رئيس التحرير
خالد مهران

الدكتور محمد حمزة يكتب.. ومازال مسلسل الأخطاء العلمية يجري بوزارة السياحة والآثار أمام السيد الوزير

النبأ

تم اليوم السبت16سبتمبر2023م إفتتاح مسجد سليمان باشا بالقلعة بعد خمس سنوات من الترميم؛ ورغم اننا نهنئ الدولة المصرية على ما تم إنجازه وتحقق على أرض الواقع؛ ولكنا لن نتحدث عن الترميم؛ فسوف نرجئه إلى مقال لاحق إن شاء الله.
ولكن حديثنا اليوم سوف يركز على الأخطاء العلمية من قبل السيد الأمين العام والسيد رئيس القطاع سواء في مسجد سليمان باشا أو في زيارة أثار الاباجية بصحبة الوزير ومرافقوه؛ وعن مسجد سليمان باشا صعد الأمين العام لأعلى المسجد لتكون اللقطة على أعلى مستوى فإنبري قائلا إن المسجد اقيم محل مسجد فاطمي قديم هو مسجد قسطة من عصر الخليفة الأمر بأحكام الله عام 535هجرية علماان الأمر توفي عام 519هجرية؛؛ والامير ابو المنصور قسطة الأرمني كان من غلمان المظفر بن أمير الجيوش وبالتالي فتاريخ إنشاء المسجد من عهد الخليفة الحافظ لدين لله وليس الأمر هذا من جهة؛ ومن جهة أخرى إن وجود لوحة نقش الإنشاء أعلى باب القبة الكبرى بمقام سيدي سارية لايعني أن مسجد قسطة قد حل محله مسجد سليمان باشا؛ فإن مسجد قسطة وغيره من المساجد والترب التي بنيت في موضع القلعة كما ذكر ابن عبد الظاهر والمقريزي وغيره كان بعضها يقع في وسط القلعة وبعضها في صف واحد أو خارج الصف في الجهة الشرقية البحرية ومنها مسجد قسطة وبعضها في الجهة البحرية الغربية؛ ثم أين النص التاريخي أو الدليل ألاثري الذي يربط بين تسمية مسجد قسطة بسيدي سارية أو سارية الجبل؛ ومن جهة ثالثة فإن هذه التسمية لاعلاقة لها بقضة الصحابي الجليل سارية سواء ابن اوفي أو ابن زنيم في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وإنما هي ترجع إلى خط سارية وباب سارية بالقلعة ولكن بعد أن شاعت على الألسن تناقلت الافواه هذه القصة التي رددها لأول مرة في مصر الرحالة ابن جبير عا م 580هجرية؛ فقد ربط البعض خطأ بين اسم سارية صاحب القصة وخط وباب سارية بالقلعة حتى ان النابلسي في رحلته المسماه بالحقيقةو المجاز قد أشار إلى دفنه بمصر فعلا مع إنه وقصته لاعلاقة له بمصر من قريب أو من بعيد؛ وظلت هذه القصة يتردد ذكرها حتى الوجود

العثماني في مصر923هجرية/1517م وعندما شرع سليمان باشا في بناء مسجده في محلة الانكشارية بالقسم الأعلى من القلعة العسكرية والتي كانت تعرف بخرائب تتر والشي الوحيد اللي كان موجود فيها وأشارت إليه الوثيقة هو مقام سيدنا العارف بالله الشيخ سارية؛ وحيث لم تشر الوثيقة إلى وجود مسجد قديم في هذه المنطقه حتى ضمن حدود المسجد الأربعة القبلي والبحري والشرقي والغربي مما يدل على أن لوحة نقش مسجد قسطة قد عثر عليها في ذلك الوقت وبالتالي من أجل الحفاظ عليها فقط تم وضعها أعلى باب القبة الكبرى للمقام المكون من در قاعة وايوان وتم تسقيفه ب6قباب أكبرها قبة المقام المكسوة بالقاشاني الاخضر.
ويذكر الأمين العام إن سليمان باشا قد ولي مصر14سنة على فترتين والصحيح12سنة من931_941هجريةالفترة الأولى؛ ومن943_945م الفترة الثانية؛ ورغم إن الأمين العام ذكر تاريج انشاء المسجد الهجري صح وهو935م الا إنه أخطأ في ذكر المقابل الميلادي فقال1525م والصحيح1528م؛ وكذلك أخطأ الأمين العام عندما تحدث عن طراز المسجد فذكر إنه عثماني والصحيح أن المسجد بني على الطراز العثماني الممصر وليس البيور الخالص فهو على هيئة حرفt(الجزء المغطي اي المسجد نفسه وليس بيت الصلاة كما ذكر الأمين العام وغيره خطأ هذا المصطلح؛ فلايوجدشئ اسمه بيت الصلاه في اي مسجد إسلامي حتى ولوكان فيه جزء مغطي كما حدث في العصر العثماني؛ مصداقا لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا وجعلت لغيري مسجدا ولم تجعل له طهورا) يتقدمه حرما وفقا المصطلح العثماني وكما أشارت الوثيقة ( وليس صحن كما أشار الأمين العام خطأ ايضا) عبارة عن صحن و4اروقة مغطاة كلها بالقباب؛ ولما كانت كل نماذج المساجد على هيئة حرفtفي تركياو البلقان تتقدمها سقيفة من جهة واحدة على محور المحراب وبالتالي فإن هذا الطراز تم تطويره وتمصيره في مصر بإحلال الحرم من الجوانب الأربعة بدلا من السقيفة في جانب واحد ومن ثم صار مسجد سليمان باشا النموذج الوحيد في العالم لمسجد على هذا الطراز ومما يؤكد التمصير ايضا الوزرات الرخاميةو القاشاني ذو اللون الواحد الأزرق والاخضر فهو وفق المدرسة المصروليس وفق الطراز العثماني في القرن العاشر الهجري المعروف بخزف وبلاطات إزنيق ذات الشهرة العالمية؛ والمئذنة رغم أنها عثمانية الطراز الا ان قمتها َمكسوة هي الأخرى بالقاشاني المصري الأزرق اللون؛ ياسيادة الأمين العام جهز نفسك علميا كويس ولما تستعين بحد استعن برضه بحدكويس ومتخصص ومتمكن علميا وليس مجرد ناقل لمعلومات خطأ من الكتب والمواقع فالشو والتريند ليس على حساب الحقيقة العلمية لا سيما وانت في موقع المسؤولية. أما عن زيارة أثار الإباجية فقد قالوا ان الوزير ومرافقو ه يتفقد مقابر الصحابة ؛ وهذا خطأ فادح فهذه المنطقة من القرافة لايوجد بها قبر لاي من صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم وتعرف بالاباجيةو قرافة سيدي عمر وبها كهف السودان المعروف بتكية المغاوري أو تكية البكتاشية ومسجد اللؤلؤة الفاطمي406هجرية اللي غيرت مَعالمه طائفة البهرة ومسجد شاهين الخلوتي وجامع وقبة عمر بن الفارض وبجواره مدفن الأمير جمال الدين اللي انشاته والدته جميلة فاضل هانم ومدفن وسبيل سليمان أغا الحنفي فأين الصحابة إذن ياسادة يا كرام؛؛
ومن أشهر الآثار مشهد أو مسجد أخوة يوسف عليه السلام وهو من مشاهد أو مساجد الرؤيا وهنا مكمن الخطأ فالسيد رئيس قطاع الآثار الإسلامية انبري في الحديث
فقال إنه يرجع إلى زمن الخليفة الفاطمي المستنصر وهذا خطأ فادح ينم عن جهل بالعلم وبحوثه ودراسات ومراحل تطورها ونتائجها؛ فالمستنصر حكم فيمابين427_487هجرية وهو مالم يقل به اي من العلماء والباحثين؛ حتى أن العلامة الفرنسي جاستون فييت فقد أرخه بعام400هجرية/1009م اي عهد الحاكم بأمر الله اي قبل المستنصر؛ اما العلامة جروهمان المتخصص في البرديات والنقوش فقد أرخه بعام493هجرية/1099م اي بعد وفاة المستنصر وفي عهد ابنه المستعلي فكيف إذن نسبه رئيس القطاع للمستنصر وعلى أئ شئ إستند؛؛؛ اماالعلامة الانجليزي الكابتن كريزول فقد أرخه بنهاية الربع الأول من القرن6هجري/12م وهو أقرب الاراء العلمية إلى الصحة لا سيما وان الأدلة الأثرية المستمدة من تحليل التقوش الزخرفية واسلوب رسم الحروف تثبت ذلك وتؤكده وهو ما يتجلي في الأقواس الزخرفية بأطراف اللواحق الزخرفية التي ترجع اقدم أمثلتها المؤرخة إلى عام521هجرية/1127م ثم زاد تطورها واتقنت أكثر عام527هجرية/1132م ومايليه؛ وعلى ذلك أرخ فرج الحسيني هذا المشهد أو المسجد بالفترة فيما بين عامي521_527هجرية هذا من جهة؛ ومن جهة أخرى فإن السيد رئيس القطاع أشار إلى أن القبة ترتكز على أربعة مقرنصات؛ وهذا خطأ فادح فمنطقة انتقال القبة 4حنايا ركنية أو طاقات ركنية  أو ترومب كما تعرف لدي الاتراك والفرنسيين؛ وهذه لايمكن أن يطلق عليها مقرنصات فالمقرنصات نشأت عن تطوير الحنايا وتعددهافي صفوف أو حطات رأسية وأفقية وقد بدأت في مناطق الانتقال بحطتين أو صفين 3 حنايا من أسفل تعلوها حنية واحدة من أعلى؛ ثم تطورت إلى أن وصلت إلى أقصى مراحلها ب13حطة وبعضها ذات دلايات أو براقع؛ فكيف إذن يقع الرجل الأول في القطاع في مثل هذا الخطأ العلمي؛؛؛ وهو الأمر الذي يستدعي إعادة النظر في العديد من الرسائل العلمية(ماجستيرو دكتوراة) بل والترقيات(الأساتذةو الأساتذة المساعدون) التي حدثت خلال العقدين الاخيرين من خلال تشكيل لجان علمية قوية مخلصةو أمينة تراعي الله والوطن في تحمل مسؤوليتها؛ لإعادة تقييمها أو على الاقل تجميد أصحابها من اعتلاء المناصب أو ضمن لجان الترقيات والتحكيم وغير ذلك؛ ؛
بقلم:

الدكتور محمد حمزة أستاذ الحضارة الإسلامية وعميد آثار القاهرة سابقا