خطيرة على المواطن ويضع الدولة في مأزق قبل الانتخابات الرئاسية.
وأضاف: «ولكن الدولة ليس أمامها سوى اللجوء إلى ورقة التعويم للخروج من الأزمات الاقتصادية الحالية».
وأوضح أن مشكلة مصر هي توفير العملات الأجنبية بسبب زيادة الواردات عن الصادرات ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات نتيجة زيادة سعر الدولار وخفض الجنيه، مشيرا إلى أن «موديز» قالت إن المراجعة ستركز على نتائج صفقات الخصخصة الأخيرة ومدى انعكاسها على السيولة الدولارية وسعر الصرف وتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر.