6 سيناريوهات لإنشاء مواقع تواصل اجتماعية عربية بعد حرب غزة
إنشاء مواقع تواصل اجتماعية عربية.. بات مطلبًا شعبيًا عربيًا خاصة بعد الحرب ضد غزة، ففي الوقت الذي تتواصل فيه حرب الكيان الصهيوني ضد فلسطين؛ تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دورا هاما في هذه المواجهة، لتوثّق تفاصيل الاعتداء من خلال الصور والفيديوهات والمنشورات والشهادات، ومع احتدام الصراع للأسبوع الثالث على التوالي؛ اشتكى عدد من رواد فيسبوك من تقييد استخدام الحسابات، وغلق أخرى لعدة ساعات أو أيام، على وقع تناول ونشر أخبارًا وصورًا لأحداث تخص المقاومة الفلسطينية منذ عملية «طوفان الأقصى».
ووجه الكثير من مستخدمي فيسبوك انتقادات للمنصة، واتهموها بالتحيز، بعدما حذفت منشورات تتناول التصعيد الراهن، واشتكى عدد من رواد منصات التواصل من أن التعليمات والقيود التي تفرضها المنصات حول «عدم نشر محتوى محظور مثل خطاب الكراهية، أو التحريض على العنف»، وربما لا يسري على كل اللغات وعلى كل التوجهات السياسية بنفس الدقة، على اعتبار أن كل ما ينشر ضد إسرائيل يعد محتوى من شأنه التحريض على العنف والكراهية.
إخفاء منشورات تخص فلسطين أمر ليس جديدًا
ولم يكن الحديث عن حملات إخفاء المحتوى الرقمي فيما يخص فلسطين أمرًا جديدا، إلا أن البعض أشار إلى ارتفاع ملحوظ في مستوى تلك الحملات، خاصة بعد أحداث حي الشيخ جراح وما تبعها من تطورات، وقد سجلت المؤسسات المعنية بالدفاع عن الحقوق الرقمية للفلسطينيين، «آلاف الانتهاكات ضد المحتوى الفلسطيني» خلال الأسبوع الماضي.
السطور السابقة تكشف عن حرب السوشيال ميديا بعد صراع كيان الاحتلال ضد فلسطين، وقدرة الصهاينة على التحكم في المحتوى الرقمي وما يتم عرضه أو منعه على منصات التواصل الاجتماعي، وهو ما ظهر جليًا في لقاء سابق جمع وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، بمديرين من شركتي فيسبوك وتيك توك، ونشرت تفاصيله صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية، والذي حث «الوزير» المديرين على ضرورة «اتخاذ إجراءات فورية لإزالة المحتوى الذي قد يحرض على العنف أو يبث معلومات مضللة».
ورغم أن الأساليب الرقمية التي يستخدمها العرب والصهاينة تبدو متقاربة ومتشابهة لتدعيم كل طرف موقفه، إلا أن البعض يراها غير متكافئة ويتهم مواقع التواصل بالانحياز للموقف الصهيوني على حساب الفلسطيني، وهو الأمر الذي يمثل ازدواجًا في المعايير وانتهاكًا صارخًا لحرية الرأي والتعبير رغم ادعائهم للحريات، وتطرح «النبأ الوطني» في هذا الصدد؛ حول كيف تتغلب الشعوب العربية على استمرار التضييق على محتوياتهم الرقمية؟ وما الطرق البديلة التي تلجأ لها الشعوب؟ ومتى تخرج الشعوب من سيطرة الغرب على الميديا سواء صحف عالمية وقنوات إلى مواقع إلكترونية ومواقع تواصل اجتماعي؟.
توطين مواقع تواصل اجتماعية عربية
وكشف الخبراء عن 10 طرق وأساليب لمواجهة سيطرة الشركات الكبرى على مواقع التواصل الاجتماعي، إضافة إلى وجود 6 سيناريوهات لتوطين وإنشاء مواقع تواصل اجتماعية عربية، وذلك للخروج من سيطرة الغرب على الميديا.
وفي هذا الصدد، يقول اللواء حمدي بخيت الخبير العسكري والاستراتيجي، إن كل ما يخص التكنولوجيا من البرامج أو المنصات أو الفيروسات والقرصنة يقع ضمن مجال حرب المعلومات وكلها ملكا للغرب، مضيفًا أن الحل يكمن في توطين تكنولوجيا متقدمة في العالم العربي، لكن هذا الأمر صعب حدوثه في المنطقة العربية، معللًا ذلك: لأن الشعوب العربية لا تهتم بتوطين التكنولوجيا على قدر اهتمامها بالاستعانة بالغرب في أداء هذه المهام، منوهًا أنه لا يوجد لدى الشعوب العربية برامج خاصة بها.
ويؤكد الخبير العسكري والاستراتيجي، في تصريحات خاصة لـ«النبأ الوطني»، أن منصات التواصل الاجتماعي جميعها موجهة لترويج أفكار معينة تخدم أمريكا والغرب وإسرائيل، لمهاجمة شعب معين سواء في أفكاره أو معتقداته أو عاداته وتقاليده، مناشدًا الشعوب العربية بالتخلي عن الغرب في التكنولوجيا والاهتمام بتوطين تكنولوجيا عربية للخروج من سيطرة الغرب على الميديا في الوطن العربي.
وشدد «بخيت» على أن مواجهة الغرب تكون بـ«التعليم، والتوعية، وتوطين التكنولوجيا في العالم العربي عن طريق إنشاء مواقع تواصل اجتماعية عربية»، مشيرًا إلى أنه يجب على الشعوب العربية أن يتسلحون بالوعي، فالوعي يجعل من المستخدمين لهذه الوسائط أو الوسائل أن يتعاملون بحرفية شديدة ومعلوماتية وأنه لا ينجرف نحو شيئ ما أو أنه لا يتأثر بفكرة ما، وإذا أراد التمهيد لفكرة فقد يمهد لها بذكاء وليس بأسلوب «نسخ ولصق».
ويكمل: كما يجب الاهتمام بالتعليم، لأن التعليم هو أساس كل شيئ، وهو أحد وسائل خلق الوعي، وكذلك الأسرة تقوم بدورها التوعوي، بالإضافة إلى دور منظمات ومؤسسات المجتمع المدني الوطنية، والأحزاب السياسية في التوعية على هذه البرامج التكنولوجية من خلال عمل ندوات توعوية ولقاءات علمية بالمحافظات، فضلًا عن دو الإعلام في توعية الشعوب ومواجهة المواقع التي تنشر محتويات تحريضية ضد العرب والتي من شأنها القضاء على الهوية العربية والثقافة العربية وإدخال ثقافات الغرب على العالم العربي.
انتقادات تواجه مواقع التواصل الاجتماعية
من ناحيته، يقول اللواء دكتور طارق خيرت خبير أمن المعلومات ونظم إدارة الأزمات باستخدام الذكاء الاصطناعي، إن مواقع التواصل الاجتماعي تتحكم فيها مجموعة من الشركات الخاصة، والتي تمتلك حقوق ملكيتها الفكرية والتكنولوجيا التي تستخدمها، ومن أكبر هذه الشركات: فيسبوك التي تمتلك أيضًا منصة إنستغرام وتطبيق واتساب، وجوجل التي تمتلك منصة يوتيوب وتطبيق «X» تويتر سابقًا، وأمازون، التي تمتلك منصة أمازون ويب سيرفيسز، وتيك توك: شركة بايت دانس.
وأضاف خبير أمن المعلومات ونظم إدارة الأزمات باستخدام الذكاء الاصطناعي، في تصريحات خاصة لـ«النبأ الوطني»، أن هذه الشركات تمتلك سلطة كبيرة على كيفية عمل مواقع التواصل الاجتماعي، ويمكنها تحديد ما يمكن للمستخدمين نشره، وكيف يمكنهم التفاعل مع بعضهم البعض، وحتى كيفية تنظيم نتائج البحث بشكل عام، مؤكدًا أن السيطرة على مواقع التواصل الاجتماعي معقدة وتتشكل من خلال مجموعة متنوعة من العوامل، بما في ذلك الشركات والحكومات والمستخدمين أنفسهم، من المهم أن تكون على دراية بكيفية تحكم شركات التكنولوجيا الكبرى في مواقع التواصل الاجتماعي، ويمكن أن تؤثر هذه السيطرة على ما يمكنك رؤيته والتفاعل معه على هذه المنصات.
ويكمل: وهذه الشركات مسؤولة عن تشغيل وتطوير مواقع التواصل الاجتماعي، ووضع سياساتها وشروط استخدامها، كما أنها تمتلك البيانات الشخصية للمستخدمين، والتي تستخدمها لأغراض متنوعة، مثل الإعلانات والتحليلات، ويمكن للمستخدمين التحكم في مواقع التواصل الاجتماعي من خلال اختيار ما ينشرونه، والتفاعل مع المحتوى الذي يعجبهم، وضبط إعدادات الخصوصية الخاصة بهم. كما يمكنهم الإبلاغ عن المحتوى المسيء أو غير المرغوب فيه.
نوه «خيرت» أن مواقع التواصل الاجتماعي تواجه انتقادات عديدة، منها: استغلال البيانات الشخصية للمستخدمين، وانتشار المعلومات المضللة، والتحرش والإساءة، لكن تعمل هذه الشركات على تحسين سياساتها وإجراءاتها لمعالجة هذه المخاوف، بالإضافة إلى الشركات الخاصة، تتحكم الحكومات أيضًا في مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال القوانين واللوائح التي تفرضها، على سبيل المثال، يمكن للحكومات أن تفرض قيود على الوصول إلى مواقع التواصل الاجتماعي، أو أن تتطلب من الشركات الخاصة إزالة المحتوى الذي تعتبره غير قانوني أو ضار.
ويشير إلى أنه في بعض البلدان مثل الصين؛ تمتلك الحكومة سيطرة أكبر على مواقع التواصل الاجتماعي، على سبيل المثال، يتم مراقبة جميع أنشطة المستخدمين على مواقع التواصل الاجتماعي، ويمكن للحكومة إزالة المحتوى الذي تعتبره غير مرغوب فيه، ويمكن القول أن مواقع التواصل الاجتماعي تتحكم بها مجموعة من العوامل، بما في ذلك الشركات الخاصة والحكومات والمستخدمين أنفسهم.
مواجهة سيطرة الشركات الكبرى
وعدّد خبير أمن المعلومات ونظم إدارة الأزمات باستخدام الذكاء الاصطناعي، مجموعة من الطرق والأساليب التي من شأنها مواجهة سيطرة الشركات الكبرى على مواقع التواصل الاجتماعي منها:
1- مواجهة الشركات التي تسيطر على مواقع التواصل الاجتماعي بصفة عامة:
• استخدم مواقع التواصل الاجتماعي بشكل أكثر وعيًا: يمكن للمستخدمين أن يكونوا أكثر وعيًا بكيفية استخدام الشركات الخاصة للبيانات التي يقدمونها، ويمكنهم أيضًا اتخاذ خطوات لتقليل كمية البيانات التي يكشفون عنها، ويمكن للمستخدمين أيضًا أن يكونوا أكثر انتقائية بشأن المحتوى الذي يتفاعلون معه، ويمكنهم الإبلاغ عن المحتوى الذي يعتبرونه مضللًا أو ضارًا.
• دعم البدائل المستقلة: يمكن للمستخدمين أيضًا دعم البدائل المستقلة لمواقع التواصل الاجتماعي، والتي لا تخضع لسيطرة الشركات الكبيرة، تمتلك هذه البدائل عادةً سياسات محتوى أكثر صرامة، وتكون أقل عرضة للتدخل الحكومي.
• الدعوة إلى التنظيم الحكومي: يمكن للمستخدمين أيضًا الدعوة إلى تنظيم حكومي لمواقع التواصل الاجتماعي. يمكن أن يتضمن ذلك وضع قواعد أكثر صرامة على ممارسات الخصوصية والمحتوى، بالإضافة إلى فرض متطلبات الشفافية على الشركات الخاصة.
2- الإجراءات التي يمكن للمستخدمين اتخاذها:
• استخدم مواقع التواصل الاجتماعي بشكل مسؤول. لا تستخدم مواقع التواصل الاجتماعي للتحريض على الكراهية أو العنف أو نشر معلومات مضللة.
• كن حذرًا من المعلومات التي تراها على مواقع التواصل الاجتماعي. لا تأخذ كل ما تراه على مواقع التواصل الاجتماعي على أنه صحيح. تحقق من مصادر المعلومات قبل أن تشاركها.
• لا تشارك المعلومات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي. يمكن استخدام هذه المعلومات من قبل الشركات الخاصة أو الأشخاص الآخرين لأغراض ضارة.
• اقرأ سياسات الخصوصية للشركات التي تستخدمها: اقرأ سياسات الخصوصية للشركات التي تستخدمها، وافهم كيفية استخدامها لبياناتك.
• استخدم إعدادات الخصوصية للتحكم في البيانات التي تشاركها: استخدم إعدادات الخصوصية للتحكم في البيانات التي تشاركها مع الشركات والآخرين.
• استخدم أدوات الخصوصية المتاحة: هناك العديد من أدوات الخصوصية المتاحة التي يمكن أن تساعدك على حماية بياناتك على الإنترنت.
• كن انتقائيًا بشأن المحتوى الذي تتفاعل معه: كن انتقائيًا بشأن المحتوى الذي تتفاعل معه، ولا تشارك المحتوى الذي يعتبره مضللًا أو ضارًا.
• ادعم البدائل المستقلة: ادعم البدائل المستقلة لمواقع التواصل الاجتماعي، مثل Mastodon وDiaspora.
هل يمكن إنشاء مواقع تواصل اجتماعية عربية تنافس الموجود حاليا؟
وردًا على سؤال حول هل يمكن لمصر والدول العربية إنشاء مواقع للتواصل الاجتماعي تنافس الموجود حاليا؟، يؤكد خبير أمن المعلومات ونظم إدارة الأزمات باستخدام الذكاء الاصطناعي، لـ«النبأ الوطني»، أن هناك العديد من الأسباب التي تجعل هذا ممكنًا، بما في ذلك، أولًا: وجود قاعدة مستخدمين كبيرة في مصر والدول العربية، حيث يبلغ عدد سكان مصر حوالي أكثر من 100 مليون نسمة، ويبلغ عدد سكان الدول العربية حوالي أكثر من 400 مليون نسمة، وهذه قاعدة مستخدمين كبيرة يمكن أن توفر دعمًا قويًا لأي موقع تواصل اجتماعي جديد.
ثانيًا: وجود إمكانيات تكنولوجية متطورة، تمتلكها مصر والدول العربية، يمكن استخدامها لتطوير مواقع للتواصل الاجتماعي عالية الجودة.
ثالثًا: هناك رغبة متزايدة في مصر والدول العربية في الاستقلالية عن الشركات الأجنبية، بما في ذلك الشركات التي تسيطر على مواقع التواصل الاجتماعي.
ويضيف «خيرت»: سيتطلب إنشاء مواقع تواصل اجتماعية عربية تنافس الموجود حاليا بذل جهود كبيرة من قبل الحكومات والشركات الخاصة في مصر والدول العربية، ويجب أن تتعاون هذه الجهات معًا لتوفير الدعم المالي والتكنولوجي والتنظيمي اللازم لنجاح هذه المواقع.
إجراءات مهمة لإنشاء مواقع تواصل اجتماعية عربية
ويكمل: يجب لإنشاء مواقع تواصل اجتماعية عربية تنافس الموجود حاليا، اتخاذ عدة إجراءات منها: أولًا: توفير الدعم المالي والتكنولوجي للشركات الجديدة التي ترغب في إنشاء مواقع للتواصل الاجتماعي، ويمكن للحكومات أن تقدم حوافز مالية للشركات الجديدة لبدء العمل، ويمكن أن تقدم الشركات الخاصة الدعم التكنولوجي واللوجستي.
ثانيًا: تنظيم الأسواق لضمان المنافسة العادلة، ويمكن للحكومات وضع قوانين ولوائح تقيد ممارسات الشركات الكبيرة التي تسيطر على مواقع التواصل الاجتماعي، ويمكنها أيضًا دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تنافس هذه الشركات.
ثالثًا: تثقيف المستخدمين حول أهمية المنافسة، ويمكن للحكومات والشركات الخاصة أن تطلق حملات توعية عامة لتعريف المستخدمين بأهمية المنافسة بين مواقع التواصل الاجتماعي.
واختتم خبير أمن المعلومات ونظم إدارة الأزمات باستخدام الذكاء الاصطناعي، حديثه قائلًا: «من خلال العمل معًا، يمكن لمصر والدول العربية إنشاء مواقع تواصل اجتماعية عربية تنافس الموجود حاليا، وتساهم في خلق بيئة أكثر إنصافًا وشفافية على الإنترنت».